"الغاز" أزمة جديدة تُضاف إلى معاناة اليمنيين التي تتفاقم يومًا بعد يوم فلا تكاد تشرق شمس يوم جديد ، إلا وتظهر أزمات ربما يكون بعضها مفتعلا من قبل مليشيات الحوثي في ظل الحرب الدائرة هناك . أحدث تلك الأزمات وربما لن تكون آخرها هي انعدام مادة "الغاز المنزلي" الذي شهد ارتفاعاً جنونياً في أسعاره زادت بنحو 5 أضعاف قيمته الحقيقية، ومن ثم اختفائه تماماً من الأسواق ومحطات التعبئة. احتجاج وقمع نتيجة لتفاقم هذه الأزمة شهدت العاصمة اليمنية صنعاء، احتجاجا من قبل المواطنين للمطالبة بتوفير أسطونات الغاز المنزلي وخفض أسعارها التى تضاعفت بشكل جنونى فى السوق السوداء. ويبدو أن المواطن اليمني لم يعد له الحق في الاعتراض أو الاحتجاج فى ظل استمرار العناصر الحوثية باستخدام القوة ضد المدنيين ، فخلال الوقفة الاحتجاجية قامت عناصر مسلحة من مليشيا الحوثى بالاعتداء بالضرب العنيف على المحتجين وأطلقت الرصاص الحى عليهم وأمرت بفض الاحتجاج بالقوة ، بحسب قناة "العربية" . رواج الحطب ووسط هذه المعاناة والأزمات المتتالية نجد المواطن اليمني يواصل البحث عن طوق نجاة من خلال البدائل المتاحة التي من شأنها الحد من الأزمة وتعويض نقص الخدمات الضرورية المنعدمة . عدداً من المدن اليمنية التي طالتها نيران الأزمة الجديدة، شهدت خلال اليومين الماضيين، ازدهاراً ملحوظاً في تجارة الحطب وبصورة غير مسبوقة بعدما انحسرت بصورة شبه كاملة خلال السنوات الطويلة الماضية. ولجأ الكثير من اليمنيين الى الاستعانة بالحطب في أغراض الطهو بسبب انعدام الغاز المنزلي، فيما حمل مواطنون جماعة الحوثي مسؤولية تدهور اأوضاع الاقتصادية في المحافظات التي يسيطرون عليها بقوة السلاح، خصوصا مع توفر مادة الغاز في المحافظات الأخرى التي تسيطر عليها الشرعية اليمنية وبأسعاره الرسمية. ويقول قاسم عبدالله وهو رجل ريفي يقوم بجلب الحطب من القرى القريبة وبيعها في العاصمة "لقد حققت ارباحاً جيدة في اليومين الفائتين لم استطع تحقيقها على مدى شهور" . مضيفًا أنه "تلقى عدداً من الطلبيات من زبائن عديدون، يسعى لتأمينها لهم" ، بحسب "الوطن" البحرينية. وقال "أسعار حطب الأشجار ارتفع ايضاً بفعل تزايد الطلب عليه مؤخراً بالتزامن مع انعدام غاز الطهو المنزلي في كثير من المدن اليمنية، علاوة على ارتفاع تكاليف النقل الذي يتم جلبه من مناطق بعيدة بعض الشي نتيجة ارتفاع اسعار وقود السيارة، لكنه اجمالاً يمثل بديلاً مناسباً واقل تكلفة للمواطنين في مثل هذه الظروف". كما لجأ الكثير من السكان في العاصمة اليمنية إلى استعمال النفايات الورقية والبلاستيكية لإنضاج الطعام بالطرق البدائية التقليدية. أزمة مفتعلة ويشير الكثير من المراقبين للوضع في اليمن أن هذه الأزمة مفتعلة من قبل ميليشيا الحوثي التي تسعى للتضييق على المواطنين، وفتح باب السوق السوداء امام تجارة هذه المادة التي تفوق في اهميتها بالنسبة للمواطن اليمني جميع المشتقات النفطية وكذا السلع الاستهلاكية الأخرى. وعلى الرغم من أنَّ جماعة الحوثي تزعم أنّها تضغط على ملاك محطات تعبئة الغاز لتخفيض جزئي في أسعاره التي تبلغ ستة أضعاف السعر الحقيقي، فإنّها تسببت في اختفاء المعروض منه، وارتفاع سعره ليصل إلى نحو ثمانية أضعاف السعر الشائع في محافظة مأرب التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية. وتعتمد ميليشيا الحوثي على السوق السوداء التي تدر على الجماعة مبالغ مالية باهظة، تقدر بنحو 3 ملايين دولار يومياً بحسب اقتصاديين يمنيين. تحرير سوق المشتقات الرئاسة اليمنية بدأت في اتخاذ خطوات متسارعة في محاولة للقضاء على هذه الأزمة التي تفاقمت مؤخرا، أمر الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي بتحرير سوق المشتقات النفطية في بلاده وتضمن القرار فتح الباب أمام التجار والجهات والشركات الراغبة في استيراد المشتقات النفطية وتسويقها في جميع المناطق اليمنية، بما فيها المناطق التي يسيطر عليها الانقلابيون الحوثيون، كما تضمن التوجيه إعفاء المستوردين من دفع الرسوم الجمركية لمدة ثلاثة أشهر. القرار الرئاسي تضمن أيضًا تعيين انتصار العراشة، مديرا عاما لشركة النفط اليمنية في مدينة عدن، وهي أول امرأة تتولى المنصب التنفيذي المهم في المدينة التي تتخذ منها الشرعية عاصمة مؤقتة للبلاد . سبق قرار هادي توعد وزير المالية في حكومة "الإنقاذ" حسين مقبولي، تجار الغاز المغالين بالأسعار بإجراءات رادعة. مؤكدا خلال لقاء جمعه بكبار تجار الغاز خلال الأسبوع الماضي، أن "الدولة لن تقف مكتوفة الأيدي أمام هذه القضية وستعمل على إيجاد الحلول الممكنة". وألمح مقبولي إلى أن "الدولة قادرة على فتح باب الإستيراد من الخارج ووقف نشاط المتلاعبين بموجب القانون"، مشيراً إلى أن "كل الخيارات مطروحة في سبيل توفير مادة الغاز بالأسعار المعقولة للتخفيف عن كاهل المواطن المغلوب على أمره". "القرار يتزامن مع خطة العمليات الإنسانية الشاملة في اليمن، وسيكون له تأثير كبير على تحسين معيشة الشعب اليمني والتخفيف من معاناته التي فرضتها الميليشيات الحوثية الإيرانية" هكذا امتدح السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر على الفور، قرار هادي. أما رئيس مركز الإعلام الاقتصادي مصطفى نصر، في فرأى أن قرار هادي القاضي بتحرير استيراد المشتقات النفطية يعد "خطوة إيجابية تعزز من التنافسية"، لكنه لم يستبعد وجود آثار سلبية، تستدعي المعالجة عبر جملة من الإجراءات، بينها وضع شروط واضحة ومحددة لمنح التراخيص للتجار لاستيراد المشتقات النفطية وضمان شفافية ونزاهة إجراءات منح التراخيص. كما توقع مراقبون اقتصاديون أن يحدث القرار الرئاسي أثرًا إيجابيًا من شأنه أن يقضي على الأزمات المتكررة في سوق النفط.