في تحول ملحوظ للسياسة الكورية الشمالية، هددت بيونج يانج، بوقف المحادثات التاريخية مع الولاياتالمتحدة، والمقرر عقدها في 12 يونيو في سنغافورة. ففي الشهر الماضي، كان العالم يراقب الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون، وهو يغرس أشجار السلام، برفقة رئيس كوريا الجنوبية مون جاي إن. في ذلك الوقت، تعهد كيم ب"تاريخ جديد" في علاقاته مع جيرانه، وقال إنها "نقطة البداية" للسلام بين الكوريتين، وأضاف أن كوريا الشمالية ستوقف التجارب النووية والصاروخية على الفور، قبل القمة المرتقبة مع ترامب. إلا أن ذلك كله قد يتوقف الآن، حيث أشارت شبكة "بي بي سي" البريطانية، إلى أنه نظرًا لطبيعة كوريا الشمالية وزعيمها الذي لا يمكن توقع تصرفاته، لا يمكن وصف هذا التطور الأخير بالمفاجأة. اقرأ المزيد: رغم الشكوك.. ترامب يشكر كيم على قرار تفكيك موقع التجارب النووية وبما أن اجتماع سنغافورة، يتعلق بالاقتصاد أكثر من كونه اجتماعا سياسيا بالنسبة لواشنطن وبيونج يانج، فإن كوريا الشمالية تضع الآن شروطها، قبل عقد أي اجتماع. الاقتصاد لم يكن كيم جونج أون خجولًا بشأن تركيزه على اقتصاد كوريا الشمالية، لقد قال مرارًا إنه ملتزم بما يطلق عليه استراتيجية "بيونجينج" الثنائية، والتي تشمل تطوير كل من الأسلحة النووية والاقتصاد في آن واحد. وفي إبريل من هذا العام، على الرغم من مرور خمس سنوات على إعلانه عن سياسة "بيونجينج"، قال كيم جونج أون، إن كوريا الشمالية حققت ما تحتاج إليه على الصعيد النووي، ويمكنها الآن تحويل تركيزها إلى الاقتصاد. ولهذا لم يكن من المستغرب أن تقول الولاياتالمتحدة إن أي استثمار خاص في كوريا الشمالية، يتوقف على التزام البلاد بنزع السلاح النووي الكامل. اقرأ المزيد: هل سيؤثر انسحاب ترامب من الاتفاق النووي الإيراني على كوريا الشمالية؟ وأشارت الشبكة البريطانية إلى أن التركيز على الاقتصاد هو شيء تتعرض بيونج يانج للضغط بسببه، حيث بدأ تطبيق عقوبات الأممالمتحدة وأمريكا في إلحاق الضرر باقتصاد كوريا الشمالية. كما كانت هناك تحركات من جانب الولاياتالمتحدة لإجبار دول أخرى، بما في ذلك الصين، على قطع علاقاتها التجارية مع نظام كوريا الشمالية. وتظهر البيانات أن اقتصاد كوريا الشمالية قد تضرر من العقوبات، حيث انخفضت صادرات كوريا الشمالية بنسبة 30% في عام 2017، وانخفضت الصادرات إلى الصين، أكبر شريك تجاري لكوريا الشمالية، بنسبة تصل إلى 35%، وهو ما قضى على جزء كبير من إيرادات النظام. وهو ما لم يرق للنخب المقربة من النظام، التي يحتاج كيم جونج أون إلى بقائها إلى جانبه، لكن الأمر الأكثر إثارة للقلق بالنسبة لبيونج يانج هو أن الأمور قد تزداد سوءًا. تخفيف العقوبات ومع ذلك فإن الشمال لن يتخلى عن شيء مقابل لا شيء، حيث صرح الدبلوماسي أنكيت باندا ل"بي بي سي" بأن "كوريا الشماليةوالولاياتالمتحدة لديهما فهم مختلف جوهريا لما يعنيه نزع الأسلحة النووية". اقرأ المزيد: هل تحقق العقوبات الأمريكية على كوريا الشمالية أهدافها؟ وأضاف أن ما يريده الشمال حقا، هو تخفيف العقوبات، مشيرًا إلى أنه "يوجد حاليا حوالي تسعة قرارات عقوبات مختلفة موقعة على كوريا الشمالية"، مؤكدًا أن "هذا يجعل تخفيف العقوبات مستحيلا، على الرغم من أن كوريا الجنوبية قد تقربت من كوريا الشمالية، إلا أنه لا يمكن أن يحدث شيء دون موافقة الأممالمتحدة وأمريكا". اختبار للولايات المتحدة.. ولكن هل سينجح؟ وليام نيوكومب، العضو السابق في فريق خبراء الأممالمتحدة، قال إنه يجب النظر إلى هذه التحذيرات الأخيرة من كوريا الشمالية على أنها اختبار لمدى استعداد الولاياتالمتحدة لتقديم تنازلات. ولكنْ هناك شكوك في مدى فعالية هذه الاستراتيجية، حيث يقول العديد من المحللين إن احتمال تقديم "عربون" من الولاياتالمتحدة في شكل تخفيف العقوبات، لضمان المضي قدما في محادثات سنغافورة، سيكون أمرا يدعو إلى الدهشة. وصرح نيوكومب بأنه "سيكون على مجلس الأمن الدولي أن يعمل على إزالة أو تعديل أو تعليق العقوبات الدولية"، مضيفًا " وفي رأيي، سيتطلب الحصول على موافقة دولية لتخفيف العقوبات بشكل يمكن أن يحدث تأثيرًا، تحقيق تقدم ملموس نحو نزع السلاح النووي"، وقد يكون هذا هو السبب في أن بيونج يانج تلعب هذه اللعبة.