وزير التعليم العالي يشهد حفل تخريج أول دفعة من خريجي جامعة المنصورة الجديدة الأهلية    متحدث النيابة الإدارية: التصويت الإلكتروني للأندية الرياضية ضمانة قضائية للتعبير عن آراء الناخبين    السردين يسجل 110 جنيهات، أسعار الأسماك اليوم بمحافظة البحيرة (فيديو)    تدعيم أسطول النقل بشركات نقل الركاب التابعة للشركة القابضة ب 529 أتوبيس جديد    شراكة اقتصادية تتوسع وتبادل تجاري متزايد بين روسيا وإفريقيا.. خبير بمعهد الاستشراق بموسكو يحلل    القوات المسلحة الأردنية تعلن مشاركتها في الضربات التي استهدفت تنظيم داعش    مواجهات عنيفة بين الجيش السوداني والدعم السريع في جنوب كردفان    البنك الأهلي يحدد شروطه للاستغناء عن أسامة فيصل في الانتقالات الشتوية    تشكيل بيراميدز في مواجهة الجونة بكأس العاصمة    وزير الرياضة يفتتح ملعب قانوني بمركز شباب البرشا بملوي    أمم أفريقيا 2025.. 4 لاعبين في صدارة الأكثر مشاركة في ال «كان»    الأمن يكشف تفاصيل فيديو الرقص بسلاح أبيض في البدرشين ويضبط المتهم    أمن الجيزة يلقي القبض على "راقص المطواة" بالبدرشين    مصرع شاب وإصابة آخر في حادث انقلاب سيارة داخل ترعة بقنا    عزاء سمية الألفي الإثنين بمسجد عمر مكرم    وزيرتا التخطيط والتنمية المحلية ومحافظ الأقصر يتفقدون تطوير كورنيش ومناطق إسنا    وزير التعليم العالي: الجامعات الأهلية تحظى بدعم كبير من القيادة السياسية    87 ألف طن قمح رصيد صوامع الغلال بميناء دمياط اليوم    مواجهة نارية على لقب البريميرليج.. مانشستر سيتي يصطدم بوست هام اليوم    وزير الإسكان يختتم جولته اليوم بتفقد مشروع طريق محور سفنكس    ماذا جاء في وثائق إبستين عن ترامب؟    انهيار مبنيين متضررين من قصف للاحتلال الإسرائيلي على غزة    تعليم جنوب سيناء تعلن جدول امتحانات الفصل الدراسي الأول لمرحلة الثانوية العامة صباحي ومسائي    محافظ أسوان يبحث توصيل الخدمات والمرافق ل40 مصنعا.. اعرف التفاصيل    500 ألف نسمة في 4 أشهر.. الإحصاء: عدد سكان مصر بالداخل يصل 108.5 مليون    المركز القومي للمسرح والموسيقي والفنون الشعبية يطلق الدورة الأولى من مسابقة زكريا الحجاوي لدراسات الفنون الشعبية    خبير: إسرائيل حولت الهدنة إلى حرب صامتة ومخطط قوة الاستقرار تخدم أهدافها    النيابة الإدارية تواصل تلقى طلبات التعيين بوظيفة معاون نيابة إلكترونيا.. المواعيد    محمد عنتر: الزمالك "اختياري المفضل" دائما على حساب الأهلي.. والأندية الشعبية في خطر    بعد إعلان ارتباطه رسميا.. هذا هو موعد زفاف أحمد العوضي    رئيس هيئة التأمين الصحي في زيارة تفقدية لمبنى الطوارئ الجديد بمستشفى 6 أكتوبر    رئيس هيئة التأمين الصحى فى زيارة تفقدية لمبنى الطوارئ الجديد بمستشفى 6 أكتوبر    ضبط طن ونصف استربس دواجن وبسطرمة مجهولة المصدر بشبرا الخيمة    الأقصر تحتضن ظاهرة تعامد الشمس السنوية تزامنا مع بدء فصل الشتاء    سحب 666 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكترونى خلال 24 ساعة    الركراكي: أي نتيجة غير الفوز بأمم أفريقيا ستكون فشلاً    وزارة العمل: 664 محضرا خلال 10 أيام لمنشآت لم تلتزم بتطبيق الحد الأدنى للأجور    محكمة باكستانية تقضي بسجن عمران خان وزوجته 17 عاما في قضية فساد    دار الإفتاء تعلن نتيجة رؤية هلال