نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، مقالًا عن ارتفاع نسبة حوادث القتل في مدينة تيكومان في ولاية كوليما جنوب غرب المكسيك، التي تعد أحد أكثر الأماكن أمانًا في المكسيك، وكان يفر إليها الهاربون من مناطق المعارك مع تجار المخدرات. وفي العام الماضي أصبحت المدينة أكثر البلديات دموية على مستوى المكسيك، مع معدل حوادث قتل أقرب إلى مناطق الحروب، ومن المتوقع أن يتضاعف عدد حوادث القتل هذا العام، لتصبح المثال الأوضح للكارثة القومية التي تمر بها المكسيك. ووصلت المكسيك إلى أكثر فتراتها دموية، حتى مقارنة بفترة الحرب على الجريمة المنظمة التي استمرت طوال عقد، والتي راح ضحيتها أكثر من 100 ألف قتيل و30 ألف مفقود، والتي لم تخمد نيرانها حتى الآن، إلا أن الوضع يزداد سوءًا. فخلال الشهرين الماضيين، أظهرت السجلات الحكومية وصول جرائم القتل على مستوى المكسيك إلى أعلى مستوياتها منذ 20 عامًا. تلك الزيادة المرعبة تعد جرس إنذار لزيادة العنف بين عصابات المخدرات، وإشارة إلى اجتياح العصابات الإجرامية في المكسيك، مناطق كانت آمنة في الماضي، متسببين في سيل من الدماء، تجاوز ما وصلت إليه المكسيك خلال ذروة الحرب على المخدرات في 2011. وأشار خوسيه جارسيا نجريت عمدة تيكومان، إلى أن ما يحدث هنا، مثله في الولاية كلها، وكذا في المكسيك كلها.. "إنه أشبه بسرطان". وقبل تولي الرئيس المكسيكي بينيا نييتو منصبه، وعد بتغيير الصورة الدولية عن المكسيك، وتحويلها من دولة موسومة بارتفاع معدلات القتل، إلى دولة رائدة في مجال الاتصالات والتعليم والتجارة، وفي البداية نجحت خطته، حيث ارتفعت العائدات من السياحة، وقلت نسبة حوادث القتل. لكن سرعان ما عادت الأمور كما كانت، حيث ارتفعت معدلات حوادث القتل، ووصل العنف إلى أماكن لم يصل إليها من قبل، حيث أشار ديفيد شيرك المدرس بجامعة سان دييجو إلى أن إدارة بينيا نييتو لم تأخذ مشكلة العنف بجدية، أو لم تفهم طبيعة الظرف الذي تختبره المكسيك، حيث اعتقدوا أنه بإمكانهم الاعتماد على التسويق لتحويل انتباه المواطنين عن العنف والتركيز على الأشياء الإيجابية. جدير بالذكر أن المكسيك انتهت العام الماضي من تطبيق نظام قانوني جديد بدأ إعداده منذ 2008، بمساعدة من الحكومة الأمريكية بقيمة 300 مليون دولار، والذي يعد أهم تغيير في النظام القضائي خلال السنوات الماضية، حيث بني على غرار النظام المطبق في الولاياتالمتحدة. وساعد النظام الجديد في القضاء على الفساد، حيث تقدم الأدلة في جلسة علنية بالمحكمة، مع عدم احتجاز المشتبه بهم دون أدلة، الأمر الذي دعا العديد من المسؤولين إلى الادعاء بأن القانون سبب في زيادة معدل الجرائم. وأشار عمدة تيكومان إلى أن الحكومة الفيدرالية أرسلت أفرادًا من المارينز والجيش والشرطة العسكرية إلى المدينة العام الماضي، وفي الأشهر الأولى من 2017 زادت حدة العمليات ضد الجريمة المنظمة، إلا أن النتيجة لم تتغير كثيرًا، بل على العكس زادت معدلات حوادث القتل. وأكد أنه لا يمكنك أن تحل مشكلة مهمة مثل تلك المشكلة عن طريق معالجة الفروع، يجب أن تقتلعها من جذورها. ونوهت "نيويورك تايمز" بأن السياسة التي تتبعها كل من أمريكاوالمكسيك في حربهما على المخدرات، والتي تعتمد على الضغط بلا هوادة على تجار القادة الكبار في العصابات لم توقف العنف. وعلى العكس من ذلك، يرى عدد من الخبراء أن تسليم المكسيك تاجر المخدرات الشهير "آل تشابو" إلى الولاياتالمتحدة تسبب في موجة من العنف، بسبب محاولات ملء فراغ السلطة الذي حدث بعد القبض عليه. ويبدو أن أهالي المدينة اعتادوا على الأمر، فما زالت المطاعم تعج بالزبائن، وتقيم الأسر حفلات تعميد الأطفال، وفي الليل تمتلئ الميادين بالمواطنين، حيث يلعب الأطفال كرة القدم، فيما أشارت أنجيلا هيرنانديز إحدى سكان المدينة إلى أن قلة من المكسيكيين هم المتورطون مع العصابات، مضيفة: "من الأفضل أن نعتاد على هذا الأمر، فلا أعتقد أن هناك شيئًا سيتغير".