تتجه أنظار العالم غدًا الأحد نحو "فرنسا"، حيث ستنطلق في تمام الثامنة صباحًا الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية الفرنسية لاختيار الرئيس الثامن للجمهورية الخامسة، التي نشأت عام 1958 مع اعتماد الدستور الحالي للبلاد. يتنافس على منصب الرئيس 11 مرشحًا وهم: مارين لوبن عن حزب الجبهة الوطنية (اليمين المتطرف)، بونوا هامون عن الحزب الاشتراكي، فرانسوا فيون عن حزب الجمهوريين ، إيمانويل ماكرون عن حركة إلى الأمام (الوسط)، جون لوك ميلنشون عن حركة فرنسا الأبية (يسار متطرف)، فيليب بوتو عن الحزب المعادي للرأسمالية الجديد، ناتالي ارتو عن حركة نضال العمال، فرانسوا أسيلينو عن الاتحاد الجمهوري الشعبي، نيكولا دوبون - آينيان عن حركة "انهضي يا فرنسا"، جاك شيميناد مستقل، وجون لاسال مرشح وسطي مستقل. ووفقًا للتقارير الإعلامية، فإن أربعة مرشحين فقط هم الأوفر حظًا: فرانسوا فيون، مارين لوبن، إيمانويل ماكرون وجون لوك ميلنشون. وفي حال عدم فوز أي مرشح بالأغلبية المطلقة -أكثر من 50% من الأصوات-، فسوف تقام جولة ثانية وأخيرة في 7 مايو، بين المرشحين الإثنين اللذين حصدا أعلى نسبة أصوات.
وتستبعد استطلاعات الرأي، أن يفوز أي مرشح من الجولة الأولى، كما أنه من المتوقع أن ينافس ﻓرانسوا فيون أو إيمانويل ماكرون، مرشحة أقصى اليمين مارين لوبن في الجولة الثانية. وكانت أغلب مراكز استطلاع الرأي قد توقعت في الأسابيع الماضية أن يفوز المرشح الوسطي إيمانويل ماكرون في الانتخابات الرئاسية في الجولة الثانية، إلا أن وقوع عملية "الشانزليزيه" الإرهابية مساء الخميس قبل يومين من الاقتراع، فضلًا عن ارتفاع نسبة المترددين التي بلغت نحو ثلث الفرنسيين، ربما يغير ذلك موازين القوة لصالح مرشحي اليمين ﻓرانسوا فيون واليمين المتطرف مارين لوبن، إذ إن برنامجيهما يتركزان بصورة رئيسية حول مكافحة التطرف وخاصة تنظيم داعش الإرهابي. ويُصوِّت نحو 47 مليون ناخب فرنسي في 67000 مركز اقتراع، وسط إجراءات أمنية لم تشهدها فرنسا من قبل وفي ظل حالة الطوارىء التي أعلنت في البلاد عقب هجمات نوفمبر الإرهابية عام 2015. ويبلغ عدد الناخبين المُسجَّلين في فرنسا ومقاطعات ما وراء البحار التابعة لفرنسا 45.67 مليون بالإضافة إلى 1.3 مليون فرنسي مقيمين في الخارج ومسجلين في القوائم الانتخابية للقنصليات في الدول الأجنبية. الانتخاب ويبدأ الاقتراع اعتبارًا من اليوم السبت، في بعض أقاليم ما وراء البحار التابعة لفرنسا وهي جوادلوب و جويانا و مارتينيك و سان-بارتيليمي و سان-مارتان و سان-بيير-اي-ميكلون و بولينزيا الفرنسية. بينما سيُجرى الأحد في الأقاليم التالية: لاريونيون ومايوت وكالدونيا الجديدة. ويشترط أن يكون الناخب حاملًا للجنسية الفرنسية وبلغ سن الرشد ويتمتع بحقوقه المدنية والسياسية ومُسجَّلا على القائمة الانتخابية، كما يتعين أن يكون بحوزته بطاقة هوية باستثناء البلدات التي يقل عدد سكانها عن ألف مواطن والتي يقبل فيها البطاقة الشخصية أو الانتخابية. ويحظر نشر أية نتائج جزئية أو نهائية باستثناء نسبة الامتناع قبل إغلاق مكاتب الاقتراع في السابعة مساء وفي الثامنة في بعض المدن، وذلك تحت طائلة دفع غرامة بقيمة 75 ألف يورو، ومن المقرر أن تبدأ عملية فرز الأصوات اعتبارًا من السابعة مساء على أن يتم إعلان النتيجة تدريجيا. تأمين الانتخابات وفيما يتعلق بالإجراءات الأمنية، فقد تم حشد أكثر من 50 ألف من قوات الشرطة والدرك الوطني بجانب 7 آلاف جندي بعملية الحارس -التابعة للجيش- لتأمين الجولة الأولى والثانية من الانتخابات الرئاسية، حسبما أعلن وزير الداخلية ماتياس فيكل الذي قال :"لا نستبعد أي عمل إرهابي، وهدفنا هو السماح بالاقتراع العام بالتعبير بحرية وبشكل سلمي، رغم أن التهديد الإرهابي قائم وعلى مستوى عال". وسيتم تشديد إجراءات التفتيش عند دخول مراكز الاقتراع ووضع لافتات أمام كل لجنة لمطالبة الناخبين بالالتزام بالتعليمات الأمنية لخطة "فيجيبيرات" لمكافحة الإرهاب. كما اتخذت السلطات الفرنسية تدابير استثنائية بالتنسيق مع الوكالة الوطنية للسلامة المعلوماتية لمنع أية عمليات قرصنة محتملة من جهة أجنبية. وشددت الحراسة على بعض مرشحي الرئاسة إثر ورود معلومات بإمكانية تعرضهم لعمل إرهابي وهم ﻓرانسوا فيون و مارين لوبن و ايمانويل ماكرون، وتم تكليف 12 شرطي بحراسة فيون إثر اعتقال رجلين الثلاثاء في مدينة مارسيليا يشتبه بتخطيطهما لهجوم وشيك ضد مرشحين. ومن جانبه، أكد الرئيس الفرنسي ﻓرانسوا هولاند، في كلمته عقب حادث إطلاق النار في جادة الشانزيليزيه بباريس، أنّه سيتم الالتزام بأعلى درجات اليقظة لتأمين الانتخابات الرئاسية الأحد. وعلى الرغم من تأرجُّح كثير من الناخبين -بحسب استطلاعات الرأي- بين المرشحين إلا أن الفرنسيين جميعًا يتفقون على أن بلادهم في حاجة إلى رئيس قادر أولًا على استعادة الأمن والتصدي إلى الإرهاب والتطرف الذي يهدد حياتهم، وعلى فرض قيم العلمانية وتحسين ظروفهم المعيشية وتلبية مطالبهم الاقتصادية وحل مشكلة البطالة، وكذلك الحفاظ على قوة فرنسا في القارة الأوروبية.