شهر رجب لعام 1447 هجريا بعد المغرب    روسيا تعلن تحرير بلدتين جديدتين شرق أوكرانيا    وزير الزراعة يبحث مع وفد صيني مستجدات إنشاء مصنع متطور للمبيدات بتكنولوجيا عالمية في مصر    مستشار الرئيس للصحة: الوضع الوبائي مستقر تمامًا ولا يوجد خطر داهم على أطفالنا    مدرب جزر القمر: مواجهة المغرب أشبه بتسلق جبل إيفرست    دار الإفتاء توضح علامات الاستخارة وتحذر من ربطها بالأحلام فقط    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : لعنة الله على تلك .. المسماة " ديمقراطية !?    فوز الدكتور أحمد طه بجائزة الطبيب العربى 2025.. وعميد قصر العينى يهنئه    ضمن مبادرة صحح مفاهيمك، أوقاف الإسماعيلية تواصل التوعية ضد التعصب الرياضي    المبادرات الرئاسية تعيد كتابة التاريخ الصحي لمصر    أزهري يعلق علي مشاجرة الرجل الصعيدي مع سيدة المترو: أين هو احترام الكبير؟    نشرة أخبار طقس اليوم السبت 20 ديسمبر| الأرصاد تحذر من أجواء شديدة البرودة    ذكرى ميلاده ال95.. صلاح جاهين يصرخ عام 1965: الأغنية العربية في خطر!    مواقيت الصلاه اليوم السبت 20ديسمبر 2025 فى المنيا    محمد معيط: روشتة صندوق النقد الدولي عادة لها آلام وآثار تمس بعض فئات المجتمع    الأنبا فيلوباتير يتفقد الاستعدادات النهائية لملتقى التوظيف بمقر جمعية الشبان    القبض على إبراهيم سعيد لاعب كرة القدم السابق وطليقته داليا بدر بالقاهرة الجديدة    نائب وزير الخارجية يلتقي الممثل الخاص لسكرتير الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث    متحف القرآن الكريم بمكة المكرمة ُيقدم تجربة تفاعلية تحاكي نزول الوحي    طائرات ومروحيات أمريكية تشن هجوما كبيرا على عشرات المواقع لداعش وسط سوريا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«غداء العيد».. عبثية الصراع داخل العائلة العربية
نشر في التحرير يوم 14 - 03 - 2018

حصل الفيلم اللبناني «غداء العيد» إخراج لوسيان بورجيلي على جائزة لجنة التحكيم ب«مهرجان دبي السينمائي الدولي»، ولم تكن جائزة الفيلم مفاجئة للجمهور، إذ يعد الفيلم واحدة من التحف السينمائية الثمينة التي قدمتها الدورة الرابعة عشرة للمهرجان، خلال منافسة قوية داخل فعاليات مسابقة المهر الطويل ضمت مجموعة متميزة من الأفلام، بعضها يحمل توقيع عدد من أهم صناع الأفلام في المنطقة العربية.
بعد عامين من المحاولات، تنجح الأم جوزفين (سميرة سركيس) في لم شمل أبنائها على مائدة غداء أحد الشعانين؛ يتخذ التجمع طابعًا احتفاليًا يعبر عن الأجواء الحميمة التي تميز حياة العائلة العربية الأصيلة، لكن سرعان ما يتضح الاختلاف بين أفرادها مع انتقال الموضوعات التي تُناقَش على المائدة من العموميات إلى تلك التي تحمل وجهات نظر خلافية. ذلك الاختلاف الذي يُظهر كيف أسست سمات شخصية الشقيقتين ريتا (فرح شاعر) وكريستين (نانسي كرم) -بعد زواج كلتيهما- إلى قناعات تحملها أسرتين كاملتين. ريتا ذات شخصية قوية تعامل زوجها ربيع (غسان شمالي) بندية، تدار حياتهما بدرجة كبيرة من التخطيط المُؤسس والحسم؛ في مقابل شقيقتها كريستين التي انسحقت أمام زوجها حاد الطباع إلياس (جان بول حاج) لكي تضمن الحد الأدنى من المناخ الهادئ لتربية طفلتيها، بما سينتهى إليه ذلك من سعادة ريتا رغم مغامرة الشتات، وبؤس كريستين رغم الاستقرار.
