يُعاني سكان عدد من القرى الكبرى بالدقهلية، من تراجع الخدمات الصحية بعد تحويل مستشفيات التكامل الموجودة بها إلى وحدات طب أسرة خاصة، على الرغم من أن هذه المستشفيات كانت رئيسية ومُقامة على مساحات واسعة وكانت تجرى بها الجراحات ووجود قسم استقبال الحالات الطارئة على أعلى مستوى، وسط مطالبات من الأهالي الاستفادة من طاقتها المُهدرة. ففي قرية دميرة التابعة لمركز طلخا، والتي تعد واحدة من أكبر القرى بالمحافظة، ويتجاوز عدد سكانها 100 ألف نسمة، تم تحويل مستشفي القرية والمُقامة على مساحة خمسة أفدنة، والتي كانت تخدم القرية والقري المجاورة ويوجد بها قسم لاستقبال الحالات الطارئة، وكانت تتعامل مع الحوادث البسيطة وتجري الإسعافات للحالات الخطرة قبل تحويلها لمستشفات الطوارئ الجامعي بالمنصورة ، وكانت تجرى بها عدد من الجراحات منها الزائدة الدودية والبواسير والناسور والمرارة وعمليات الولادة الطبيعية والقيصرية وسط تطلعات من الأهالي بتطوير المستشفي وعنابر الإقامة بها ليفاجئ الجميع بقرار وزير الصحة بتحويل المستشفى إلى وحدة طب أسرة. الاستيلاء على مبنى مستشفى دميرة قال محمد الألفي، أحد الأهالي، إن المستشفى كانت تستقبل الحالات البسيطة، وتقوم بعمل اللازم لها وكذلك إجراء عدد من الجراحات وتسكينها في عنابر المستشفي، وهو ما جعلها تأتي في المرتبة الثانية من حيث الأهمية بعد مستشفيات طلخا وبلقاس العام. وأضاف الألفي، أن الأهالي سعوا لتطوير المستشفى في نهاية التسعينانات وبداية الألفية الجديدة، وقاموا بتدشين حملة لجمع التبرعات لإنشاء قسم للغسيل الكلوي بالمستشفي بالجهود الذاتية، وبالفعل نجحت الحملة، وتم إنشاء جناح كامل من طابقين على الشارع الرئيسي بتكلفة وصلت إلى حوالي مليون جنيه، قائلًا: انتظرنا سنوات لتقوم وزارة الصحة بدورها بتجهيز القسم بالمعدات اللازمة والبدء في تشغيله إلا أننا فوجئنا بقرار وزير الصجة بتحويل المستشفي إلى وحدة طب أسرة وتم الاستيلاء على المبني الذي أقامه الأهالي بالجهود الذاتية كقسم للغسيل الكلوي وتحويله إلى مستشفى للصحة النفسية لا يخدم أحد. وأشار الألفي إلى أن الأهالي من أصحاب الحالات الحرجة يموتون سنويًا قبل الوصول لمستشفيات طلخا وبلقاس والمنصورة الجامعي نتيجة طول المسافة، والتي تصل في وقت الذروة إلى ساعة كاملة في حين كان من الممكن إنقاذ تلك الحالات لو تم إجراء إسعافات لها بمستشفى دميرة المُعطلة، مطالبًا بإعادة تفعيل المستشفى مرة أخرى وعدم قصر عملها على خدمات تنظيم النسل والاستشارات الأسرية.
