على طريقة شركة أو مصنع كبير يعاني من أزمة، فتقرر إدارته بقاء الرواتب المرتفعة لكافة القيادات والمستشارين وأعضاء مجلس الإدارة، في مقابل تخفيض عدد العمالة القائم عليها عملية الإنتاج أو تقليل مرتبتهم وضغطهم، مع أنه يمكن توفير كثير من النفقات من جهات أخرى، هكذا تفعل حكومة المهندس شريف إسماعيل في إدارة ملف الزمة الاقتصادية بعد رفع سعر المحروقات الأخير. في محاولة من الحكومة لتقلي عجز الموازنة، قررت تحرير جزئي جديد للدعم الذي تقدمه على المحروقات، نتج عنه ارتفاع أسعار عديد من السلع المرتبطة بالوقود والنقل، وأمام هذا ربما يلجأ البنك المركزي مثلما فعل البنك في رفع سعر الوقود في نوفمبر الماضي برفع سعر الفائدة في البنوك. هناك حالتين عكس بعض يضطر البنك المركزي معها لرفع وخفض سعر الفائدة، الأولى: «يرفع البنك المركزي الفائدة عندما ترتفع نسبة التضخم في الاقتصاد (زيادة أسعار السلع والخدمات) وبالتالي يجعل سعر الأموال غاليا فيتراجع الاقتراض للأشخاص والأعمال ويقل الإنفاق والطلب على الاستهلاك فينخفض التضخم». والحالة الثانية: «يخفض البنك المركزي الفائدة في حالة الركود الاقتصادي فيجعل سعر الأموال رخيصا فيزيد الاقتراض وبالتالي الإنفاق الاستهلاكي وينتعش الاقتصاد فيخرج من الركود». ويرى دكتور مدحت نافع أستاذ الاستثمار والتمويل، أن الأزمة أكبر من مجرد تقليل عجز الموازنة، موضحا أن هناك مشكلة في الإنتاج والاستثمار، ورفع سعر الفائدة يضع مشكلة أمام الاستثمار ويؤدي لعرقلته. الخميس المقبل ستجتمع لجنة السياسات النقدية ولم يتضح بعد هل سيلجأ البنك المركزي إلى رفع سعر الفائدة كما فعل من قبل أم سيبقي على السعر كما هو؟ خاصة بعد فشل عطاء أذون الخزانة الأخير. ويشير نافع إلى أن البنك المركزي ليس أمامه بعد القرار الأخير برفع سعر المحروقات إلا احتمالين بتثبيت سعر الفائدة الحالي وهو مرتفع، أو رفع سعرها، لافتا لضرورة التنسيق مع الحكومة لأن رفع سعر الفائدة يزيد خدمة الدين الداخلي، ويزيد من عجز الموازنة، خاصة أن العجز في الموازنة الجديدة يمثل أكثر من ثلث الموازنة. ويوضح نافع أن اتخاذ قرار برفع سعر الفائدة بعد رفع سعر المحروقات يؤدي إلى ركود تضخمي، لأن الأزمة ليست في زيادة المعروض النقدي، بل أزمة في الإنتاج والاستثمار، ويرى أن الحكومة اتخذت الطريق الأسهل بتحميل المواطن فاتورة تقليل عجز الموازنة، ولم تتجه لحل مشكل الإنتاج والكفاءة وتقليص عدد موظفيها، وإعادة هيكلة الرواتب والتخلص من المستشارين. وأشار إلى ضرورة تحرير السوق والسماح بوجود منافسة للقطاع الخاص في قطاعات مختلفة من بينها الكهرباء، مما يعمل على تقديم أفضل خدمة للمواطن بأفضل الأسعار.