"المركز ده في دكاتره بيتاجروا في الأعضاء.. بيكسبوا فلوس من بيع لحم الناس" .. كلمات جاءت على لسان أحد قيادات الشرطة" أثناء اقتحام أحد المركز الطبية بمركز أبو النمرس جنوب محافظة الجيزة. كلمات ضابط الشرطة كانت إجابة على سؤال أحد أصحاب المحال التجارية الملاصقة للمركز الطبي، "هو في إيه يا بيه.. إن شاء الله يكون خير؟" كانت عقارب الساعة تشير الثامنة من صباح الخميس الماضي، حين طوقت قوة أمنية من مديرية أمن الجيزة، يرافقها لجنة خاصة من إدارة التفتيش بوزارة الصحة، وفجآة تحول هدوء الشارع إلى ضجيج، أصوات سيارات الشرطة لا تنقطع، شرفات المنازل مكتظة بالمتفرجين. دقائق قليلة مرت، وقوات الشرطة تواصل إنتشارها، بينما صعد بعضهم إلى الطابق العلوي بالمركز الطبي، وآخرون قاموا بمحاصرة سيارة ملاكي فارهة كانت قد توقفت قبل قليل أمام المركز الطبي الذي يحمل أسم "عيادات الشيمي التخصصية". تحركات رجال الشرطة في المكان كانت تشير إلى وجود واقعة ليست عادية، هذا ماأكده عدداً من أهالي المنطقة خلال حديثهم ل «التحرير» يقول صاحب أحد المحال التجارية المجاورة للمركز الطبي، إن أحد ضباط الشرطة أكد لهم أن أطباء هذا المركز الطبي أحترفوا تجارة الأعضاء البشرية مقابل مبالغ مالية كبيرة. تحريات الأجهزة الأمنية أكدت إجراء المركز لجراحة استئصال كُلى وجزء من كبد شاب مصري لصالح سيدة سعودية مقابل 20 ألف دولار. وسط هذا الضجيج وقفت سيدة أربعينية أمام باب المركز، هي حارسة العقار المجاور له، وقفت مندهشة تردد «يارب سترك.. يارب هات العواقب سليمة.. الناس اللي بييجوا المركز هنا كلهم ناس غلابة».
بينما يلتقط شاب يقف إلى جوارها أطراف الحديث ليؤكد « مانعرفش أي حاجة بخصوص الكلام اللي بتردد عن اتجار دكاترة المركز في الأعضاء البشرية.. كل اللي نعرفه أن الدكتور صاحب المركز كان ملتزم وفي حاله ومابيحبش المشاكل، ماحدش مصدق، الراجل ده كان عامل الكشف بمبالغ رمزية». على بعد خطوات من المركز يقع أحد محال «السوبر ماركت»، إذ يؤكد العاملين فيه أن الدكتور «عبد الناصر» صاحب المركز الطبي اعتاد شراء احتياجات منزله من السوبر ماركت بشكل أسبوعي معلقاً "كان بيحب يضحك معانا ومالوش في المشاكل"، بينما أكد أحد العمال أن سيارات الإسعاف كانت تتوقف أمام الباب الخلفي للمركز في ساعة متأخرة من الليل. التحريات أكدت أن الدكتور عبد الناصر كان مديرا لمستشفى أبو النمرس العام، قبل أن تتم ترقيته إلى مسؤل وحدات الغسيل الكلوي بمحافظة الجيزة. «دا أخو مرات الدكتور، صاحب محل أدوات منزلية».. جملة قالها أحدهم وهو يشير إلى شاب ثلاثيني، كان يقف مذهولا على أبواب هذه المركز، يحاول استجماع قواه التي خارت، فلم تمر سوى ساعات على وصوله من رحلة عمل بدولة الصين.
«ما نعرفش أي حاجة عن اللي بيحصل حوالينا ده.. وسمعنا من الناس عن الواقعة.. لكن لا يمكن تكون صحيحة، أحنا مش مصدقين اللي بيحصل لحد دلوقتي».. كلمات خرجت بمرارة من أحد أقارب صاحب المركز الطبي، وتابع "الصدمة كبيرة علينا وعلى جيران الدكتور عبد الناصر وأهله.. دا بيروح شغله من النجمة وبيتقي ربنا فيه». بينما يلتقط شقيق زوجة الطبيب أطراف الحديث ليؤكد: «ده مكنش عارف يدخل بنته الصغيرة جامعة خاصة.. وقال ما أقدرش على مصاريفها.. لو بيتاجر في الأعضاء كان قدم لبنته في كلية خاصة ولا حتى مدورش على المرتب؟" تابع الشاب الثلاثيني، «ده كان مترشح لمركز كبير في الوزارة"، يوضح أن الدكتور عبد الناصر كان سيجمعه لقاء بأحد كبار مسؤولي الوزارة من كام يوم عشان ترشيحه لمنصب كبير في الوزارة» يتابع الشاب، ولسان حاله يقول أن المصائي لا تأتي فرادي، إذ أكد أن موعد حفل زفاف ابنة مالك المركز الكبرى ليقام الشهر المقبل، مشيراً إلى أن مالك مركز الشيمي الطبي رزقه الله بثلاث فتيات أكبرهن خريجة صيدلة، وآخرى طالبة بكلية التربية الرياضية، وأصغرهن حصلت على 95.5% في الثانوية العامة هذا العام. وكانت معلومات وردت إلى ضباط قطاع الأمن الوطني، بقيام مجموعة من الأطباء يعاونهم ممرضين وعمال بتكوين شبكة لتجارة الأعضاء البشرية، وأنهم اتفقوا مع عدد من المواطنين على نقل بعض أعضائهم البشرية، لمرضى أجانب مقابل مبالغ مالية كبيرة، مستغلين حاجتهم للمال. وداهمت قوات الأمن المركز الطبي بأبو النمرس -التاسعة صباح الخميس الماضي- وألقت القبض على 3 أطباء، 4 ممرضين، 3 عاملين بمستشفيات، و2 سماسرة، أثناء إجراء جراحة استئصال كُلى وجزء من كبد شاب مصري تمهيدا لزرعها لمريض خليجي مقابل 20 ألف دولار، وعُثر بحوزتهم على مبالغ مالية، وتم تشميع المركز بالتنسيق وزارة الصحة، فيما وأمرت نيابة حوادث جنوبالجيزة الكلية، برئاسة المستشار عبد الحميد الجرف، بضبط وإحضار 4 متهمين.