انهالت سهام النقد والتخوين ضد جريدة المصري اليوم، بسبب «المانشيت» الذي نشرته الصحيفة، فى عددها الصادر أول من أمس "الخميس"، حول تغطيتها الصحفية لانتخابات رئاسة الجمهورية 2018، والذي كان يحمل عنوان «الدولة تحشد الناخبين في آخر أيام الانتخابات"، وألحقته الصحيفة بعنوان فرعي "الوطنية تلوح بالغرامة.. مسئولون يعدون بمكافآت مالية وهدايا أمام اللجان». لم تتوقف حملة الهجوم الشرسة على الصحيفة، عند حد تقديم البلاغات للنائب العام المستشار نبيل صادق ضد مسئولي تحريرها ومجلس إدارتها للتحقيق فيما نشرته، ولكن وصل الأمر لحد قيام البعض بتقديم شكاوى للجنة التابعة للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، كما تكالبت بعض الأقلام بالتجريح والتشهير فى مسئولي الجريدة. ما تعرضت له الصحيفة خلال الساعات الماضية، فتح الباب أمام العديد من التساؤلات: حول ما إذا كانت الصحافة قادرة على أن تؤدي دورها فى مناخ يتسم بالترهيب والتخويف؟ وما المحاذير التي يجب على الصحف ووسائل الإعلام الابتعاد عنها حتى لا تقع تحت طائلة القانون؟ وهل البلاغات والشكاوي والاتهامات الطريق الأمثل لمواجهة ما ينشر فى بعض الصحف ووسائل الإعلام؟ وغيرها من التساؤلات. رئيس تحرير المصري اليوم ل«التحرير»: «أتحدى أن يعثر أي شخص على خطأ مهني واحد فى المانشيت» قال محمد السيد صالح، رئيس تحرير جريدة المصري اليوم، إن البعض أساء فهم «مانشيت» الجريدة ولم يقرأ أصل الخبر بشكل صحيح، لافتا إلى أن مانشيت «الدولة تحشد» لم يقصد الحشد في اتجاه مرشح بعينه، وإنه «يتحدث عن الدولة وليس النظام»، موضحا أن كل الدول المحترمة تحشد من أجل إخبار وإعلام مواطنيها للتصويت، منوها بأن هذا النوع من الحشد إيجابي، حسب قوله، لافتا إلى أن الجريدة لم تخرج على الدقة في تغطيتها للانتخابات والتزمت كل المعايير المهنية. وأضاف صالح ل«التحرير»، أن بعض المسئولين بالدولة تحدثوا عن فكرة الحشد وإعطاء مزايا نوعية للمحافظة أو البلد من أجل حشد الناخبين، وأتساءل: أليس هذا حشدا؟ ولكن ننظر إليه أنه حشد إيجابي، مضيفا أن دعوات الجهات الرسمية إلى المشاركة، والتلويح بتوقيع الغرامة، كلها تعد «حشدًا إيجابيًا»، رغم اعترافنا أن البعض استخدم هذه المفردات بشكل خاطئ. وأردف صالح: تشكيل الوعي فى اتجاه واحد خطر على النظام، موضحا أن الصحافة تستحق بعد ثورتين أن يكون حالها أفضل من ذلك، إذا أخطأ الصحفي يحاسب بالقانون أو بمنح حق الرد للطرف الآخر وليس بالتشهير به وانتهاك خصوصيته. ودعا رئيس تحرير "المصري اليوم"، حكماء المهنة ومن بينهم مكرم محمد أحمد رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام وكرم جبر رئيس الهيئة الوطنية للصحافة وعبد المحسن سلامة نقيب الصحفيين، وأي شيخ من شيوخ المهنة أن يتدارسوا المانشيت ويعثروا على أي خطأ مهني، قائلا: "أتحدى أن يعثر أي شخص على خطأ مهني واحد فى هذا المانشيت". عبد العزيز: مانشيت مهني.. ولا يشوبه أي خطأ قال الخبير الإعلامي