«السلع التموينية» تتعاقد على شراء 420 ألف طن قمح روسي وروماني    إذا لم تعرقله إسرائيل.. مسئول في حماس: لم يتبق الكثير للوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار    محافظ الغربية يشهد ختام فعاليات الدوري الرياضي للاتحاد العام لمراكز شباب مصر    إصابة 3 أشخاص في اصطدام سيارة بعمود إنارة على الطريق الزراعي في القليوبية    كريم عبدالعزيز يطالب بمنع تصوير جنازة وعزاء والدته    مواصفات سيارة تويوتا كامري ال اي ستاندر 2024    رئيس«كفر الشيخ» يستقبل لجنة تعيين أعضاء تدريس الإيطالية بكلية الألسن    الرئيس الكازاخستاني: الاتحاد الاقتصادي الأوراسي يمكنه توفير الغذاء لنحو 600 مليون شخص    أول أيام شهر ذي القعدة غدا.. و«الإفتاء» تحسم جدل صيامه    أيهما أفضل حج الفريضة أم رعاية الأم المريضة؟.. «الإفتاء» توضح    متحدث الصحة: لم ترد إلينا معلومات حول سحب لقاح أسترازينيكا من الأسواق العالمية    «لا نعرف شيئًا عنها».. أول رد من «تكوين» على «زجاجة البيرة» في مؤتمرها التأسيسي    مرصد الأزهر لمكافحة التطرف يكشف عن توصيات منتدى «اسمع واتكلم»    محمود مسلم: الموقف في غزة صعب.. وعلى المجتمع الدولي تحمل مسؤوليته    كوارث خلفتها الأمطار الغزيرة بكينيا ووفاة 238 شخصا في أسبوعين.. ماذا حدث؟    حزب العدل: مستمرون في تجميد عضويتنا بالحركة المدنية.. ولم نحضر اجتماع اليوم    سلمى الشماع: مهرجان بردية للسينما الومضة يحمل اسم عاطف الطيب    موعد وعدد أيام إجازة عيد الأضحى 2024    وزير التعليم يُناقش رسالة ماجستير عن المواطنة الرقمية في جامعة الزقازيق - صور    بالفيديو.. هل تدريج الشعر حرام؟ أمين الفتوى يكشف مفاجأة    حلقة نقاشية حول تأسيس شركة مساهمة بجامعة قناة السويس    عام المليار جنيه.. مكافآت كأس العالم للأندية تحفز الأهلي في 2025    توت عنخ آمون يتوج ب كأس مصر للسيدات    «البترول» تواصل تسجيل قراءة عداد الغاز للمنازل لشهر مايو 2024    الخارجية الأمريكية: نراجع شحنات أسلحة أخرى لإسرائيل    «اسمع واتكلم».. المحاضرون بمنتدى الأزهر يحذرون الشباب من الاستخدام العشوائي للذكاء الاصطناعي    محافظ أسوان: مشروع متكامل للصرف الصحي ب«عزبة الفرن» بتكلفة 30 مليون جنيه    حسن الرداد يكشف عن انجازات مسيرته الفنية    «التجارية البرازيلية»: مصر تستحوذ على 63% من صادرات الأغذية العربية للبرازيل    لفترة ثانية .. معلومات عن سحر السنباطي أمين المجلس القومي للطفولة والأمومة    السجن 5 سنوات لنائب رئيس جهاز مدينة القاهرة الجديدة بتهمة الرشوة    «فلسطين» تثني على اعتراف جزر البهاما بها كدولة    وكيل وزارة الصحة بالشرقية يتفقد مستشفى الصدر والحميات بالزقازيق    مناقشة تحديات المرأة العاملة في محاضرة لقصور الثقافة بالغربية    رئيسة المنظمة الدولية للهجرة: اللاجئون الروهينجا في بنجلاديش بحاجة إلى ملاجئ آمنة    «تويوتا» تخفض توقعات أرباحها خلال العام المالي الحالي    كريستيانو رونالدو يأمر بضم نجم مانشستر يونايتد لصفوف النصر.. والهلال يترقب    أحدثهم هاني شاكر وريم البارودي.. تفاصيل 4 قضايا تطارد نجوم الفن    11 جثة بسبب ماكينة ري.. قرار قضائي جديد بشأن المتهمين في "مجزرة أبوحزام" بقنا    المشدد 10 سنوات لطالبين بتهمة سرقة مبلغ مالي من شخص بالإكراه في القليوبية    «8 أفعال عليك تجنبها».. «الإفتاء» توضح محظورات الإحرام لحجاج بيت الله    رئيس قطاع التكافل ببنك ناصر: حصة الاقتصاد الأخضر السوقية الربحية 6 تريليونات دولار حاليا    الأرصاد تعلن تفاصيل حالة الجو اليوم.. فيديو    تعمد الكذب.. الإفتاء: اليمين الغموس ليس له كفارة إلا التوبة والندم والاستغفار    الزمالك يكشف مفاجآت في قضية خالد بوطيب وإيقاف القيد    ذكرى وفاة فارس السينما.. محطات فنية في حياة أحمد مظهر    صحة المنيا تقدم الخدمات العلاجية ل10 آلاف مواطن فى 8 قوافل طبية    محافظ كفر الشيخ: نقل جميع المرافق المتعارضة مع مسار إنشاء كوبري سخا العلوي    صالح جمعة معلقا على عقوبة إيقافه بالدوري العراقي: «تعرضت لظلم كبير»    مصرع سيدة صدمها قطار خلال محاولة عبورها السكة الحديد بأبو النمرس    لمواليد 8 مايو.. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    الصحة: فحص 13 مليون مواطن ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة    إخماد حريق في شقة وسط الإسكندرية دون إصابات| صور    سيد معوض: الأهلي حقق مكاسب كثيرة من مباراة الاتحاد.. والعشري فاجئ كولر    اليوم العالمي للمتاحف، قطاع الفنون التشكيلة يعلن فتح أبواب متاحفه بالمجان    إعلام فلسطيني: شهيدتان جراء قصف إسرائيلي على خان يونس    «النقل»: تصنيع وتوريد 55 قطارا للخط الأول للمترو بالتعاون مع شركة فرنسية    رئيس إنبي: نحن الأحق بالمشاركة في الكونفدرالية من المصري البورسعيدي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من أين نبدأ التحول الديمقراطي؟.. «ندوة التحرير» تطرح السؤال الصعب
نشر في التحرير يوم 08 - 03 - 2018

أعدها للنشر- بيتر مجدى وصابر العربى: تصوير- سامح أبو حسن:
سياسيون وأكاديميون يضعون روشتة التحول الديمقراطى
ربما كانت أزمة الزميل والإعلامى خيرى رمضان، خير دليل على ما تحتاج إليه مصر خلال الفترة الثانية من حكم الرئيس عبد الفتاح السيسى، ألا وهو التحول الديمقراطى، ومن ثم السماح بقدر أكبر من حرية الصحافة، لماذا؟
لأن الصحافة بجميع أشكالها، وبجانبها الأحزاب والمجتمع المدنى، هى الظهير القوى للدولة المصرية فى أى مواجهة وأى اختبار على المستويين المحلى والدولى.
