قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مساء أمس الإثنين، إنه متأكد من أن كوريا الشمالية لا تزال ملتزمة بتعهداتها بنزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية، على الرغم من العلامات التي تشير إلى تراجع الدولة عن اتفاقها مع الولاياتالمتحدة. كما ألقى ترامب باللوم على الصين، في الوقوف وراء، تصريحات بيونج يانج، التي وصفت فيها المطالب الأمريكية ب"عقلية العصابات"، مشيرًا إلى أن بكين تمارس نوعًا من الضغط على حليفتها القديمة. وغرد ترامب قائلًا: "أنا أثق في أن كيم جونج أون سيحترم الاتفاق الذي وقعناه"، مضيفًا: "لقد اتفقنا على نزع السلاح النووي، وفي المقابل، لا ترغب الصين في نجاح اتفاقنا، بسبب موقفنا من التجارة الصينية". وأشارت صحيفة "ذا هيل" الأمريكية، إلى أن الصين كثيرًا ما واجهت اتهامات، بمحاولة زعزعة التقارب بين واشنطنوبيونج يانج، وسط تكهنات بأن لقاء كيم بالزعيم الصيني شي جين بينج، يقف وراء موقف كوريا الشمالية العدائي من المفاوضات. وفي الوقت نفسه كشفت صور الأقمار الصناعية أن كوريا الشمالية تحرز تقدمًا سريعًا في التحسينات التي تجريها على مركز "يونج بيون" للأبحاث العلمية النووية. وزادت الشكوك في موقف كوريا الشمالية، بعد رفضها مطالب أمريكا، بنزع السلاح النووي بشكل كامل ويمكن التحقق منه ولا يمكن التراجع فيه، بعد انتهاء زيارة وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، للبلاد. ويرى بعض المراقبين أن بيان كوريا الشمالية ما هو إلا استراتيجية تسعى من خلالها بيونج يانج إلى الحصول على المزيد من التنازلات من الولاياتالمتحدة. اقرأ المزيد: هل فشلت زيارة مايك بومبيو إلى كوريا الشمالية في تحقيق أهدافها؟ بينما يرى آخرون أنه إشارة إلى أن كوريا الشمالية لا تنوي السير في الطريق نحو نزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية. ويقول بروس كلينجر الباحث في مؤسسة "هيريتاج" المحافظة، إن "بومبيو رأى أن هناك فجوة بين الولاياتالمتحدة، وكوريا الشمالية، أكبر بكثير مما يتخيل مسؤولو الإدارة". وكان بومبيو في زيارة إلى كوريا الشمالية لوضع الخطوط العريضة لكيفية تنفيذ الاتفاق الذي وقعه ترامب وكيم في القمة التاريخية التي جمعتهم الشهر الماضي في سنغافورة، على أرض الواقع. وتعهدت الولاياتالمتحدة خلال القمة على تقديم ضمانات أمنية، لم تسمها، للنظام الكوري الشمالي، مقابل نزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية بشكل كامل. إلا أن البيان لم يضم تفاصيل حول نزع السلاح النووي، مثل وضع الجدول الزمني، أو وضع آلية للتحقق من عملية نزع الأسلحة. التعهدات الأخرى التي قدمها كيم خلال القمة، التي شملت إعادة رفات الجنود الأمريكيين الذين لقوا حتفهم خلال الحرب الكورية، وتدمير مواقع اختبار الصواريخ الباليستية، لم تُنفذ بعد. اقرأ المزيد: كيم ينتصر.. أمريكا تتراجع عن موقفها المتشدد تجاه كوريا الشمالية ووصف بومبيو زيارته الثالثة إلى كوريا الشمالية، بأنها كانت "مثمرة" ردًا على تصريحات كوريا الشمالية، التي انتقدت المطالب الأمريكية. واستغل منتقدو ترامب تصريحات كوريا الشمالية الأخيرة للإشارة إلى أن المفاوضات بين الدولتين تواجه العديد من العقبات. حيث صرح تشارلز شومر رئيس الأقلية في مجلس الشيوخ الأمريكي، أنه "على الرغم من الأبهة التي تحيط بهذه المفاوضات، لكننا على علم بأنها متعثرة". ومن جانبهم قال كل من روبرت جالوتشي وجويل فيت مؤسسا موقع "نورث 38"، إن تصريحات كوريا الشمالية التي جاءت بعد زيارة بومبيو، لا تعني موت المفاوضات. وأكد جالوتشي أن "زيارة وزير الخارجية إلى بيونج يانج لم تفشل، بنفس الدرجة التي نجحت فيها قمة كيم وترامب". فيما قال فيت أن البيان "لم يكن به أي انتقاد للرئيس ترامب، واستمر في الحفاظ على العلاقة الجيدة التي تكونت بعد قمة سنغافورة، ولذلك أعتقد أن ذلك مهم للغاية"، وأضاف أن "التركيز على وصف العصابات، مع تجاهل 90% من بقية البيان، أضر بالفعل بما قاله". وأشارت "ذا هيل" إلى أن واشنطنوبيونج يانج ستواجهان بعض الصعوبات، بسبب اختلافهما في تعريف مفهوم نزع السلاح النووي. حيث قال كلينجر "إن قراءة كوريا الشمالية لاجتماع سنغافورة زعمت أن ترامب وافق على المفهوم الكوري الشمالي القائم على فكرة تقديم الجانبين تنازلات متساوية في الوقت نفسه". اقرأ المزيد: هل تنجح الصين في تخفيف العقوبات عن كوريا الشمالية؟ وأضاف أن التفسير الأمريكي قائم على فكرة أن كوريا الشمالية لن تحصل على أي منافع اقتصادية حتى يتم تحقيق نزع السلاح النووي الشامل والذي يمكن التحقق منه. في ضوء تلك التفسيرات المتضاربة، من الصعب وضع جدول زمني لتفكيك البرنامج النووي الكوري الشمالي. وكان مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون، قد قدم الأسبوع الماضي، جدولًا زمنيًا لمدة عام، لنزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية، مضيفا أن بومبيو سيقدم الخطة في رحلته الأخيرة. بعد أيام تراجعت الإدارة عن هذه الخطة، حيث قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية هيذر ناويرت، في 3 يوليو الجاري: "أعلم أن البعض قد أعطوا جداول زمنية، إننا لن نقدم جدولا زمنيا لذلك، هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به أولًا". وقال هاري كازيانيس، مدير مركز "مركز المصلحة الوطنية"، إنه لا يوجد لدى بولتون ولا بومبيو أي فكرة عن المدة التي سيستغرقها هذا المسعى دون معرفة حجم البنية التحتية النووية لبيونج يانج ونطاقها بشكل كامل. وأضاف كازيانيس أن "الاختلاف في الرأي الواضح بين مسؤولي الإدارة، يوضح رغبة بولتون في الضغط على نظام كيم بشكل أكثر، عن طريق وضع إطار زمني أكثر صرامة، في حين أن بومبيو كان معارضًا لوضع أي جدول زمني منذ البداية".