الزراعة تتابع موقف إزالة التعديات بمحافظة المنوفية.. وتؤكد على استمرار المرور والمتابعة خلال إجازة العيد    العشائر الفلسطينية تُشيد بالجهود المصرية لوقف إطلاق النار في غزة    ياو أنور وريان يقودان تشكيل البنك الأهلي أمام إنبي    تقرير.. الزمالك يفاوض مدرب هولندا لخلافة أيمن الرمادي    تقرير: كاميرات ذكية ومسيّرات.. السعودية تسخر الذكاء الاصطناعي لتنظيم الحج    قصور الثقافة تنظم برنامج فرحة العيد للأطفال بالمناطق الجديدة الآمنة في القاهرة    دعاء يوم عرفة أمل لا يخيب    القاهرة تستضيف النسخة الرابعة من المؤتمر والمعرض الطبي الإفريقي «صحة إفريقياAfrica Health ExCon»    اتفاق تعاون بين «مصر للمعلوماتية» و« لانكستر» البريطانية    مؤتمر صحفي مرتقب لمدبولي من العاصمة الإدارية    محافظ المنيا: جادون في استرداد الأراضي وتطبيق القانون بكل حسم    «الرعاية الصحية» تُعلن خطتها للتأمين الطبي لاحتفالات عيد الأضحى (تفاصيل)    دى لا فوينتى قبل قمة إسبانيا ضد فرنسا: لا نمل من الفوز ولدينا دوافع كبيرة    انفجارات في مستودع ذخيرة قرب حماة وسط سوريا    زوارق إسرائيلية تختطف صيادًا من المياه الإقليمية بجنوب لبنان    وفد من الأزهر والأوقاف والكنائس يهنئ محافظ الإسماعيلية بعيد الأضحى    محافظ الجيزة يهنئ رئيس الجمهورية بمناسبة عيد الأضحى المبارك    سيراميكا كليوباترا يفتح الخزائن لضم «الشحات وعبد القادر»    نجم الزمالك السابق: وسط الملعب كلمة السر في مواجهة بيراميدز    قرار عاجل من الزمالك بفسخ عقده لاعبه مقابل 20 ألف دولار    بعد اهتمام برشلونة والنصر.. ليفربول يحسم موقفه من بيع نجم الفريق    جامعة سوهاج ضمن أفضل 8.4% عالميًا وفق تصنيف CWUR    جثة الخلابيصي تثير الذعر في قنا.. والأمن يتحرك لحل اللغز    بعد نشرأخبار كاذبة.. مها الصغير تتقدم ببلاغ رسمي ل«الأعلى للإعلام »    البورصة المصرية تغلق على ارتفاع جماعي.. والمؤشر الرئيسي يصعد 1%    صعب عليهم نسيان الماضي.. 5 أبراج لا يمكنها «تموڤ أون» بسهولة    تأكيدا ل «المصري اليوم».. أيمن منصور بطل فيلم آخر رجل في العالم (البوستر الرسمي)    محمد رمضان يقترب من الانتهاء من تصوير «أسد»    عودة خدمات تطبيق انستا باي بعد توقف مؤقت نتيجة عطل فنى    برسالة باكية.. الشيخ يسري عزام يودع جامع عمرو بن العاص بعد قرار الأوقاف بنقله    خُطْبَةُ عِيدِ الأَضْحَى المُبَارَكِ 1446ه    هل تُجزئ صلاة العيد عن صلاة الجمعة؟.. «الأزهر للفتوى» يرد    رئيس هيئة الاعتماد يعلن نجاح 17 منشأة صحية فى الحصول على اعتماد "جهار"    جامعة القاهرة ترفع درجة الاستعداد القصوى والطوارئ بجميع مستشفياتها    خبير عالمى فى جراحة المخ والأعصاب للأطفال بالمركز الطبى العالمي    وزيرة خارجية لاتفيا: سنعمل في مجلس الأمن لتعزيز الأمن العالمي وحماية النظام الدولي    الصحة: 58 مركزًا لإجراء فحوصات المقبلين على الزواج خلال فترة إجازة عيد الأضحى المبارك    رئيس الوزراء: إزالة تداعيات ما حدث بالإسكندرية تمت فى أقل وقت ممكن    إغلاق ميناء الغردقة البحري لسوء الأحوال الجوية    إنتر ميلان يفتح قنوات الاتصال مع فابريجاس لتدريب الفريق    حسام حبيب: مشكلة جودة أغنية "سيبتك" قد يكون بسبب انقطاع النت أو الكهرباء    ما تفاصيل مشروع قرار مجلس الأمن المرتقب بشأن غزة؟    