من هنا تأتى أهمية فتح المجال العام أمام قوى المجتمع تمهيدًا لعملية التحول الديمقراطى، التى تعد بمثابة صمام أمان -ليس فقط- للمحكومين قبل الحكام.
ونحن الآن على أبواب الولاية الثانية للرئيس عبد الفتاح السيسى، فكرنا فى مؤسسة التحرير: ما الذى يمكن أن نقدمه ويسهم فى دفع عجلة الإصلاح؟
إجابة السؤال كانت عند أصحاب هذه المؤسسة ورئيس مجلس إدارتها وناشرها وهيئة تحريرها، الإجابة: هى الديمقراطية بما تمثله من تعدد الأصوات واختلاف التيارات ووجهات النظر.
لذلك جاءت الندوة الأولى تحت هذا العنوان: «التحول الديمقراطى». تتبعها ندوات أخرى تبحث فى الاقتصاد والعدالة الاجتماعية، فى محاولة لجنى ثمار ما زرعته الحكومة فى السنوات الأربع الماضية، والتقدم نحو مستقبل نتمناه مشرقًا لهذا البلد.
هذه هى الندوة الأولى التى جاءت حافلة بخيرة عقول مصر من مشارب متعددة، ناقشت الأزمة واقترحت حلولا لها، لا لشىء إلا خدمة هذا البلد، حتى يتبوأ المكانة التى تليق بماضيه العريق ومستقبله الواعد، بعنوان «فى انتظار الولاية الثانية للرئيس السيسى.. من المسؤول عن التعثر الديمقراطى فى مصر؟». وأدارها دكتور عمرو الشوبكى، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية والحاصل على حكم نهائى وبات من محكمة النقض بتصعيده نائبا فى البرلمان، وهو الحكم الذى لم ينفذ حتى اللحظة.
الشوبكى: سلسلة الندوات محاولة للربط بين الصحافة والرؤية السياسية
بدأ الدكتور عمرو الشوبكى، الندوة بتقديم الشكر للزملاء فى مؤسسة التحرير، والمهندس أكمل قرطام، وإنجى الحداد، العضو المنتدب، وأسامة خليل الناشر، وهيئة التحرير، وصحفيى المؤسسة على استضافة الندوة، وقال: «سعداء بوجودنا فى قلب صالة التحرير لجريدة التحرير، كبداية لتجربة جديدة، للربط بين العمل الصحفى والرؤى الفكرية والسياسية التى تكون فى بعض الأحيان قاصرة على بعض المراكز البحثية والجامعات».
وأضاف أن هناك أهمية كبيرة لوجود تواصل بين الأفكار السياسية التى تطرح على الساحة والمؤسسات الصحفية، وتنقل بشكل مبسط، بشكل صحفى -إن جاز التعبير- وتكون جزءًا من نقاش عام وسط دائرة أوسع من المواطنين تتجاوز دوائر مراكز الأبحاث والأوساط الأكاديمية.
وأوضح أنه لو شكل الانتخابات به تنافسية أكبر، كان شكل الندوات واختيار الشخصيات الضيوف سيكون مختلفًا، مشيرًا إلى أنه «بالنقاش مع المهندس أكمل قرطام اتفقنا على سياق مختلف لعدة محاور، والاشتباك من ناحية سياسية وفكرية ليتم الاستفادة بما يمكن أن يطرح فى هذه الندوات».
وقدم الشوبكى ضيوف الندوة وهم «الأستاذ الدكتور على الدين هلال، أستاذ العلوم السياسية المرموق، والأستاذ الدكتور عبد المنعم سعيد، المدير السابق لمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، والأستاذة الدكتور نيفين مسعد، أستاذة العلوم السياسية بجامعة القاهرة، والدكتور سمير مرقس، الكاتب والمفكر، وله تجربة عملية بالعمل فى دولاب الدولة المصرية، نرحب بالمهندس أكمل قرطام رئيس حزب المحافظين والنائب البرلمانى، فى بيته، وأوجه له التحية على مبادرته، والدور الذى يقوم به فى الشأن العام والمجال السياسى، ودعمه الدائم لمبادرات كثيرة يتردد الناس فى دعمها، والمستشار محمد عبد المولى، نائب رئيس حزب المحافظين للشئون التشريعية والدستورية».
وطرح الشوبكى ما يردده البعض بأن «مجتمعاتنا ليست مهيأة لأن يكون بها ديمقراطية أو إصلاح سياسى، لأنه يوجد لدينا مشكلات الأمية والفقر ومشكلة التعليم، ومن وجهة نظرى أن مدخلا من هذا النوع قد يحكم بالإعدام على شعب أو مجتمع من المجتمعات».
وتساءل الشوبكى: إذا كانت قضية التحول الديمقراطى بها تحديات وصعوبات وقد يرى البعض أنها مؤجلة، هل الحديث عن دولة القانون مشروع مؤجل؟ وهل الأولوية فى بلد مثل مصر للتحول الديمقراطى؟ أم لدولة القانون التى تؤدى إلى تحول ديمقراطى؟
وأشار إلى أن فكرة دولة القانون ليست فقط فى النظم الليبرالية، فالصين بها قواعد تحكمها حتى لو حزبا واحدا، فكرة القواعد، ودولة القانون ليست مسؤولية المجتمع بل مسؤولية السلطة السياسية والنظام السياسى.
وأضاف أنه فى ظل الخبرة النظرية والعملية «نناقش هذا الأمر ليس بمنطق أن هناك شعوبًا غير قابلة للتقدم والديمقراطية وتظل بائسة حتى النهاية، أنا رأيى أنه كلام به ظلم كبير، بل نتحدث عن تحديات ومشاكل أمام التحول الديمقراطى فى مجتمعات شبه مجتمعاتنا، لكن الخطوة الأولى التى لم يختلف عليها أحد هى دولة القانون ودولة المؤسسات، وفى الحقيقة لا أستبعد مسؤولية السلطة السياسية بشكل مباشر عن غياب دولة القانون أو السياق السياسى».
على الدين هلال: الديمقراطية فى مصر «لحظات» انتهت بالهزيمة
«إننا نريد أن نفهم علميًا ومن واقع التاريخ المصرى وتاريخ الدول الأخرى ما الديمقراطية؟»، هكذا بدأ أستاذ العلوم السياسية، دكتور على الدين هلال، مضيفا أن الموضوع الذى طرحه الدكتور عمرو، موضوع جاد، واختياره للمتحدثين يعبر أنه لا يريد أن نخرج بعبارات ديماجوجية «بها وعود كاذبة»، تدغدغ مسامع السامعين وتظهر المتحدثين فى مظهر الأبطال.
وتساءل: عن أى ديمقراطية نتحدث؟ موضحًا أن هذه الكلمة أصبحت ك«اللبانة» التى فقدت قوامها من كثرة استخدامها، ومن عدم تحديد مضمونها، وأشار إلى أن المتأمل للتاريخ، يجد أنه يوجد شىء يدعى «الدستورية»، أى إقامة النظام الدستورى، الذى قد لا يكون بالضرورة ديمقراطية دولة، إنما فيه دستورية.