ياسر عبد العزيز، إن مانشيت جريدة «المصري اليوم» لا يشوبه أي أخطاء، وسليم من الناحية المهنية والصحفية، لافتا إلى أن كل كلمة حملها عنوان الصحيفة تم إثباتها والتدليل عليها. أضاف عبد العزيز أن مانشيت الجريدة لم ينل من السلامة الإجرائية للعملية الانتخابية ولا يستوجب اعتذارا، موضحا أن الأزمة التى حدثت بسبب التدافع العاطفي لأن المصريين يمرون بأزمة عاطفية وليست لحظة سياسية، وفى هذه اللحظة تسود المشاعر الوطنية، وبالتالي هم يعتقدون أن أي مساس بنزاهة العملية الانتخابية هو مساس بأركان الدولة وهذا شعور مفهوم ولكنه مبالغ فيه. أضاف عبد العزيز أن جريدة المصري اليوم لم تؤثر على مصلحة الدولة العليا، مثلما يردد البعض، موضحا أن هذه الانتخابات يمكن أن نطلق عليها انتخابات العواطف، لأن الجمهور يخرج لمساندة الدولة وليس لمساندة مرشح معين. مكاوي: يكرس مفهوم تدخل الدولة في العملية الانتخابية أكد الدكتور حسن عماد مكاوي، عميد كلية الإعلام بجامعة القاهرة الأسبق، ووكيل المجلس الأعلى للصحافة الأسبق، أن ما كتبته صحيفة المصري اليوم غير ملائم فى الوقت الراهن، خاصة فى ظل الحملات الشرسة التى تشنها بعض القوى الخارجية ضد مصر للتشكيك فى سلامة العملية الانتخابية، منوها بأن ما نشر فى الجريدة يكرس ويؤكد ما يقوله البعض إن الدولة تتدخل فى العملية الانتخابية، وهو أمر يسيء لسمعة مصر، حسب تعبيره. القعيد: أعطت فرصة لأعداء الوطن للهجوم علينا قال الأديب والنائب البرلماني يوسف القعيد ل«التحرير»، إن مسئولي التحرير بجريدة المصري اليوم كان عليهم أن ينتبهوا للظروف الاستثنائية التى تمر بها الدولة، موضحا أن مصلحة الدولة أهم من الجميع، مردفا: «كان من الأجدى على القائمين على الصحيفة فى تلك الفترة أن يتعاملوا وفق مقتضيات الأحداث الراهنة وبما لا يعطي فرصة لأعداء الوطن والمشككين فى الهجوم علينا». كان المحامى سمير صبرى، قد تقدم ببلاغ للنائب العام المستشار نبيل صادق، ونيابة أمن الدولة العليا، ضد صحيفة "المصرى اليوم"، مطالبا بالتحقيق فيما ورد بعناوين الصحيفة فى عددها الصادر أول من أمس "الخميس". وقرر النائب العام المستشار نبيل صادق إحالة البلاغ المقدم ضد جريدة المصري اليوم إلى نيابة أمن الدولة العليا لمباشرة التحقيق فيه. واتهم صبري الجريدة بإهانة الشعب المصري ومؤسسات وأجهزة الدولة، على حد وصفه. واختصم فيه، الجريدة ورئيس تحريرها، في ضوء ما نشرته على صدر صفحتها الأولى بعددها الصادر لتغطية الانتخابات الرئاسية، مطالبا بالتحقيق فيما نشرته الجريدة، مدعيًا أنه يشكل العديد من الجرائم الجنائية والصحفية التي تنطوي على إساءة وإهانة للمصريين ومؤسسات الدولة، يعاقب عليها القانون وتستوجب التحقيق. وفي السياق ذاته تقدم أيضًا محمد حامد سالم، المحامي، ببلاغ إلى المستشار نبيل صادق ضد رئيس تحرير جريدة المصري اليوم، بسبب العنوان ذاته. وتلقت لجنة الشكاوى التابعة للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، شكوى