وافق مجلس النواب على مشروع قانون «صندوق مصر» المقدم من الحكومة، وذلك في جلسته العامة اليوم الإثنين. وينشأ بموجب هذا القانون، صندوق سيادي باسم "صندوق مصر"، يشار إليه في تطبيق أحكام هذا القانون ب"الصندوق"، وتكون له شخصية اعتبارية مستقلة، ويكون مقره الرئيسي محافظة القاهرة، ويجوز لمجلس الإدارة أن يُنشئ له فروعا أو مكاتب داخل جمهورية مصر العربية أو خارجها. خبر الموافقة على مشروع القانون أحدث جدالًا حول ماهية هذا الصندوق ودوره في عملية التنمية وخطة الحكومة لتطوير عدد من الكيانات المهددة بالإغلاق كشركة القومية للأسمنت والحديد والصلب، وعن خضوعه للضرائب. ما هو الصندوق؟ وفقًا للقانون، يكون رأسمال الصندوق المرخص بمائتي مليار جنيه مصري، ورأسماله المصدر خمسة مليارات جنيه مصري، يسدد منه مليار جنيه من الخزانة العامة للدولة عند التأسيس ويُسدد الباقي وفقا لخطط فرص الاستثمار المقدمة من الصندوق خلال 3 سنوات من تاريخ التأسيس، ويجوز زيادة رأسمال الصندوق نقدا أو عينا وفقا للضوابط والإجراءات الواردة بالنظام الأساسي، وتعد أموال لصندوق من الأوال المملوكة للدولة ملكية خاصة. لجنة الخطة والموازنة أثناء مناقشة مشروع القانون أمس الأحد، أدخلت عددا من التعديلات الهامة على مشروع القانون، التى كان أبرزها تعديل المادتين (11، 19)، حيث تمسكت اللجنة بتعديل نص المادة رقم (11) من مشروع قانون إنشاء صندوق مصر السيادى، بإضافة عبارة تُلزم مجلس إدارة الصندوق بعرض القوائم المالية للصندوق وتقرير مراقب الحسابات على مجلس النواب للاعتماد. كما رأت اللجنة أنه لا داعٍ لإعفاء الصندوق من الضرائب والرسوم، ودار نقاش مطول بين النواب والحكومة ممثلة فى المستشار عمر مروان وزير شئون مجلس النواب والدكتور محمد معيط وزير المالية، انتهى إلى إعفاء التعاملات البينية للصندوق السيادى "صندوق مصر" مع الصناديق الفرعية التابعة له من الضرائب على أن تخضع تعاملاته مع الغير إلى الضريبة. وأوضح المستشار عمر مروان، وزير شئون مجلس النواب، خلال المناقشة أن الملاحظات تضمنت ضرورة إدراج تعريف للأصول المستغلة وغير المستغلة، لافتا إلى أنه تم تعريف الأصول غير المستغلة، وبالتالى لا داعى لتعريف الأصول المستغلة، إضافة إلى تعريف الوزير المعنى، مشيرا إلى أن أى جهة لها مظلة إدارية. تنفيذ لتعليمات صندوق النقد الخبير الاقتصادي الدكتور رائد سلامة، يقول إن الحكومة تسير بخُطَى ثابتة ومنتظمة في طريق تعليمات صندوق النقد الدولي، وذلك فيما يَخُص بند الخصخصة معلقًا: الحكومة تتبع ما يمليه عليها الصندوق، وتنفذ ذلك عن طريق ما يسمى بصندوق مصر، للتمهيد للخصخصة، لكن بطرق مختلفة عن الحكومات السابقة التي اتجهت للخصخصة كما حدث في نظام مبارك. وأضاف سلامة "للتحرير" أن مشروع القانون من الأصل به أمور غامضة وغير مفهومة، وتؤكد اتجاه الحكومة للخصخصة، ولا شيء غير ذلك، وأن ذلك يظهر في عبارة "الأصول المستغلة وغير المستغلة" متسائلًا: الحكومة تقول إن هناك أصولا غير مستغلة.. إذن مَن هو الذي تركها ولم يستغلها؟ ولماذا اللجوء للخصخصة لإعادة تطوير كيانات في الأساس ليست خاسرة؟ واختتم سلامة حديثه عن الصندوق قائلًا: للأسف الحكومة لا تطرح الآن إلا الكيانات التي تربح وبشكل واضح وعلني، على عكس ما كان يتم في السابق أن تتعرض المنشآة أولًا للخسائر فيتم اللجوء لخصخصتها لإنقاذها وتطويرها، ويظهر ذلك في طرح أسهم بنك القاهرة بالبورصة رغم أنه لا يخسر، وبشكل عام هذا توجه واضح للحكومة ولا جديد لديها، لأنها تسير كما يملي عليها الصندوق. جيد ولكن النائبة نادية هنري، عضو لجنة الشئون الاقتصادية، قالت إن إنشاء صندوق سيادي مملوك للدولة، فكرة جيدة وتقوم بها بلدان كثيرة؛ لكن عندما تتمتع بقدرة مالية كافية لإنشائه وتحديد ماهية دوره في اقتصاديات الدول. وأضافت النائبة "للتحرير" أن فكرة إنشاء الصندوق لا تتوافق تمامًا مع الظروف الاقتصادية والإدارية بالدولة، لأنها تقوم على الوفرة المالية، والحكومة تفتقر للحوكمة الإدارية، وتعاني من الترهل بالجهاز الإداري لديها، فكيف ستستطيع أن تشرف إداريًا على صندوق سيادي مثل هذا؟ وأكدت النائبة، أن الحكومة لم تقدم الضمانة التي ستقدمها الحكومة حول خطتها لإدارة الصندوق وآلية عمله، ولذلك فمن الصعب إنشائه بسبب عدم توافر الظروف المالية والإدارية. جدل حول الإعفاء من الضرائب وتنص المادة (19) من مشروع قانون إنشاء "صندوق مصر"على "أن يُعفى الصندوق من كافة الضرائب والرسوم وما فى حكمهما، ولا تسرى هذه الإعفاءات على توزيعات الأرباح، وكذلك لا تسرى الإعفاءات المشار إليها على الصناديق والشركات التى يساهم فيها الصندوق". وأكد الدكتور محمد معيط، وزير المالية، خلال مناقشة مشروع القانون بالبرلمان، أهمية عدم وجود ازدواج ضريبى فى الصندوق، لافتا إلى أن هناك مشكلات ضريبية في الشركات القابضة والتابعة فيما يخص المعاملات البينية، حيث تعانى من الازدواج الضريبي مما يضعف موقفها التنافسي. ودعا وزير المالية مجلس النواب إلى إيجاد صيغة تشريعية مناسبة لحل هذه المشكلة، ووعده الدكتور حسين عيسى ببحث الأمر فى الفترة الصيفية عقب انتهاء دور الانعقاد البرلمانى الحالى لإيجاد الصيغة الملائمة لحل هذه المشكلات. وأوضح معيط أن الشركات التابعة والقابضة فى الدولة أضعفتها الضرائب وأضرت بوضعها التنافسى مع الشركات الأخرى، لافتا إلى أن تعاملات "صندوق مصر" مع الصناديق الفرعية التابعة له لا تخضع للضرائب للحفاظ على الوضع التنافسى مع الغير. أما الملاحظة التي أبداها البرلمان بهذا الجانب، فقد طالب بوضع سقف زمنى 4 سنوات لهذا الإعفاء، إلا أن مروان أوضح أن الصندوق لا يمارس نشاط بنفسه، إنما عن طريق صناديق فرعية وشركات ُفرض عليها الضريبة بالفعل، قائلا: "ولو تم احتساب الضريبة على الصندوق الرئيسي سيكون هناك ازدواج في حساب الضريبة".