ولفت إلى وجود الديمقراطية الليبرالية، وهذا المفهوم يربط بين الحريات والنظام الرأسمالى، والديمقراطية الليبرالية لا يمكن تصورها فى صياغتها التقليدية، خارج نظام حرية السوق، وعندما نقرأ أى حديث أمريكى عن ترويج الديمقراطية، فيتحدث فى نفس النفَس عن حرية السوق وتعدد الأحزاب.
وتحدث عن الديمقراطية الإجرائية، أى أن الديمقراطية هى الالتزام بحرفية الدستور والقانون، وأوضح أن آخرين يتحدثون فى مضمون الديمقراطية، وأن حقوق الإنسان الاقتصادية والاجتماعية هى بمثل أهمية الحقوق السياسية والمدنية.
وأضاف أن المتابع للفكر السياسى الأمريكى يجب أن يعرف أن الكلام عن الديمقراطية الليبرالية بالمعنى السائد فى مصر هو حديث لم يعد له معنى، والفكر السياسى الأمريكى من شون بيتر فى الأربعينيات، يتحدث عما يسميه الديمقراطية النخبوية، ويجد أفكارا سياسية أمريكية تركز على أن الديمقراطية هى حرية المنافسة بين النخب، بل يرى بعض الباحثين أن ازدياد المشاركة الشعبية خطر.
ولفت إلى وجود انتقادات لمفهوم الديمقراطية غير الليبرالية فى كتاب بأكمله لتوماس فريدمان عن هذا الموضوع، وتساءل: عن ماذا نتحدث؟ مشيرًا إلى ظهور مفهوم الحكم الرشيد، ويعتمد على 4 أمور هى: «دولة القانون، الجدارة فى التعيين والترقى فى مناصب الدولة، والشفافية وتداول المعلومات، والمحاسبة».
وقال: «وأنا شخصيا أود أن نركز على الأربعة أشياء وندعو لها فى بلادنا، دون مماحكات لفظية حول تعبيرات كبيرة».
وأوضح هلال أن اللحظات الديمقراطية فى التاريخ المصرى محدودة وفقيرة، وغالبا انتهت بهزيمة أى تحول ديمقراطى، وارتبطت عادة بالقضية الوطنية، مضيفًا أنه «لا نعرف هل نتحدث عن ديمقراطية أم النضال ضد الاستعمار؟».
وأشار إلى عدة لحظات لمواجهة الاستعمار، وكيف انتقل محمد على للحكم فى 1805، والسنوات السابقة للثورة العرابية 1882، وحكومتى البارودى وشريف، ثم ثورة 1919 وحراك 1936، لافتا إلى أنها «لحظات ديمقراطية عبارة عن ومضات»، وأن حزب الوفد لم يحكم سوى 6 سنوات، منها 3 سنوات فى حكومة ائتلافية، و3 سنوات منفردًا، من أصل 29 سنة، والذى حكم القصر والإنجليز وأحزاب أخرى.
وأوضح أنه كان هناك التباسًا لدى النخبة الليبرالية، مضيفًا أنه «حين نتأمل المواقف المختلفة بعد 25 يناير، وكيف أن بعض القيادات المنسوبة إلى الليبرالية اتخذت مواقف معادية لليبرالية، وتصوّرت أن طموحاتها تتسق مع هذه المواقف».
ولفت إلى أن مصر بها أزمة فى بناء الديمقراطية والأحزاب فى السلطة، واجهت الدولة فى عهد عبد الناصر بعد 1952، و«البعض يرى أننا نعانى منها الآن باختلاف التفاصيل»، مشيرًا إلى أن «نخبة عسكرية وصلت للحكم فى 1952 وألغت الأحزاب، بل وأعلنت حربا عنيفة لا هوادة فيها على فكرة الأحزاب، واستخدمت الآيات القرآنية على غير القصد منها للتقليل من الأحزاب، وبدأت تسعى لإقامة تنظيم سياسى موال لها وهى فى السلطة، سواء هيئة التحرير أو الاتحاد القومى أو الاتحاد الاشتراكى».
وأوضح أن هذه الخبرة ما زالت تلقى ببصمتها على الحياة السياسية المصرية حتى الآن، ولم يكن حزب مصر العربى الاشتراكى، فى 1976 وحتى 1987، ثم الحزب الوطنى الديمقراطى من 1978 وحتى 2011 سوى امتدادات فى الثقافة السياسة والثقافة التنظيمية للنخب والقيادات السياسية التى مارست السياسة لفكرة «حزب الدولة».
وتساءل هلال: هل هناك مواصفات للمجتمع الحاضن للديمقراطية؟ وأجاب: نعم، وهل هناك مجتمعات فى ثقافتها معادية للديمقراطية؟ وأجاب: نعم، موضحًا أنه يتم ترسيخ النظام الديمقراطى بوجود درجة معقولة من التصنيع، وحراك طبقى، بوجود نظام طبقى مرن، إضافة إلى التعليم، وثقافة مدنية تعتمد المواطنة، ولا تصنف الناس وفقًا لأديانهم وطوائفهم ومذاهبهم، وتحترم معنى القانون.
وأضاف أن النظام السياسى الحديث يبدأ بمفهوم القانون، وأشار إلى أنه فى «المسوح الاجتماعية حين نسأل المصريين: ما هى مرجعيتك؟ يقولون الدين والقرآن الكريم والأسرة، ويأتى القانون كمرجعية فى آخر القائمة».
وأوضح أنه يقال فى النظم الديمقراطية إن المجتمع يحكمه القانون لا الأشخاص، مضيفًا أنه «يبدو لى أننا فى ثقافتنا تعوّدنا أن نكون فى مجتمع يحكمه الأشخاص، ومصدر الخير والشر شخصية الحاكم، إذا كان طيبًا صالحًا وطنيًا».
عبد المنعم سعيد: لا ديمقراطية خارج الليبرالية واقتصاد السوق الحر
قال الدكتور عبد المنعم سعيد، عضو المجلس القومى لمكافحة الإرهاب، والرئيس السابق لمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إنه لا بد من تأصيل قضية التحول الديمقراطى، موضحا أن الدافع لها هو حالة من الانكشاف السياسى فى المجتمع والدولة المصرية.
وأضاف سعيد أن مشهد الانتخابات الرئاسية يعكس نوعًا من الانكشاف السياسى فى مصر، فعندما نادى المنادى على الانتخابات الرئاسية، عمليا لم يترشح أحد سوى السيد رئيس الجمهورية، و«السيد موسى مصطفى موسى فوق رأسنا لكنه جزء من تفاصيل المشهد أكثر من كونه أحد أقطاب هذا المشهد، كما نتصور فى معركة من هذا النوع، وما حدث أيا كان اللوم أن يذهب هنا أو يذهب هناك، لكن عكست نوعا من الانكشاف السياسى»، متابعًا: «لا سيما أن لدينا بلدًا به جميع المؤسسات وقوانين ودستور وانتخابات دورية، مثل البلاد الديمقراطية التى تتحدث عن المواطنة وحقوق الإنسان، ونحن لدينا كذلك، ولدينا هيئات تنفيذية وتشريعية وقضائية، لكن النتيجة فى الآخر أن أيا منها لا يعمل كما يعمل فى البلدان الديمقراطية».
