يبدو أن الوقت الذي أتيح لقطر قد انتهى، ولم يتبقى بيد الدول المقاطعة سوى التصعيد لتحقيق أهدافها بدحر الإرهاب وتجفيف منابعه، إلا أن الدوحة لم تراعي التلاحم العربي، وحولت القضية إلى تحدٍ عسكري، غافلة عن البعد السياسي والأمني الذي قد يهدد المنطقة العربية. لم تترك الأمر عند هذا الحد، بل اعتبرت أن المقاطعة التي اتخذتها الدول العربية تجاهها "حصارًا"، رغم أن أجواؤها ومياهها مفتوحة لدول تسعى لزعزعة الاستقرار وفرض السيادة بالمنطقة أمثال إيران وتركيا. عسكرة قطر المثير في الأمر أن "عسكرة قطر للقضية" أصبح نهجًا مريبًا، بعد أن سمحت بوجود قوات تركية على أراضيها مدعومة بعناصر إيرانية، من أجل حماية السلطة الحاكمة والعناصر الإرهابية وتوفير ملاذ آمن لهم. فلجوء الدوحة إلى القوات الأجنبية، يعطي انطباعًا لدة دول الغرب أنها تحت التهديد، ويجب ردع كل من تسول له نفسه بالتطاول على السيادة القطرية، بحسب زعم وزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني. بالأمس، أعلن الوزير القطري أن بلاده ترفض قائمة المطالب العربية، التي تسلمتها الدوحة أخيراً، كونها وُضعت لكي تُرفض"، مضيفا أن الإنذار الذي وجهته هذه الدول لنا لا يستهدف مكافحة الإرهاب، وإنما يتعلق بتقويض سيادة قطر"، مؤكدًا أن بلاده مستعدة للحوار بالشروط المناسبة. لكن سرعان ما بادرتها السعودية برد حاسم، قائلة: إننا "نرفض دعم قطر للإرهاب والتطرف، وتعريضها أمن المملكة والمنطقة للخطر، وأن مقاطعتها جاءت من أجل توجيه رسالة للدوحة مفادها لقد طفح الكيل". وأوضح عادل الجبير وزير الخارجية السعودية أن قطر لم تلتزم بتعهداتها ولم تف بوعودها حول وقف دعم وتمويل الإرهاب وعدم التدخل في شؤون الدول المجاورة، وهو ما سيدفعنا إلى فرض عقوبات من شأنها ستحافظ على الأمن القومي العربي. وأكد أنه لا تفاوض مع قطر بشأن قائمة المطالب، وقرار التوقف عن دعم الإرهاب في يد السلطات القطرية. الرد الحاسم سيناريوهات عديدة صرح بها مسؤولين لصحيفة "الجارديان البريطانية" حول الموقف العربي تجاه قطر، والعقوبات التي ستُتخذ من أجل التصدي للتوغل التركي والإيراني في المنطقة العربية عبر بوابة قطر. أولًا: قطع جميع العلاقات عمر غباش، سفير دولة الإمارات العربية المتحدة لدى موسكو، أوضح أنه في حالة رفض قطر مطالب الدول العربية، فإننا سنقطع جميع علاقاتنا مع قطر الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. ثانيًا: عقوبات اقتصادية أشار المسؤول الإماراتي إلى أن دول خليجية تدرس فرض عقوبات اقتصادية جديدة على قطر، وقد تطلب من شركائها التجاريين الاختيار بين العمل معها أو مع الدوحة. ثالثًا: الطرد من مجلس التعاون الخليجي قضية طرد قطر من مجلس التعاون الخليجي عقوبة هي محتملة ومطروحة للنقاش، لكنها ليست العقوبة الوحيدة المتاحة، حيث أن موقف دول الخليج لا يتعارض مع كونها أعضاء في مجلس التعاون، لأنها منظمة مشتركة للدفاع والأمن، وفقًا ل"غباش". رابعًا: عزل قطر عن بيئتها الطبيعية عزم الدول المقاطعة على عزل قطر عن بيئتها الطبيعية، حالة عدم تنفيذها المطالب، وهو القرار التي اتخذته الدوحة أمس، بحسب أنور قرقاش، وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية. إجراءات احترازية وفي هذا الصدد، عكفت السعودية والإمارات والبحرين ومصر على إبلاغ منظمة التجارة العالمية رسميا، السبت، بقانونية الإجراءات التقييدية المتخذة من قبلها ضد قطر وتوافقها مع القانون الدولي وقواعد المنظمة. وأكدت الدول المقاطعة في بيان مشترك، أن جميع الإجراءات التي تم اتخاذها تتفق مع الأنظمة الدولية التي تتيح قانونيًا المجال للدول الأعضاء للتحرك ضد أي دولة تمس أمنها واستقرارها، وهو حق سيادي يتماشى مع المادة 21 من الاتفاقية