إهدار إمكانيات مستشفى سلامون القماش وفي قرى سلامون القماش التابعة لمركز المنصورة، أكد محمد حافظ، أن مستشفى القرية والمُقامة على فدانين التابعة لوزارة الصحة أقامها الأهالي بالجهود الذاتية، وأضافوا لها قسم للغسيل الكلوي في منتصف التسعينيات من القرن الماضي، وكانت تتم بها الجراحات الساسية وبها قسم للطوارئ وعنابر لإقامة المرضى وفوجئوا بتحويلها إلى وحدة طب أسرة، وهدر كافة إمكانياتها. وأوضح حافظ، أن قسم الاستقبال بالقرية كان سببًا في لإنقاذ العشرات من أصحاب الحالات الطارئة، لافتًا أن حاليًا يموت كثيرًا من المرضى قبل الوصول لمستشفيات مدينة المنصورة، خاصة وأنه وبعد قرار إلغاء المستشفى وتحويلها لوحدة طب أسرة اختفت سيارات الإسعاف المخصصة للمستشفى وتركت القرية بلا سيارات إسعاف ليقوم الأهالي بنقل الحالات الحرجة في سيارات الملاكي والنقل وهو ما يؤثر علي بعض الحالات. وتابع حافظ، أن وحدات الغسيل الكلوي التي أنشائها الأهالي في المستشفى بالجهود الذاتية ما زالت تعمل، إلا أنه في حالة وجود حالة طارئة أثناء الغسيل مثل حالات النزيف، وهو أمر وارد في حالات الغسيل الكلوي، فأن هذه الحالات تفقد حياتها غالبًا قبل الوصول لمستشفيات مدينة المنصورة في حين أنه كان سيتم إنقاذها لو كانت المستشفى ما زالت تعمل.
مستشفى غزالة "مهجورة" وفي قرية غزالة التابعة لمركز السنبلاوين، قال أحمد فتحي، إن مستشفى القرية تم تجديدها منذ 15 عامًا على أعلى مستوى وبها قسم لاستقبال الحالات الحرجة وغرفة عمليات وعنابر لإقامة المرضى، إلا أن المستشفى أصبحت مهجورة الآن بعد قرار تحويلها لوحدة طب أسرة. وأضاف فتحى، أنه تم إهدار الملايين بعد صدور قرار تحويل مستشفي القرية إلى وحدة طب أسرة سواء في العنابر وغرف العمليات وأقسام المسستشفى المختلفة وعيادتها الخارجية والأجهزة والأدوات، وإذا تم قياسه على باقي المستشفيات على مستوى الجمهورية ستكون الثروات المُهدرة بالمليارات، متسائلًا: لصالح من صدر هذا القرار؟، ولماذا لا يتم إلغائه بشكل كامل أو جزئي ليتم تفعيل المستشفيات الموجودة بالقري الكبرى؟. الأجهزة الطبية في "كراتين" بمستشفى نجيرة لم يختلف الحال في قرية نجيرة التابعة لمركز دكرنس، حيث طالب الأهالي بتحويل وحدة طب الأسرة الموجودة بالقرية إلى مستشفى تعليمي تابع لجامعة المنصورة أو مستشفى مركزي، مؤكدين أن مساحة المستشفى والبالغ 10 آلاف متر، أصبح مهملاً ولا يستغل منه سوى 500 مترًا فقط لمبنى وحدة طب الأسرة والمبني الإداري. وأوضح الأهالي، أنه وعلى الرغم من صدور قرار بتحويل المستشفى إلى وحدة طب أسرة، وإلغاء غرف العناية المركزة والعمليات وكافة التخصصات الأخرى إلا أن العمالة الموجودة بالمستشفى ظلت كما هي، وأن 90% من المتواجدين بالوحدة الصحية الآن موظفين بلا عمل ويتلقون رواتبهم دون مقابل. أفاد عمر حسين، أن مستشفى القرية مقام على مساحة 10 آلاف متر مربع، وكان المستشفى الرئيسي الثاني في مركز دكرنس بعد مستشفى دكرنس العام، ويخدم أكثر من 200 ألف نسمة من قرية نجيرة والقري المجاورة لها، وكان به مركز للغسيل الكلوي وتقام به العمليات الجراحية ومختلف التخصصات، مضيفًا: فوجئنا بتحويل المستشفى إلى وحدة طب أسرة وإنهاء كافة الإمكانيات الموجودة بها وإهمال المباني الموجودة بها وتحويلها إلى مخزن للإدارة الصحية بدكرنس، وإلغاء مبنى الغسيل الكلوي وتعبئة الأجهزة الطبية في كراتين وتركها نهبًا للاهمال وإيقاف كافة الإنشاءات الجديدة التي كانت تتم في المستشفى ومنها مبنى للمشرحة ومبنى لاستقبال الحالات الطارئة. وأضاف حسين، أن غرف رعاية المرضى والعيادات الخارجة والعمليات لم تعد تستخدم، وأصبحت مأوى للقطط والحيوانات الضالة، ولم يعد يستخدم من المستشفى سوى المبنى الإداراي والمبنى المخصص لوحدة طب الأسرة.