أكد السفير هشام بدر أن مساعد وزير الخارجية لشؤون الهيئات الدولية والأمن الدولي أن مصر، رغم ما تواجه من تحديات، ليست قلقة على مستقبلها لأنها تملك قوة دفع هائلة تتمثل فى جيل جديد من الشباب الذي سيعبر بها إلى بر الأمان. جاء ذلك في بيان جمهورية مصر العربية أمام الشق الرفيع للدورة «25» للمجلس الدولي لحقوق الإنسان فى جنيف والذي ألقاه السفير هشام بدر مساعد وزير الخارجية لشؤون الهيئات الدولية والأمن الدولي. وقال السفير هشام إن الشعب المصري الذي خرج بالملايين لإقرار دستور عام 2014 لن يسمح بعرقلة المسار الديمقراطي، ولا أدل على ذلك من المساندة الشعبية الضخمة لخارطة الطريق والتي تجلت فى نسبة المشاركة غير المسبوقة فى عملية الاستفتاء على الدستور فى يناير الماضي وما شهدته من ظواهر إيجابية أهمها الشفافية فى إجراءات الاستفتاء والمشاركة الواسعة للمرأة وكبار السن، وهى فئات كانت مشاركاتها فيما سبق فى مختلف الاستحقاقات الانتخابية متدنية للغاية. كما أشار مساعد وزير الخارجية - في بيان مصر- إلى أنه يجب على المجتمع الدولي تأكيد التزامه بعدم تسييس أعمال الدولي لحقوق الإنسان وبتعزيز دوره المحوري فى ضمان احترام حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني لجميع الدول والشعوب دون استثناء أو تمييز. واليكم نص بيان مصر: السيد الرئيس؛ أشارك اليوم فى أعمال هذا المجلس الموقر الذي شرفت بتمثيل مصر أمامه كمندوب دائم. وأحمل إليكم اليوم رسالة مصرية معاصرة ملتزمة بأسس الديمقراطية الحديثة واحترام حقوق الإنسان لكل مواطنيها دون استثناء أو تمييز بين المواطنين الشرفاء والسلميين باعتبارها جميعاً مطالب شعبية صادقة ومستقرة. إن مصر اليوم فى منتصف تنفيذ خريطة مستقبلها والطريق أمامنا يتضمن فرص عدة وتحديات جسام، ومعوقات يجب التغلب عليها لتحقيق الديمقراطية الحقيقية، وضمان الاحترام والحماية الكاملة لحقوق الإنسان والحريات الأساسية. والرسالة اليوم هى رسالة إصرار على المضي قدماً تجاه المستقبل، ولا عودة للوراء. السيد الرئيس؛ شهدت مصر، ولا تزال منذ عام 2011، تحولات مجتمعية جذرية وسريعة يجب تفهمها بشكل موضوعي وشامل دون اختزالها فى أحداث منفردة؛ ولتحقيق ذلك، علينا أن نبدأ بالاتفاق على مبدأ هام وهو أن الشعب المصري بات المحرك الرئيسي للحياة السياسية فى مصر، والراعي والمدافع الأول عن حقوق الإنسان والحريات الأساسية لتحقيق الديمقراطية بإرادة سياسية شعبية لا تسمح برؤى وإملاءات خارجية. قام شعب مصر بثورتيه فى يناير 2011 ويونيو 2013 ليرسى حقه فى أن يكون صوته ليس فقط مسموعاً ولكن حاكماً، ورؤيته لمستقبل بلاده واضحة، وليؤكد مشاركته فى صنع مستقبل البلاد كحق غير قابل للتصرف، وليصحح المسار الوطني، ويؤكد على حماية كامل حرياته وحقوقه الأساسية، وهو ما لا يفهمه البعض، أو يصرون على عدم فهمه ورؤيته. أخاطب اليوم من على هذا المنبر الدولي كل من ينكر هذه الحقيقة عن عمد، وأقول له إن مصر، رغم ما تواجه من تحديات، ليست قلقة على مستقبلها لأنها تملك قوة دفع هائلة تتمثل فى جيل جديد من الشباب الذي سيعبر بها إلى بر الأمان. والشعب المصري الذي خرج بالملايين لإقرار دستور عام 2014 لن يسمح بعرقلة المسار الديمقراطي، ولا أدل على ذلك من المساندة الشعبية الضخمة لخارطة الطريق والتي تجلت فى نسبة المشاركة غير المسبوقة فى عملية الاستفتاء على الدستور فى يناير الماضي وما شهدته من ظواهر إيجابية أهمها الشفافية فى إجراءات الاستفتاء والمشاركة الواسعة للمرأة وكبار السن، وهى فئات كانت مشاركاتها فيما سبق فى مختلف الاستحقاقات الانتخابية متدنية للغاية. ويهمني أن أنقل لكم اليوم أن شعب مصر تبنى دستوراً جديداً مثل خطوة تاريخية فى عهده الحديث، ولبى طموحات الشعب المصري وواكب التطورات المعاصرة فى صياغة الدساتير. وأؤكد هنا أن باب الحقوق والحريات فى الدستور يمثل طفرة فى الدساتير المصرية، إذ كفل تحقيق المساواة الكاملة فى الحقوق والواجبات بين المواطنين بدون استثناء أو تمييز ..... مع إيلاء أهمية خاصة لحماية حقوق المرأة ... والطفل... وكبار السن ... وذوى الإعاقة؛ وأنشأ مفوضية تعنى بالتعامل مع موضوعات التمييز ... وضمن حرية الرأي والفكر ... وأكد أن التعذيب جريمة لا تسقط بالتقادم ... وضمن أن حرية الاعتقاد مطلقة....