ويرى أنه لا توجد ديمقراطية خارج الليبرالية واقتصاد السوق الحر، معقبًا: «بالأمس قرر الحزب الشيوعى الصينى إلغاء تحديد فترات الرئاسة، لأن الرئيس "شى" نجح فى هذا الانقلاب الدستورى، حيث نجح فى تجديد جزء من النخبة السياسية والاقتصادية، التى تملك رؤوس الأموال، بعدما كان القيادات بالصين يستمرون ل10 سنوات، ثم يتخلون عن السلطة».
وقال إن «الفكر السياسى اعتبر أن الديمقراطية من أسوأ النظم السياسية، مثل الفلسفة اليونانية» ولكن لا بديل عنها، حسب وصفه، متابعًا: «يمكن تشرشل (رئيس وزراء بريطانيا خلال الحرب العالمية الثانية) قال إن الديمقراطية من أسوأ النظم السياسية، ولكن لا يوجد أفضل منها، يمكن لأنه لها ثمن، وتحاول أن تنجو بالمجتمع من بين المركزية الشديدة أو التفكك والفوضى، والنجاح يتوقف على قدرة النخبة السياسية على قيادة المجتمع باختلافاته فى اتجاه وسطى بين قطبين كبار، وهذا يوضح ما وصلنا إليه فى مصر».
وأشار إلى أن المركزية السياسية «هى التى جذبتنا فى مصر، وأسباب ذلك ذكرها دكتور على، ونحاول أن نضيف عليها»، وتابع: «بالفعل وجود حزب قائد كبير مثل حزب الوفد، لفترة طويلة، جعل فكرة الجبهة والحركة الوطنية ملتبسة».
وأوضح أنه إذا كانت الرأسمالية هى المنافسة فى السوق، فإن السياسة قائمة على أن السلعة فى السوق السياسى هى الأصوات، وعدم وجود المنافسة أو ضعفها أو تهافتها أدى فى كثير من الأحيان إلى لحظة الانكشاف التى نتكلم عنها الآن، وهو بسبب الميل لوجود تجمع كبير يكون له الأغلبية الساحقة، ومن الصعب تبديلها.
وأشار إلى أن الدستور فى 2014 أعطى فترتين لرئيس الجمهورية، وتساءل لكن هل نعطى فترتين للحزب السياسى أو الجماعة السياسية التى يعبر عنها الرئيس؟ لا تزال معلقة.
وقال إن موضوع الفقراء يرفع أمام فكرة التعددية، موضحا أن إدارة الفقر والتعامل معه من الأمور التى تجعل الديمقراطية تأتى فى المرتبة التالية بعد إدارة أزمات «الغلابة»، كما يقول حمدين صباحى.
وأوضح أنه يتم ربط العدالة بفكرة المساواة، وأنها ليست قائمة على الجدارة أو من يعمل أكثر، يحصل أكثر، أو أصحاب المهارة والتعليم، بل هى مساواة حسابية، تجعل الفكرة الديمقراطية غير ذى بال.
وأشار سعيد إلى الحالة الحزبية فى مصر، والحزب هو تجمع سياسى لحماية مصالح بعينها، يقوم فى الحقيقة على التكلفة، مضيفا أن «الكلام عن أى حزب ممكن أن ينجح دون تمويل، كأننا نتحدث عن أجساد سياسية ضامرة ومنكشفة وعاجزة، والأحزاب موجودة لاحتراف السياسة، والسياسة لا يأتى لها أحد بالصدفة».
وأكد أن مصر ليس بها سوى فريقين أو تيارين، ينطبق عليهم مفهوم الحزب وهما الإخوان المسلمون، والقوات المسلحة، وكل منهما له كوادر وزعامات نتجت عن عملية داخلية، سواء بالأقدمية أو الأيديولوجية.
نيفين مسعد: السياق الثقافى لا يشجع على الديمقراطية.. بل ينشر أفكار التعصب ضد الآخر
بدورها استهلت الدكتورة نيفين مسعد، أستاذة العلوم السياسية بجامعة القاهرة مداخلاتها بالقول: قبل أن أعرض لجانب مهم من الجوانب المسؤولة عن الخلل فى المسار اليدمقراطى المصرى، وهو جانب المؤسسية والممارسة السياسية، أريد أن أشتبك مع ما قاله دكتور عبد المنعم سعيد بخصوص نقطتين أساسيتين.
وأضافت أن الأولى «هى الربط بين الديمقراطية والرأسمالية، وهذا توجهه، لكن لا يمكن أن أسقط دفعة واحدة الديمقراطية من نظم مثل الدول الإسكندنافية وألمانيا القائمة على الديمقراطية الاجتماعية، أو فرنسا وتجربة ماكرون الأخيرة، وهناك مزج بين الديمقراطية والبعد الاجتماعى».
وأوضحت أنه «لا أستطيع أن أستبعد مجموعة من الناس أو حتى التهكم إذا جاز التعبير على الفئة التى تطالب بالمساواة، فالعدالة أكيد مطلوبة، والمساواة ليست حسابية».
وأضافت أن «الديمقراطية لها أشكال مختلفة»، ولفتت إلى نموذج «ديمقراطية الأغلبية» فى فترة من الفترات، ثم «الديمقراطية التوافقية» لتقسيم المناصب إلى حصص بين المذاهب والقوى المختلفة، ثم الآن «الديمقراطية التشاركية»، أى الاشتراك فى صنع القرار بعيدًا عن المحاصصة المذهبية.
وتحدثت عن «المؤسسية» وأوضحت أن السبب فى «خلل المسار الديمقراطى» هو أنه «لدينا مؤسسات بلا مضمون، فلدينا أشكال من المؤسسات وبرلمان وأحزاب، وتنظيمات من حيث الشكل، وليس بها جوهر العمل المؤسسى، على المستوى الرسمى وغير الرسمى ويقطع التاريخ المصرى عبر مراحله المختلفة».
وأشارت إلى عدة حوادث أدت إلى خلل المسار الديمقراطى، بداية من 23 يوليو 1952، وانتقدت مذبحة القضاء 1969 للتخلص من عدد كبير من القضاة، لأنهم ضد النظام، ثم واقعة حل برلمان 1976 فى عهد السادات، لأن مجموعة من المعارضين عددهم 19 رفضوا اتفاقية السلام، والتدخل السافر فى الانتخابات فى 2010 فى عهد مبارك، للتحول بالنظام الجمهورى إلى نظام ملكى وإعداد التوريث، لتفريغ المؤسسات من مضامينها.
