أبرمت مصر في شهر مايو الماضي، عبر الشركة القابضة للكهرباء، اتفاقية لإنتاج الطاقة الكهربائية من الفحم بمحطة الحمراوين على ساحل البحر الأحمر، بقدرات 6 آلاف ميجاوات، وكان الفوز من نصيب تحالف صيني، سيضخ مبالغ تُقدر ب4.5 مليار دولار لإنشاء المحطة. وحسب مصدر رسمي بوزارة الكهرباء، فالتحالف الفائز بتنفيذ المحطة سيتولى عمليات التصميم والإنشاء والتركيب والتشغيل النهائي، كما سيوفر جهات التمويل الخاصة بالمشروع، لافتا إلى أن الوزارة لديها خطة لتنويع مصادر الطاقة "غاز - طاقة متجددة - طاقة نووية - فحم- مساقط مبائية"، للحد من الاعتماد على الوقود الأحفوري كمصدر - شبه وحيد- للطاقة الكهربائية. ووافق مجلس الوزراء أول من أمس الأربعاء على السير في إجراءات التفاوض مع التحالف الصيني بخصوص القرض اللازم لتمويل المشروع، في ضوء خطة الدولة للتوسع في استخدام مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة والبحث عن مصادر طاقة جديدة مع مراعاة المتطلبات البيئية، على أن يتم التنسيق فى إجراءات التفاوض مع الوزارات والجهات المعنية، ثم إعادة العرض على مجلس الوزراء. 19 ألف ميجاوات فائض وبينما أبرمت مصر اتفاقية لإنشاء المحطة، وسط حفاوة من المسؤولين بقطاع الكهرباء، في طليعتهم، وزير الكهرباء، الدكتور محمد شاكر، إلا أن مؤشرين يقودان نحو عدم الاحتياج لهذه الخطوة، الأول، يتمثل في فائض الكهرباء بكميات كبيرة، لا تجد من يستهكلها. وحسب المهندس محمود النقيب، نائب رئيس الشركة القابضة للكهرباء، فقدرة الشبكة القومية للكهرباء في ذروة فصل الصيف -يوليو وأغسطس- تقدر ب52 ألف ميجاوات، في حين أن أقصى حمل "كمية الكهرباء الكثيفة التي يحتاج إليها المواطنون لمجابهة ارتفاع درجات الحرارة"، لن تتخطى 33 ميجاوات، ما يعزز من وجود وفر كبير في الطاقة، يقارب على ال 19 ألف ميجاوات، والصيف لم ولن يشهد أي انقطاع للتيار. مناف للحقيقة بينما المؤشر الثاني، الذي يعد الأكثر إلحاحًا لعدم اللجوء لإنتاج الكهرباء من الفحم، حتى وإن كان نظيفًا، كما يروج له وزير الكهرباء، وهو ما لم يلقَ قبول الدكتور هاني النقراشي، عضو المجلس الاستشاري للرئيس، وأحد أهم خبراء الطاقة على مستوى العالم، قائلًا:"انتشر مؤخرا تعبير الفحم النظيف"، فهذا التعبير يعطي انطباعا خاطئا، ولا يجوز "تضليل" الشعب بمثل هذه التعبيرات المنافية للحقيقة. وأضاف النقراشي ل"التحرير"، أن هذا التعبير مأخوذ من الإنجليزية والاسم العلمي لهذه التقنية هو)Carbon Capture and Storage (CCS، والمقصود منه، القبض على غاز ثاني أكسيد الكربون المسبب لظاهرة الاحتباس الحراري، قبل خروجه من مدخنة المحطة، ثم إرساله إلى فجوات في الأرض تم تفريغها من البترول أو الغاز. الفحم يضم 76 مُلوثًا وبحسب النقراشي، فإن سعة هذه الفجوات معروفة، وتكفي للتخزين لمدة 25 سنة تقريبًا، وهذه التكنولوجيا لا تستعمل عمليّا لثبوت عدم استدامتها، فضلا عن أنها تستهلك 20% من الفحم، أي أكثر من عدم استعمالها، بخلاف عدم ضمان خروج الغاز المخزون بعد فترة، ما يُعزز من رأي النقراشي. وصدر عن الوكالة الأمريكية للبيئة، بخصوص الفحم، أنه مكون من 76 مُلوثًا، وبكميات هائلة، ولا تحتجز الفلاتر كل هذه المُلوِّثات، ويسمح القانون المصري للمصانع بإطلاق مقادير من المُلوِّثات، وفضلًا عن أن هذه المقادير تزيد عن النسب العالمية، إلا أنه ينبغي القول إن حتى النسب العالمية غير آمنة. 3 ملايين طن لإنتاج الكهرباء وفي السياق ذاته، قال الدكتور إبراهيم العسيرى، المستشار الفنى السابق لهيئة المحطات النووية، إن موافقة الحكومة على تنفيذ مشاريع إنتاج الكهرباء بالفحم، تعد من "أكبر المشكلات"، لافتا إلى أن الأمر يُحيط به مشكلتين رئيسيتين، وهما أن مصر ليس لديها مصادر من الفحم، وبالتالى ستستورد الفحم من الصين أو من أستراليا أو الهند، ومحطة الفحم لإنتاج 1000 ميجاوات تحتاج ما بين 2 إلى 3 ملايين طن فحم سنويا لإنتاج الكهرباء. والمشكلة الثانية، حسب ما أضافها العسيري ل"التحرير"، أن مصر لن تقدر على تحزين الفحم استراتيجيًّا، بخلاف أن محطات الفحم تتراجع فى العالم، والصين رغم أنها ثانى أكبر دول العالم من حيث احتياطى الفحم، بمجرد انتهاء العمر الافتراضى لأى من المحطات التى تعمل بالفحم، يتم إزالتها وتشييد بدلًا منها محطات تعمل بالطاقة النووية. وفيما يخص التلوث، فتمنى العسيرى أن تكون وزارة الكهرباء صادقة وقادرة على تنفيذ الاشتراطات البيئية العالمية لإنتاج الكهرباء من الفحم فى مصر، والفحم يحتوى على كميات كبيرة من اليورانيوم والثوريوم، وهى مواد نووية.