تراجع التضخم في منطقة اليورو إلى أقل من 2% ليعزز توقعات خفض الفائدة الأوروبية    أمين عام الأمم المتحدة يدعو للتحقيق في وفيات قرب نقطة توزيع مساعدات في غزة    سمير فرج يتحدث عن بوادر حلحلة للتوصل إلى اتفاق بشأن غزة: بدأت باتصال من الرئيس السيسي    «محارب جديد في الجزيرة».. الأهلي يعلن ضم محمد علي بن رمضان    مصرع شخص صدمه قطار بمزلقان وابور المياه وسط الإسكندرية    حزب الوعي يلتقي مفتي الجمهورية للتهنئة بعيد الأضحى وبحث آفاق التعاون    فوز المرشح اليساري لي جيه ميونج بالانتخابات الرئاسية في كوريا الجنوبية    أيام التشريق.. موعدها وحكم صيامها وأفضل العبادات بها    محافظ الدقهلية: الانتهاء من إنشاء ورفع كفاءة وتطوير 5 منتجعات سياحية    مفتي الجمهورية مستقبلا رئيس حزب الوعي: منفتحون على كلِّ تعاون جاد يخدم الوطن ويصون العقول    وزير الثقافة يعلن تعليق تنفيذ قرار زيادة رسوم المصنفات الفنية والتعامل بالرسوم السابقة    المائدة الصحية في عيد الأضحى/مخاطر الإفراط في تناول لحوم الأضحية/أطباء/دهون قاتلة لمرضى القلب/النباتيون/احتفال مختلف بروح المناسبة    الشربيني يستقبل وفدًا من وزارتي الاستثمار والبلديات وهيئة المقاولين بالسعودية    وزير الإنتاج الحربي: حريصون على التعاون مع جهات الدولة لتحقيق التنمية الشاملة    77 عامًا من الإبداع.. محطات لا تُنسى في حياة سيدة المسرح العربي سميحة أيوب    وزير العمل يلتقي مسؤولة ب"العمل الدولية" ويؤكد التزام مصر بمعاييرها    أفضل وجبة إفطار لحرق الدهون في الرجيم- تعرف عليها    الأهلي يطيح بربيع ياسين من دلفي.. ورد غاضب من المدرب    4 مصريين يتأهلون لربع نهائي بطولة بريطانيا المفتوحة للاسكواش    أندريه زكي يهنئ السيسي والشعب المصري وقيادات الدولة بمناسبة عيد الأضحى المبارك    ما فضل صيام يوم عرفة والأعمال المستحبة فيه؟.. فرع المنظمة العالمية لخريجي الأزهر يجيب    خالد الجندي يكشف الشروط الواجبة قبل الحج وأثنائه    البورصات الأوروبية تغلق على ارتفاع جماعي بعد بيانات التضخم بمنطقة اليورو    تشغيل عيادات التأمين الصحي بالدقهلية خلال عيد الأضحى المبارك.. تعرف على الأماكن والمواعيد    محافظ بني سويف يكرم الأمهات المثاليات بمسابقتي التنمية المحلية والتضامن    حكم اشتراك الولد مع والده في الأضحية بشاة واحدة    استعدادا لقيادة الهلال.. إنتر ميلان يعلن رحيل إنزاجي رسميًا    الجباس: الحديث عن تواجدي في بيراميدز بسبب علاقتي مع ممدوح عيد "عبث"    وافدان جديدان يستعدان لتمثيل إنتر في كأس العالم للأندية    استشاري: الاتحاد الأوروبي بدأ التلويح للمعاملة بالمثل بعدما ضاعف ترامب الرسوم الجمركية    ما حكم الأكل بعد فجر أول أيام عيد الأضحى حتى الصلاة؟ عالم أزهرى يجيب    "محلية النواب" تطالب بسرعة الموافقة على إنشاء مستشفى بنها    حملات تفتيشية لمتابعة انضباط سيارات السرفيس والتاكسي بنطاق مدينة الفيوم.. صور    وكيل صحة شمال سيناء يتفقد جاهزية مستشفى نخل المركزي لاستقبال عيد الأضحى    منظمة التحرير الفلسطينية: غزة تتعرض لإبادة برعاية أمريكية وصمت دولى    المشدد 10 سنوات لعاطل لاتجاره في المخدرات بشبرا الخيمة    بيطري القليوبية: ضبط 25.5 طن لحوم ودواجن غير صالحة للاستهلاك خلال شهر    مانشستر يونايتد مستعد لتلقي عروض لبيع سانشو    فيفي عبده تنعي الفنانة سميحة أيوب    توجيهات مهمة من رئيس الوزراء بشأن التحركات