زلازل وعواصف وجفاف.. هل تستغيث الأرض بفعل تغيرات المناخ؟    وزير الثقافة ل«الشروق»: لا غلق لقصور الثقافة.. وواقعة الأقصر أمام النيابة    بالصور.. تامر حسني يتألق بحفل عالمي فى ختام العام الدراسي للجامعة البريطانية.. ويغني مع محمد ثروت "المقص"    مجلس الوزراء يوافق على اتفاقية مع الاتحاد الدولي للاتصالات لتحقيق التنمية الرقمية    الإسكندرية ترفع حالة الطوارئ بشبكات الصرف الصحي استعدادًا لصلاة عيد الأضحى    مد فترة التشطيبات.. مستند جديد يفجر مفاجأة في واقعة قصر ثقافة الطفل بالأقصر    رئيس هيئة النيابة الإدارية يهنئ الرئيس السيسي بمناسبة عيد الأضحى المبارك    البابا تواضروس الثاني يهنئ فضيلة الإمام الأكبر بعيد الأضحى المبارك    أول تحرك من «الطفولة والأمومة» بعد تداول فيديو لخطبة طفلين على «السوشيال»    «مباشرة لا عن طريق الملحق».. حسابات تأهل العراق ل كأس العالم 2026    تحرير 911 مخالفة للممتنعين عن تركيب الملصق الإلكتروني    مسابقة لشغل 9354 وظيفة معلم مساعد مادة «اللغة الإنجليزية»    أنشطة ثقافية ومسرح وسينما فعاليات مجانية لوزارة الثقافة فى العيد    «اللهم املأ أَيامنا فرحًا ونصرًا وعزة».. نص خطبة عيد الأَضحى المبارك 1446 ه    زيادة الرسوم الجمركية الأمريكية على واردات الصلب والألمنيوم إلى 50% تدخل حيز التنفيذ    موعد إعلان نتيجة الصف الثالث الإعدادي 2025 في الجيزة ترم ثاني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد الموافقة عليه.. من يحمي المصريين من مخاطر «التجارب السريرية»؟
نشر في التحرير يوم 03 - 05 - 2018

وافقت لجنة الصحة في مجلس النواب أمس الأربعاء على مشروع قانون البحوث الطبية الإكلينكية المعروف إعلاميا باسم "التجارب السريرية" والذي من شأنه ضمان حقوق المرضى ومنع استغلالهم كفئران تجارب من قبل شركات الأدوية المحلية والأجنبية، وكشفت مصادر برلمانية أن مشروع القانون سيقرّ قبل نهاية يوليو المقبل.
كما يتضمن القانون الجديد مجموعة ضوابط من شأنها الحفاظ على حقوق وخصوصية المرضى الخاضعين للتجارب والأبحاث الطبية، واضعين في الاعتبار معايير البحث الدولية دون تعريض حياة المرضى للخطر أو إجبارهم على الخضوع للتجارب بجانب الحفاظ على حقوقه.
ورغم الفوائد العديدة التي تعود من وراء التجارب السريرية، فقد أضحت الجهود المبذولة في مجالها عرضة للانتقاد، بدعوى أن بعض شركات الأدوية العالمية تستغل المرضى في دول العالم النامي حينما تُجري اختباراتها للمعالجات والأدوية الجديدة المنقذة للحياة في الأقاليم التي يعيش فيها هؤلاء، خاصة دراسة فيروس نقص المناعة HIV المسبب لمرض الإيدز وفيرس الالتهاب الكبدي الوبائي المعروف باسم فيرس سي، ولكنها تحول، بعدئذ، بينهم وبين الحصول على هذه الأدوية الباهظة التكلفة بالنسبة إلى غالبية المرضى الذين يتعذر عليهم شراؤها على نفقتهم.
إن هذه التجارب الإكلينيكية على ما فيها من جوانب مزعجة، لا تعكس ولا تعني تصميما سيئا لتجربة سريرية، بل يمكن القول إن من يمتلك القدرة على الوصول إلى الدواء يعكس بدلا من ذلك أحوالا سياسية واقتصادية راهنة ومن الواجب الاعتماد على الوسائل القانونية والمالية لضمان حصول المرضى على الأدوية اللازمة لهم والتي يعجزون عن شرائها.
