فوجئ المصريون هذا الأسبوع، باقتراح مُقدم من عضو الهيئة العليا لحزب مستقبل وطن، النائب محمد عمارة، يطالب فيه مؤسسات الدولة بفرض رسوم قدرها 30 جنيهًا على المواطن في الساعة الواحدة نظير استخدامه موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك. عمارة يرى أن بهذه الطريقة سوف يحمي مصر من الموقع الذي يستخدمه البعض للتحريض ضد مؤسسات الدولة، وفي نفس الوقت سيدخل خزينة الدولة نحو 30 مليون جنيه من وراء مليون شخص يستخدم فيسبوك يوميًا على الأقل. وذكر أن فرض رسوم على استخدام فيسبوك ينبغي أن يتضمن مشاركة شركات الاتصالات الثلاثة والجهاز القومي للاتصالات، فهل تستطيع الحكومة المصرية الإقدام على تنفيذ مقترحه؟ سياسة فيسبوك بالبحث في فهرس المساعدة الخاص بموقع فيسبوك، وجدنا سؤالًا مطروحًا مفاده "هل يتكلف استخدام فيسبوك أموالًا؟، هل صحيح أن فيسبوك سوف يبدأ في فرض رسوم نظير استخدام الموقع؟ فيسبوك أجاب: "لا، فيسبوك يعد موقعًا مجانيًا، ولن يطلب منك أبدًا أن تدفع أموالًا كي تستمر في استخدام الموقع". وأضاف: "في نفس الوقت، لديك مطلق الحرية كي تدفع أموالًا مقابل مشتريات متعلقة بالألعاب والتطبيقات وأشياء أخرى، وتذكر أنك إن استخدمت فيسبوك من هاتفك الذكي، فأنت مسؤول عن أي رسوم مرتبطة بمعدل استخدامك للإنترنت أو الرسائل وفقًا لشركة الاتصالات الخاصة بك". من هذا الكلام نفهم أن فيسبوك نفسه يوفر للمواطن الحق في استخدام الموقع مجانًا، ويعطيه الاختيار كي يدفع مقابل أشياء يعلم أنها تتطلب رسومًا كشراء وحش في لعبة، أو إضافة خاصية ما في أحد التطبيقات، فكيف سيكون بإمكان مصر أن تفرض رسومًا خاصة على استخدام موقع هو في الأساس مُقدم مجانًا من مؤسسه؟ الدستور يحمي الدستور المصري الذي تم التصويت عليه وإقراره عام 2014 حق المواطن في حرية التعبير والحق في الاتصال. وتقول المادة رقم 57 "للحياة الخاصة حرمة، وهي مصونة لا تمس، وللمراسلات البريدية، والبرقية، والإلكترونية، والمحادثات الهاتفية، وغيرها من وسائل الاتصال حرمة، وسريتها مكفولة، ولا تجوز مصادرتها، أو الاطلاع عليها، أو رقابتها إلا بأمر قضائي مسبب، ولمدة محددة، وفي الأحوال التي يبينها القانون، كما تلتزم الدولة بحماية حق المواطنين في استخدام وسائل الاتصال العامة بكافة أشكالها، ولا يجوز تعطيلها أو وقفها أو حرمان المواطنين منها، بشكل تعسفي، وينظم القانون ذلك". مقترح فرض رسوم على استخدام فيسبوك يعد وفقًا للمادة 57 من الدستور المصري الحالي إجراءا تعسفيًا، فالدولة من المفترض أن تلتزم بحماية حق المواطنين في استخدام وسائل الاتصال العامة بكافة أشكالها. المنطق يستخدم المواطن لتصفح الإنترنت في مصر إما اتصال واي فاي، أو اتصال الشبكة من شريحة الهاتف، ومقابل استخدامه لأحد الوسيلتين يدفع رسومًا سواء شهرية أو أسبوعية وفقًا لنوع الباقة وسعتها ومعدل استهلاكها. المواطن يدفع بالفعل رسومًا مقابل استخدامه للإنترنت بشكل عام، لذا فمن غير المنطقي أن يتم تخصيص رسوم أخرى نظير استخدامه موقع فيسبوك، -30 جنيهًا في الساعة الواحدة- أي أنه في هذه الحالة سيدفع 300 جنيه يوميًا إذا استخدم فيسبوك 10 ساعات، فكم سيتبقى من مرتبه الشهري كي يستطيع تلبية متطلبات حياته؟ الخلاصة لا تستطيع مصر فرض رسوم مقابل استخدام موقع فيسبوك من تلقاء نفسها، فالقيام بتلك الخطوة سيتطلب موافقة وتعاون مع موقع فيسبوك، والأخير لن يقبل بأي حال من الأحوال أن يقدم شيئًا متاح مجانًا في العالم بأكمله مقابل أموال في دولة معينة. لا توجد دولة في العالم فرضت رسومًا مقابل استخدام موقع مجاني، لكن هناك وسيلة أخرى وهي المنع، مثلما فعلت الصين، والتي حجبت مواقع مثل فيسبوك، ويوتيوب، وجوجل، لصالح مواقع محلية تقدم نفس الخدمات.