الدبلوماسية    وزير المالية: 50% من مستحقات الشركات في برنامج دعم الصادرات سيتم تسويتها من الضرائب أو الكهرباء    تطهير وتعقيم ونظافة الأماكن المعدة لصلاة عيد الأضحي المبارك بالقاهرة    عدم الإعلان عن موعد فتح التحويلات ونتيجة تنسيق القبول للمدارس.. لهذا السبب    الاتحاد السكندري: عبدالعاطي استقال على «الفيسبوك».. والمغادرة غير مقبولة    الداخلية تكشف تفاصيل فيديو قيام شخص بالتعدى على ابنته بالجيزة    رسالة دكتوراه تناقش تقييم جدوى تقنية الحقن الأسمنتي كعلاج فعال لكسور هشاشة العظام    ضبط أصحاب شركة المقاولات المتورطة في التنقيب عن الآثار أسفل قصر ثقافة الطفل بالأقصر    "المطاعم السياحية": بحث ضرائب الملاهي الليلة وإطلاق شعار موحد للمنشأت    المركز القومي للمسرح ناعيا سميحة أيوب: أفنت عمرها في تشكيل ملامح تاريخ الفن    مهرجان إيزيس الدولي ينعى سيدة المسرح العربي سميحة أيوب    موعد ومكان جنازة الفنانة سميحة أيوب    بلدية غزة تطلق نداءً عاجلا لتوفير الآليات والوقود    رئيس أساقفة الكنيسة الأسقفية يهنئ رئيس الجمهورية وشيخ الأزهر بحلول عيد الأضحى    درجات الحرارة اليوم الثلاثاء 3 يونيو 2025 فى القاهرة والمحافظات    من الصفائح التكتونية إلى الكوارث.. كيف تحدث الزلازل ؟    مستشار الرئيس للشئون الصحية: مصر تشهد معدلات مرتفعة في استهلاك الأدوية    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الثلاثاء 3 يونيو 2025    «كل حاجة هتبان».. هاني سعيد يرد على رحيل إدارة بيراميدز والدمج مع مانشستر سيتي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«ليلة دخلة شيماء».. تعيد القصة إلى تألقها
نشر في التحرير يوم 21 - 02 - 2014

حمدى عبد الرحيم يحاول تضفير الشعرى بالنثرى والخاص بالعام والتراجيدى بالساخر والعامى بالفصيح
من الملاحظ فى الآونة الأخيرة أن القصة القصيرة تعود مرة أخرى إلى المشهد الإبداعى المصرى، بعد أن نعاها منذ سنوات قريبة نقاد وكتاب وأوساط ثقافية، وسمعنا صرخات كثيرة تنادى بإنقاذ هذا الفن الذى يعانى من ضربات قوية بسبب توغل وتغول فن الرواية، حيث إن هذه الأخيرة وجدت محافل كبيرة تحتفى بها، وتنعقد حولها مؤتمرات، وتقام لها جوائز كبرى ذات عوائد مادية ضخمة، وعوائد أدبية مضيئة، وتجد طريقها إلى الترجمة لعدة لغات بسهولة، وبعد كل هذا، نجد بوادر طيبة تنذر بعود أحمد لفن القصة القصيرة بصدور كوكبة من المجموعات القصصية التى تليق بتطور هذا الفن، ودحض خديعة احتضاره، أو تقاعسه، أو تراجعه، وسنتناول هذه المجموعات تباعًا إن شاء الله، ومن بين هذه المجموعات، مجموعة «ليلة دخلة شيماء» للكاتب والمبدع حمدى عبد الرحيم، الذى كان قد أصدر رواية من قبل وهى: «سأكون كما أريد»، ومن الملاحظ فى حياتنا الثقافية والإبداعية أن الكاتب يبدأ على استحياء بإصدار مجموعة قصصية، وبعدها ينشر رواية، ولا يعود إلى القصة القصيرة مرة أخرى، وكأن كتابة القصة القصيرة كانت مجالًا للتدرب على كتابة الرواية، وهذا عكس ما حدث مع حمدى عبد الرحيم، وهذا يعود للجدية والصدق اللتين تتميز بهما إبداعات عبد الرحيم، وهاتان الصفتان عندما يتوفران فى أى نوع من الإبداع، يكتبان له الرقى والجودة وجواز المرور، أى أن المبدع لا يجرى خلف تيمات وتقنيات ليست له، لكنه يكون انعكاسًا خاصًا جدًّا لنفسه هو ولتجربته هو ولثقافته هو، ولا يتسلق على تقنيات ليست له، وهذا ما نلاحظه فى كتابة مبدعنا حمدى عبد الرحيم.
