إن يسألوك عن مكاحل المومو.. فقل هو مجرم عريق من فصيلة نادرة، لا يحق لأحد غيره فى زماننا أن يأخذ الأوسكار فى فن الجريمة، وقد تكرم الرئيس المخلوع فمنحه أوسكار أحسن مجرم بنفس الكيفية التى منح بها محمد إبراهيم سليمان الوسام الشهير، تكريما له على جرائمه. حدثنى صديق سُرقت سيارته من تحت بيته الأسبوع الماضى، أنه أمضى دورة فى شعاب الجريمة وفى معية اللصوص والبلطجية، بحثا عن سيارته الضائعة، بعدما نصحه ضابط من معارفه، بمحاولة الوصول للحرامية والتفاهم معهم! قال صديقى إنه وصل إلى أحد المخازن الضخمة ويقع بعد قليوب، وهناك شاهد مئات السيارات المسروقة فى انتظار بيعها أو تهريبها أو تقطيعها أو إعادتها إلى صاحبها، بعد أن يدفع الفدية.. وقد عرف من رجال العصابة أن هذه المخازن مملوكة للسيد مكاحل المومو شخصيا، وأن هناك فروعا لها فى كل محافظة، وجميعها تمتلئ بالبضائع المسروقة بجميع أنواعها، من أول الحلى والمجوهرات حتى الصواريخ المضادة للدروع. ولو كان القارئ سيندهش من أن المحاكمات الحالية لم تمس مكاحل المومو، ولم تصل إلى عتباته على الرغم من معرفة الجميع أن الرئيس الملعون كان يخبئ المسروقات وشحنات المخدرات عنده، فذلك لأن مكاحل المومو هو الرجل الكبير الذى يأتى فى طليعة القوى المضادة للثورة، وقد احتفظ به المشلوح وعصابته بعيدا عن الأعين، حتى يتولى الصرف على نساء العصابة فى حال تم سجن الرجال. هذا وقد حار الناس فى معرفة من يكون مكاحل المومو، الذى يعمل من خلف ستار، ويدير المحافظ المالية للسادة لصوص الوطن. كان البعض يتصور أنه زكريا عزمى.. لأن زكريا فى نظرهم كان الرجل الرهيب المؤذى الذى يختصر فى جيبه سلطات البرلمان والرئاسة والقضاء، الذى شبهه الناس بمسؤول الأمن الروسى الشهير «بيريا» صاحب الذراع الباطشة الذى قتل الآلاف لحساب ستالين. لكن سقوط زكريا فى يد العدالة جعل الناس يستبعدون فكرة أن يكون زكريا عزمى هو مكاحل المومو.. والصحيح أن المومو هو الذى يقود خطة الدفاع عن زكريا فى سجنه، ويتولى إبعاد التهم الحقيقية عنه، ويتكفل بجعلهم يسائلون عزمى عن أشياء تافهة سوف يخرج منها كما تخرج الشعرة من الأطاطة! أيضا ساد لبعض الوقت تصور بأن مكاحل هو فى حقيقته صفوت الشريف، الذى كان الشر يسير فى ركابه أينما سار، وقد غذّت حكايات الرائد موافى خيال الناس بقصص الخيانة والدعارة والتلصص وتصوير الرجال والنساء فى حالة اشتباك جنسى، لدرجة أن موافى لعب فى خيال المخبول معمر القذافى وأغراه بأن يعرض مئة مليون دولار لشراء بعض أفلام البورنو التى فى حوزته! لكن وجود الشريف فى السجن يرجّح أنه ليس المومو، كما أن المساعدات الخفية التى يتلقاها فى سجنه، والبراءة التى سيحصل عليها تؤكد أن أصابع المومو الممسكة بالخنجر تضرب الثورة فى الخاصرة. ولا تستحق الرد عليها الشائعات التى قالت إن مكاحل المومو هو فتحى سرور، لأن الأخير وإن كان شريرا بالسليقة، إلا أنه فى التحليل النهائى لا يعدو أن يكون أحد الكواحيل الذين أحاط مبارك نفسه بهم، ومثله مفيد شهاب وعلى الدين هلال وأحمد أبو الغيط. الوحيد الذى كان يمكن أن نصدق أنه مكاحل المومو هو حسين سالم، ذلك أن تقسيمة وتضاريس وجهه، فضلا عن وحشيته البادية تشى بأنه مكاحل وبأنه مومو، لكن للأسف وجوده تحت تحفظ الإسبان أخرجه من دائرة الاشتباه، وجعلنا ندرك أن سالم أيضا كان يخفى المسروقات لدى المومو بعد أن نصحه حسنى بذلك. ويبقى أن نقول إن المومو لا يعمل وحده فى إدارة مملكة الشر، وإنما تعاونه زوجته مدام مومو، التى بدأت بداية متواضعة، وعُرفت قبل الزواج باسم «سيدة فى الغويط».. وسوف أحكى لكم حكايتها فى أقرب فرصة.