العامة للتجارة في السلع. وتشير "المادة" إلى أنه في حالة الطوارئ بالعلاقات الدولية، فإن الالتزامات الواردة في الاتفاقية تسمح للدول الأعضاء باتخاذ الخطوات التي تعتبرها ضرورية لحماية مصالحها وأمنها الوطني. كما تكفل المادة 14 من اتفاقية الخدمات، والمادة 73 من اتفاقية الملكية الفكرية الموقع عليها من الدول الأعضاء، وأيضًا تكفل جميع الحقوق السيادية للدول لاتخاذ أي إجراء لحماية أمنها الوطني واستقرارها من الانتهاكات التي قد تتعرض لها. نهاية أسرة تميم العقوبات المحتملة والقرارات العربية التي وُضعت قد تكون نهاية الأسرة الحاكمة، وذلك بعد أن كشفت المعارضة القطرية منى السليطي، عن حقائق حول دعم قطر للإرهاب وعصابات المافيا، موضحة أن الدوحة أصبحت مستعمرة إيرانية بعد قرار المقاطعة العربية وقوات الباسيج منتشرة في شوارع الدوحة، وأن علاقة الدوحة بطهران تأتي لتنفيذ الأجندة الإيرانية بالمنطقة العربية. وتابعت أن إيران تمتلك نفوذا غير محدود في صناعة القرار القطري، وأن عناصر تدين بالولاء لطهران متنفذة في كل مفاصل ومؤسسات الدولة القطرية. ولفتت المعارضة القطرية، إلى أن الشيخة موزة المسند والشيخ حمد الأمير السابق والشيخ حمد بن جاسم، هم جميعا دولة داخل الدولة يتنازعون القرار القطري. وأوضحت "السليطي" أن الفساد ينخر في مؤسسات الدولة القطرية وأن شبكات المصالح ومراكز القوى هي من تحكم قطر، مشيرة إلى أن قطر استخدمت أموال الشعب القطري في تجنيد الشباب من دول إفريقيا وآسيا والوطن العربي للتنظيمات الإرهابية واستهداف الدول العربية. ليس هذا فحسب، بل اعتبرت أن تواجد الجيش التركي في قطر يمثل احتلالا أبيض للدوحة على غرار الانقلاب الذى حدث في قطر عام 1995، موضحة أن وجود الباسيج الإيراني والحرس الثوري في قطر إلى جانب قوات تركية، وتساءلت: لماذا تستعين الدوحة بهذه القوات؟. وعلى جانب آخر، بدأت مصر في اتخاذ خطوات تأديبية تجاه الأمير الصغير وعائلته، حيث لجأت إلى مجلس الأمن، وقدمت شكوى ضدها، ما يُحِول القضية إلى محاكمة أمام الجنائية الدولية. ودعا ممثل مصر في مجلس الأمن، إيهاب مصطفى، للتحقيق في اتهامات قطر بدفع فدية لجماعة إرهابية عراقية، تقدر بمليار دولار، لإطلاق سراح 26 شخصًا منهم 24 قطريًا بعضهم من الأسرة الحاكمة. من جانبه، رحب البرلمان المصري بتقديم دعوى أمام الجنائية الدولية بعد شكوى مجلس الأمن للتصعيد ضد قطر ولمحاكمة أمير قطر والأسرة الحاكمة وأعضاء الحكومة القطرية من المتورطين في التحريض على الإرهاب ومساندته، وكذلك مدير قناة الجزيرة وبعض العاملين فيها أمام المحكمة الجنائية الدولية. تجاوز تميم في المقابل قال جلال الرشيدي، سفير مصر في الأممالمتحدة سابقًا: إن "مجلس التعاون الخليجي حاول رأب الصدع بين الدول العربية، حتى لا يكون هناك انشقاقًا في الصف وحفاظًا على الوحدة". وأكد "الرشيدي" في تصريحات ل"التحرير"، اليوم الأحد، أن المملكة العربية السعودية اعتبرت أن تميم تجاوز الخطوط الحمراء، وهو ماقد يتسبب في تعليق عضويتها بمجلس التعاون الخليجي لفترة محددة، إضافة إلى تقليل العلاقات التجارية". يذكر أن منطقة الخليج تشهد توترًا كبيرًا على خلفية إعلان كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر، في الخامس من مايو، عن قطع جميع العلاقات الدبلوماسية مع قطر ووقف الحركة البحرية والبرية والجوية مع هذه البلاد، حيث اتهمت هذه الدول السلطات القطرية بدعم الإرهاب وزعزعة الاستقرار في المنطقة، إلا أن قطر نفت هذه الاتهامات، مؤكدة أن هذه الإجراءات غير مبررة وتقوم على مزاعم وادعاءات لا أساس لها من الصحة". وكانت قد سلمت الكويتلقطر قائمة ب13 مطلبًا مقدمين من السعودية والإمارات والبحرين ومصر، بعد 18 يومًا من المقاطعة.