الترفيه يقسم السعوديين ويشعل الخلاف بين المسؤولين تحولات وخطوات متعددة تتخذها السعودية ضمن رؤية ولي العهد محمد بن سلمان المستقبلية من أجل انفتاح مجتمعي بعد سنوات من الانغلاق. ويشهد قطاع الترفيه السعودي تطورات ضخمة منذ تأسيس هيئة خاصة به في 2016، بالتزامن مع تحولات اجتماعية واقتصادية ضخمة في البلاد بدعم من ولي العهد. 64 مليارا للترفيه وكشفت الهيئة السعودية للترفيه مؤخرًا عن استثمار مبلغ 64 مليار دولار في الترفيه خلال السنوات العشر المقبلة، وهو مبلغ غير مسبوق في قطاع لم تكن الدولة السعودية تهتم به كثيرًا. وقال أحمد بن عقيل الخطيب رئيس الهيئة العامة للترفيه الحكومية: إن "قطاع الترفيه خلق 17 ألف وظيفة عام 2017، ويمكن أن يخلق 220 ألفًا مستقبلا"، معلنًا عن قرب بناء دار للأوبرا. كما أعلن "بن عقيل" عن نية الهيئة تنظيم أكثر من 5 آلاف عرض ترفيهي هذا العام، لافتًا إلى أن هذه الاستثمارات ستسهم في الناتج المحلي الإجمالي بنحو 4.8 مليار دولار، وأن السعودية ترغب فى أن تصبح مستقبلا ضمن أفضل 10 دول بالعالم في مجال الترفيه والسياحة. الأوبرا تشعل خلافًا إعلان الهيئة عن إطلاق دار "أوبرا" تسبب في خلاف بين مسؤولين سعوديين، حيث اعتبرت وزارة الثقافة والإعلام هذ الخطوة تدخلًا من الهيئة في عملها. وقال وزير الثقافة والإعلام رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للثقافة عواد بن صالح العواد: إن "الأمور المُوكلة بالهيئة العامة للثقافة لا يحق لأي جهة التحدث بشأنها (في إشارة إلى هيئة الترفيه)". وأضاف العواد في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء السعودية، أن ما تم تداوله بشأن دار الأوبرا وبنائها والتصاريح الخاصة بها هو تدخل في عمل الهيئة العامة للثقافة. وأشار إلى تدخل رئيس الهيئة العامة للترفيه أحمد عقيل الخطيب في شؤون الهيئة العامة للثقافة، مؤكدًا أن الأخيرة هي الجهة المسؤولة عن ذلك. وحث الوزير السعودي جميع وسائل الإعلام على ضرورة استقاء الأخبار من مصادرها النظامية المعتمدة وفق الأنظمة والتعليمات. عنتر وعبلة في المملكة وشهدت العاصمة السعودية "الرياض" أمس، ميلاد أول عرض ل"الأوبرا" باللغة العربية، يحكي قصة الحب الشهيرة في التراث العربي (عنتر وعبلة)، بعد جدل اجتماعي أثاره إعلان حكومة المملكة البدء في بناء دار للأوبرا بالبلاد، في سابقة تُعدّ الأولى من نوعها في تاريخها. وأعلنت شركة "تايم" المنظمة للعرض عبر حسابها بموقع "تويتر"، نفاد تذاكر أول أيام العرض، وقالت: "نفدت تذاكر العائلات لأوبرا عنتر وعبلة"، كما نشرت صورًا من العرض قائلة: "في أوبرا عنتر وعبلة الأُذنُ تطرب لِما تسمع والعين تُسر بما ترى.. تجسّد الموسيقى فيها قصة من التاريخ". سينما وحفلات وسبق الإعلان عن إنشاء دار الأوبرا العديد من الخطوات الترفيهية في المملكة، حيث وافق مجلس إدارة الهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع على إصدار تراخيص للراغبين في فتح دور للعرض السينمائي بالمملكة، ومن المقرر البدء بمنح التراخيص بعد الانتهاء من إعداد اللوائح الخاصة بتنظيم العروض المرئية والمسموعة في الأماكن العامة خلال مدة لا تتجاوز ال90 يومًا. كما تم الإعلان عن حفلات غنائية لمطربين سعوديين وأجانب، وأعلنت القناة الثقافية السعودية فى أكتوبر الماضي أنها ستعيد بث الحفلات الغنائية، والانطلاقة بأغان لسيدة الغناء العربي "أم