كما أكد الالتزام بالاتفاقيات والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي صدقت عليها مصر وأن تصبح لها قوة القانون، إضافة إلى ضمان حماية حقوق وحريات المواطنين. إن الدستور الجديد بما يتضمنه من 45 مادة جديدة غير مسبوقة فى مجال تعزيز وحماية حقوق الإنسان يمثل نموذجاً محدثاً من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948. ويتطلع الشعب المصري إلى أن يدعم انتخاب الرئيس والبرلمان الجديدين خلال الأشهر القليلة المقبلة من قوة الدفع لاستكمال البناء الديمقراطي والتشريعي، وما يحويه من ضمانات قانونية وآليات الردع والإنصاف اللازمة للتعامل مع أية انتهاكات لحقوق الإنسان والحريات الأساسية، وأطر التعويض عن هذه الانتهاكات. وفى ذات الوقت، نتطلع لمشاركة كافة القوى السياسية الملتزمة بالعمل فى إطار القانون فى الانتخابات التشريعية القادمة تأكيداً لحرص الدولة على عدم إقصاء أي طرف من العملية السياسية طالما أكد التزامه بنبذ العنف واحترامه للقانون، والعمل فى إطار الشرعية والمشروعية معاً. وعلينا جميعاً أن ندرك التحديات الجسام التي تواجهها مسيرة التحول الديمقراطي فى مصر، وهو ما تواجهه عادة المراحل الانتقالية المحورية فى تاريخ الدول، وعلى رأسها توفير الأمن والأمان لمواطنيها وهو جوهر حقوق الإنسان، ودعوني أصارحكم، فمن السهل على البعض انتقاد ما يرونه دون تقدير للتحديات والتضحيات، ودون إدراك للواقع على الأرض من قتل الأبرياء دون تمييز، وتدمير التراث الإنساني، كالمتحف الإسلامي، ودون تفهم أن الطريق إلى بناء الديمقراطية طويل ولن نقطعه بين ليلة وضحاها. وأود هنا أن أعرب عن شكر مصر لأصدقائها الذين وقفوا إلى جانبها فى هذه المرحلة الحاسمة من تاريخها وتفهموا جيداً هذه التحديات، كما أن مصر لن تنسى من ينتقدها دون وعى للواقع الحقيقي الذي نعيشه يومياً من أجل مستقبل أفضل. السيد الرئيس؛ يواجه شعب وحكومة مصر اليوم خطراً داهماً يعرقل عملية العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية، وهو خطر الإرهاب الذي تصاعد على مدى الأشهر الأخيرة مهدداً حياة المدنيين قبل قوات الأمن؛ إلى جانب المنشآت والمؤسسات والممتلكات العامة والخاصة، وذلك فى محاولة لعرقلة عملية التحول الديمقراطي وخلق مناخ من الفوضى وعدم الاستقرار. ونحن نتطلع إلى أن يعي الشركاء الدوليون خطورة الإرهاب الذي لا يعترف بأي حدود ولا يفرق فى الضرر الذي يلحقه بين جنسية وأخرى، وهو ما أوضحته التجارب السابقة التي عانت منها العديد من شعوب العالم. ورغم العنف والإرهاب، أكدت الحكومة المصرية التزامها باحترام وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية كأحد الركائز الهامة لضمان تحقيق الديمقراطية الحقيقية فى مصر. وفى هذا الإطار، أود إبراز ما يلي: أولاً: تسعى مصر لتعميق التعاون مع المفوضية العليا لحقوق الإنسان؛ إذ استقبلت وفد المفوضية يومي 18 و19 فبراير 2014 لمناقشة اتفاقية المقر الخاصة بالمكتب الإقليمي للمفوضية فى مصر. ثانياً: نص الدستور المصري على إنشاء المفوضية الوطنية لمكافحة التمييز كأول كيان قومى يتناول هذه القضية الهامة، وقد بدأت الحكومة الانتقالية فى اتخاذ خطوات جادة للانتهاء من إنشائها. ثالثاً: تحرص مصر على التواصل البناء والمستمر مع مجلس حقوق الإنسان وآلياته؛ حيث وجهت مصر الدعوة لعدد من المقررين الخاصين وأصحاب الولايات هذا العام لزيارة مصر. رابعاً: شكل رئيس الجمهورية لجنة تقصى حقائق للأحداث التى وقعت منذ 