أزمة جديدة بين علماء من الآثار وأزهريين بسبب ما أسماه رجال الدين نش قبور الفراعنة، معتبرين ذلك انتهاكًا لحرمة الموتى مطالبين مؤسسة الأزهر بالتدخل في الأمر ومنع ذلك، بينما اعتبر أثريون أن مثل تلك التصريحات هى نوع من التخلف عن العصر والابتعاد عن الزمن الذى نعيشه. من جانبه قال الدكتور محمود مهنى، عضو هيئة كبار العلماء، إن الأصل والأساس فى الشرع ومقاصد الشريعة الإسلامية أن المولى عزّ وجل كرّم الإنسان حيا وميتًا، وبالتالى لا يجوز نبش مقابر الأموات، وبالتالى ينبغي أن نراعى حُرمة الميت، أما إذا توافرت حالة الضرورة فيجوز فى هذه الحالة إخراج الجثامين، فعلي سبيل المِثال عندما أرادت المملكة العربية السعودية إحداث توسع فى الحرم المكى قامت الهيئات بنقل جثامين بعض الصحابة إلى مناطق مجاورة. لا يجوز وأضاف عضو هيئة كبار العلماء، فى تصريحات خاصة للتحرير، أن قبر الإنسان هو مسكنه الأساسى وبالتالى لا يجوز أن نقوم بنبش المقابر لمجرد استخراج تماثيل أو مومياء، وأن إخراج المومياء أو جثامين الملوك أو الأفراد العاديين من الأسر الفرعونية أمر مرفوض شرعا، وينبغي على وزارة الآثار والهيئات المختصة أن تراعي حرمة الأموات. وقال الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، إن قاعدة دفع المفاسد مقدمة على جلب المصالح، وإن نبش قبور الموتى وما يُسمى بالاكتشافات الأثرية لمقابر الفراعنة أمر يخالف الشرع الحنيف، مؤكدا أن نبش قبور الفراعنة حرام شرعا حتى ولو ترتب على ذلك مكاسب مالية أو ثقافية. قدسية الموتى وأضاف كريمة للتحرير أن التّعلل بأن مسألة اكتشاف مقابر الأسر الفرعونية لا يكون إلا بهذه الطرق أمر مرفوض شرعًا، فنبش القبور محرم ومرفوض فى الشريعة، أما مسألة النظر فى المصالح التى تتحق من تلك العمليات لا يغنى ولا يسمن من جوع، فتجارة المخدرات تجلب الملايين فهل هذا حلال؟! فالأمر كذلك بالنسبة للاكتشافات الأثرية، فلا يجوز الخروج عن أحكام الشريعة تحقيقا لمصالح دنيوية، فالقبور لها قدسية وحرمات ينبغى احترامها. وتوجه «كريمة» برسالة إلى الدكتور خالد العناني، وزير الآثار قائلا: «نبش قبور الفراعنة حرام شرعًا، دول ناس من حقهم الرقدة الأبدية في سلام ونبش قبور الفراعنة يمثل إهانة لأجدادنا، عاملينها مسخرة، وعرضها في الخارج مقابل دراهم معدودة، القبر مسكن للإنسان بعد وفاته». وطالب أستاذ الشريعة، الأزهر والهيئات الدينية بضرورة التصدى للانتهاكات الصريحة لما يحدث من نبش لقبور الفراعنة ليل نهار، بدعوى الاكتشافات الأثرية، وأنه لا يجوز بأى حال من الأحوال أن تُنتهك حرمة الأموات نظرًا للمكاسب المادية. المصلحة العامة وأكد الدكتور محمد الشحات الجندى، عضو مجمع البحوث الإسلامية، أن المقرر شرعا حفظ كرامة الميت، لما رُوى عن الرسول عليه السلام، "كسْر عظم الميت ككسره حيًا"، مؤكدا أن نبش المقابر الفرعونية ليس محرمًا بشكل مطلق، وإنما ينبغي التفرقة بين الحفر بغرض الحصول على جثامين للمصلحة الفردية وبين المصلحة العامة وأمور أخرى، وتُضبط مسألة الحكم الشرعى فى تلك الوقائع. وأضاف الشحات الجندى للتحرير، أنه لا يجوز شرعًا أن يقوم شخص بحفر مقبرة فرعونية للحصول على الجثامين والأشياء التى بحوزة المقبرة لبيعها، كما لا يجوز للهيئات المختصة أن تقوم بحفر ونبش مقابر الفراعنة من أجل عرض مومياء الأفراد، فانتهاك حرمة الأموات غير مقبول شرعا، حتى لو تحققت مصالح. وتابع: المباح شرعا فى تلك المسألة هو إخراج الأشياء التى تحاط بالجثامين من تماثيل وذهب والأدوات التى بداخل المقابر الفرعونية، أما مسألة إخراج مومياء لأشخاص أو جثامين، فهذا الأمر غير مقبول فى الشرع الحنيف، وكذلك عرض جثامين الملوك والأفراد فى المتاحف، أما التابوت أو غير ذلك من تلك الأشياء فلا حرج فى ذلك. جماعات شاذة يقول الدكتور مختار الكسباني، عالم الآثار الإسلامية في تصريحات خاصة ل"التحرير"، إننا أمام شخصيات مُتخلفة، ويبتعدون عن الزمن الذي نعيشه، هؤلاء يدّعون أنهم مشايخ، ومثل هذه الآراء ليس لها علاقة بالدين. وأوضح مختار الكسباني أن الهدف من تلك الأمور هو محو التراث المصري الفرعوني، فهم جماعات شاذة يتمسحون في الدين، وإذا اتفق شيخ الأزهر مع هذه الآراء سيكون موقفنا ضده.