تحت غطاء فرض الطوارئ، تشهد تركيا الكثير من الانتهاكات التي ترتكبها السلطات التركية، حيت تتخذ من حالة الطوارئ ذريعة للتضييق على الحقوق والحريات داخل هذا البلد، ومن ثم استخدامها كأداة لخنق أي انتقاد أو معارضة للحكومة. تركيا أعلنت حالة الطوارئ، بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في يوليو 2016، وأصدر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أكثر من 20 مرسوما، لتجديدها أدت في أحيان كثيرة إلى تعذيب المعتقلين، وإفلات المسؤولين من العقاب والتدخل في شؤون القضاء. أعنف انتقاد وفي انتقاد هو الأعنف، طالبت الأممالمتحدةتركيا بإنهاء حالة الطوارئ المفروضة بعد محاولة الانقلاب الفاشلة، والتي اعتبرت أنها أدت إلى انتهاكات، شملت القتل والتعذيب، لحقوق مئات الآلاف، مشيرة إلى أن حصيلة الموقوفين تثير الصدمة. جاء في التقرير الذي أعدّته مفوضية الأممالمتحدة لحقوق الإنسان، أن الصلاحيات الاستثنائية التي مُنحت إلى السلطات بعد المحاولة الانقلابية، أسفرت عن تلاشي حكم القانون وتراجع مستمر لوضع حقوق الإنسان. التقرير أشار إلى أن التمديد المنتظم لحالة الطوارئ في تركيا، أدى إلى انتهاكات خطيرة لحقوق مئات الآلاف من الأشخاص، مرجّحا أن يكون هدف استخدام سلطة الطوارئ قمع أي نوع من الانتقاد أو الاعتراض إزاء الحكومة. كما وثّق التقرير الذي جاء في 28 صفحة استخدام الشرطة المدنية والعسكرية وقوات الأمن للتعذيب وسوء المعاملة في أماكن الاحتجاز، بما في ذلك الضرب المبرح والاعتداء الجنسي والصدمات الكهربائية والإيهام بالغرق في تركيا. قانون الطوارئ، سمح لأردوغان والحكومة بتجاوز البرلمان في إقرار قوانين جديدة، تمكنهم من تعليق الحقوق والحريات، وشهدت الحملة إغلاق أكثر من 2200 مؤسسة تعليمية خاصة و19 اتحادا عماليا و15 جامعة ونحو 150 وسيلة إعلام. وبعد جملة تلك الانتهاكات التي رصدها التقرير الأممي، طالبت الأممالمتحدة من تركيا إنهاء حالة الطوارئ فورا، وإعادة عمل المؤسسات وحكم القانون في شكل طبيعي. أرقام مذهلة "قوات الأمن مستمرة في ارتكاب انتهاكات كبيرة وخطيرة لحقوق الإنسان، في جنوب شرق البلاد تشمل القتل والتعذيب والاستخدام المفرط للقوة، وهدم المنازل وتدمير الميراث الثقافي للأكراد، هكذا جاء قول الأمير زيد بن رعد الحسين، مفوض الأممالمتحدة السامي لحقوق الإنسان، خلال حديثه عن الانتهاكات التركية، واصفا أعداد المعتقلين والمعزولين في تركيا ب"المذهلة". وقال الحسين في بيان إن نحو 160 ألف شخص اعتقلوا، وعزل نحو 152 ألفا خلال 18 شهرا، وأضاف "مدرسون وقضاة ومحامون عزلوا أو حوكموا وصحفيون اعتقلوا ووسائل إعلام أغلقت ومواقع حجبت- من الواضح أن حالات الطوارئ المتتالية التي أعلنتها تركيا استخدمت لانتهاك حقوق عدد كبير جدا من الأشخاص بشكل حاد وتعسفي". وفي ردها على تلك الاتهامات، اعتبرت أنقرة تقرير المنظمة الدولية "مضللا ومتحيزا"، وانتقدت التقرير الحقوقي للأمم المتحدة، حيث ادعت في بيان لوزارة الخارجية أنه "يحتوي على مزاعم لا أساس لها من الصحة تتماشى تماما مع