إمبراطورية الدولة الحديثة بعدما تمكن أحمس من طرد الهكسوس من مصر، استطاع أن يرسي قواعد الدولة مرة أخرى، وتأسيس أسرة جديدة هى الأسرة الثامنة عشرة، التي في عهدها وصلت مصر إلى أوج مظاهر الرقي الحضاري في جميع المجالات، وأعقب الملك أحمس الأول على الحكم ابنه الملك أمنحتب الأول، الذي قام بصد عدد من الهجمات والتمرد الذي قام بالحدود الجنوبية والحدود الغربية، وتم تبجيل هذا الملك بعد وفاته في قرية دير المدينة "منطقة عمال الجبانة" بالأقصر بعد وفاته. وبوفاة الوريث الشرعي للملك أمنحتب الأول تولى ابنه الآخر من زوجة ثانوية هو الملك "تحتمس الأول"، الذي أثبت أحقيته في الوصول للحكم بزواجه من الملكة أحمس، التي يعتقد أنها أخت الملك السابق، ومنها أنجب الملكة حتشبسوت التي شاركت الحكم مع الملك تحتمس الثاني، ثم تولت السلطة بمفردها، وشهدت البلاد في عهدها بعثة بلاد بونت الشهيرة المصورة على معبدها بالدير البحري بالأقصر، وجلس بعد حتشبسوت على عرش البلاد أحد أعظم القادة العسكريين في التاريخ هو الملك تحتمس الثالث، واهتم تحتمس الثالث ببناء الجيش وتقوية أركانه وتزويده بالأسلحة والعربات الحربية، ويذكر أن هذا الملك لم يخسر معركة دخل فيها، وتعد أشهر معاركه هي "معركة مجدو" التي أظهر الملك فيها براعة في وضع الخطط الحربية وعنصر المفاجأة، وسجل الملك حروبه وانتصاراته على جدران معبد الكرنك والتي عرفت ب"حوليات تحتمس الثالث". وفي نهاية فترة حكم تحتمس الثالث أشرك معه ابنه "أمنحتب الثاني" الذي استطاع أن يحافظ على قوة واستقرار البلاد، ويظهر على هذا الملك شغفه بالرياضة العسكرية من الفروسية والقنص، حيث تدل موميائه على قوته البدنية، وله لوحة صور عليها تبين مهارته في استخدام القوس والسهم، واستمر هذا الملك في الفتوحات، ولعل من أشهر تلك الفتوحات قصة فتح يافا والتي كان قائدها يدعى "چحوتي" والذي استخدم حيلة تشبه فكرة حصان طروادة، وقصة علي بابا والأربعين حرامي. وبوفاة أمنحتب الثاني تولى ولده "تحتمس الرابع" الحكم، حيث تسابق مع أخوته للوصول إلى العرش، فلجأ "تحتمس الرابع" إلى رواية تحكي أنه أثناء إحدى رحلات صيده استراح عند تمثال أبو الهول، الذي كان مدفونًا في الرمال في ذلك الوقت، وأن المعبود "حور إم آخت" جاءه في نومه يطلب منه إزاحة تلك الرمال التي تسببت في خراب جسد التمثال، وأنه سوف يقدم له تاج مصر، وسجل الملك تلك القصة في لوحة توجد بين قدمى أبو الهول تعرف باسم "لوحة الحلم". وعندما جاء عهد الملك أمنحتب الثالث الذي وصل فيه الفن والعمارة المصرية القديمة إلى درجة عالية جدًا من الرقي، وتمكنت مصر في عهده في التأثير على جيرانها ثقافيًا وحضاريًا، ولم تقم أي حملات عسكرية، نظرًا لاستقرار الوضع الخارجي مع مصر، لكن كانت الدول الأخرى في حالة صراعات دائمة نظرًا لظهور قوى سياسية وعسكرية جديدة في منطقة بلاد الشرق الأدنى، وذلك