كتب: عبدالرحمن محمود أعلنت وسائل الإعلام الألمانية، مساء اليوم، نبأ رحيل المستشار الأسبق هيلموت كول، مهندس توحيد ألمانيا، عن عمر ناهز السابعة والثمانين، فيما أمر رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، بخفض الأعلام على مؤسسات الاتحاد الأوروبي حدادا على وفاته، بعد أن قاد ألمانياالغربية، ثم الموحدة، لنحو 16 عاما. دخول عالم السياسة ولد هلموت كول في لودفيجشافن بألمانيا عام 1930، ودرس في جامعة فرانكفورت وحصل على درجة الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة هايدلبرج. دخل السياسة عبر بوابة الحزب الديمقراطي المسيحي الجديد آنذاك، في سن ال16، وشارك في تأسيس اتحاد الشباب التابع للحزب، وفي وقت لاحق تولى العديد من المناصب الحزبية بينها رئاسة الحزب الديمقراطي المسيحي في ولاية راينلاند - بفالس وعلى مستوى ألمانيا، منذ عام 1973. المستشارية عام 1982 أصبح هلموت كول مستشارا لألمانياالغربية، خلفا لهلموت شميت، وهو ديمقراطي اشتراكي أقصي عن منصبه حينما واجهت حكومته اقتراعا بحجب الثقة في البرلمان، إذ صوت أعضاء الحزب الديمقراطي الحر مع حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي الذي كان يرأسه كول لعزل شميت عن منصبه وتعيين كول مستشارا. وظل كول مستشارا لألمانياالغربية بعد الانتخابات التي أجريت عامي 1983 و1987 ولألمانيا الموحدة عام 1994، إلا أنه فشل في الحصول على الأغلبية اللازمة في انتخابات عام 1998 والتي فاز بها خلفه جيرهارد شرودر. جدار برلين شهدت الفترة الطويلة التي قضاها هلموت كول في الحكم كمستشار لألمانيا تغيرات دراماتيكية ساهمت في تغيير وجه أوروبا، وكان من أبرزها سقوط جدار برلين الذي شُيد في 13 أغسطس 1961، قبل أن يسقط في 9 نوفمبر 1989، معلنا عن بداية عصر جديد من الوحدة بين شطري ألمانيا. الوحدة الأوروبية بعد تجاوز تقسيم ألمانيا، ركز كول جهوده على العمل من أجل تحقيق مشروع الوحدة الأوروبية، باعتبارها الطريق الوحيد لتجنب حرب أوربية جديدة، الأمر الذي ساهم في تحسين صورة ألمانيا في الخارج و بناء جسور تعاون مع الدول المجاورة وخاصة مع فرنسا، رفقة فرانسوا ميتران. أسفر التعاون الثنائي بين كول وميتيران،عن عدد كبير من المشروعات الضخمة، أبرزها تبادل الشباب بغية تأهيلهم وزيادة معارفهم، ومشروع قوات التدخل السريع الأوروبية ومشروع العملة الأوروبية المشتركة "يورو". فضيحة التبرعات تعرض كول لفضيحة سياسية جرى الكشف عنها بعد رحيله عن مبنى المستشارية، عام 1998، بعد أن أعلنت وسائل إعلام تلقي المستشار السابق تبرعات بقيمة مليوني فرانك من مصدر مجهول، بين عامي 1993 و1998. كول وميركل.. التلميذة والأستاذ كان كول بمثابة الأب الروحي للمستشارة الألمانية الحالية أنجيلا ميركل، فبعد انضمامها لحزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي المحافظ، بزعامته حينذاك، عرض عليها أولى مسؤولياتها الوزارية. وبعد نحو عقد من الزمان، اغتنمت ميركل التي كان يطلق عليها لقب "الطفلة"، فضيحة التبرعات لإبعاده عن السياسة، وأصبحت أول زعيمة للحزب مع مطلع الألفية الجديدة.