الجهود الدعائية للتنظيمات الإرهابية"، حسب "رويترز". ولم تفند تركيا ما جاء في تقرير الأممالمتحدة الذي وثَّق انتهاكات أنقرة بحق مواطنيها. أكبر سجن للصحفيين وحول انتهاكات النظام التركى في حق الصحفيين، أعلنت اللجنة الدولية لحماية الصحفيين خلال ديسمبر الماضى، أن عدد الصحفيين المعتقلين حول العالم بلغ 262 صحفيًا، وكان لتركيا النصيب الأكبر من عدد الصحفيين المعتقلين. التقرير الصادر عن اللجنة أوضح أن تركيا والصين تصدرتا قائمة أكثر الدول المعتقلة للصحفيين هذا العام. وكشف التقرير أن أنقرة حافظت على صدارتها لقائمة أكثر الدول المعتقلة للصحفيين للعام الثانى على التوالى، مؤكدا أنه عقب المحاولة الانقلابية تزايد قمع الصحافة فى تركيا، مشيرا إلى أن السلطات التركية تتهم بعض الصحفيين باستخدام تطبيق التواصل "بيلوك" وامتلاك حسابات في بنوك يُزعم انتمائها لحركة الخدمة. وتقول نقابة الصحفيين الأتراك، إن نحو 160 صحفيا في السجون معظمهم اعتقل منذ محاولة الانقلاب. قلق أوروبي خلال فبراير الماضي أعرب الاتحاد الأوروبي عن قلقه أيضا، إزاء قرار محكمة تركية، إبقاء رئيس الفرع التركي لمنظمة العفو الدولية قيد الاعتقال واحتجاز عدد من قادة الجمعية الوطنية الطبية التركية. وجاء في بيان مشترك لرئيسة الدبلوماسية الأوروبية، فيديريكا موغيريني، والمفوض الأوروبي لسياسة الجوار ومفاوضات التوسع يوهانس هان: "إلغاء قرار المحكمة بالإفراج عن رئيس فرع منظمة العفو الدولية في تركيا، تانر كيليتش، واحتجاز أعضاء اللجنة التنفيذية للجمعية الطبية التركية، هذه الأحداث الأخيرة تثير القلق، وتقوض سيادة القانون والاستقلال وحياد العدالة في تركيا". وأضاف البيان "عدم الامتثال للقرارات، بما في ذلك الحكم الصادر مؤخرا عن المحكمة الدستورية وإبقاء صحفيين اثنين قيد الاحتجاز، لا يقوض سيادة القانون فحسب، بل يهدد أيضا بأن يصبح ذلك سابقة مؤسفة، لأنه يثير شكوكا جدية بشأن وجود سبل الحماية القانونية الفعالة". البيان ختم بالتأكيد أن "التحسينات الملموسة والمستمرة في مجال سيادة القانون والحريات الأساسية مازالت هامة جدا لآفاق تطوير علاقات الاتحاد الأوروبي مع تركيا ". استمرار الانتهاكات منظمة العفو الدولية وجهت في تقريرها السنوي خلال الشهر الماضي، انتقادات لاذعة لتركيا العضو في حلف شمال الأطلسي والتي تحلم بالوصول إلى الاتحاد الأوروبي . وقالت المنظمة في تقريرها "تعرض المعارضون لقمع شديد وكان صحفيون ونشطاء سياسيون ومدافعون عن حقوق الإنسان بين المستهدفين". أندرو جاردنر الباحث في الشؤون التركية لدى منظمة العفو الدولية، أكد أن ضعف المجتمع المدني وحالة الطوارئ مهدا الطريق أمام انتهاكات حقوق الإنسان، مضيفا "للأسف يبدو أن انتهاكات حقوق الإنسان ستستمر في ظل وجود حالة الطوارئ". وذكر جاردنر أن السلطات تستخدم قانون الطوارئ لاستهداف الصحفيين ومنتقدي الحكومة. ومع استمرار حالة الطوارئ والقمع وعدم تمكن المدافعين عن حقوق الإنسان والعاملين بمنظمات المجتمع المدني من القيام بعملهم سيستمر انتهاك حقوق الإنسان في تركيا.