موجة جديدة من الاضطرابات بدأت تظهر مجددًا على الساحة الخليجية، بعد رفض قطر تنفيذ مطالب الدول المقاطعة، حتى وصلت إلى حد المواجهة العلنية والاتهامات المباشرة، فسرعان ما تحولت الدوحة من موضع اتهام بتمويل الإرهاب والتدخل في شؤون الدول المجاورة إلى لسان قوة، وزاد الأمر باتهام الدول العربية بالتأثير على مواقف دول أخرى بالرشاوى لحملها على قطع العلاقات معها، غير مبالية بالوحدة والتعاون الخليجي. الهجمة القطرية الجديدة، جاءت على لسان نائب رئيس مجلس الوزراء القطري ووزير الطاقة والصناعة القطري السابق، عبد الله بن حمد العطية، وذلك بعدما اتهم الدول الأربع بانتهاج أسلوب انتقائي فوضوي، لا يعبر إلا عن حال ذاتها، مؤكدًا في الوقت ذاته أن قطر لن تعود كما كانت، وأنها تعلمت ألا تثق بالأخوة والأشقاء بعد فرض هذا الحصار. وأشار "العطية" إلى أن بلاده مستعدة للتعايش والتعامل مع كافة احتمالات الأزمة الخليجية والحصار المفروض عليها، كونها استوعبت درسًا قاسيًا من تلك الأزمة، قائلًا: "درس مفيد لنا كيف نتعامل مع اقتصادنا وأسواقنا واعتمادنا على النفس أكثر من اعتمادنا على الآخرين". لم يترك المسؤول القطري السابق الأمر عند هذا الحد، بل اعتبر أن الدول الخليجية قضت على مجلس التعاون، وأن التلاحم والوحدة العربية لن تعود إلى سابق عهدها إلا بشروط الدوحة، موضحًا "أسسنا مجلس التعاون في عام 1981، وفي نظري الشخصي أعتبر مجلس التعاون منتهيًا". تصريحات "العطية" أكدت مما لا شك فيه، أن عودة قطر إلى أحضان الخليج باتت مستحيلة، بل من الممكن أن تخلق حربًا لا يمكن إخمادها، وذلك بعد توجيه صيحات استهجان ضد حاكم الإمارات - حيث تساءل: "لماذا لم تقاطع الإمارات الغاز القطري إلى الآن؟.. لأن 30% من إنتاجها للكهرباء يعتمد على الغاز القطري، فإذا كنا دولة إرهابية لماذا يشترون منا الغاز، ويدفعوا لنا مئات ملايين الدولارات؟" في الوقت نفسه، تعجب المسؤول من تصرف السعودية وتزعمها ذلك الحلف المُركَب من تناقضات كبيرة وليس له وجه أو مبدأ، مؤكدًا في الوقت نفسه على أهمية المملكة لأنها تعد عمقًا استراتيجيًا واجتماعيًا لقطر. واتهم العطية "دول الحصار" بالتأثير على مواقف دول أخرى بالرشاوى لحملها على قطع العلاقات مع الدوحة، مقدرا في هذا السياق مواقف الكويت وسلطنة عمان لاتخاذهما "موقفا راقيا" من الأزمة ورفضهما كافة الضغوط التي مورست عليهما حسب قوله. وفيما يخص علاقة قطر بإيران، قال المسؤول القطري السابق: إنه "إذا كانت المشكلة في ذلك، وكانت لدى دول الخليج رغبة في قطع العلاقات مع طهران ومقاطعتها اقتصاديا وسياسيًا وجويًا، فإن قطر على استعداد للالتزام بهذه المقاطعة شرط أن توقع دول الخليج الست على اتفاق بهذه المقاطعة وتلتزم به". وكانت قد أصدرت دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ومملكة البحرين وجمهورية مصر العربية بيانًا مشتركًا بعد استلام الرد القطري من صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت الشقيقة . وجاءت الإمارات في أول الدول التي ردت على رفض الدوحة لشروط الوحدة، حيث أكدت أن تعنت الحكومة القطرية ورفضها للمطالب التي قدمتها الدول الأربع يعكس مدى ارتباطها بالتنظيمات الإرهابية واستمرارها في السعي لتخريب وتقويض الأمن والاستقرار في الخليج والمنطقة وتعمد الإضرار بمصالح شعوب المنطقة بما فيها الشعب القطري الشقيق. أما الجانب المصري، فقد استنكر رفض الدوحة لمطالب، معتبرة أن "تنظيم الحمدين" القطري يواصل دعم الجماعات الإرهابية والمتطرفة، وأن الرد الحقيقي على الإرهاب يجب أن يكون شاملا، فلا يمكن التعامل مع جماعة إرهابية واحدة وإهمال الأخرى، بحسب سامح شكري وزير الخارجية. هجوم "وزير الخارجية" أكد أن مصر دفعت ثمنًا باهظًا من خسائر في أرواح المدنيين وأفراد الجيش والشرطة والنساء والأطفال"، وأنه لا بديل سوى الرد بشكل شمولي، سيشجع الحكومة القطرية على تغيير سياساتها، فيما يتعلق بتشجيع وإيواء الإرهابيين داخل أراضيها والاستمرار فى تقديم السلاح للتنظيمات الراديكالية المتطرفة. وفي هذا الإطار، كشف المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، أحمد أبو زيد، عن عزم مصر لتقديم أدلة جديدة إلى مجموعة الاتصال الاستراتيجي بالتحالف الدولي ضد "داعش" تبرهن على دعم دول بعينها للتنظيمات الإرهابية في إشارة إلى "قطر". ليس هذا فقط، بل إنها ستطرح رؤيتها الشاملة في محاربة الإرهاب بكل وضوح ودون أية مواءمات سياسية، مطالبة بضرورة بلورة موقف حازم تجاه تلك الدول، حيث أن يد الإرهاب الغاشمة ماتزال مستمرة في جرائمها التي تستهدف حصد الأرواح البريئة". الضربات المستمرة من الجانب المصري تكاد تكون الحلقة الأهم وسط الصراعات القائمة بين الدول المقاطعة، حيث أنها تمتلك أدلة عديدة حول إرهاب قطر ومشاركتها في عمليات عديدة داخل وخارج الدول العربية، وهذا ما أكده ممثل مصر في مجلس الأمن، إيهاب مصطفى، حينما لجأ إلى مجلس الأمن، وطالب بالتحقيق في اتهامات قطر بدفع فدية لجماعة إرهابية عراقية، تقدر بمليار دولار، لإطلاق سراح 26 شخصًا منهم 24 قطريًا بعضهم من الأسرة الحاكمة. يذكر أن منطقة الخليج تشهد توترًا كبيرًا على خلفية إعلان كل من السعودية والإماراتوالبحرين ومصر، في الخامس من مايو، عن قطع جميع العلاقات الدبلوماسية مع قطر ووقف الحركة البحرية والبرية والجوية مع هذه البلاد، حيث اتهمت هذه الدول السلطات القطرية بدعم الإرهاب وزعزعة الاستقرار في المنطقة، إلا أن قطر نفت هذه الاتهامات، مؤكدة أن هذه الإجراءات غير مبررة وتقوم على مزاعم وادعاءات لا أساس لها من الصحة".