يحاط المراهق في هذه المرحلة الحرجة من حياته بالعديد من المخاطر، التي تخشى أسرته عليه من الوقوع فيها، ويهيمن على المراهقين في تلك المرحلة "المؤقتة"، شعور بالرغبة في تجربة كل جديد، والاستقلال عن الوالدين، الأمر الذي يجعله أكثر عرضه للوقوع في مخاطر عديدة، من بينها الإدمان. وتتعدد الأسباب التي تؤدي إلى الإدمان، فمنها ما يرجع للأسرة ومنها ما يرجع للمراهق نفسه، ومنها ما يرجع إلى المجتمع والأصدقاء. الأسرة أولا: تعد الأسرة غير المستقرة وكثيرة المشكلات والنزاعات، أحد الأسباب التي تؤثر على الأبناء، وليس المراهق فقط، وتسبب مشكلات كثيرة للأبناء في حياتهم، ويصبح المراهق غير قادر على الحصول على الاستقرار الذي يحتاج إليه في هذه المرحلة، وينتج عن ذلك العديد من المشكلات منها العنف و تعاطي المخدرات. ثانيًا: قد يرجع الإدمان إلى سيطرة الوالدين المبالغ فيها، والتي تصل إلى التسلط والتحكم الشديد في حياة المراهق، ولا يتركان له مساحته من الحرية الضرورية لتكوين شخصيته، مما يؤدي إلى اضطراب شخصيته وانعدام ثقته بنفسه، وإذا تطور الأمر، فسوف يتجه نحو طريق تجربة المخدرات والوصول إلى الإدمان. ثالثًا: قد يتنج الإدمان عن رغبة المراهق الشديدة في التمرد على الوالدين المتسلطين اللذين يسيطران عليه، أي لمجرد القيام بما يخالف طلباتهما، ويترك نفسه لأصدقائه الذين يشعر معهم بالثقة والراحة ويجرب كل ما يعرض عليه للتجربة. رابعًا: مشكلات المراهق مع الأب الذي ينتقده كثيرًا ويهدده بشكل مستمر بالعقاب، وأحيانًا بالطرد خارج المنزل، مما يشعر المراهق بأنه غير مرغوب، ويُقفده الثقة بنفسه وثقته في الأسرة وفقده لمصدر حمايته الأول، وزيادة ثقته بأصدقائه المحيطين والذين يكون لهم نفس مشكلاته مما يجعلهم جميعا أكثر عرضة للإدمان واللجوء إليه. خامسًا: يعد إهمال الأسرة للمراهق من الأسباب التي تساهم في دخوله إلى عالم الأدمان، حيث يشعر المراهق بإهمال أسرته له أنه ليس له قيمة أو أهمية، كما أنه يفقد مصدرًا رئيسيًا للتوجيه والنصح، والذي يساعده على تجنب الكثير من المشكلات التي يمر بها المراهق في هذه المرحلة. المجتمع أولا: يلعب أصدقاء المراهق دورًا كبيرًا في حياته فهم أكثر تأثيرًا فيه من أي شخص آخر فهو يستمد منهم ثقته بنفسه ويشعر أنه مرغوب، وله مكانة فإما أن يكون أصدقاؤه هم الذين يساعدونه على حماية نفسه من أي خطر سواء كان الإدمان أو غيره من المخاطر، وأحيانًا يكون الأصدقاء هم سبب مشكلات كثيرة للمراهق وسبب تجربته لهذه المخدرات وتوفيرها له واعتماده عليها. ثانيًا: يعد وجود نموذج في حياة المراهق يتعاطى المخدرات هو من الأسباب أيضا التي تساعد على معرفة المراهق بهذه المشكلة وتكون أكثر تأثيرا إذا كان هذا النموذج أقرب للمراهق سواء كان أبا أو أخا أو من الأقارب أو صديق مقرب له ويمكنك عزيزتي الأم استغلال وجود هذا النموذج وتوضحي للمراهق الأضرار والجوانب السيئة والخسائر التي يعاني منها هذا النموذج. ثالثا: أما عن المجتمع الذي يعيش فيه المراهق فقد يكون له دور أيضا فإذا كان المجتمع يبيح استخدام هذه المواد سواء كانت في مناسبات معينة كما يحدث في بعض المناطق أو يبيح استخدامها بشكل دائم ويساعد على توفيرها فإنه يسهل على المراهق الوصول لها ويشجعه على تجربتها. المراهق نفسه ضعف شخصية المراهق واعتماده على الآخرين وعدم قدرته على اتخاذ القرارات من الأسباب التي تسهل عليه تعاطي المخدرات وأيضا معاناته من القلق والمزاج المكتئب من العوامل التي تسهل استخدامها لأن هذه المواد تتميز بأن لها تأثيرًا يخفف من قلقه وتعطيه ثقة زائفة في نفسه بالإضافه إلى وجود الإحباط لدى المراهق وعدم وجود الأهداف التي يسعى لتحقيقها فالإحباط من العوامل النفسية التي تساعد على تعاطي المخدرات. عزيزتي الأم، عزيزي الأب إذا كانت الأسرة يمكن أن تكون أحد الأسباب المسؤولة عن دخول المراهق إلى طريق الإدمان فهي أكثر الأسباب التي تمكنه من الابتعاد عن المخدرات وحمايته منها من خلال ما يلي: أولا: تهيئة مناخ صحي ومناسب للمراهق يتميز بالأمن والهدوء والحب والعلاقات الجيدة مع أفراد الأسرة الأب والإخوة والأم مما يساعده على الثقة بنفسه والثقة في الأسرة وتمكنه من مواجهة مشكلاته وتقبل النصيحة من الأسرة واللجوء إليها لحل مشكلاته وابتعاده عن الإحباط والذي يكون أحد أسباب الأدمان. ثانيًا: يجب إبعاد المراهق عن النزاعات والخلافات بين الوالدين لأن هذه الخلافات تؤثر على كافة أفراد الأسرة ومنها المراهق، وعدم جعله طرفًا فيها حيث تسبب له الكثير من المشكلات سواء في تصرفاته أو مشاعره وشعوره بالإحباط وتؤثر على دراسته. ثالثا: يجب تعليم المراهق أهمية الحفاظ على صحته وتعليمه أساسيات الحفاظ عليها ومعرفته بالأخطار الناتجة عن الإدمان وأضراره الصحية والنفسية والاجتماعية التي تعود عليه من الإدمان كما يجب أن يعرف الطرق التي تمكنه من حمايه نفسه من الوقوع في هذا الطريق. رابعًا: عليكِ عزيزتي الأم متابعة المراهق والاهتمام به والتعرف على أصدقائه وتقديم النصيحة له بالشكل الذي يبتعد عن الأوامر التي لا يتقبلها ولكن بالشكل الذي يساعده على تقبلها من خلال الحوار ومناقشة مشكلاته بهدوء. خامسًا: يجب ملاحظة أي تغير يطرأ على سلوك الأبناء وعاداتهم والتغيرات السيئة التي تطرأ على حالتهم الصحية والنشاط الدراسي والاهتمام به والتفرقة بين التغير العادي والتغيير غير العادي في حياة المراهق. إن ما يدمره الإدمان في حياة المراهق ليس بالشيء القليل، ويصل إلى تدمير حياته بأكملها ويهدد مستقبله، فيجب أن نحافظ عليه ونساعده على الحفاظ بنفسه، وعلى حياته من هذا الخطر، وأن يعرف قيمة نفسه وقيمة مستقبله وأن يحدد لنفسه أهدافًا تساعده على الحياة بالشكل الذي يحقق له السعادة والنجاح.