وأضافت أن جامعات الدولة حاليًا لا تتمتع بالاستقلالية فى اختيار عمداء الكليات، فلا يمنح لهيئة التدريس، وكذلك الأحزاب السياسية والنقابات ومؤسسات المجتمع المدنى ليست بعيدة، لافتة إلى أن الأحزاب تعانى من «شخصنة» فتختفى باختفاء المؤسس، والانشقاقات داخل أغلب الأحزاب، وأشارت إلى أن المعارضة تنتقد النظام لعدم تداول السلطة، ولا تترك مقاعدها داخل مؤسساتها، فالأحزاب تعانى غياب الشفافية فى إدارة شئون هذه الأحزاب.
وألمحت إلى غياب المؤسسية من المستوى الأعلى إلى المستوى الأدنى داخل المؤسسات المختلفة، لافتة إلى أن غياب الجانب المؤسسى ينعكس على غياب الممارسة الديمقراطية، فلا توجد رقابة، وأشارت إلى أنه فى العهد الناصرى غابت الديمقراطية، حتى إن أساتذة المعاهد والجامعات كانوا يسافرون بقرارات جمهورية، والرئيس السادات تحدث عن ديمقراطية لها أنياب، وتلاعب بالتيارات المختلفة، وأتى بالإسلاميين ليعصف باليسار، ونظام مبارك تحوّل من جمهورى إلى ما يشبه التوريث، ثم الإخوان كجماعة سلطت على مقدرات مصر.
وأوضحت أنه «لا بناء لديمقراطية بلا مؤسسات، وإلا سيكون لدينا شكل للديمقراطية، لكن من حيث المضمون لن تكون»، وأشارت إلى أن السياق الثقافى لا يشجع على الديمقراطية، ولا الدولة معنية ولا المواطنون منحازون للديمقراطية، فقط توجد ثقافة دينية وتفسير خاص لها، وانتشار لأفكار التعصب ضد الآخر أو النظرة الدونية للمختلف، والثقافة السياسية لا تفرز قيمًا ديمقراطية، ورئيس الجمهورية مجرد أنه دعا لإصلاح الخطاب الدينى واجه صعوبات.
سمير مرقس: الجهاز البيروقراطى من معوقات المسار الديمقراطى
قال دكتور سمير مرقس، الكاتب السياسى، إنه «لا يمكن الحديث عن الديمقراطية دون الحديث عن طبيعة الدولة المصرية الحديثة، ولا يمكن أن نفهم تطورنا التاريخى بدونها»، وأوضح أنه «لم نسلك المسار الأوروبى، لأن التعثرات مختلفة، فالدولة فى عهد محمد على أقيمت من أعلى، وعواميدها الجيش الوطنى، ومؤسسات الحداثة، والبناء البيروقراطى، عكس التطور الأوروبى، فهو معكوس، وجاء من تفاعلات اجتماعية على المستوى القاعدى».
وأضاف أن مصر كان بها حركة حزبية مطلع القرن ال20 ثم تعثرت، وعادت فى السبعينيات مع وجود تعثر وانقطاع، لافتا إلى أن الأحزاب اليسارية هى الشكل العلنى لمجموع المنظمات، التى كانت تعمل سريًا.
وأوضح أن الدولة المصرية الحديثة تشكلت حتى الاستقلال فى 1953 تحت مظلة الحاكم الوافد أو الأسرة الحاكمة الوافدة، فى ظل الاحتلال البريطانى، وهى تركيبة لسلطة ثنائية معقدة، لافتًا إلى أن الديمقراطية هى نتاج حركة المواطنين والتفاعلات.
وأشار إلى أنه حينما منح محمد على المواطنين ملكية الأرض بمنحة منه كحاكم، وأتيحت لهم فرصة الحضور فى الجيش المصرى، ثم مجلس شورى النواب، فإن «المصريين أخدوها جد»، وتفاعلوا مع الواقع والمسؤولية، لافتا إلى أن محاضر مجلس شورى النواب «مذهلة».
وأوضح أن «الديمقراطية تُكتسب ولا تُمنح، لأن من يمنح يستطيع أن يمنع»، وتساءل عن الذى حدث فى يناير ويونيو، لافتا إلى أن هناك اختلافًا على طبيعة «اللقطة» بين ثورة وانتفاضة، مضيفًا أنه «علينا تفهم طبيعة لقطة 25 يناير، لأنها حراك ورسالة للاستبداد السياسى، والتهديد الحقيقى للجمهورية بالتوريث، وهو نقيض للفكرة الجمهورية».
ولفت إلى أن «30 يونيو» واجهت الاستبداد الدينى والإرهاب، الذى بات يهدد الدولة، مطالبًا بعد مواجهة الاستبداد السياسى والاستبداد الدينى، بمواجهة الاستبداد الاقتصادى، لافتا إلى أن هناك شبكة من الامتيازات المغلقة والاحتكارات، لا «25 يناير» اقتربت منها، لأنها ركزت على الاستبداد السياسى، و«30 يونيو» ركزت على الاستبداد الدينى.
وأوضح أن «الحالة الديمقراطية تاهت أو تأجلت أمام اللحظة التى نعيشها، ولم نستكمل موجات حراك»، مشيرًا إلى أنه خلال الحديث عن المسار الديمقراطى، «نفاجأ أن العالم وخاصة أوروبا بها حالة رافضة لكل ما هو مؤسسات وأفكار ما بعد الحرب العالمية الثانية، بالمعنى الكلاسيكى، والأحزاب التقليدية، وظهرت فكرة الحركات الاجتماعية القاعدية، مثل "سيريزا" فى اليونان، و"بديموس" فى إسبانيا، و"5 نجوم" فى إيطاليا، وتشمل هذه الحركات قائمة المستبعدين من نظم الحكم التقليدية، ويستخدمون وسائل الاتصال الحديثة»، مطالبا بعدم التعامل بالشكل التقليدى، والعالم يتغير.
وأشار إلى قوة الجهاز البيروقراطى فى مصر، معتبرا إياه من معوقات المسار الديمقراطى، لافتًا إلى أن الاقتصاد الريعى لا ينتج ديمقراطية، بل اقتصاد إنتاجى وتنافسى.
قرطام: الديمقراطية أولا قبل القانون ونتمنى التوازن بين الدولة والمجتمع
تساءل المهندس أكمل قرطام، رئيس حزب المحافظين، فى بداية حديثه: هل الديمقراطية مجرد فكرة؟ مضيفا أن الديمقراطية وسيلة هامة جدًا للوصول إلى الحكم الرشيد، فالنظام الديمقراطى ركيزة المعاصرة والحداثة لملاحقة التيار المتسارع، مشيرًا إلى أن الحكم الدستورى الديمقراطى هو توازن دقيق بين سلطات الدولة والمجتمع، وأنه إذا حدث اختلال ولو طفيفا يؤثر سلبا على العملية الديمقراطية. وأوضح أن مصر بدات ديمقراطية تبشر بالخير بعد ثورة 1919 ودستور 1923.
وتابع: «وفى بعض الفترات تكون مسؤولية الحكام دورًا تربويًا، عليهم عدم التخلى عنه، فالميزان الديمقراطى يظل أفضل نظم الحكم، وله السبق على باقى الأنظمة»، مشددا على «أننا لن نستطيع بناء دولة حديثة معاصرة إذا كان الشعب مغيب الوعى».
