قبل أيام انتشر منشور إلكترونى كتبه أحد الأطباء على صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» يحذر من تناول المرضى لعقار «سوفالدى» المخصص لعلاج فيرس سى، الذى ينتج عن استخدامه تكوين بؤر سرطانية بعد فترة العلاج. وحذر طبيب الأسنان محمد كيرا المرضى المصابين بالفيرس من تناول عقار «سوفالدى»، وضرورة عمل أشعة ثلاثية الأبعاد بالصبغة وليس السونار للاطمئنان على حالة الكبد. وأضاف أنه لديه معلومة شبه مؤكدة عن أن عقار «سوفالدى» المخصص لعلاج فيرس سى رغم أنه عقار ناجح بنسبة 100% فى القضاء على الفيرس، ولكنه يترك أثرًا سلبيًا بالغًا على خلايا الكبد وينتج عن استخدامه تكوين بؤر سرطانية للعديد من المرضى، خاصة المريض الذى يعانى من نسبة تليف عالية. وطالب طبيب الأسنان بالمزيد من الابحاث والتجارب السريرية اللازمة على العقار وإجراء إحصائية معلنة بعد ذلك للرأى العام بعدد الحالات المصابة بالأورام بعد العلاج بعقار «سوفالدى». اختلال التوازن «كلام غير دقيق وغير علمى بالمرة».. يقول الدكتور علاء عوض، أستاذ أمراض الجهاز الهضمى والكبد كل القصة أنه تم اكتشاف أن الحالات المتقدمة من المرض فقط، من الدرجة الرابعة حدث فيها مشاكل كبيرة، من الممكن أن يحدث لها تحول سرطانى بعد القضاء على الفيروس بمعدل ربما أكثر قليلا من المعدلات المتعارف عليه عالميًا. وأضاف أن الأزمة ليست فى السوفالدى كدواء، لأن هذا الموضوع يحدث مع أدوية أخرى، ولكن الأمر يكمن فى اختلال التوازن بين الجهاز المناعى فى الجسم والفيروس بعد القضاء عليه، ومن ثم فإن أدوية علاج فيروس سى آمنة تمامًا لو تم إعطاؤها للمريض المناسب. كما أن الحالات المتقدمة دائما بحاجة إلى الخضوع لبرنامج متابعة للكشف المبكر عن السرطان، لأن السرطان فى مثل هذه الحالات ينتج من مضاعفات التليف لا من أثار الدواء، والقضاء على الفيروس لا يمنع التحول السرطانى طالما هناك تليف. حالة متأخرة قبل العلاج أوضح الدكتور محمد القصاص، أستاذ مساعد أمراض الكبد والأمراض المتوطنة بطب حلوان أنه منذ 4 سنوات ظهرت العائلات الجديدة من مضادات الفيروسات الكبدية المباشرة والتى كان أولها سوفوسبوفير (الاسم التجارى المشهور به سوفالدي). تلك الأدوية أحدثت ثورة طبية ليس فى حياة المرضى فحسب، إنما فى حياة أطباء الكبد كذلك، وتم علاج نحو 2 مليون مريض بفيرس سى بهذه الأدوية خلال فترة قياسية في 3 سنوات، وهذا الرقم يعد أكبر من العدد الذى تم علاجه من الفيرس حول العالم. وأرجع القصاص أسباب ذلك إلى أن مصر نجحت خلال السنوات الماضية فى تصنيع هذا العقار فى مصر بسعر وصل ب«كورس العلاج» كله إلى 1500 جنيه فقط وبنسب شفاء عالية تصل إلى 98%. الإشكالية هنا تكمن فى أن فيروس سى بعد وجوده لسنوات طويلة داخل الجسم يسبب تلفا فى خلايا الكبد وموتا لها، وهذا ما يطلق عليه الأطباء ب«التليف»، وتوجد نسبة من المرضى المصابين بتليف الكبد يحدث لهم تحور فى تلك الخلايا، ما يؤدى إلى إصابتهم بعد ذلك بالسرطان، قائلًا: «يعنى هنا اللى بيعمل سرطان الكبد هو التليف مش الفيروس». ومن ضمن المصابين بالتليف الكبدى حوالى (3-4%) يحدث لهم سرطان كبد سنويًا وتتراجع تلك النسبة كلما تم القضاء على الفيرس وتصل إلى 1% فقط ولا تختفى بصورة نهائية. حياة مهددة وأكد القصاص أن الأدوية الجديدة سمحت لهم بعلاج الحالات المتأخرة المصابة بتليف متقدم وبنجاح كبير عكس العلاج القديم (الانترفيرون)، ولكن المشكلة ما تزال قائمة وحياة هؤلاء المرضى المصابين بالفيرس ما تزال مهددة بإصابتهم بسرطان الكبد، والتى لن تختفى حتى بعد القضاء على الفيروس بسبب التليف الموجود منذ البداية والمتوطن بالجسم. واختتم القصاص حديثه، قائلًا: «علشان كده بنشوف وهنفضل نشوف حالات سرطان كبد بتظهر بعد العلاجات الجديدة، وهذا ليس بسبب الأدوية دى إطلاقاً وإنما بسبب الوصول لحالة