ضد جريدة المصري اليوم بعد نشرها مانشيتا بعنوان «الدولة تحشد الناخبين في آخر أيام الانتخابات». وادعت الشكوى أن الصحيفة خالفت قانون الانتخابات بنشر فيديو ينتهك سرية التصويت ويحتوي على إهانة للمرشح موسى مصطفى موسى: «حيث صوره وهو يعلم على اسمه أثناء إدلائه بصوته في الانتخابات الرئاسية». كما جاء فى الشكوى أن الإهانة تركزت في عنوان الفيديو والذي نص على «نكشف من اختاره موسى مصطفى موسى، وأن بها تشكيكا وتلميحا بأنه قد يكون اختار المرشح الآخر الرئيس السيسي، ما يعتبر انتهاك تصويت وإهانة المرشح المعارض». كما تلقت لجنة الشكاوى أيضا شكوى أخرى تتعلق بمانشيت الصحيفة الصادر اليوم بعنوان «الدولة تحشد» وجاء فيها: إن العنوان يحمل تدليسا على القارئ، حيث لم يحدد الفارق بين الدولة والحكومة، ولم يشرح المقصود هل المجتمع بمؤسساته ومن بينها الإعلام أم هي الحكومة بإمكانياتها؟ ومن جانبه، أكد جمال شوقى مقرر لجنة الشكاوى بالمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، أن اللجنة ستعقد اجتماعا لها السبت القادم لمناقشة الشكاوى والتحقيق فيها، ورفع تقرير بشأنها إلى المجلس. أزمة «المصري اليوم» ليست الوحيدة اللافت للنظر أن أزمة «المصري اليوم» ليست الوحيدة، بل سبقتها وقائع أخرى، كان من بينها أزمة مانشيت جريدة «الدستور»، الذي صدر بعنوان «كيف استرد محمد بن سلمان الله من أيدي المتطرفين؟»، وأثار ضجة إعلامية كبرى على الشبكات الاجتماعية، وتناولته كذلك مؤسسات صحفية وإعلامية في مصر والعالم العربي، إلا أن الضجة التي أثيرت سرعان ما هدأت. لم تتوقف أزمة المانشيت فى بعض الصحف على حد التشهير فى وسائل التواصل الاجتماعي، بل وصل الأمر إلى مداه لحد استخدام الرقيب سلطاته فى مصادرة الصحف وفرم الأعداد فى حال تجاوز الخطوط الحمراء، حيث تعرض عدد صحيفة "البوابة" للمصادرة فى عددها الصادر فى 3 سبتمبر 2017، بعدما فوجئت الصحيفة بامتناع مطابع الأهرام عن طباعة عددها الصادر، متعللين بأن "جهات معينة"، طالبت بحذف تقرير صحفى منشور بالصفحة الأولى يتعلق بطول فترة هروب وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي، فى إطار المتابعة الصحفية لطلب إحاطة مقدم من نائب بالبرلمان لوزير الداخلية مجدي عبد الغفار، حول عدم قدرة الأجهزة الأمنية على إلقاء القبض على الوزير الهارب وتقديمه للعدالة، وهو ما رفضته إدارة التحرير. وفى 14 أغسطس 2015، صادرت الأجهزة الأمنية المصرية العدد الأخير من جريدة صوت الأمة، التي كان يرأس تحريرها فى ذلك الوقت الكاتب الصحفي عبد الحليم قنديل، بسبب موضوع "أحزان الرئيس". وفى 11 مارس 2015، أوقفت جهات أمنية طبع جريدة الوطن في مطابع الأهرام، لحين حذف الجريدة تحقيقا صحفيا يتناول امتناع 13 وزارة وجهة سيادية عن دفع الضرائب المُستحقة عليها خلال السنوات الماضية. وفى 22 أغسطس 2015 أوقفت جريدة الأهرام طبع جريدة الصباح، بسبب مقال بأحد الأعمدة تحت عنوان «كيف تصبح طفلا للرئيس؟».