وتابع: «فى بعض الفترات الانتقالية، قد يكون هناك بعض الديكتاتورية والسلطوية، ولكن الديكتاتورية أنواع، فالصين لديها ديكتاتورية برامج ومصالح متنافسة، وفى مصر قد نستوعب ديكتاتورية المصالح المتنافسة للصالح العام».
فيما يتعلق بالتحول الديمقراطى فى مصر، أكد قرطام أنه «فشلنا فى التحول الديمقراطى بسبب عدم عمل توازن بين علاقة الدولة والمجتمع، فمن يكون خارج المسؤولية يجد خيارات سهلة وواسعة، ولكن وجودك بالسلطة تكون المسؤولية صعبة، بسبب وجود مخاطر وتحديات خارجية».
وأوضح رئيس حزب المحافظين أن «كل إنسان بطبيعته لديه حب الاستزادة من السلطة، لدينا دستور جيد وسيتم تفعيله خلال الفترة القادمة»، موضحًا أن الحكم خلال العقود الماضية أدى لتخوف الشعب من التعبير عن رأيه.
وتابع: «لدينا أمل فى إيجاد نخبة قادرة على التحاور والتفاهم لنصل لحل.. والديمقراطية أولا قبل القانون».
عبد المولى: نحتاج إلى دولة حارسة وليست دولة تسيطر علينا
قال المستشار محمد عبد المولى، نائب رئيس حزب المحافظين للشئون التشريعية والدستورية، إن الأحزاب هى الحامى الحقيقى للممارسة الديمقراطية، وتحتاج إلى تمييز إيجابى داخل الدستور، معقبًا: «الأحزاب تريد أن تغفر الماضى، لكنها تريد تهيئة الأرض لها كى تنطلق».
وأضاف: «لا بد أن تؤمن الدولة بالديمقراطية ودورها الانتقالى، فالانتقالية ليست رفاهية، كثيرون يتآمرون على الشعب، ولن نظل طول العمر خائفين من الممارسة، لأننا سنفقد اللحظة التاريخية التى نمر بها، وسنرتكب أخطاءً، ونحتاج إلى دولة حارسة، وليست دولة تسيطر علينا».
وتابع: «لا بد أن نخوض التجربة، فهذا النظام عليه مسؤولية تاريخية لحماية الممارسة الديمقراطية من المتآمر، ويحمى أمنها القومى ويوفر الحياة الكريمة للشعب»، منوهًا بأن الشعب يحتاج إلى الاستنارة.
وصيات من أجل تحقيق الديمقراطية
الشوبكى: تأسيس حزب للرئيس يشترط فصله عن أجهزة الدولة
طالب الدكتور عمرو الشوبكى، مدير الندوة، المشاركين فى الندوة، بوضع اقتراحات حول تفعيل الديمقراطية، فى الجولة الثانية من الحوار، بوضع وصفة للتقدم إلى الأمام، مطالبا بتأمل اللحظة الراهنة.
وأشار إلى ما ذكره دكتور عبد المنعم سعيد عن اقتصاد السوق الحر والإجراءات الاقتصادية بتعويم العملة، باعتبار أنها أمر إيجابى، موضحا أنه قد يميل إلى وجهة النظر هذه، لافتا إلى أنه فى الوقت الذى يتم مخاطبة صندوق النقد الدولى ومؤسسات الاستثمار العالمية للاستثمار فى مصر، وهو كلام عقلانى على المستوى الاقتصادى، لكن على المستوى السياسى يقال عكسه فيما يتعلق بالديمقراطية وحقوق الإنسان، ويقال فى بعض الأحيان أشياء مثل الخرافات، ومنها أن الغرب متآمر على مصر فى المجال السياسى، بينما نسعى للاقتراض من البنك الدولى الذى تدعمه الدول الغربية، وندعى أن دولًا تتدخل فى شأننا سياسيا وتتآمر علينا، وفى نفس الوقت نطلب دعمها الاقتصادى، فهذا الحديث يلغى خطاب العقل.
وتابع: «الدولة فى بعض الأحيان تكون غير محايدة، وتنحاز فى أوقات كثيرة إلى أشخاص من منطلق حسابات لها علاقة بالولاء للدولة».
ويرى الشوبكى أن مصر تحتاج إلى آليات سياسية مختلفة، معقبًا: «من حق البعض أن ينادى بعمل حزب للرئيس، بشرط أن يكون منفصلا عن أجهزة الدولة وإلا سيكون وضعه أسوأ من الحزب الوطنى المنحل».
وفى إطار الحديث عن النقلة إلى الأمام، قال إن تجارب أوروبا الشرقية جزء منها كان ترتيبات وقناعة داخل النظم الشيوعية الحاكمة، بأنه لا يمكن أن يستمروا بهذا الشكل فهل يمكن أن نشهد مثل هذه اللحظة فى مصر، منوهًا بأن لديه قناعة أن المجتمع، الذى يعيش فى الاستبداد، لن يتحوَّل فى الغد إلى نظام ديمقراطى، ولكنه يتحول نحو الديمقراطية ويؤسس دولة قانون.
على الدين هلال: لا ديمقراطية دون أحزاب قوية ومجتمع مدنى ومحاربة الفقر والأمية
وقال دكتور على الدين هلال، أستاذ العلوم السياسية، إن هناك أسئلة عليها خلافات، مثل هل تحقق الديمقراطية النمو الاقتصادى؟ وأضاف: «أقول إن الديمقراطية نتاج حركة مجتمع، وهى خطوات لا تحدث بين يوم وليلة، لكن مهم وجود توجه»، لافتا إلى أن البلد به تعقيدات وأدوار نخبة مثقفة ودور تاريخى للمؤسسة العسكرية، وعلاقات بين النخب الثقافية ونخب الاستبداد الاقتصادى.
وأوضح أنه «إذا أردنا تشخيص الوضع الراهن، فالأولوية للنظام الحالى هى استعادة هيبة الدولة ومؤسساتها مستخدمة المواد الأمنية، وإعادة سيطرة الدولة على كامل التراب الوطنى الذى تهدد لفترة، وإعادة بناء البنية الأساسية، وهذا ما يمكن طرحه فى المرحلة المقبلة، لضمان استمرار الإنجازات التى حققها النظام وضمنها الرئيس».
وأضاف: «أنظر إلى مجمل الأوضاع الحالية على أنها انتقالية، وأن النظام من داخله سيبدأ فى إعادة النظر»، وتساءل: كيف نزيد من رقعة حرية إبداء الرأى المخالف فى إطار الوطن والمصلحة الوطنية؟ لافتا إلى أن الهدف من الإصلاح هو توفير مزيد من الشرعية والاستقرار للنظام، ويكون ذلك بالتطبيق الكامل للدستور.
