قرأت فى الصحف أن الأخ مفيد ألفونسو قد قال فى أحد البرامج بتليفزيون الوكسة الشاملة إن مصر تحتاج الآن إلى حبيب العادلى لينشر الأمن ويعيد الانضباط للشارع المنفلت. وأضاف الأخ مفيد أنه لا يجب الالتفات إلى حقوق الإنسان ومثل هذه الأمور عند التعامل مع المسألة الأمنية! فى البداية لم أصدق أن مفيد قال هذا الكلام لإدراكى أنه رجل ذكى لا يجاهر بالغباوة، لكن عندما تكرر نشر الخبر فى صحف عديدة، أدركت أن الأمر جلل وأن مفيد ألفونسو قد تورط فعلا وقام بتقديم اقتراح هو فى أحسن الأحوال كلام فارغ! أقول «كلام فارغ» لأنى لا أصدق أن يقوم أحد مهما بلغ شوقه وحنينه للأيام السوداء بمناصرة الإرهاب والدعوة إلى حكم الإرهابيين. ألم يعلم الأخ مفيد أن حبيب العادلى قد شارك أفراد عصابة مبارك فى نشر الإرهاب فى ربوع مصر طولا وعرضا؟ ألا يعلم الإعلامى العجوز الذى قضى عمره كله ينافق السلطان وصبيان السلطان أن حبيب العادلى هو الذى فجّر كنيسة القديسين فى عيد الميلاد الماضى من أجل أن يلصق التهمة بالفلسطينيين وذلك لحساب إسرائيل؟ هل من الصعب على الأخ ألفونسو الذى احتكر لسنوات طويلة عمل لقاءات تليفزيونية مع وزراء داخلية الرئيس المشلوح فى عيد الشرطة أن يحمل شيئا من الاحترام لدموع وآلام أبناء شعب مصر الأبرياء، الذين قام أصدقاؤه من وزراء الداخلية بسجنهم وتعذيبهم والتنكيل بهم.. ومتى يمكن أن يفعل مفيد هذا إن لم يكن الآن بعد أن بلغ من الكبر عتيا، ولم تتبق له فى رأسه سوى بضع شعيرات يحار فى تصفيفها وعمل الميزامبليه بها! إنه لأمر شاذ التفكير فى استدعاء من قامت الثورة بسبب إجرامه من زنزانته لضبط الأمن ووقف الانفلات الذى يقوم به أصدقاؤه وتلامذته فى وزارة الداخلية. والأعجب منه أن مفيد يصدق أن البلطجية يعملون بمفردهم فى الشارع ومن دون ضوء أخضر من القيادة السياسية، التى تستطيع بإشارة واحدة أن توقف التردى الأمنى، لكنها لا تريد لغرض فى نفس فتحية لموناتة ومكاحل المومو وباقى أصدقاء ألفونسو. ومن الغريب أن يفوت هذا على الأخ مفيد وهو الصحفى الألمعى الذى عاصر كل الحقب، واقترب من وزراء الداخلية لدرجة أنه كان يستطيع بإشارة من إصبعه أن ينكل بأى لواء لا يعجبه، استنادا إلى العشم والوداد والحنية التى ربطته بأفراد منتخب طرة من القتلة واللصوص والإرهابيين الذين يحن إلى أيامهم. ومن العجيب كذلك أنه لا يفهم أن حبيب العادلى ليس أبو زيد الهلالى أو الزناتى خليفة، وإنما هو أحد عبيد المأمور، الذين لا يجيدون سوى تنفيذ المشيئات السامية للرؤساء الأعلى، بمعنى أنه عمل فى السابق على نشر الرعب والفزع الذى يتصوره مفيد أمنا عندما كان مبارك يأمره بذلك، أما لو غادر الآن زنزانته -كما يتمنى ألفونسو- وعاد وزيرا للداخلية، فإنه سيكون عبدا لمأمور جديد له طلبات أخرى مختلفة تتعلق بنشر الفتنة والفوضى وإحداث الانفلات الأمنى، وبالتالى فإنه لن يلجم البلطجية ولن يقبض على الشبيحة -كما يظن مفيد- وإنما سيكون راعيا وأبا روحيا لهم، وداعما لمياصة الضباط وميوعتهم وميلهم الحالى للتفشيخ وعدم أداء الواجب.. والمسألة لا تتعلق بوزراء الداخلية، فكلهم فى النهاية عبيد لمن يملك السلطة، وإنما الأمر يخص الإرادة السياسية للسلطة الحاكمة، التى تستطيع لو أرادت أن تنشر الأمن والسلام فى ربوع مصر، غير أن هذا يبدو أنه يتعارض مع تعليمات نتنياهو وباراك! ومن الغريب أن الأستاذ مفيد ألفونسو العجوز الأريب الداهية، الذى قارب على الثمانين، يجهل كل هذا ويظن أن حبيب العادلى، الذى يقضى فى السجن عقوبة لإدانته بالسرقة (غير ما ينتظره فى جرائم القتل)، هو أمل مصر فى الأمان والاستقرار.