كلثوم"، ونشر الحساب الرسمي للقناة الثقافية على "تويتر" قال: "نعرض لكم اليوم السهرة الفنية لسيدة الغناء العربي أم كلثوم.. تابعونا". واستضافت "الرياض" أيضًا خلال الأسبوع الماضي وعلى مدار ثلاثة أيام، أول مهرجان للجاز يقام في المملكة. انقسام السعوديين انقسم السعوديون حول تنظيم نشاطات وفعاليات ترفيهية تقام تحت رعاية الدولة، مما أثار الكثير من الجدل، ففي الوقت الذي يُرحب البعض فيه بهذه الأنشطة والفعاليات، نجدها في الوقت ذاته لا تلقى استحسان العديد لسماحها بما وصف ب"الاختلاط" بين الجنسين، لتصبح هذه الفعاليات موضوعًا جدليا داخل المملكة. فبعد أول عرض أوبرالي، نشر مغرّدون حضروا العرض صورًا ومقاطع فيديو عبر "تويتر"، واصفين إياه بأنه "فن راق كانوا متعطّشين له"، معربين عن ترحيبهم بهذا العرض. إلا أن هناك سعوديين أبدوا اعتراضهم على هذه الخطوة، معتبرين أن الترفيه أمر ثانوي يفترض تحقيقه بعد توفير متطلبات المواطنين الرئيسية، مثل السكن وفرص العمل. جاء اعتراض السعوديين عبر هاشتاج على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، وحمل عنوان "دار الأوبرا السعودية"، للتعبير عن رفضهم لهذه الخطوة. الترفيه ورؤية 2030 جاء قرار إنشاء الهيئة العامة للترفيه -أحد القرارات الملكية- تماشيا مع إعلان المملكة لرؤيتها المستقبلية 2030، لما يمثله قطاع الترفيه من أهميّة كبرى في تنمية الاقتصاد الوطني السعودي، ومنح المدن قدرة تنافسيّة دولية. وبإنشاء هذه الهيئة، خطت السعودية أول خطوة نحو "الترفيه" كمفهوم اجتماعي واسع، فرؤية 2030 تعترف ضمنيا بأن نوعية الحياة في المدن السعودية تغلب عليها الرتابة وتسبب الضجر، إذ إن الدولة التي يشكل الشباب فيها نحو 70% من المكون الاجتماعي لها، لا بد لها من هيئة تعني بترفيههم داخل المملكة مع مراعاتها للخصوصية السعودية. ومن أهداف الترفيه التي وضعت خطوطها العريضة "الرؤية": - توفير العمل وخفض نسبة البطالة. - تعزيز مجال السياحة ضمن توجهات الرؤية الوطنية، ودعم المناطق والمحافظات والقطاع الحكومي والخاص لإقامة المهرجانات والفعاليات. - تفعيل دور الصناديق الحكومية في المساهمة في تأسيس المراكز الترفيهية وتطويرها. - تساعد ممارسة الرياضة على رفع مستوى سعادة الإنسان. - تشجيع المستثمرين من الداخل والخارج وعقد شراكات مع شركات الترفيه العالمية. - تخصيص أراض لإقامة المكتبات والمتاحف. - دعم الموهوبين من كتاب ومؤلفين ومخرجين. - إيجاد خيارات ثقافية وترفيهية متنوعة تتناسب مع كل الفئات والأذواق. وتشهد الهيئة العامة للترفيه عملًا تصاعديا منذ إنشائها، حيث أقامت في العام 2016، 52 فعالية حضرها ما يزيد على مئة ألف زائر، بينما نظمت في العام 2017 ما يزيد على 2200 فعالية حضرها أكثر من 8.2 مليون زائر، بينما ستشهد 2018 تنوعا أكثر في مجموعة العروض الترفيهية في مختلف مناطق المملكة، والتي سيحييها عدد من أشهر الفنانين من حول العالم. كان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بن عبد العزيز قد أشار في 25 أبريل 2016 يوم تدشينه رؤية السعودية 2030 إلى دفع الحكومة لتفعيل دور الصناديق الحكومية المختلفة في تأسيس وتطوير المراكز الترفيهية، وتشجيع المستثمرين من داخل وخارج المملكة العربية السعودية، وعقد الشراكات مع شركات الترفيه العالمية، وتخصيص الأراضي لإقامة المشروعات الثقافية والترفيهية من مكتبات ومتاحف وفنون وغيرها.