الدكتور أيمن أبو العلا، عضو لجنة الشئون الصحية بمجلس النواب ذكر أن القانون الجديد يُخرِج الأبحاث الطبية، من دائرة السرية التي كانت تُجرى على المرضى بالمخالفة للقانون والأخلاق، إلى دائرة الضوء، بما يضمن حقوق المرضى الذين تجرى لهم التجارب دون الإضرار بهم.
خطوة على الطريق
وأضاف أبو العلا ل"التحرير" أن قانون التجارب والأبحاث الإكلينيكية، خطوة جيدة تأخرت كثيرًا وتسد فجوة تشريعية طالت المعاناة منها، والعديد من الدول العربية نهض اقتصادها من خلال التجارب السريرية وهيئة صناعة وسلامة الدواء مثل الأردن، وبالتالي يجب نقل هذه التجربة في مصر بضوابط قانونية، فليس من المنطقي أن تكون موجودة بالسعودية والأردن ونحن نظل بعيدين عن هذا المجال بسبب ثقافة سلبية تراكمت لدينا حول الفزع من التجربة.
وفي سياق متصل أوضح الدكتور أحمد عماد الدين، وزير الصحة أمام لجنة الصحة في البرلمان، أن مصر في حاجة شديدة لإقرار قانون "التجارب السريرية" لحماية المصريين من الاستغلال في تجارب شركات الدواء المحلية والأجنبية في ظل ما كانت يقوم به كثير من هذه الشركات من استغلال المرضى المصريين كفئران تجارب لأدويتهم الجديدة وحان الوقت للقضاء على هذه الظاهرة من خلال تشريع قوي يضمن حقوق هؤلاء المرضي، وفي نفس الوقت يعمل على تطوير الأبحاث العلمية الجديدة وفقا للمعايير العالمية".
يأتي هذا القانون في سياق عام شهد تغيرًا كبيرا في وضع التجارب السريرية للعقاقير تحت رعاية الشركات المنتجة متعددة الجنسيات بعد أن زادت هذه التجارب بشدة في الدول منخفضة ومتوسطة الدخل، هذه الزيادة في تلك البلاد تزيد من فرصة الإخلال بالمعايير الأخلاقية التي يجب مراعاتها أثناء إجراء التجارب.
سوق للتجارب السريرية
هناك عدة أسباب جعلت مصر من أكثر الأماكن مناسبة لإجراء تلك التجارب في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أبرزها بنية مصر التحتية الجاذبة للبحث، الزيادة السكانية السريعة، انتشار الجهل بالأدوية والعلاجات، فضلًا عن انخفاض تكلفة إجراء هذه التجارب في مصر.
وتحتل مصر المركز الثاني بعد جنوب إفريقيا في قائمة أكثر الدول الإفريقية استضافة للتجارب السريرية للعقاقير تحت رعاية الشركات المنتجة متعددة الجنسيات، حيث يجد الكثير من المصريين صعوبة في الحصول على العلاج الأساسي مما يؤدي إلى لجوء بعض المرضى إلى المشاركة في هذه التجارب على الرغم من احتمالية استغلالهم فيها بغرض الحصول على العلاج المجاني حتى وإن كانت نتائج هذا العلاج غير معروفة.
الدستور كان حاسمًا في هذه القضية، وجاءت المادة رقم 60 لتنص على أن "جسم الإنسان له حرمة، أي اعتداء، هتك عرض أو تشويه يعتبر جريمة يعاقب عليها القانون يمنع الاتجار بالأعضاء، ولا يمكن إجراء أي تجربة طبية أو علمية في هذا الشأن دون توثيق الموافقة الحرة للموضوع وفقا للمبادئ المعمول بها في المجال الطبي على النحو الذي ينظمه القانون".
وعن مدى تحقيق مشروع القانون الجديد للمعايير الأخلاقية التي تضمن حقوق المرضى قامت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية بتقييم مدى تحقيقه لتوصياتها السابقة الصادرة بعنوان: أسئلة أخلاقية حول التجارب السريرية على الدواء في مصر: تحديات محلية وتمويل من الشركات المنتجة وتوصلت إلى أنه نجح في تحقيق 75%من التوصيات الأساسية وهي نسبة مقبولة تعكس تحقيق القانون لمقومات أساسية من شأنها أن تثري العملية البحثية في مصر بشكل لا يمثل انتهاكا لحقوق المصريين ولا يتعارض مع ما نص عليه الدستور.
