يشهد الاقتصاد الإيراني هزات عنيفة أدت إلى هبوط حاد في سعر الريال أمام الدولار، والتي أدت إلى اندلاع العديد من الاحتجاجات مع تردي الوضع المعيشي نتيجة ارتفاع الأسعار ونقص الخدمات، ونتيجة لذلك تعرضت سياسات الرئيس الإيراني حسن روحاني الاقتصادية خلال الأشهر الماضية إلى انتقادات واسعة، خاصة بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الانسحاب من الاتفاق النووي وعودة العقوبات الاقتصادية على طهران والجهات المتعاملة معها. وفي محاولة من طهران لاحتواء أزمتها القتصادية المتفاقمة، يبحث روحاني حلولا للخروج من هذا المأزق، وفي محاولة منه لتهدئة الشارع أعلن مجلس الوزراء اليوم إعفاء محافظ محافظ البنك المركزي ولي الله سيف من منصبه. تعيين "همتي" وتم تعيين عبد الناصر همتي محافظا للبنك المركزي الإيراني خلفا لولي الله سيف، وقدم روحاني، في جلسة مجلس الوزراء، تهانيه بمناسبة انتخاب همتي بأغلبية مطلقة، وفقاً لوكالة "إرنا". ووصف روحاني، عبد الناصر همتي بأنه شخص أكاديمي ومطلع ونشط وقوي وجيد وذو خبرات قيمة في مجال المصارف والتأمين، معتبرا إصلاح النظام المصرفي والسياسات النقدية والمالية وتحسين العلاقات المصرفية مع العالم، وتطوير المعاهدات المالية الثنائية وصيانة وحفظ احتياطي العملة الصعبة من أولويات محافظ البنك المركزي الجديد. اقرأ أيضا: انهيار «الريال» يشعل الشارع الإيراني وسط مطالبات برحيل روحاني وطالب الرئيس الإيراني أعضاء الحكومة بالتعاون مع همتي في مهامه الجديدة، مقدما شكره للمحافظ السابق ولي الله سيف، معتبرا إياه مديرا قيما قام بتنفيذ سياسات الحكومة بجدية وثبات. واعتبر روحاني مواجهة المؤسسات المالية غير المرخصة وإيجاد الانضباط ووضع قواعد عمل لها من الخدمات القيمة التي قام بها سيف خلال فترة رئاسته للبنك المركزي. توقعات بالإطاحة جاءت الإطاحة بولي الله سيف بعد أن وجّهت الصحف الإيرانية انتقادات لاذعة إلى روحاني للتمسك به على الرغم من تدهور أحوال العملة الإيرانية مقابل الدولار الذي بلغ 9500 تومان حتى أمس وفقاً لتقارير حكومية. وتوقعت العديد من الصحف المؤيدة لروحاني خلال الأيام القليلة الماضية إقالة سيف من منصبه، وهو ما تم بالفعل اليوم. كانت الخزانة الأمريكية أدرجت ولي الله سيف على قائمة العقوبات، بسبب دعم البنك المركزي لأنشطة الحرس الثوري وذراعه الخارجية فيلق القدس. هبوط جديد ويبدو أن تغيير محافظ البنك المركزي، لم يتبعه أي تحسن في أسعار الصرف، بل هبط الريال في السوق الموازية إلى حدود 95 ألفا لكل دولار، في تعاملات اليوم. اقرأ أيضا : روحاني يصر على البقاء رغم اقترابه من حافة الهاوية وواصل الريال الإيراني هبوطه لمستويات جديدة على وقع تصديق مجلس الوزراء الإيراني، في اجتماع له اليوم على إقالة محافظ البنك المركزي الإيراني وتعيين عبدالناصر همتي خلفا له. يأتي ذلك، بالتزامن مع مظاهرات واحتجاجات شهدتها مدن إيرانية، رفضا لشح النقد الأجنبي، واتساع نشاط سوق الصرف الموازية (السوداء). وتسبب هبوط الريال الإيراني لمستويات تاريخية عند أكثر من 92 ألف تومان أو ريال مقابل الدولار الواحد، في تآكل ودائع المواطنين في البلاد، وصعود لافت في أسعار المستهلك. ولم تنجح مساعي طهران في السيطرة على السوق السوداء لصرف العملات، خلال الفترة الماضية، مع قرب موعد فرض عقوبات اقتصادية أمريكية عليها. ويتوقع أن يصل سعر صرف العملة المحلية في السوق إلى 100 ألف ريال لكل دولار واحد بحلول أغسطس المقبل، مع ظهور بيانات تراجع صادرات النفط الإيراني، بسبب عزوف المستوردين من الهند وأوروبا. اقرأ أيضا : هل ينقذ النظام الإيراني «التومان» من الانهيار؟ حصاد جمهورية المرشد "الأزمة الاقتصادية في إيران أكبر من تغيير محافظ البنك المركزي"، هكذا جاء تعليق محمد عبادي الباحث المتخصص في الشؤون الإيرانية مدير مركز "جدار" للدراسات، على خطوة روحاني بإقالة ولي الله سيف. عبادي قال في تصريحات خاصة ل"التحرير"، "إن إيران تواجه أزمة اقتصادية حادة ليست وليدة اليوم ولكنها حصاد جمهورية المرشد التي استمرت طيلة عقود"، مشيرا إلى أن ما عمق الأزمة هو الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي الإيراني (5+1)، والتهديد بالعودة للعمل بنظام العقوبات على الاقتصاد الإيراني، حيث إن هذا التهديد دفع العديد من الشركات الأوروبية التي دخلت السوق الإيراني عقب الاتفاق النووي في 2015، إلى الانسحاب من البلاد خاصة شركات النفط. اقرأ أيضا : بعد «إهانة القومية العربية».. «الأحواز» ينتفضون ضد النظام الإيران وأضاف "كما تسبب نقص العملة الصعبة في البلاد بارتفاع سعر التومان أمام الدولار إلى سعر غير مسبوق، حيث وصل إلى الدولار الواحد 9 آلاف تومان، وهو ضعف السعر مقارنة بالعام الماضي، فخرج تجار البازار الكبير وهو عصب إيران التجاري في تظاهرات حاشدة وأعلنوا إضرابا عن العمل بعد خساراتهم الكبيرة بسبب انهيار العملة الإيرانية". وأوضح الباحث في الشأن الإيراني أنه بعد خروج تلك الاحتجاجات توعد روحاني باتخاذ إجراءات صارمة لضبط السوق وتوفير العملة الصعبة، منها منع التهريب والاتجار بالعملة المدعومة. وأفاد عبادي بأن خطوة إقالة محافظ البنك المركزي، تأتي في سياق الأزمة الاقتصادية وانهيار العملة، ومحاولة روحاني إنقاذ ما يمكن إنقاذه، خصوصا في ظل انتقاد التيار المحافظ لهيئة روحاني الاقتصادية التي تشرف على إدارة الأزمة. واختتم الباحث حديثه قائلا: "هناك انهيار حقيقي للعملة، وضغوط داخلية ومواجهة خارجية شرسة تستهدف الاقتصاد، فضلا عن العقوبات وانسحاب الشركات وهروب رؤوس الأموال"، مؤكدا أن النظام الإيراني يدرك أنه مقبل على كارثة اقتصادية. تغييرات في الحكومة صحيفة "سازندكي" الإيرانية، كشفت في عددها الصادر صباح اليوم الأربعاء عن قائمة الوزراء المرشحين لترك مناصبهم في حكومة حسن روحاني على خلفية الأزمة الاقتصادية. وحسب الصحيفة، فإن المتحدث باسم الحكومة ورئيس منظمة التخطيط والميزانية، محمد رضا نوبخت، سيترك منصبه للبرلماني الإصلاحي غلام رضا تاجغرون، الذي يرأس حاليا لجنة التخطيط والميزانية والمحاسبات في البرلمان الإيراني. وأضافت الصحيفة أن نوبخت سيتولى منصب وزير العلوم، وسيكون وزير الاقتصاد مسعود كرباسيان ضمن أبرز التغييرات في الحكومة الإيرانية. اقرأ أيضا: «مضيق هرمز» يفجر أزمة بين روحاني والحرس الثوري وتابعت أن روحاني يريد إعادة وزير الاقتصاد السابق محمد طيب نيا الذي شغل المنصب بين عامي 2013 و2017 إلى منصبه بدلاً من كرباسيان، حسب "الشرق الأوسط". تجدر الإشارة إلى أن روحاني قرر مطلع يوليو الجاري إجراء تغيير في الفريق الاقتصادي بحكومته بعد تردي الأوضاع الاقتصادية، وعدم السيطرة على انهيار العملة المحلية.