حذرت مؤسسة كابيتال إيكونوميكس، البحثية بلندن، من أن مصر قد تسير في نفس طريق الأرجنتين، قائلة: «تجربة الأرجنتين تدق ناقوس الخطر»، بسبب ديون مصر الضخمة من العملة الأجنبية، والتي قالت إنها وصلت إلى 30% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2017، مقارنة بأقل من 15% من الناتج المحلي الإجمالي في 2015. فما هو المصير الأرجنتيني الذي تخشاه «كابيتال إيكونوميكس»؟، وهل هناك تشابه بين الوضع الاقتصادي المصري الحالي والأرجنتين قبل الأزمة؟ وكيف السبيل لمجابهة هذا المصير؟ تكرار سيناريو الأرجنتين أوضحت مؤسسة كابيتال إيكونوميكس، البحثية بلندن، أن التعرض الكبير لمخاطر الديون السيادية بالعملات الأجنبية أصبح محط اهتمام، خاصة بعد الأزمات التى شهدتها عدد من بلاد الأسواق الناشئة مثل الأرجنيتن، ويرجع إلى أنه يُعرض نسبة الديون لمخاطر سعر الصرف، ففى حال ضعف الجنيه المصرى سترتفع تكلفة خدمة الدين للرصيد بالعملة الأجنبية، إلى جانب أنه يقفز بنسبة الدين إلى الناتج المحلى الإجمالى التى ربما ترتفع لمستويات غير مناسبة، خاصة أن الدين العام يتخطى بالفعل 100% من الناتج المحلى حالياً. وقدرت أن كل انخفاض بنحو 10% فى قيمة الجنيه أمام الدولار يرفع نسبة الدين إلى الناتج المحلى بنحو 3%. واختتمت: «تراكم الديون السيادية بالعملات الأجنبية قد يكون مصدر قلق لمصر، هو أنه يجعل الحكومة عرضة لتقلبات سعر الصرف»، ومع ذلك، فإن مخاطر تكرار سيناريو الأرجنتين في مصر يبدو منخفضا، خاصة بعد تعويم الجنيه في عام 2016، بالإضافة إلى اتفاق الحكومة مع صندوق النقد الدولي في إطار "تسهيل الصندوق الممدد»، وهو ما يبقيها ملتزمة بتدابير تقوية مراكزها المالية، وأي تراجع في جدول أعمال الإصلاح يمكن أن يمثل انحدارا نحو النموذج الأرجنتيني. وكانت الأرجنتين قد شهدت فى مطلع الألفية الجديدة انخفاضا حادا فى معدلات النمو، وارتفاعا غير مسبوق فى معدلات كل من الدين الخارجى (قدرت بنحو سبع إجمالى ديون العالم الثالث آنذاك)، والتضخم، والبطالة، وانهيار سعر صرف العملة المحلية (البيسو) أمام الدولار. كما انكمش الاقتصاد الكلى، تمثل فى تحقيق معدلات نمو سلبية خلال الفترة من 1999/2002، وهو ما عرف فى أوساط الاقتصاد العالمى ب«أزمة إفلاس الأرجنتين». بسنت فهمي: أخشى من الدين الداخلي أكدت الدكتورة بسنت فهمي، خبيرة الاقتصاد، وعضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، أن هناك فرقا كبيرا بين النموذجين ولن نصل لهذا المصير، لأننا بكل بساطة نمتلك احتياطيا نقديا تفوق قيمته أكثر من نصف الدين الخارجي، وهذا يدل على عدم وجود مشكلة في سداد الدين الخارجي، كما أن غالبية تلك الديون هي طويلة ومتوسطة الأجل. وأشارت فهمي ل«التحرير»، إلى أن الدين الداخلي هو ما يثير قلقها أكثر من نظيره الخارجي، بسبب أن الدولة تدفع منه أجور موظفيها، وهذا أمر خاطئ، وقد تحدث تبعاته اضطراب في الأمن والسلام الاجتماعي -الأكل والشرب والصحة- وهو أهم ضمانة لاستقرار الأوضاع في مصر، فالطبقة المتوسطة هي عماد الاقتصاد، ونراها الآن في تآكل، منبه إلى المشاكل التي قد تطال الدولة إذا تآكلت الطبقة المتوسطة بأكملها، قائلة: «إذا تآكلت فلن تقوم قومة للاقتصاد». وضافت الدكتورة بسنت فهمي، أن رفع الأجور إذا لم يقابله زيادة في الإنتاج فسيزداد التضخم، ولن يشعر المواطن بأي جديد. الحريري: جرس إنذار في المقابل يرى النائب هيثم الحريري، عضو مجلس النواب، إن هذا التقرير بمثابة جرس إنذار، وتأكيد لمواقف كثيرة حذرت من تزايد الاقتراض الداخلي والخارجي، فلك أن تتخيل أن 38% من الموازنة فوائد للديون، بعد ما كانت 25%، وهو ما يدفع الدولة لفرض مزيد من الضرائب على المواطنين لدفع تلك الفوائد، بالتالي تزيد معاناة المواطنين، موضحًا أن الحكومة أدركت أزمة تزايد الديون في خطتها، فقالت إنها ستعمل على تقليل الاقتراض. وختم الحريري: «لا أحد يتمنى وصول مصر للمصير الأرجنتيني، والخاص بعدم القدرة على سداد الديون ومن ثم إعلان الإفلاس، ولكن علينا ضرورة مراجعة السياسات الاقتصادية المتبعة حاليًا».