متأخرة من التليف قبل العلاج». لا يوجد سند علمي فى الوقت ذاته نفى المركز المصرى للحق فى الدواء ما تردد من أنباء تم تداولها على صفحات التواصل الاجتماعى ونقلتها بعض القنوات الفضائية من أن عقار السوفالدى المخصص لعلاج الفيروسات الكبدية عقار يتسبب فى وفيات عديدة وزيادة أعداد المصابين بالأورام، وأن العقار ما زال فى طور التجارب على المصريين. وقام المركز المصرى بالتواصل مع 15 طبيبا استشاريا، وأساتذة بكليات الطب فى عدد من الجامعات المصرية والعالمية أكدوا أن ما تم تداوله يفتقر لأى دليل أو سند علمى وأنه كلام هدفه التأثير على البرنامج المصرى الناجح للعلاج من الفيروسات الكبدية، والذى دخله أكثر من مليون و700 ألف مصرى وصلت نسب شفائهم إلى أكثر من 95٪ وأن الكلام خرج من غير مختصين. معتمد دوليًا منذ 5 سنوات ويؤكد المركز أن عقار السوفالدى أهم أدوية العالم خلال ال25 سنة الأخيرة تم اعتماده من هيئة الدواء والغذاء الأمريكية FDA عام 2013 ويتم تداوله فى 68 دولة فى خمس قارات، ومن المعلوم طبيًا فى مرضى تليف الكبد أن احتمالية حدوث أورام الكبد لديهم تحدث بنسبة تتراوح ما بين (3- 7%) سنويًا وهى النسبة العالمية وإنه عند تناول علاج فيروس سى وحدوث اختفاء للفيروس تقل تلك النسبة إلى (3-5%) سنويًا. الأدوية آمنة وأكد المحامى الحقوقى محمود فؤاد، مدير المركز المصرى للحق فى الدواء أنه حتى الآن لم تثبت أى علاقة من خلال الأبحاث الطبية بين تناول الأدوية الحديثة لفيروس سى، ومن بينها السوفالدى وحدوث أورام بالكبد منها دراستان نشرتا حديثًا فى أوروبا هذا العام على أكثر من 60 ألف مريض، أخذوا جرعات فيروس سى الحديثة. أما بالنسبة للمرضى الذين كانت لديهم أورام كبد من الأساس، فإن احتمالية حدوث انتكاسة لديهم، وعودة للأورام بنسبة 20% خلال 6 أشهر واختلفت الدراسات فيمن أخذ منهم العلاجات الحديثة لفيروس سى. ويهيب فؤاد بالجميع توخى الحذر عند الحديث فى هذا الموضوع، لعدم نشر بلبلة وفوضى فى صفوف المرضى بدون أسانيد طبية ودولية متعارف عليها ونبّه جميع المرضى الذين يتناولون تلك الأدوية إلى عدم التوقف نهائيا عنها وأن كل أدوية الفيروسات الكبدية الخمسة التى ظهرت آخر أربع سنوات آمنة جدًا. الصحة تنفي فى المقابل نفت وزارة الصحة كل ما تردد عن تسبب «سوفالدى» فى إصابة المواطنين بالسرطان، وأنه لا علاقة لعلاج «سوفالدى» بالإصابة بالسرطان، ولكن السرطان يأتى لسبب التليف والذى يكون فى آخر مراحل الالتهاب الفيروسى الكبدى F4، سواء فى وجود الفيروس أو اختفائه بالعلاج. وفى بيان لها قالت الوزارة إن ما يقال بأن استخدام عقار «سوفالدى» المخصص لعلاج فيرس سى له تأثير سلبى على خلايا الكبد، وينتج عنه تكوين بؤر سرطانية، معلومات عارية تمامًا عن الصحة، حيث إنه من المعروف فى حالة الإصابة بفيروس سى فإن 75% إلى 85% من المصابين يتحولون إلى التهاب كبدى مزمن نشط فى الكبد، 20 إلى 30 من هؤلاء المرضى ينتهى بهم الحال فى 20 إلى 30 سنة بأن يتحولوا إلى مرضى بالتليف من الدرجة الرابعة F4، ومن هؤلاء 5 إلى 10 يصابوا بالسرطان، أى أن تليف الكبد يتحول إلى السرطان سواء فى وجود فيروس سى أو عدم وجوده. وأضافت الوزارة أن فيروس سى فى حد ذاته لا يسبب سرطانا، وإنما التليف هو الذى يسبب السرطان، سواء كان الفيروس استمر أو اختفى بسبب العلاج، ولذلك أى مريض يصاب بالتليف وكان سببه فيروس سى لا بد بعد شفائه أن يجرى متابعته كل 3 إلى 4 أشهر لأنه يصبح عرضة لأن يتحول التليف إلى سرطان بغض النظر عن الشفاء من فيروس سى. كما أن المصابين الذين حالاتهم F0 وF1 وF2 وF3، ولا يعانون من تليف لا يحتاجون إلى متابعة بعد الشفاء من الفيروس، أما المرضى F4 مع وجود التليف، بعد الشفاء يستمر التليف وهذا من الممكن أن يؤدى إلى سرطان بنسبة 5% من مرضى التليف، بالرغم من الشفاء التام من الفيروس.