30 يونيو 2013 برئاسة قاض له سمعته الدولية الرفيعة منذ أن كان قاضياً فى المحكمة الجنائية الدولية لمجرمي الحرب فى يوجوسلافيا. وقد قدمت تقريرها الأول الأسبوع الماضي، وستقدم تقريرها النهائى خلال شهر يونيو القادم. خامساً: لأول مرة فى تاريخ مصر الحديث، يتم صياغة مشروع قانون الجمعيات الأهلية من قبل المنظمات غير الحكومية المصرية. السيد الرئيس؛ يجب على المجتمع الدولى تأكيد التزامه بعدم تسييس أعمال هذا المجلس، وبتعزيز دوره المحورى فى ضمان احترام حقوق الإنسان والقانون الدولى الإنسانى لجميع الدول والشعوب دون استثناء أو تمييز، بما فى ذلك الأراضي الواقعة تحت الاحتلال، وعلى رأسها الأراضي الفلسطينية؛ ونرفض بشكل قاطع ما يحاوله الكنيست الإسرائيلى مؤخراً من فرض سيادة إسرائيل على المسجد الأقصى. وعلينا أن نتحمل مسؤولية العمل على ضمان وفاء إسرائيل بجميع التزاماتها فى هذا المجال، بما فى ذلك ضرورة التزامها بالامتثال لقرارات مجلس حقوق الإنسان، والتعاون الكامل مع المقرر الخاص، ولجان تقصى الحقائق التى شكلها المجلس للتحقيق فى حالات الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بالأراضى الفلسطينية المحتلة. ويستمر قلقنا تجاه التدهور الخطير للأوضاع فى سوريا مع تصاعد العنف ضد المدنيين، وهو الأمر الذى نجدد رفضنا القاطع له، كما نعيد التأكيد على ضرورة الاستجابة للمطالب والطموحات المشروعة للشعب السورى، ووقف كافة انتهاكات حقوق الإنسان، مع ضرورة احترام سيادة الدولة السورية ووحدة ترابها وسلامة أراضيها، وهى فى المجمل العناصر التى تمثل فى تقديرنا المدخل الحقيقى والوحيد للخروج من الأزمة الحالية. السيد الرئيس؛ علينا ونحن نناقش موضوعات حقوق الإنسان فى المجلس، أن نضمن امتثال كافة الدول لآلياته بشكل عادل ومتساو يبتعد عن ازدواجية المعايير، والتسييس، والانتقائية، ويتسم بالموضوعية والحياد، ومناهضة جميع أشكال التمييز، والحض على الكراهية، والعنف على أساس العرق أو النوع أو اللغة أو الدين، بما فى ذلك تنفيذ التزاماتنا المشتركة وفقاً لإعلان وبرنامج عمل دربن. ورغم هذه الجهود، ما زال العديد من الدول الأعضاء يستغل الحق فى حرية الرأي والتعبير كذريعة لتبرير أعمال تحض على الكراهية، والعنف على أساس الدين أو المعتقد، مما يترتب عليه تداعيات خطيرة على السلم والأمن الدوليين. ونجدد هنا قلقنا تجاه التصاعد الملحوظ فى ظواهر الاسلاموفوبيا والعنصرية وكراهية الأجانب، خاصة فى ضوء ما تتعرض له الجاليات المسلمة والمهاجرون فى بعض مناطق العالم من تمييز وانتهاكات لحقوقهم الأساسية؛ وهى الانتهاكات التى تصل لحد الإساءة للأديان وللرموز الدينية، وتمثل خطراً على استقرار وسلامة المجتمعات؛ وبما يستدعى التحرك بجدية على كافة المستويات لمواجهة تيارات التطرف والتمييز والعنصرية بكل حسم، خاصة ما تشهده مؤخراً جمهورية أفريقيا الوسطى. كما أننا نرفض بشكل قاطع ما نلمسه من محاولات البعض لفرض قيمهم، ومفاهيمهم، ومعاييرهم الاجتماعية، والقانونية، وإقحام مفاهيم خلافية لا يوجد توافق بشأنها على المستوى الدولى أو فى إطار الأممالمتحدة، ولا تأخذ فى الاعتبار الاختلافات الاجتماعية، والدينية، والتشريعية بين المجتمعات، وتتجاهل مبدأ احترام التعددية الثقافية. فضلاً عما تقدم، فإن هناك الكثير من التحديات التى تواجهنا منذ اعتماد إعلان فيينا وبرنامج العمل، وفى مقدمتها التمتع الكامل بالحق فى التنمية، والذى يعد حق غير قابل للتصرف مثل جميع حقوق الإنسان الأخرى، خاصة وأن التبعات السلبية للأزمة الاقتصادية والمالية العالمية، وكذا تغير المناخ، تقوض بشكل كبير برامج التنمية، وبما أدى إلى غياب العدالة الاجتماعية وانتشار الفقر. وأخيراً، فلنتفق أننا جميعاً هنا من أجل حماية الكرامة الإنسانية، والحرية، والعدالة الاجتماعية، وحقوق الإنسان، فلنتكاتف سوياً بما فيه الخير لشعوبنا وأجيالنا القادمة.