ومن أهم مقومات هذا القانون تعامله مع الفجوة التشريعية الحالية التي لا تتصدى لقانونية المرحلة الأولى والثانية من التجارب السريرية لعقارات تقوم بإنتاجها شركات عالمية قبل حصولها على تراخيص التسويق من بلد المنشأ.
مراحل التصنيع
كل الأدوية المصنعة محليا أو المستوردة تحتاج إلى اعتراف جهة حكومية بها من أجل السماح بتسويق وتداول الدواء في الأسواق، وتعد إدارة الأغذية والأدوية الأمريكية (FDA) إحدى أبرز تلك الجهات الدولية المعتمدة.
حسب الدراسات الطبية فإن أي دواء يحصل على موافقة (FDA)، يجب أن يثبت أولًا أنه آمن وفعال وأن فوائده تتعدى أضراره، وتعد هذه مسئولية مصانع الأدوية وليست المنظمة هي التي توافق على تسويقه وللحصول على الموافقة يجب أن يمر الدواء بعدة مراحل من التجارب والاختبارات تبدأ من المختبر وتحليل التركيب الكيمائي، ومن ثم تمر بالتجارب على الحيوانات ثم التجربة على مجموعة محدودة من البشر وتنتهي بطرحه للتداول ومتابعة الدواء.
هنا تنقسم مراحل التصنيع إلى مرحلتين: مرحلة ما قبل السريرية (preclinical)، وهي المرحلة ما قبل التجربة على الإنسان التي تُجرى على الحيوانات والفئران، ومرحلة ما بعد السريرية (clinical)، وهي المرحلة التي تبدأ فيها التجارب البحثية على الإنسان.
ما قبل السريرية
في المرحلة الأولى تهدف الدراسات ما قبل التجارب السريرية (الإكلينيكية) إلى تحديد مدى أقصى درجات الأمان للعقار وهي مرحلة تتضمن كلا من اختيار الهدف المراد معالجته، اكتشاف الدواء، تطوير الدواء والتجربة على الحيوان.
إن المتوسط الزمني للمراحل الثلاث الأولى هو ثمانى سنوات ونصف تطول هذه المدة إذا كان الدواء سيستخدم لنوعية معينة من البشر (مثل الأطفال أو الحوامل)، وتنقسم على عدة مراحل.
1. الهدف البيولوجي (biological target) والتي يجب فيها اختيار الهدف الذي سوف نؤثر عليه بالدواء أو العقار ويسمى بالهدف الدوائي ويقصد به البروتينات (مثل: الحمض النووي) أو قنوات أيونية أو مستقبلات للهرمون الذي يمكن تحوير نشاطها عن طريق مؤثر خارجي عن طريق استخدام العقار وبذلك ينتج عنه التأثير العلاجي المطلوب.
2. اكتشاف الدواء (drug target) وهي الطريقة التي يتم بها اكتشاف الدواء وتركيبه، في الماضي كان يتم اكتشاف معظم الأدوية عن طريق تحديد المادة الفعالة في العلاجات الشعبية أو بالمصادفة وحديثا تتضمن طريقة اكتشاف الأدوية بمعرفة المرشح المناسب وطريقة تصنيعه وخصائصه وتحليله لضمان الفعالية العلاجية، وحال ما يثبت مركب ما فعاليته في هذه الاختبارات سوف تبدأ مرحلة التطوير الدوائي له التي تسبق مرحلة التجارب الإكلينيكية.
3. التطوير الدوائي أو ما قبل الإكلينيكي في كثير من الشركات الصيدلانية هي عملية استخدام المركب الأساسي (المادة الكيميائية الأساسية) وخوضها في مراحل ضرورية ليجعله قابلا للتجربة على البشر ويمثل تطوير الدواء استخدام الحيوانات للتجارب.
وهناك نوعان من التجارب على الحيوانات: الأولى تسمى (In vitro) وهي كلمة لاتينية تعني داخل الزجاج وهي تقنية للقيام بعملية معينة في محيط محدد خارج جسم الكائن الحي وتهدف إلى وصف آثار المتغيرات للتجارب على أجزاء من الحيوانات بديلة عن الجسم كاملاً، تميل للتركيز على الأنسجة والأعضاء والخلايا والأجزاء الخلوية والبروتينات وهي مناسبة لتتبع ميكانيكية عمل الدواء، والثانية تسمى (In vivo) وهي كلمة لاتينية تعني داخل الجسم وترمز إلى استخدام الحيوان الحي كاملاً على عكس استخدام حيوان ميت أو جزء منه.
