يبدو أن تركيا ترغب في إنهاء حلم الأكراد بشكل نهائي، لا سيما بعد أن انتهجت نظرية "الأرض المحروقة" ضد عفرين السورية، لتتجه بأعينها صوب العراق في مسعى للقضاء على الهوية الكردية. مساعي تركيا الدؤوبة في تصفية أبناء حزب "بي كا كا"، كانت كفيلة للإعلان عن عملية "غصن زيتون" جديدة في العراق، خاصة أن الأكراد بدؤوا بالنزول من الجبال إلى مدينة كركوكالعراقية، عقب هزيمة تنظيم داعش الإرهابي. العملية العسكرية التي تعتزم أنقرة تنفيذها قد تكون بداية لمجزرة جديدة بحق الأكراد على غرار سوريا التي عانت من ويلات الحرب والقصف العشوائي الذي تنتهجه قوات السلطان العثماني. وتزعم أنقرة أن الأكراد يهددون مصالحها وأمنها القومي في العراقوسوريا، وتسعى جليا للقضاء عليهم من أجل مصلحة الدول المجاورة كونهم تنظيما إرهابيًا. حقيقة الأمر أن أردوغان يُمهد لإمبراطورية جديدة تمتد من جنوب غرب قارة آسيا، وحتى الشمال التركي، خاصة أن أنقرةوالعراق متجاورون، إضافة إلى أن الأخيرة كانت جزءًا من الإمبراطورية العثمانية حتى عام 1918، إلى أن تم التنازل عنها وفقًا لشروط معاهدة لوزان. السؤال هنا.. هل يعيد أردوغان حقبة الإمبراطورية العثمانية ويقتل الهوية الكردية؟ تصريحات وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، حول اتخاذ خطوات جادة ضد المسلحين الأكراد التابعين ل"حزب العمال الكردستاني" المنتشرين في الأراضي العراقية، من ناحية وسوريا من ناحية أخرى، خير دليل على أطماع أردوغان في ثروات البلدين المفتتين من الحروب الأهلية. تحرك تركيا نحو العراق، لتنفيذ عملية عسكرية عابرة للحدود، من الممكن أن يفجر أزمة كبيرة وخسائر مريرة، خاصة أن الجانب التركي معتاد على توجيه مدفعيته وصواريخه صوب المدنيين المتمسكين بهويتهم الكردية. لم يراع أردوغان ما آلت إليه عملية "غصن الزيتون" العسكرية في عفرين السورية، والخسائر التي تعرضت إليها المدينة الكردية بداية من البنية التحتية التي أصبحت ركامًا، مرورًا بالمدنيين الذين تحولوا إلى أشلاء، وقرر أن ينهي حلم الأكراد في بناء دولتهم. ورغم الإدانات الدولية للعملية العسكرية التركية في سوريا، فإن الأخير قرر مواجهة المجتمع الدولي عبر عملية جديدة في العراق، بذريعة إرساء الاستقرار، وإعادة المدنيين النازحين من أتون الحرب إلى مناطقهم. المثير في الأمر أن السلطان العثماني انتهج نظرية "الأرض المحروقة" في عفرين السورية، وقضى على كل ما هو يابس، وذلك عن طريق قصف طريق نزوح المدنيين بخلاف قطع الماء والكهرباء عن مواطني المدينة، حسب المرصد السوري. نظرية أردوغان في تعامله مع أزمة أكراد عفرين، قد تكون تمهيدًا لجرائم جديدة سترتكب في العراق، خاصة أن العملية العسكرية التركية في الشمال السوري نتج عنها استشهاد 199 بينهم 32 طفلًا و26 امرأة، إضافة إلى إصابة مئات المواطنين. بالعودة إلى الوراء قليلًا، نجد أن مسعود بارزاني زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني، ورئيس إقليم كردستان العراق السابق صرح بأن "حزب العمال الكردستاني" يتخذ من شمال العراق معقلا له، وينشط في العديد من المدن والبلدات الكردية العراقية، كما يحتل 515 من القرى الكردية في المنطقة. يمكننا الإشارة بذلك إلى أن تصريحات "بارزاني" كانت أحد الأسباب التي دفعت الرئيس التركي إلى اتخاذ قرار بتحييد التمدد الكردي وإنهاء حلم إنشاء دولة مستقلة ذات سيادة. وتشن القوات التركية من حين إلى آخر غارات على مواقع هذا الحزب الكردي في شمال العراق، بهدف منع تسلل مسلحيه إلى عمق تركيا لشن هجمات إرهابية هناك. جدير بالذكر أن النزاع المسلح بين السلطات التركية وحزب العمال الكردستاني تم استئنافه في يوليو 2015 بعد انهيار الهدنة التي تم التوصل إليها بينهما في مارس 2013.