حسب ما ذكرته لوحات عرفت ب"رسائل العمارنة"، التي تتحدث عن المراسلات السياسية التي تبادلها أمنحتب الثالث وابنه أمنحتب الرابع "أخناتون" مع ملوك الشرق الأدنى. عصر العمارنة ومع تولي أمنحتب الرابع "أخناتون" الحكم بدأ فصل جديد من تاريخ الأسرة الثامنة عشرة والدولة الحديثة، ولم يظهر الملك في بداية حكمه فكره بإزاحة المعبود آمون فقام بالتتويج في الكرنك وكذلك تسجيل قرابين لآمون في منطقة السلسلة بأسوان، حتى العام الثاني من حكمه أعلن الملك عن إزاحة آمون وأن آتون هو المعبود الرسمي، وقام بتغيير اسمه إلى "أخناتون"، وفي العام الرابع استطاع أن ينقل مقر الحكم إلى مدينته الجديدة "آخت آتون أي أفق آتون" بالقرب من تل العمارنة بالمنيا. وفي عصره حدثت طفرة جديدة في الملامح الفنية بمصر القديمة وعرف ب"فن العمارنة" الذي تميز بالواقعية وتصوير المظاهر العالية. كان أخناتون متزوجًا بزوجته الملكة الرئيسية نفرتيتي، وتزوج زوجة ثانية تدعى "كيا"، التي يرجح أنها والدة توت عنخ أمون، وبوفاة أخناتون وصل ملك يسمى "سمنخ كارع" الذي لا يعرف عنه معلومات إلا القليل، وجاء بعده توت عنخ آتون الذي في عهد أعيد آمون للصدارة وإعادة العاصمة إلى طيبة، وقام هذا الملك بتغيير اسمه إلى "توت عنخ آمون"، الذي بالرغم من صغر سنه وقلة أعماله كملك إلا أن مقبرته المكتشفة في وادي الملوك ساعدت على أن يذيع صيت هذا الملك، حيث تعد من أكثر المقابر اكتمالًا التي وجدت كنوزها الذهبية في حالة جيدة. وبعد وفاة "توت عنخ آمون" أرسلت زوجته إلى ملك الحيثيين تطالبه فيه بإرسال أحد أبنائه للزواج منها، وبالفعل أرسل هذا الملك أحد أبنائه الذي توفي في ظروف غامضة حيث من المرجح أنه قتل، لكن في مقبرة الملك "توت عنخ آمون" يظهر نقش للملك الذي تلاه، ويسمى "آي" يقوم بالشعائر الجنائزية، التي من المفترض أن يقوم بها الوريث الشرعي. وبوفاة آي وصل "حور محب" إلى العرش، وتمكن هذا الملك بفرض عدد من السياسات الداخلية لفرض النظام وإعادة الانضباط لفرض نفوذ السلطة السياسية والمركزية مرة أخرى بعد أن فقدت في عهد أخناتون، وكان حور محب هو آخر ملوك الأسرة الثامنة عشرة. عصر الرعامسة سميت الأسرة التاسعة عشرة من الدولة الحديثة ب"عصر الرعامسة"، وذلك بسبب حمل معظم ملوك تلك الأسرة اسم "رع مس سو أو رمسيس"، وأنشأ هذه الأسرة هو الملك رمسيس الأول، الذي كان يعد الرجل الثاني في الدولة في عهد الملك السابق حور محب، وأعقب رمسيس الأول ابنه الملك سيتي الأول، الذي استطاع أن يفرض النظام والإصلاح الداخلي للبلاد، وأقام عددًا من الآثار يأتي على رأسها معبد أبيدوس بسوهاج، وأشرك سيتي الأول ابنه "رمسيس الثاني" معه في الحكم حتى وفاته. كان عهد رمسيس الثاني مليئًا بالأحداث السياسية على المستوى الخارجي، على عكس السياسة الداخلية فكانت الدولة المصرية في عهده مستقرة الأركان ومزدهرة على جميع النواحي