القصة بدأت مع نابليون والعلاقات ساءت مع العدوان الثلاثي وتألقت بعدها على كافة المستويات هي أحد أقدم حلقات الاتصال بين "الغرب" و"الشرق"، والتي اكتسبت سمة تاريخية وطيدة امتدت إلى يومنا هذه. العلاقات الفرنسية المصرية تمتد منذ قرون، فكانت البداية عندما وصلت سفن الجيش الفرنسي، بقيادة الجنرال نابليون بونابرت إلى شواطئ مصر في أواخر القرن الثامن عشر، ثم مرت بمراحل تقلب بين "الصداقة" كما كان الحال في عهد محمد علي باشا، و"العداء" كما كان الحال في العدوان الثلاثي عام 1956. ونستعرض في التقرير التالي محطات من العلاقات بين البلدين شارل ديجول بعد مشاركة فرنسا في العداون الثلاثي على مصر، وتحالفها مع تل أبيب وبريطانيا ضد القاهرة، شهدت العلاقات بين الجانبين المصري والفرنسي أسوأ الفترات واستمر المنحنى في الهبوط، إلا أنه مع صعود الجنرال شارل ديجول للحكم في باريس، تحسنت العلاقات، وساد مناخ التعاون على عدة أصعدة من بينها الاقتصادية والتقنية، بالأخص فيما يتعلق بالصراع العربي الإسرائيلي وحقوق الفلسطينيين. "ديجول" من الشخصيات التي تحظى باحترام كبير لدى الفرنسيين، فقد قاد مقاومة بلاده بالحرب العالمية الثانية ضد الألمان (التي كانت تحتل فرنسا في حينها)، كما كان من أكثر الرؤساء، الذين سكنوا قصر الإليزيه (المقر الرسمي لرئيس جمهورية فرنسا) شعبية بعد ذلك. جورج بومبيدو ولم يختلف مستوى العلاقات بين القاهرةوباريس في عهد الرئيس اللاحق جورج بومبيدو والذي قام برثاء الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر؛ قائلا إنه "رجل دوله عظيم استعاد لمصر كرامتها وعزتها". جيسكار ديستان "صداقة" وطيدة جمعت بين الرئيس الراحل محمد أنور السادات ونظيره الفرنسي جيسكار ديستان، ووصف الاثنان العلاقة بهذه الكلمة خلال مؤتمر صحفي بقصر المارينيه عام 1976، كما وقعا إعلان القاهرة، الذي يعد معاهدة صداقة بينهما، وأعلن السادات حينها استعداده لتوقيع أي اتفاقية مع فرنسا تصب في صالح البلدين. ووفقا لحافظ إسماعيل السفير المصري الأسبق بباريس فإن العلاقة بين البلديين كانت "مندفعة جامحة وربما محمومة وكانت تتجاوز قدرات البلدين على الأخذ والعطاء"، كما أنها وجدت مجالا للازدهار ممثلا في مشكلات إفريقيا التي باتت تتحمل مكان الصدارة في اجتماعات ديستان والسادات وزار ديستان القاهرة في المرة الأولى عام 1975، واجتمع بالرئيس السادات، وتناولت الأحاديث بين الجانبين التحركات الدولية لتسوية الصراع العربي الإسرائيلي والأزمة اللبنانية وقتها، وكذلك العلاقات المصرية الفرنسية وسبل تطويرها. فرنسوا ميتران رغم أن الدول العربية لم ترحب بانتخاب فرنسوا ميتران عام 1981؛ لمواقفه المؤيدة لإسرائيل، إلا أن علاقاته مع الرئيس الأسبق حسني مبارك كانت جيدة جدا. وفي عهده، عقد البلدان اتفاقيات صناعية وتجارية وعسكرية عديدة، ومن هذا التاريخ أصبحت فرنسا المورد الثاني للسلاح إلى مصر بعد أمريكا، وتضاعفت المبادلات خلال سنوات مثل إصلاح ميناء دمياط ومجمع السكر في كفر الشيخ ومستشفى عين شمس الجديد والشق الأول من مترو القاهرة . واعتاد ميتران على الإقامه في صعيد مصر كل عام، خلال فترة عيد الميلاد، صحبة عائلته وأصدقائه الشخصيين، وكان معروفا عنه افتنانه بالعصر الفرعوني. جاك شيراك ولم تتغير العلاقات في عهد الرئيس اللاحق جاك شيراك، الذي كان معروفا بصداقته للرئيس الأسبق مبارك، وزار مصر عدة مرات من 1995 حتى عام 2006، وأثمرت زياراته عن إطلاق المجلس الرئاسي للأعمال الفرنسي المصري. وفي المقابل، توجه مبارك لباريس عدة مرات، من بينها الزيارة التي أجراها في مايو 1998. وفي شهر ديسمبر من عام 2006، قام الرئيسان بافتتاح معرض "كنوز مصر الغارقة" بالجران باليه في باريس. نيكولا ساركوزي وبالمثل كان الحال في عهد الرئيس نيكولا ساركوزي ؛ وكان أبرز الفعاليات بين الدولتين المحادثات التي تتناول مختلف الملفات في الشرق الأوسط وكذا العلاقات الثنائية، علاوة على إعادة قطع أثرية من متحف اللوفر الفرنسي إلى مصر. فرانسوا هولاند واستمرت العلاقات قوية بين باريسوالقاهرة مع الرئيس الحالي فرانسوا هولاند، الذي أعلن دعمه وتأييده لمصر، كما وصفها بالشريك الأهم لباريس في الشرق الأوسط، ووقعت في عهد اتفاقات تسليح لمصر، مثل شراء طائرات "رافال" وحاملتي الطائرات "ميسترال"، إضافة إلى العديد من الاتفاقيات الاقتصادية الأخرة. لم يتوقف هولاند في أكثر من تصريح، عن تأكيد حرص بلاده على التشاور المستمر مع مصر حول عدد من القضايا الإقليمية، ولاسيما الأزمتين الليبية والسورية، فضلاً عن سُبل إحياء عملية السلام بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي.