تمكنت الرقابة الإدارية من القبض على عدد كبير من قضايا الفساد والرشوة بالأحياء والوحدات المحلية تجاوز أعدادها 250 موظفا خلال العام الماضي فقط، إلا أن خبراء المحليات أكدوا أن الفساد المكتشف لا يتجاوز 2 % فقط من حجم الفساد في المحليات، ليبقى السؤال قائما.. هل تتمكن الرقابة الإدارية وحدها من ضبط كل هذه المخالفات؟ في 29 نوفمبر 2017 تمكنت هيئة الرقابة الإدارية من إلقاء القبض على رئيس حى الموسكى، بمحافظة القاهرة أثناء تقاضيه رشوة قيمتها 100 ألف جنيه بمكتبه، من أحد تجار منطقة الموسكى، ليمنحه ترخيصا لممارسة نشاط تجارة الملابس. وفي 4 ديسمبر 2017 تمكنت مباحث شرطة المرافق بالقبض على رئيس الحي الأول بأكتوبر وسائقه، بتهمة تلقي رشوة من مقاول مقابل التغاضي عن مخالفات في عقار ملكه. وفي 2 نوفمبر 2017 تمكنت هيئة الرقابة الإدارية من القبض على رئيس حى الرحاب ومدير إدارة الشئون القانونية بمدينة الرحاب، أثناء تقاضيه رشوة 200 ألف جنيه من صاحب أحد العقارات المخالفة بالمدينة. وتعد هذه أمثلة بسيطة على حالات الرشاوى في المحليات، والتي كان آخرها واقعة محافظ المنوفية هشام عبد الباسط الذي تمكنت الرقابة الإدارية من القبض عليه أثناء تقاضيه رشوة من رجلي أعمال مقابل منحهما قطعة أرض دون سند قانوني. وعلى الرغم من الحالات العديدة التي كشفت عنها الرقابة الإدارية فإن الفساد ما زال متوغلاً بالمحليات. الاعتماد على أهل الخبرة بدلاً من أهل الثقة وحسب حديث اللواء محمد أبو حسين وكيل جهاز الرقابة الإدارية السابق ل"التحرير"، فإن قضايا الفساد التي تمكنت من خلالها هيئة الرقابة الإدارية من القبض على عدد من المرتشين بالمحليات لن تكون الأخيرة، فالفساد في المحليات توغل وتوحش، ولا بد من مواجهته مواجهة شاملة، ولا بد أن ينتفض المجتمع كله ضد الفساد، موضحًا أن فساد المحليات يبدأ من الوزارات ودواوين المحافظات والإدارات الهندسية، مطالبًا بضم الإدارات الهندسية لوزارة الإسكان مثلما يحدث في المدن الجديدة ولا تتركها للأحياء. وأكد أبو حسين أن الحل في فساد المحليات ليس الدور الذي تقوم به هيئة الرقابة الإدارية فقط، وإنما لا بد من حسن اختيار القيادات وكفانا وساطة ومحسوبية، قائلاً: "من سنين واحنا بنعتمد على أهل ثقة وليس أهل الخبرة، وجوهر مكافحة الفساد الشفافية والإفصاح وحسن اختيار القيادات". وأشار أبو حسين إلى أنه لا بد من الإسراع في انتخابات المجالس المحلية حتى تقوم بدورها الرقابي على المحافظين، لافتًا إلى أن هذه المجالس كان لها مساوئ وانحرافات، ولكن من الممكن السيطرة عليها بالتشريعات والإصلاح، مطالبا بإجراء انتخابات نزيهة للمجالس المحلية. وقضت محكمة القضاء الإداري في 28 يونيو 2011 بحل جميع المجالس الشعبية المحلية وإلزام المجلس العسكري ومجلس الوزراء بإصدار قرار بحل تلك المجالس، وبعدها بدأت وزارة التنمية المحلية في الإعداد لقانون جديد للإدارة المحلية. الدكتور حسن الخيمي المستشار القانوني السابق بالأمانة العامة للإدارة المحلية قال ل"التحرير" إن من تمكنت الرقابة الإدارية من القبض عليهم في قضايا الرشوة بالمحليات لا تتعدى نستهم 2% من إجمالي حجم الفساد المتوغل في كل الوحدات والأحياء والدواوين بمحافظات مصر، مشيرًا إلى أنه على الرغم من الدور الرقابي للمجالس المحلية على المحافظ والوحدات المحلية فإنها لم تمنع انتشار الرشاوى، مؤكدًا أن الحل هو قيام الأجهزة الرقابية التي أناط بها القانون مكافحة الفساد بمتابعة المحليات جيدًا ومراقبة الفاسدين والقبض عليهم. وخلال السنوات الست الماضية مر مشروع قانون المحليات الجديد على 7 وزراء و4 مؤسسات حكومية، وانتهى به المطاف في مجلس الشعب منذ ما يقرب من عام ولكنه لم يصدر حتى الآن، ومن المفترض أن يصدر القانون خلال الفترة المقبلة، وهو ما يضع احتمالية أن تكون انتخابات المجالس الشعبية عقب انتخابات الرئاسة مباشرة. وزير سابق: ما خفي كان أعظم المستشار محمد عطية وزير التنمية المحلية الأسبق قال ل"التحرير" إنه بعد حالات الرشاوى التي كشفت عنها هيئة الرقابة الإدارية لا بد أن نكون على يقين بأن "ما خفي كان أعظم"، موضحًا أنه عندما تولى منصب وزير التنمية المحلية أسس جهاز التفتيش والمتابعة مكونا من 15 شخصا حلفوا اليمين ومعهم حق الضبطية القضائية ودورهم هو الكشف عن الجرائم والمخالفات بالمحليات والإبلاغ عنها فورًا. وأضاف عطية أنه كان يأمل أن يستكمل الجهاز عمله ويصل عدد القائمين عليه إلى 150 شخصا لتغطية الوحدات في جميع المحافظات، لافتًا إلى أن تأسيس الجهاز كان بالتنسيق مع وزارة العدل، مطالبًا بسرعة إجراء انتخابات المجالس المحلية حتى تعمل على استجواب المتقاعسين عن أعمالهم في محاولة للحد من الرشاوى والفساد.