والمجالات، ولعل من أبرز الأحداث هي معركة قادش التي انتهت بعقد اتفاقية سلام مع ملك الحيثيين، وعرف عن رمسيس الثاني اهتمامه بالأعمال المعمارية، فلا يخلو مكان إلا ونرى اسم رمسيس الثاني، وقام الملك بإنشاء عاصمة جديدة هي مدينة "بر رعمسيس" بالقرب من قنتير بالشرقية وجعلها عاصمة جديدة للبلاد. وكان لرمسيس الثاني عدد كبير من الأبناء، وكان ولي عهده هو "خع ام واست"، لكنه توفي في حياة أبيه، فتولى ابنه الثالث عشر "مرنبتاح" مقاليد الحكم، وبدأ في عهده تظهر قوة أقوام عرفوا ب"شعوب البحر" إلا أن الملك استطاع الانتصار على الليبيين بسبب مساعدتهم لهم، وهذا ما ذكره في لوحة انتصاراته بجانب ذكر عدد من البلاد التي استطاع هزيمتها، وأعقب مرنبتاح مشاكل سياسية في الوصول على العرش وعدد من الصراعات التي أدت إلى نهاية تلك الأسرة التي كانت آخر من حكمها الملكة "تاوسرت". جاءت الأسرة العشرون الجديدة على يد الملك "ست نخت"، الذي لم يدم حكمه طويلًا، وخلفه على العرش الملك "رمسيس الثالث"، الذي أراد أن يسير على خطى رمسيس الثاني، واستطاع رمسيس الثالث أن يصد هجمات الليبيين وشعوب البحر، وأن يحقق انتصارات متتالية عليهم، وقام بإنشاء معبده في الأقصر، الذي يعرف ب"معبد هابو"، وتبع رمسيس الثالث ملوك حملوا نفس الاسم حتى نهايتها مع الملك "رمسيس الحادي عشر. عصر الانتقال الثالث تتكون هذه الفترة من الأسرات الحادية والعشرين حتى الرابعة والعشرين، وقسمت مصر في عصر الأسرة الحادية والعشرين إلى إقليمين أحدهما في الجنوب يديره كهنة آمون رع في الكرنك وعلى رأسهم الكاهن "حريحور"، والآخر في الشمال على رأسهم "سمندس" وكان مقرهم في تانيس "صان الحجر بالشرقية"، ويبدو أن العلاقة بين البيتين كانت تسير بشكل طبيعي، وهذا ما عكسته قصة أحد الكهنة يسمى "ون آمون" الذي خرج في رحلة ملكية وساعده فيها ملوك البيت الشمالي، ومن أشهر ملوكها "بسوسنس الأول، آمون أم أيبت، ويب آمون". تحول الحكم في الأسرة الثانية والعشرين إلى أسرة من أصل أجنبي اختلف المؤرخون حول ماهيته، عرف ملوكها الأوائل أنفسهم ب"زعيم الما" التي ترجع أصولها إلى أحد المستوطنات الليبية، ولكنها أحيانا ما كانت تكتب زعيم الأجانب، إلا أن النفوذ الديني لكهنة آمون في طيبة كان لا يزال بلا منازع، وكان من أهم ملوك هذه الأسرة "شاشانق الأول، أوسركون الثاني، و تكلوت الأول". أما عن الأسرتين الثالثة والعشرين والرابعة والعشرين فحكما من مناطق مختلفة، ولا يوجد لهما تواريخ محددة، ولا يوجد لدينا عنهما معلومات غزيرة، ومن هؤلاء الملوك "تكلوت الثاني، أوسركون الثالث، باك ان رع نف". أما الأسرة الخامسة والعشرين التي نشأت في مملكة كوش في النوبة العليا "شمال السودان"، حيث استطاع الملك "بعنخي" في الزحف شمالًا نحو الشمال، واستطاع السيطرة على طيبة، واستمر زحفه نحو الشمال، واستطاع أن يهزم تحالفات أمراء الشمال، واستمر