أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي، أمس الأربعاء، عفوا رئاسيا ضم "صبري حلمي حنا" وشهرته "صبري نخنوخ"، الصادر ضده حكم بات من محكمة النقض بالسجن المؤبد عام 2014 في واحدة من أشهر قضايا حيازة الأسلحة النارية غير المرخصة. مع مطلع عام 2000، ذاع صيت صاحب ال55 ربيعا، محققا شهرة كبيرة من خلال أعمال البلطجة التي تجاوزت عروس البحر الأبيض المتوسط -حيث مقر إقامته- وامتدت إلى القاهرة والجيزة، لتزداد معها ثروته ونفوذه، إذ كان يمتلك مكاتب مسؤولة عن توريد "بودي جاردات" لكبار رجال الأعمال في مناطق المهندسين، وفيصل، والهرم والزمالك. أمس الأربعاء، تنفس صبري نخنوخ "نسيم الحرية" خارج أسوار السجن، حاملاً بين يديه صندوقاً أسود مليئاً بالأسرار وسط تساؤلات عن كيفية خروجه رغم أنه لم يقض من فترة العقوبة سوى 5 سنوات؟ رأي القانون يقول جميل سعيد، محامي صبري نخنوخ، إن موكله استفاد من قرار العفو الرئاسي، ضمن آخرين، مشيرًا إلى أن صلاحيات رئيس الجمهورية تملك العفو عن المتهمين في مختلف القضايا الجنائية أو السياسية طالما كانت نهائية. ويضيف "سعيد" في تصريحات ل"التحرير" أن قضية السلاح المتهم فيها موكله، طلبت خلالها المحكمة من المشرع منحها السلطة التقديرية، وأهابت به في شرح حيثيات الحكم تعديل بنود المادة 17 من قانون العقوبات، إذ لا تملك المحكمة تخفيف العقوبة عن المتهم، بما يعني أن المحكمة كانت يدها مغلولة في حكمها بالمؤبد، حسب قوله. ويوضح أن بنود تلك المادة بها "تغول" من المشرع على قناعات وسلطة القاضي، في إنزال العقوبة المناسبة على المتهم في قضايا الأسلحة والذخائر، إذ تمنع المحكمة تخفيف العقوبة في قضايا السلاح درجة أو درجتين، الأمر الذي دفعه للطعن أمام المحكمة الدستورية على تلك المادة والتي قضت بإلغائها. أبرز المحطات ومرت قضية "نخنوخ" بالعديد من المحطات الهامة منها ما نتج عنه إرساء مبادئ قضائية جديدة، نهاية بالعفو عنه قبل أن تعاد محاكمته، بموجب حكم تحصل عليه من المحكمة الدستورية العليا في فبراير 2016. في 23 أغسطس 2012 ألقت قوات الأمن القبض على صبري نخنوخ في فيلا مملوكة له بمنطقة "كينج مريوط" غرب الإسكندرية، متلبسا بحيازة أسلحة متنوعة وحيوانات (5 أسود، 6 كلاب مفترسة، زرافة، غوريلا). ووصفت محاضر التحقيقات القصر بأنه أشبه بترسانة قوية يصعب الاقتراب منها، إذ يحيط به سور ارتفاعه يتجاوز ثلاثة أمتار ونصف له بوابة رئيسية من الحديد ارتفاعها 4 أمتار، وعليها ثلاثة شبابيك بفتحات ضيقة يعتقد أنها مكان لإطلاق الرصاص، لأنها تشبه الفتحات الموجودة في مدرعات الشرطة. وبعد حبسه احتياطيا لمدة أسبوع، أحالته نيابة غرب الإسكندرية إلى المحاكمة الجنائية في سبتمبر 2012 بتهمة حيازة أسلحة غير مرخصة وتعاطي المواد المخدرة. في مايو 2013، أصدرت محكمة جنايات الإسكندرية حكما بإدانة نخنوخ بالسجن المؤبد، التزاما بالقانون 6 لسنة 2012 بتعديل بعض أحكام قانون الأسلحة والذخائر. بحلول نوفمبر من عام 2014 أصدرت محكمة النقض حكما باتا غير قابل للطعن بتأييد عقوبة السجن المؤبد لنخنوخ، وغرامة 10 آلاف جنيه، وفقا للقانون 6 لسنة 2012 ذاته. بعد صدور حكم النقض بخمسة أيام؛ أصدرت المحكمة الدستورية العليا حكما بعدم دستورية القانون 6 لسنة 2012 الذي عوقب نخنوخ على أساسه بالسجن المؤبد. وفي 6 فبراير 2016 قبلت المحكمة الدستورية العليا دعوى نخنوخ، وحكمت بعدم الاعتداد بحكم محكمة النقض، باعتباره مناقضا لحكمها السابق بعدم دستورية القانون 6 لسنة 2012. حكم الدستورية أرست المحكمة الدستورية في ذلك الحكم مبدأ جديدا بعدم الاعتداد بالأحكام الجنائية الباتة المبنية على نصوص قانونية قضت المحكمة الدستورية بعدم دستوريتها، استنادا إلى المادة 49 من قانون المحكمة التي تنص على أن "الأحكام التي صدرت بالإدانة استنادا إلى نص جنائي قضى بعدم دستوريته تعتبر كأن لم تكن". وبعد حكم المحكمة الدستورية، عاد ملف نخنوخ مجددا إلى النائب العام، وأحيلت القضية خلال أبريل الماضي لدائرة جديدة بمحكمة جنايات الإسكندرية لإعادة نظرها من جديد، قبل أن يستفيد من العفو الرئاسي.