غضب عارم انتاب صفوف المحامين، عقب الحكم الصادر، الأحد الماضي، ببراءة اثنين من الضباط بشأن اتهامهما بقتل وتعذيب المحامي الشاب كريم حمدي، بقسم شرطة المطرية، وسادت حالة من الاستياء البالغ بين جموع المحامين بسبب ما وصفوه ب«موت نقابة المحامين». محكمة جنايات القاهرة، برئاسة المستشار سيد التوني، ببراءة ضابطي شرطة، خلال الجولة الثانية لإعادة محاكمتهما بقضية اتهامهما بالاعتداء على (المحامي كريم حمدي) بالضرب وتعذيبه على نحو أدى إلى وفاته داخل قسم شرطة المطرية. قالت المحكمة في حيثيات حكمها، إنه لما كان الجزاء الجنائي هو أخطر الجزاءات جميعها تصيب الناس في أرواحهم وأشخاصهم وأموالهم وكياناهم الأدبي ومن ثمة فقط وجب الحرص الشديد والتحقق الكامل والوصول إلى اليقين القضائي الأكيد قبل إصدار الحكم بإدانة الإنسان ويترتب على هذا الأصل أنه يضع عبأ الإثبات الاتهام الجنائي على عاتق سلطة الاتهام فإذا لم يقم الدليل على ارتكاب المتهم الوقائع المادية الإجرامية وكان ما قدمت سلطة الاتهام غير كاف فإن المتهم لا يكفل تقديم دليل براءته، كما أنه من أصول المحاكمات الجنائية أيضا أن الأحكام الجنائية تبنى على الجزم واليقين من الواقع الذى يثبته الدليل المعتبر ولا تؤسس على الظن والاحتمال والفروض أو الاعتبارات المجردة. أضافت المحكمة في شرح أسباب الحكم أنه تم الاستماع لشهود الإثبات الرئيسيين وناقشتهم في مضمون شهادتهم وأتاحت ذلك للخصوم في الدعوى وصولا لليقين القضائي فإنها بعد أن محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وأدلة الإثبات التي قام عليها الاتهام عن بصر وبصيرة ووازن بينها وبين أدلة النفي قد داخلها الشك والريبة في عناصر الإثبات وترجح عندها دفاع المتهمين وترى أن الواقعة صورة أخرى غير تلك التي حملتها عناصر الاتهام، والتي كان عمادها دلائل وقرائن مستمدة من أقوال شهود الإثبات والتقارير الطبية وتقرير الصفة التشريحية. يقول المحامي أشرف الرفاعي، إن أعضاء هيئة الدفاع عن المجني عليه المحامي كريم حمدي، لم تقصر في الدفاع عن زميلهم المتوفي، لكن الخطأ من وجهة نظره هو عدم تصدي محكمة الجنايات لأمر الإحالة وإدخال ضباط مباحث قسم شرطة المطرية في الواقعة لاشتراكهم في الحادثة التي أثارت استهجان المحامين. أضاف «الرفاعي» في تصريح ل«التحرير» أن النيابة العامة قدمت اثنين من ضباط الأمن الوطني في القضية كمتهمين غير أن المحكمة وخلال الجولة الأولى رفضت إدخال متهمين جدد في القضية حسبما طلب منها فريق الدفاع عن المجني عليه. وأشار المحامي أحمد أبو القاسم إلى أن ما لفت نظره في حيثيات الحكم هو تضارب أقوال شاهد الإثبات ويدعي عماد الدعوي، غير أنه استطرد موضحا أن الدليل المقدم من النيابة العامة بأوراق القضية لم يبلغ حد الكفاية لإدانة المتهمين ولذلك تمت تبرئة المتهمين. لفت «أبو القاسم» إلى أن أوراق الدعوى لم تكشف بعد عن القاتل الحقيقي للمحامي كريم حمدي، منوها كذلك بأن القضية لم تنته بصدور هذا الحكم، لأن النيابة العامة وهي المسؤلة عن تحريك الدعوى العمومية، فستقوم بفحص وقراءة أسباب ومدونات الحكم، لتقرر الطعن عليه أم لا، كما أنها لها الحق في فتح التحقيقات التي تناولتها شهادة شاهد الدعوى الأساسي، وما شهد به ضد ضباط مباحث القسم. وتابع أن نقابة المحامين خسرت معركة كريم حمدي، قانونا، بعدم التكاتف منذ وفاة المجني عليه والالتفات عن ثغرات قانونية قدمت بأمر الإحالة الصادر من النيابة العامة، مشيرا إلى أن النقابة العامة للمحامين كانت تملك تكوين فريق دفاع يحمل بين أفراده قامات كبيرة من المحامين بالجنايات والنقض، والتمسك بطلبات جوهرية أمام القاضي، وهو ما لم يحدث منذ الجولة الأولى للمحاكمة قبل أكثر من عام ونصف العام تقريبا.