في السيطرة على المدن بالشمال حتى فرض سيطرته التامة على مصر، وخلفه على حكم مصر "شباكا، طهرقا، تانوت أماني". عصر الصحوة هي الأسرة السادسة والعشرين، وتعرف ب"الأسرة الصاوية أو الأسرة السايسية"، نسبة إلى مقر حكمهم في مدينة سايس "صا الحجر بالغربية"، وحاول ملوك هذه الأسرة استعادة أمجاد الحضارة المصرية مرة أخرى في جميع النواحي، حتى إنهم عادوا لاستخدام التأثيرات القديمة في فنونهم. عندما عاد بسماتيك الأول "واح إيب رع" من سوريا بعد أن عينه آشور بانيبال ملكًا على مصر وذلك نظير مكافأة لإخلاص والده نكاو، بتعيينه ملكًا تبدأ مع بسماتيك الأول الأسرة السادسة والعشرين، وعند توليه الحكم كانت مصر مقسمة بين بيتين في الجنوب تحت حكم منتومحات في الجنوب وبعض أمراء الدلتا الموالين للجانب الآشوري، وقد أراد بسماتيك أن ينهي هذا الانقسام وإعادة السيطرة المركزية للبلاد. ونشطت العلاقات التجارية مع المدن الإغريقية، ونظرًا لذلك كان الإغريقيون الملتحقين بالجيش المصري أو المرتزقة يعودون لبلادهم يحكون عن مدى ازدهار وتطور الفكر والحضارة المصرية ورقي صناعتها والحياة الفكرية، ومن أشهر ملوك تلك الأسرة "بسماتيك الثاني، أحمس الثاني، بسماتيك الثالث. نهاية الأسرات المصرية القديمة مع دخول الفرس مصر بداية من الأسرة السابعة والعشرين، الذين عملوا على استغلال أرض مصر للاستفادة منها ونزف ثرواتها لصالح بلاد فارس، ومن أشهر ملوك الفرس في هذه الأسرة هو دارا الأول الذي قام بإنشاء قناة مائية تربط النيل بالبحر الأحمر عن طريق وادي الطميلات والتي كان بدأها الملك نكاو. وفي الأسرة الثامنة والعشرين التي تكونت من ملك واحد يسمى "أميرتايوس" الذي استطاع إزاحة الفرس عقب وفاة دارا الثاني، ولا نعلم الكثير عن فترة حكمه، وتبعته الأسرة التاسعة والعشرون التي استطاعت الوصول للحكم عقب صراعات على السلطة، واختتمت الأسرات المصرية بظهور الأسرة الثلاثين التي حاولت أن تعيد أمجاد الماضي، وذلك إثر إطاحة نختنبو الأول بآخر ملوك الأسرة التاسعة والعشرين، وفي عهد تلك الأسرة حاول الفرس في إعادة احتلال مصر مرة أخرى ففشلت المحاولة الأولى لكن المرة الثانية تمكن الفرس من السيطرة على مصر، وحاول أحد الأفراد يمسى "خباش" مواجهتهم وتنصيب نفسه ملكًا لكنه لم ينجح. وأعقب الفرس دخول الإسكندر الأكبر مصر وبوفاته تم تقسيم إمبراطوريته على قواده، فكانت مصر من نصيب قائده بطلميوس لتدخل مصر في عصر يسمى بعصر الملوك البطالمة، الذين انتهوا عقب هزيمتهم على يد الرومان، وهنا تحولت مصر إلى ولاية تابعة لأول مرة في تاريخها. وأعقب الرومان دخول عمرو بن العاص مصر وظهور الدولة المستقلة بعد ذلك مثل الطولونية والإخشيدية وصولًا إلى المماليك، الذين انتهوا على يد الوالي محمد علي باشا ليحكم مصر الأسرة العلوية أو الفترة الملكية التي انتهت بثورة يوليو 1952 م وإعلان الجمهورية المصرية.