وأشار إلى أن الدولة القوية تتطلب مجتمعًا قويًا، موضحا أنه لن تُبنى دولة قوية على أنقاض مجتمع ضعيف، فألمانيا النازية بدت سيدة الكون وانهارت بانهيار الذراع العسكرية، لأن الدول القوية لا تستمد قوتها من حجم ملكيتها أدوات الإنتاج وتدخلها فى تفاصيل الحياة الاقتصادية، بل بمجتمع سوى أهلى ونقاباته القوية التى لها مساحة من حرية الحركة.
ولفت إلى أن الدولة ليست محايدة، وهى مجموعة مؤسسات تديرها مجموعة أشخاص، لهم انحيازات اقتصادية وسياسية محددة، موضحًا أن السياسة العامة للدولة تناصر فريقًا على آخر، مثل أمريكا حول سياسات التأمين الصحى بين ترامب وأوباما.
وأوضح أنه لا ديمقراطية دون أحزاب، لأن العالم لم يبتكر نظامًا للمنافسة السياسية وتولى الحكم إلا من خلال منافسة بين الأحزاب على قاعدة التعددية السياسية، وتابع: «مستقبل مصر مرهون ببعث حيوية الأحزاب»، لافتا إلى أن 104 أحزاب نقطة ضعف، وليست نقطة قوة.
وأشار إلى أنه خاض الانتخابات 49 حزبًا منها، دخل 18 حزبا البرلمان، بعضها حصل على مقعد وحيد.
وقال إن هناك قوانين تحظر الحزب، الذى لم ينافس فى انتخابين متتاليين، ولم يحصل على صوت واحد فى انتخابين متتاليين يُحظر، وأوضح أنه يمكن بعث الحيوية فى الحياة السياسية المصرية حتى لو ب4 أو 5 أحزاب جماهيرية قوية لها تنظيم وجمهور.
وأشار إلى أنه لا ديمقراطية دون مجتمع مدنى، مضيفًا أنه «للأسف أن قطاعًا من المجتمع المدنى عمل بالسياسة، واعتمد فى تمويله كاملًا على الأجانب»، وتابع: «حين ننظر فى الأدبيات السياسية الأوروبية والأمريكية، بين 2005 و2011 سنجدها تتحدث عن مجتمع مدنى وليس أحزابًا، وضغطت أمريكا للعمل مع هذه المؤسسات مباشرة، بعيدا عن عين الحكومة المصرية»، ولفت إلى «أن الأحزاب السياسية المصرية لم تخترق، الذى اخترق الجانب الذى عمل بالسياسة فى المجتمع المدنى وأنشئ فى السنوات الأخيرة».
وأوضح أنه فى المرحلة المقبلة «اعتبر الحرب على الأمية عملا من أجل الديمقراطية، فالمجتمع 30% منه لا يعرفون القراءة والكتابة رسميا، إضافة إلى من ارتدوا عن التعليم الابتدائى تكون النسبة كبيرة، وكذلك الحرب ضد الفقر عمل ديمقراطى».
وطالب باتساع دائرة المجال العام دون تهديد للأمن، والعمل من أجل الإصلاح السياسى والاقتصادى، وأن تتسع الساحة للعمل العام للمواطنين وتنظيماتهم، وأشار إلى أن أزمة الوضع الراهن فى مصر هى مشكلة تشترك فيها الدولة والمجتمع، والمطلوب تصحيح وتطوير العلاقة بينهما، موضحًا أنه ليس مطلوبا دولة ضعيفة مخترقة من الخارج أو خاضعة لهيمنة الاستبداد الاقتصادى فى الداخل، ولا دولة مهيمنة متسلطة تخنق الأعصاب الحية للمجتمع.
عبد المنعم سعيد: الديمقراطية تحتاج إلى «اللا مركزية والتصنيع»
قال الدكتور عبد المنعم سعيد، إنه يشارك دكتور على الدين هلال فيما طرحه، مضيفا أن الدول الديمقراطية 57% من العالم، وبينها قواسم مشتركة، والباقى تفاصيل، مشيرا إلى الدول الإسكندنافية، واستخدام الضرائب كأداة للحكم، ولفت إلى أن أمريكا كان متوسط الضرائب بها 39%، وقرروا أن تكون 21% منذ شهرين فقط تم تعديلها، وأن أغلب الدول الأوروبية 15%، وبعض الدول تصل إلى 70%.
وأوضح أن هناك أمورًا محددة خاصة بالديمقراطية، هى اللا مركزية، مضيفًا: «نريد دولة مشاركة بصيغة لا مركزية، ودستور 2014 يقدم الكثير فى هذا المجال»، وأشار إلى التصنيع بمعدل نمو عالٍ، لافتا إلى أن «الكلام عن 4 و5% ليس جيدًا».
نيفين مسعد: لا ديمقراطية دون حرية تداول المعلومات وسيادة القانون
أشارت دكتورة نيفين مسعد إلى أنه لم يتحدث أحد عن «الديمقراطية الشعبية»، مثل الحديث عن «الديمقراطية الاجتماعية»، موضحة أنه لا ديمقراطية دون أحزاب، وأن الديمقراطية عملية تراكمية، والنمط الحديث للحركات الجديدة فى أوروبا ليس بديلًا للأحزاب، ولفتت إلى أنه بعد 25 يناير حدثت طفرة فيما يسمى بالحركات الشبابية، وتساءلت: هل نستطيع إن نقول هناك حركة شبابية حاليًا؟
وأضافت: «نحتاج إلى تدعيم وتقوية الأحزاب السياسية، التى تخوض الانتخابات وتنافس على السلطة، ودعم الأحزاب يكون بفتح المجال العام، لأن العمل السياسى أصبح تهمة، ومن يعمل بها موصوم».
وأوضحت أن الديمقراطية مرتبطة بحرية تداول المعلومات وحرية الحصول على المعلومة، وقالت: «لا تحجب عنى المعلومة، ثم تديننى بأننى أصدرت حكما خطأ أو تقييما غير دقيق»، وأشارت إلى أهمية سيادة القانون، لافتة إلى أن دولة 30 يونيو واجهت مجموعة من التحديات أفرزت قانونًا معينًا، وتابعت: «فالإرهاب أعادنا إلى الطوارئ، ومظاهرات الإخوان أفرزت قانون التظاهر، وتحدى التمويل الأجنبى أفرز قانون الجمعيات الأهلية بصورته الحالية».
وأضافت: «نستطيع صياغة قوانين توازن بين الحاجة للأمن وفتح المجال العام»، وأشارت إلى أن هناك قضايا تمس الإطار العام، مثل قانون مفوضية مكافحة التمييز، واعتبرته شديد الأهمية، كما أشارت إلى قضية المحليات، وتابعت: «نحتاج إلى وضع قانون المحليات، وإجراء هذه الانتخابات بعد انتخابات الرئاسة، فهى المطبخ، الذى يصنع كل القيادات السياسية».
وحول إجابة سؤال: «هل التنمية بديل للديمقراطية؟» أشارت إلى التعليم، وأن مصر بعد 25 يناير لم تعد بناء الدولة، بل واجهت تفككا مؤسسيًا، وظهرت مجموعة من التحديات تصدى لها النظام الحالى، ولها أهمية، مثل انقطاع الكهرباء، وفيروس سى، والعشوائيات، وتنمية الصعيد، وقالت إن «الحاضنة الأساسية لإدامة التنمية هى بيئة سياسية وديمقراطية».
