بعد مرور نحو قرن كامل من المعاناة بدأت محافظة الإسكندرية، اليوم الأحد، كتابة المشهد الأول من الفصل الأخير فى رواية منطقة خندق المكس أو "فينيسيا الإسكندرية" بنقل أهالي منطقة طلمبات المكس إلى مساكن بديلة؛ لبدء عملية هدم الجانب الشرقي بمعدات حي العجمي وسط اعتراضات من بعض الأهالي. الساعات الأولى من صباح اليوم، شهدت مناوشات بين الأهالي والصيادين بعد احتجاج بعضهم على عملية النقل رغم اتفاق اللواء علاء يوسف رئيس حي العجمي على بدء عملية الإخلاء والنقل. عملية النقل هي الثالثة التي يعترض الأهالي على تنفيذها، وكانت الأولى في 4 ديسمبر العام الماضي، ورفض الأهالي ترك منازلهم؛ احتجاجًا على بنود التعاقد، وامتدت الأزمة بوقفات احتجاجية تدخلت قوات الأمن لفضها. وأرجع -آنذاك- مجموعة من الأهالي اعتراضهم على النقل إلى الوحدات السكنية الجديدة إلى بنود التعاقد، يقول محمد السيد، إن قيمة الإيجار الشهري للوحدات السكنية البديلة يبلغ 200 جنيه، إضافة لدفع فواتير المياه والكهرباء والغاز، مشيرا إلى أن أحد بنود التعاقد ينص على دفع غرامة 10 آلاف جنيه في حالة تغيير معالم الشقة التي تبين أنها حق انتفاع لمدة 50 عاما، أما في حالة عدم دفع الإيجار لمدة شهر سيتم طرد الأسرة في الحال خارج الوحدة. وشن عدد من الأهالي هجوما ضاريا على النواب، وتقدمت 10 أسر بمذكرة تظلم لمحافظ الإسكندرية والمنطقة الشمالية وحي العجمي؛ لعدم إدراجهم ضمن المستحقين لوحدات سكنية بالمشروع الحضاري الجديد، مؤكدين خوفهم من المصير المجهول بعد هدم منازلهم دون حل أزمتهم، فضلا عن اشتراطهم إنشاء مخازن لتخزين الغزل وأدوات الصيد نظرا لعمل معظمهم في مهنة الصيد. من جانبه، تواصل الدكتور محمد سلطان محافظ الإسكندرية مع الأهالي، ووعدهم بتعديل عقود الشقق الجديدة من إيجار إلى تمليك وذلك بالتقسيط على عدة سنوات، وبحث التظلمات، إلا أن غالبية الأهالي رفضوا ترك منازلهم. مشروع "طلمبات المكس" يتضمن ٩ عقارات بإجمالي ٢١٥ وحدة سكنية، تبلغ مساحة الوحدة ٦٣ مترا، بتكلفة ٢٢ مليون جنيه، وذلك لنقل سكان منطقة مأوى الصيادين العشوائية الواقعة على ترعة الخندق التي تمثل خطورة من الدرجة الثانية على حياة السكان.
المرحلة الأولى من القرعة العلنية أسفرت عن تسكين 114 وحدة سكنية لمستحقيها، وذلك ضمن مشروعات تطوير العشوائيات والمناطق داهمة الخطورة. ويرجع سبب تسمة المنطقة ب"فينيسيا الشرق" كونها تشبه مدينة البندقية بإيطاليا، وتقع المنازل على جانبي ترعة الخندق التي تشق المنطقة، وتبدأ من بحيرة مريوط وتنتهي في البحر الأبيض المتوسط، بينما تتراص المراكب على شاطئيها، ويمتهن غالبية قاطنيها الصيد.