لم يعد ممكنا بصورة موضوعية أن تكون هناك متابعة نقدية تشمل كل ما يقدم فى شاشات الفضائيات من مسلسلات فى شهر رمضان، وبات تتبع نوعيات معينة من الأشكال والأنماط أو الشخصيات هو الممكن، وحيث يلملم الشهر الكريم أوراقه، فقد أصبح من الممكن أن تكون هناك نظرات موضوعية من هذا القبيل. فى هذا الإطار شهد المركز الثقافى الفرنسي، مساء أمس الإثنين، جلسة نقاشية بعنوان "المرأة فى دراما رمضان 2018" تحدث فيها كل من: الكاتب الصحفي والناقد عصام زكريا رئيس مهرجان الإسماعيلية الدولى للأفلام التسجيلية والقصيرة، والكاتبة الصحفية كريمة كمال، الناشطة في مجال حقوق المرأة، والمطربة والملحنة الفنانة فيروز كراوية، مديرة مشروع "مرايات" لرصد وتحليل دراما رمضان من منظور نسوي، وأدارت الجلسة الكاتبة رنيم العفيفى، رئيسة تحرير منصة "ولها وجوه أخرى" الإلكترونية المختصة بمتابعة قضايا المرأة. وصاية لا تتماشى مع الإبداع في بداية الجلسة أشارت الكاتبة رنيم العفيفى، إلى اهتمام منصة "ولها وجوه أخرى" الإلكترونية التى ترأس تحريرها بالقضايا النسائية بهدف سد الفجوة ما بين النقاد والمبدعين من جانب والعاملين والمهتمين بالمجال النسوي على جانب آخر. ولفتت "العفيفي" الى أن تقارير لجان رصد ومتابعة دراما رمضان؛ خاصة الصادر عن "المركز القومى للمرأة"، أشارت إلى وجود ملاحظات كثيرة مثل كثرة السب وتوجيه الإهانات لنساء في بعض الأعمال الدرامية، ومنها ما يسيء لصورة المرأة؛ خاصة مع وجود عنف مجتمعي على أرض الواقع، لكنها ترى أن الوصاية لا تتماشى مع فعل الإبداع. دور الأعمال الدرامية في المجتمع في حين يرى الناقد الفني عصام زكريا أن المجتمع يحمّل الأعمال الدرامية بأكثر مما هو مطلوب منها مثل انتشار الإرهاب أو تراجع الأخلاق في المجتمع أو تغير السلوكيات، ولا يجب تجزئة المشاهد الدرامية وتقييمها والحكم عليها خارج سياقها، وأن الصحيح تحليلها ضمن سياق العمل بأكمله، لافتا إلى دور النقد وأهميته في توعية المشاهد ومساعدته على قراءة العمل قراءة صحيحة. وعن وضعية المرأة في الأعمال الدرامية أشار "زكريا" إلى أن الفضل يعود للمرأة في نشأة الدراما المصرية في بداياتها، وأن صورة المرأة يتم قياسها من خلال عدد وحجم الأدوار التي تجسدها في العمل الدرامي بالإضافة إلى المعالجة للشخصيات داخل العمل. ولفت "زكريا" إلى أن تراجع دور وصورة المرأة في الدراما وأنها ليست إيجابية منذ عدة أعوام نتيجة لتغير نوعية الأعمال التي يطلبها الجمهور لصالح أفلام الحركة وتلك التى تحتوى على مشاهد قتالية نتيجة للتطور التقني. معايير وأسس مفقودة ومن جانبها أشارت الكاتبة الصحفية كريمة كمال إلى افتقاد التقارير التي تصدر عن اللجان المتابعة للأعمال الدرامية للمعايير والأسس التي تقدم على أثرها هذه التقارير، وتابعت أن الدراما لها معايير وقواعد مختلفة لا بد أن يخضع لها العمل الدرامي من صراع بين الخير والشر وتباين الطبيعة البشرية، وهي المعايير التي تقتضي ظهور بعض الشخصيات سيئة وأخرى إيجابية، حتى يكون هناك نوع من الصراع، فلو أخرج صناع الدراما فئات المجتمع كلها في شكل ملائكي لما نجح المؤلفون في تقديم دراما ناجحة. وأضافت "كمال" أن هذه المعايير لا تعني أن تكون ضد قضايا المرأة، موضحة أن الأزمة ليست في تقديم النماذج إنما في المعالجة أو الرؤية التي ينحاز لها صانع العمل سواء كانت داعمة لقضايا المرأة أم لا، وهذا هو الفيصل الذي ينبغي أن يتبعه المعنيون بإصدار التقارير حول الأعمال الدرامية. خطاب ذكورى جديد ومن جانبها انتقدت المطربة فيروز كراوية، بعض المشاهد التي تم تقديمها في الأعمال الدرامية المعروضة خلال شهر رمضان، والتى لاحظت فيها التحول في تقديم صورة الرجل الذي كان يضرب المرأة في المسلسلات إلى صورة الرجل المظلوم الذي يقف مكتوف الأيدي أمام خيانة زوجته، مشيرة إلى أن هذه الصورة ظهرت في 4 أعمال درامية مختلفة وفيها تتمسك النساء بالإبقاء على أطفالهن من رجال بعد علاقات خارج إطار الزواج "غير شرعية" وهو أمر غير طبيعي. ولفتت "فيروز" إلى أنه نتيجة لوجود ونشاط الجمعيات النسائية التى تدافع عن المرأة وقضاياها ظهرت أعمال درامية بخطاب جديد، ليتلافى هجوم الناشطات والجمعيات النسائية من خلال تقديم الرجل كأنه المظلوم لتبييض وجه الخطاب الذكورى.