سمير مرقس: الديمقراطية تحتاج إلى اقتصاد إنتاجى تنافسى واستيعاب الشباب
وقال دكتور سمير مرقس، إن الاقتصاد الريعى لا ينتج ديمقراطية، بل اقتصاد إنتاجى وتنافسى، وأن الاقتصاد الرسمى للدولة يساويه الاقتصاد غير الرسمى.
وأوضح أن مصر 80% أقل من 40 سنة والكتلة الشبابية هى العمود الفقرى للمستقبل، مشيرًا إلى أن التحول الديمقراطى يتم باستيعاب الشباب، وليس بحلول ماضوية، مثل منظمة الشباب، وهى بنت ظروفها.
وأوضح أنه فى الجولة الأولى لانتخابات الرئاسة 2012 كان المقوم الرئيسى فى الإقبال وعدم العزوف هو الشباب، لاختيار ألوان الطيف المختلفة، ويبدو أن هذه الكتلة بقيت خارج الحسابات بشكل ما، وأوضح أن الحركات ليست بديلا للأحزاب، بل هى قوة محركة جديدة، وأنه أحيانا تصاب الأحزاب التقليدية بالجمود، وتخرج منها مجموعات وتشكل أحزابا جديدة.
أكمل قرطام: الديمقراطية تحتاج إلى نظام حكم دستورى
قال المهندس أكمل قرطام إن أى دولة لا يمكن أن تنجح دون نظام، والنظام عبارة عن مؤسسات قوية للدولة ومؤسسات وسيطة، موضحًا أن الدولة المعاصرة تحتاج إلى اختيار حكم دستورى ديمقراطى، لافتا إلى أن الشعب المصرى واعٍ، ويدرك أن الديمقراطية تأتى بنظام يحافظ على مصالحه، مطالبا بكسر بعض الحواجز.
وأضاف: «نحن فى فترة انتقالية، وهناك نظام للحكم وقع على عاتقه مسؤولية عظيمة فى أن يحدد مع الشعب منهجية التحول الديمقراطى، ويضمن التزام الدولة بالقواعد الديمقراطية وإبعاد الوعى المشوش، والديمقراطية ليست آلة نستوردها، بل تحتاج إلى مناخ تاريخى لتنشأ، وتحتاج إلى حراسة من الرأى العام، وحماية من الآفات التى تتعرض لها».
عبد المولى: الأحزاب هى الحامى والمدرسة الحقيقة للديمقراطية
قال المستشار محمد عبد المولى، نائب رئيس حزب المحافظين للشئون التشريعية والدستورية، إن الديمقرطية هى قدرة الشعب على الاختيار، و«المؤكد أنه لا يجب أن نخشى من تجربة الديمقراطية، ولا بد من خوض التجربة، وأن هذه الدولة وهذا النظام عليهما مسؤولية تاريخية بحماية النظام الديمقراطى من المتآمر والدخيل وحماية أمنها القومى».
واستشهد عبد المولى بمنطقة تل العقارب بالسيدة زينب، التى انتقلت من منطقة شديدة الإجرام إلى منطقة حضارية، لافتا إلى أن سكانهم هم أنفسهم، لافتا إلى أنه «لا يجب أن نظل خائفين من الممارسة الديمقراطية».
وأشار إلى أن الأحزاب هى الحامى الحقيقى والمدرسة الحقيقية للديمقراطية، والأحزاب بحاجة إلى التمييز الإيجابى داخل الدستور والقانون، وتحتاج إلى تهيئة الأرض لها لتشارك فى العمل السياسى الديمقراطى.
محمد فوزى: مصر واقعة بين ثنائية الديمقراطية والتنمية
قال محمد فوزى، رئيس التحرير، إن مصر تعيش لحظة استثنائية، وإن هناك مجالا عاما مغلقا من الجميع، لافتا إلى أنه بعد 30 يونيو واجهت الدولة وضعا استثنائيا، والجميع كان يقف خلف الدولة، والجميع يريد أن يعرف: أين سنذهب؟
وأشار إلى أنه بعد اتخاذ مجموعة إجراءات اقتصادية، البعض يراها إصلاحية، والبعض يراها مؤلمة على الطبقات الأفقر، إلا أن الكل وقف خلف الدولة المصرية، لافتا إلى أنه كانت هناك لقاءات بين مؤسسة الرئاسة والمثقفين والنخب السياسية، وفجأة انقطعت الصلة بين النخبة والدولة من جهة، والشارع والدولة من جهة أخرى.
وأوضح أن الرئيس السيسى لا يوجد له منافس، وخلال ال4 سنوات الماضية تحمل المواطنون كل الإجراءات، ويريدون أن يجنوا ثمار ما تم زرعه خلال الفترة المقبلة، لافتا إلى أن مصر واقعة بين ثنائية الديمقراطية والتنمية، وتساءل: أين الشعب المصرى من كل ما يجرى الآن؟ مشيرًا إلى أن أهم تحدٍّ هو «الإرهاب»، وأنه «لا ديمقراطية دون حريات حقيقية ومجال عام مفتوح وصحافة حرة تعمل مراقبا مستقلا عن السلطة».
على هامش الندوة
25 يناير والحركات الشبابية.. يثيران تباين وجهات النظر بين مسعد ومرقس وسعيد
وقع اختلاف فى وجهات النظر بين دكتور سمير مرقس من جهة وبين دكتور عبد المنعم سعيد من جهة أخرى، حول قضية «ترهل الدولة المصرية وعلاقتها ب25 يناير»، كما اختلفت دكتور نيفين مسعد مع دكتور سمير مرقس حول إشارته إلى الحركات القاعدية المجتمعية فى أوروبا، خاصة فى الدول المطلة على البحر المتوسط، فى مقابل فكرة الأحزاب التقليدية القديمة.
وذكر مرقس فى كلمته أن بعض من تحركوا فى 25 يناير، دفعهم وجود دولة مترهلة ومؤسسات دولة أصابها العطب ولم يتم تحديثها منذ نحو 40 عاما، واختلف معه دكتور عبد المنعم سعيد، بأن 25 يناير أسهمت فى ترهل أجهزة الدولة بزيادة التعيينات فى جهاز الدولة.
وأشار مرقس فى كلمته إلى ضرورة الالتفات إلى تطور يسير فى العالم بحركات شبابية فى دول جنوب أوروبا مثل إيطاليا واليونان وإسبانيا ترفض ممارسة السياسة بشكلها التقليدى عن طريق الأحزاب التى تكونت بعد الحرب العالمية الثانية، والنظر إلى ذلك عند الحديث عن التحول الديمقراطى فى مصر، إلا أن دكتورة نيفين مسعد اختلفت معه، موضحة أنه لا ديمقراطية بدون أحزاب، وأوضحت أن الحركات الشبابية فى مصر كانت كثيرة بعد 25 يناير لكنها اختفت عن الساحة فيما بعد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.