المرحلة السريرية
في البحوث الطبية يتم عمل تجارب إكلينيكية لتجميع البيانات بطريقة آمنة وفعالة عن العقاقير، لا يتم عمل هذه التجارب حتى تجمع معلومات شاملة ومرضية حول جودة المنتج والأمان غير الإكلينيكي والحصول على المصادقة من هيئة صحية في البلد الذي يتم فيه الاختبارات.
ويقوم الباحثون بإشراك متطوعين (أصحاء أو مرضى) في دراسات إرشادية صغيرة يتبعها دراسات على مستوى أوسع على المرضى والتي غالبا ما تقارن المنتج الجديد بالأدوية الموصوفة حاليا للمرضى، ويتم زيادة عدد المرضى كلما تم تجميع معلومات إيجابية تتعلق بفعالية وأمان الدواء.
وقد يختلف حجم هذه التجارب فيمكن أن تكون في مركز واحد في بلد واحد أو بمراكز متعددة حول العالم والتجارب الإكلينيكية التي تتضمن أدوية جديدة تنقسم إلى أربع مراحل تمتد إلى عدد من السنوات وإذا استطاع الدواء اجتياز المراحل الثلاث الأولى بنجاح سوف تصادق عليه هيئة دولية تنظيمية باستخدام الدواء للناس عامة، وتعرف المرحلة الرابعة بدراسات ما بعد المصادقة.
قبل إذن البيع
عملية الإشراف على أمن الدواء صممت خصيصًا لتسجيل أي آثار جانبية نادرة أو على المدى الطويل على جماعات بشرية أكبر بكثير وفترات زمنية أطول من قبل مقارنة بالمراحل السابقة من التجارب الإكلينيكية، وهناك أربع مراحل أساسية يتم مراعاتها لحصول أي دواء على إذن البيع والتداول بالأسواق.
المرحلة الأولى: هي مرحلة التجارب الأولى على البشر وعادة ما يتم اختيار مجموعة صغيرة من الناس تتراوح ما بين (20-50) شخصًا تتضمن هذه المرحلة دراسة تأثير الجسم على الدواء وتأثير الدواء على الجسم ومدى تقبل الجسم للعقار وفي تلك المرحلة يجمع الباحثون معلومات عما إذا كان العقار آمنا كي يُعطى للبشر.
تحري السلامة
وفي حالة ثبوت ذلك، ما المقدار الذي يمكنهم تحمله؟ قد يكون إعطاء العقار للمرة الأولى مخيفا؛ لأن المتطوعين (الذين هم عادة أصحاء الجسم تماما ويتقاضون أجرا لقاء اشتراكهم) يُقْدمون على مخاطرة حقيقية.
ومن المألوف أن تكون الجرعة البدائية ضئيلة جدا بغرض الإقلال إلى أدنى درجة ممكنة من احتمال حدوث رد فعل خطر، ولكن ما إن يَزِد الأطباء مقدار الجرعة حتى يزداد احتمال وقوع مشكلات، فإن لاحظوا احتمال حدوث تأثيرات جانبية شديدة الخطورة أتموا إجراء اختبارات الطور الأول على المرضى الذين يعانون الحالة المرضية التي تستهدف تلك التجربة علاجَها، ومن ثم فإن الضرر المحتمل يمكن موازنته بالفائدة المحتملة.
ومن البديهي أن يجري التأكد من السلامة العامة للعقار بتجريبه على الحيوان قبل اختباره على البشر، ولكن الحيوانات تعجز عن التعبير عمّ إذا شعرت بدوار أو غثيان أو عمّ إذا عانت أعراضا طبية نفسية، في حين يستطيع البشر ذلك ويعبرون عنه عادة، ويعاني المتطوعون في بعض الأحيان تأثيرات جانبية تهدد حياتهم ولم تتضح خلال اختبار العقار على الحيوان، مع أن هذه المسألة نادرة جدا.
مرحلة التطوير
المرحلة الثانية: يتم عمل المرحلة الثانية على مجموعة أكبر تتراوح ما بين (20-300) مبحوث، وهي مصممة للمساعدة في معرفة كيفية عمل الدواء، ولتكملة ما بحثناه في المرحلة الأولى من معرفة أمانة الدواء في مجموعات أكبر من المرضى والمتطوعين.