تتنوع الموضوعات المطروحة على مائدة الغداء، فتتغير الأدوار بين الحديث والطعام، ويصبح الطعام مجرد فاصل هروب بديلا عن صدام الآراء. مع كل موضوع جديد، يظن المُشاهد أن الفيلم حول جدلية الصراع حول قضية بعينها، لكن مع الفصل الثاني للفيلم يتضح أن كل موضوع عام تم طرحه قد فجر أزمة خاصة لدى فرد أو ثنائي من الجالسين. يتضرر الأب أنطوان (وسام بطرس) من نقد الأبناء لسوء الخدمات في الدولة وفساد السياسيين، وتعضد الأم وجهة نظره المحافظة، حيث يرتبط الأب بمصالح مباشرة مع البلدية. كما تتضرر من الموضوعات الطائفية ليلى (ليتسيا سمعان) صديقة الابن سيرج (نديم أبو سمرة) التي تدخل البيت لأول مرة بغرض التعارف. على نفس المنوال، يظهر من تشعب الموضوعات حول السياسة والطائفة وحرية الإرادة الإنسانية والتغيير فجوة تفاهم كبيرة بين الجميع، سواء بسبب اختلاف الأجيال أو بسبب اختلاف المنطلقات بين الجيل الواحد.
أول ما يلفت الانتباه من عناصر إبداعية في «غداء العيد» هو روعة أداء الممثلين، فبرغم كون عدد منهم يقف أمام الكاميرا لأول مرة لكن الجميع منذ الدقائق الأولى جعلوا المشاهد يصدق أنهم عائلة واحدة تجتمع بعد افتراق طويل. يتألق من بين الممثلين جان بول حاج وفرح شاعر، إذ جمعتهم كاميرا لوسيان بورجيلي في مشهد طويل يتبادلان فيه الاتهامات على خلفية موضوع السرقة المزعوم الذي ظهر فجأة، فكانت تلقائيتهما وطاقتهما أكبر داعم لتحويل ذلك المشهد إلى مشهد رئيس في الفيلم يمثل نقطة ذروته، ويتضح منه حِرَفية بورجيلي في توجيه ممثليه، فلم يكن من السهل أبدا أن يحفظ الممثلون كل هذه المحاورات الطويلة، أو أن تتم مقاطعتهم لحديث بعضهم البعض بتلك السلاسة لولا اعتماد آلية المرونة وفهم النص جيدا، ومن ثمّ يُمكن ارتجال الحديث بما يعبر عن مفردات النص وروحه. كما برز جهد مدير التصوير أحمد الطرابلسي إلى الحد الذي يظن فيه المشاهد أنه يجلس مع عائلة أنطوان على مائدة الطعام، خاصة مع ضيق الحيز، وأهمية الاستعانة بفريق مساعد قليل لكي لا يخرج الممثلون عن تركيزهم.
منزل أنطوان أو المكان الواحد الذي تدور فيه الأحداث لا يكاد المشاهد يشعر فيه بأي درجة من التملل، فحركة الكاميرا الرشيقة، والقطعات السريعة المتتالية، والبناء الدرامي الذكي والمحكم تحبس أنفاس المتلقي طول دقائق عرض الفيلم التسعين. بما يتضح منه أن الخلفية المسرحية للمخرج لوسيان بورجيلي لعبت دورًا إيجابيا بما يتسق مع طبيعة هذا الفيلم، وربما مشهد المسرحية المرتجلة بين ريتا وجابي (حسين حجازي) جاء تحية لفن المسرح، إلى جانب كونه مشهدا تنتقل من بعده الأحداث إلى فصلها الثاني.
إيثار الجميع ابتلاع اختلافاتهم إلى جوفهم مع ما يتناولون من الطعام، لم يمنع الصدام العنيف عندما طرحت الأم موضوع سرقة مبلغ من المال. حيث أخذ موضوع السرقة الصراع إلى فصل جديد، امتد لبيان آراء كل نقيض في الآخر، بأسلوب عربي أثير يقوم على التخوين وتراشق الاتهامات وشخصنة المواقف بما يتخذ طابعا فضائحيًا، حاولت الأم (الجيل القديم) كبحه/ تأجيله مرارا، لكن الأبناء اليوم يرفضون التهدئة ويرونها بمثابة تواطؤ سيجلب مزيدًا من المشاكلات مستقبلا، لنجد أن طريقة الاختلاف بين أسرة أنطوان تعكس كثيرًا من آفات الثقافة العربية اليوم، وليس ثقافة الطائفة أو ثقافة المجتمع اللبناني فحسب.
مع احتدام الصراع حول معرفة السارق توارى موضوع السرقة إلى الخلفية، فقد كانت قضية السرقة منصة انطلاق لكثير من الصراع المستتر بين الشخصيات، وفرصة لفتح كثير من الموضوعات المسكوت عنها؛ بالضبط مثل أغلب الخلافات العربية، في كافة أبعادها الإنسانية والاجتماعية والسياسية ليست شيئًا سوى مجرد مسكوت عنه ينتظر دائما الانفجار في وجه الجميع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.