إن الهدف الأساسي لاختبارات الطور الثاني هو هدف عملي (pragmatic) يتوخى إيجاد الشروط التجريبية (الاختبارية) التي تسمح لطور التجربة النهائي بأن يعطي نتيجة حاسمة وليس الهدف التأكيد على أن العقار المدروس علاج فعال، كما يتوهم البعض.
هنا يحاول الباحثون تثبيت نظام الجرعات المثالي وأحد المعايير التي يجب إقرارها حالا هو نقطة النهاية المبدئية التي تصف النتائج غير الملتبسة التي تشير بشكل دقيق إلى ما تستطيع المعالجة أن تفعله.
وعلى سبيل المثال، إن نقطة النهاية الاعتيادية التي يجري البحث عنها حين تحري مضاد حيوي جديد هي خلو المريض من العدوى بعد المعالجة، ولكن هناك الكثير من الأمراض التي لا يمكن شفاؤها بهذه السرعة، ولذا يُطرح بديل لنقطة النهاية ربما يتمثل فيما إذا كان تفاقم مرض الإيدز مثلا الناجم عن الفيروس HIV قد تباطأ أو فيما إذا كان معدل الوفيات بسبب السرطان قد تناقص.
عندما تفشل عملية تطوير عقار جديد فهو يحدث غالبا في هذه المرحلة، حيث يتم اكتشاف أنه لم يعمل بالطريقة المرجوة أو يثبت آثار سميته.
الاختبار النهائي
المرحلة الثالثة: هي دراسات عشوائية تتم في عدة مراكز على مجموعات مرضى كبيرة تتراوح ما بين (300-3000) مبحوث أو أكثر بناءً على الحالة الطبية أو المرض الطبي المدروس.
وهذه الدراسة تهدف إلى كونها العامل المؤكد لمدى فعالية هذا الدواء بالمقارنة مع أفضل العلاجات الحالية، وبسبب حجم المرحلة ومدتها الطويلة التي تستغرقها وتعتبر هذه المرحلة من أكثر المراحل تكلفة وهي صعبة في تصميمها وإدارتها خاصة في علاجات الأمراض المزمنة.
إن المرحلة النهائية من إجراء التجربة السريرية، أي الطور الثالث هي المألوفة لدى عامة الناس ويشترك مئات وآلاف المرضى (وربما عشرات الآلاف منهم) في هذه الاختبارات، وغالبا ما تحظى النتائج بإعلام واسع وحين التوصل إلى هذه النقطة، يكون العلماء الذين يسيّرون دفة التجربة قد حددوا على الأقل مجموعة من المرضى يُتوقع أن يستفيدوا منها وكيف يتحقق ذلك وأفضل طريقة للمعالجة وتوفر تأكيدا موثوقا بأن العقار محل التجربة فعال.
أما إن لم تكن نتائج اختبارات الطور الثالث إيجابية، فهناك خيارات متعددة، فعن طريق تأمل الكميات الهائلة من البيانات التي تم جمعها، قد يتمكن الباحثون من تحديد طائفة من المرضى تقع ضمن المجموعة الأكبر ويبدو أنها استفادت من العلاج ومن ثم يجب أن يُجري الباحثون تجربة طور ثالث كاملة أخرى مع مجموعة أضيق من المرضى للتأكيد على ما إذا كان العقار مفيدا حقا.
ما بعد التسويق
المرحلة الرابعة: تعرف هذه المرحلة بالإشراف والمراقبة بعد التسويق وتتضمن المراقبة الآمنة والدعم التقني المستمر للدواء بعد حصوله على إذن البيع.
ويمكن أن تكون المرحلة الرابعة من متطلبات السلطات المنظمة ويمكن أن تقوم بها الشركات الداعمة لأسباب تنافسية تجارية (كإيجاد سوق جديد للدواء) أو لأسباب أخرى مثل (إذا لم يتم اختبار الدواء وتفاعلاته مع الأدوية الأخرى أو إشارة على مجموعة معينة من البشر مثل النساء الحوامل اللاتي لا يخضعن عادة لمثل هذه التجارب).
لن يتوافر على الإطلاق عقار مثالي يقدم علاجا كاملا لكل فرد ومن دون تأثيرات جانبية لأي إنسان وتبقى التجربة السريرية مجال البرهان الحاسم لأي عقار جديد أو وسيلة طبية مستحدثة إحدى الطرق الجيدة لتقييم موثوقية التجارب في مقارنتها بالأمور الأخرى التي تتطلب حكمًا طبيًّا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.