مجموعته «ليلة دخلة شيماء»، الصادرة عن دار «أوراق»، التى تحتوى على خمس عشرة قصة، تنطق بكل ما هو خاص، وجديد، وتضعنا أمام لون جديد من الكتابة، ومن التقنيات، وكأن فن القصة ما زال قادرًا على إثارة الدهشة، فى كتابة حمدى عبد الرحيم، دومًا نشعر أنه يحاول تضفير الشعرى بالنثرى، والخاص بالعام، والتراجيدى بالساخر، والعامى بالفصيح، وكل هذا يتكون فى جمل تطول أو تقصر لا تفارقها هذه السخرية الكامنة بين السطور والمفردات والجمل، وليس من الغريب أن مبدعًا هذه سماته، أن يستهل مجموعته بفقرات شعرية من محمود درويش تقول: «نامى لأعرف فى أى ملح أموت، وفى أى شهد سأبعث حيًّا. ونامى لأحصى السموات فيك وشكل النباتات. وأحصى يديا»، وكذلك لن نندهش عندما نلاحظ أن كاتبنا يستدعى ماركيز وإيزابيلا الليندى وسميح القاسم وغيرهم من الكتاب فى قصصه، وإن كانت بعض القصص ما هى إلا حوارات خاصة شبه مسرحية أو استعراضية، مثل قصتى «زفاف حبيباتى» و«خمسون سؤالا.. ثم مات الرجل»، فى القصة الأولى يتخيل الراوى -محض تخيل- أن له سلسلة من الحبيبات اللاتى يعرض لجوانب من حياتهن معه فى القصة، وكل واحدة من الحبيبات خاض معها تجربة، فحبيبته الأولى كان يقابلها فى شوارع «المنيل»، ودومًا نجد الكاتب يستوقفنا بجمل اعتراضية خارج موضوع القصة، هذه الجمل هى التى تعمل على تحميل القصة بأبعاد بريختية، ثم حبيبته الثانية الطيبة، التى كأنها أمه، ويظل يتدرج حتى يصل إلى حبيبته العاشرة التى تتمتع بإيقاع خاص جدًّا، ونكتشف أن ذلك مجرد خيال فى خيال يستعرض فيه الراوى إمكانيات عاطفته المغبونة، وفى القصة التالية «خمسون سؤالا.. ثم مات الرجل»، تدور الأسئلة بين اثنين، وليس معروفًا من هو السائل، ومن هو المسؤول، هل طبيب يسأل مريضًا، أم محقق يسأل متهمًا؟ أم رجل مثقف وفيلسوف وعارف بالحياة يسأل شخصًا عاديًّا»، وإذا ضبطنا ما يدل على هوية أى من هؤلاء، فسرعان ما تذوب هذه الهوية بفعل أسئلة أو إجابة أخرى، وتبقى الأسئلة والأجوبة التى تدور حول موضوعات كثيرة تخص المرأة خصوصًا، هواجس وظنون وإشكاليات قائمة وفاعلة فى الحياة.
ولأن الكاتب تطرق إلى أحداث الثورة، فهو لم يتطرق إلى الأبطال المعلنين دائمًا، ولا الجماعات التى راحت تظهر تباعًا وكأنهم حاملو رايات النصر والاستقلال دومًا، بل نجد الكاتب يتسلل إلى الصفوف الخلفية، الصفوف التى هى التفاصيل الحقيقية للحدث الثورى الحقيقى، وتأتى قصتا «مناقب سيد صومال» و«ليلة دخلة شيماء»، فى القصة الأولى يلقى بها الكاتب عبر فقرات قصصية معنونة مثل «نسبة مولده وطفولته والأصل فى لقبه وعلمه وأساتذته وهكذا»، هذه الفقرات التى تأتى فى بناء بديع، تفصح عن شخصية لا يهمها أن تكون فى برواز الثورة، ولا تطمح أن تكون «بطلًا» للحدث، كذلك قصة «ليلة دخلة شيماء»، التى تأتى على هيئة اعترافات طفلة من بنات الرصيف أو الشوارع كما يقولون أمام محقق أو ضابط شرطة، وتخاطبه طوال القصة ب«يا باشا»، لتذكرنا بأنه ما زالت صيغة «الباشا الكبير والصعلوك الفقير» هى التى تحكم حياتنا، وعلى مدى القصة، تسرد شيماء حياتها، هذه الحياة البشعة التى هى حياة آلاف الفتيات والشباب، شيماء ليس لها عنوان، فهى اليوم فى إسكندرية، وغدًا فى موقف «عبود»، أى حسب لقمة العيش، وعندما جاءت 25 يناير وجدت نفسها فى قلب ميدان التحرير، وبعد 28 يناير قابلت «حماطة» الذى صار بائعًا للمناديل، بعدما هجم مع كثيرين على إحدى شركات الظلمة، وأفرغوا ما بها، واختلفت مقاديره، وصار يبيع كروت شحن موبايلات، وبعد هذا اللقاء قررا أن يتزوجا، وبالفعل ذهبا إلى المأذون الذى لم يكن إلا المقدس بشاى، وهنا تستسلم شيماء لهذا الزواج العجيب والفانتازى، لكنه أرحم من الحياة هكذا، ويقرران أن تكون ليلة الدخلة فى التحرير، لكن سرعان ما تأتى الشرطة لتقبض عليهما وهما فى وضع زوجى حميم، ويهرب حماطة وتقع شيماء بين أيدى الشرطة لتعترف وتسرد كل تفاصيل حياة صعبة وشبه مستحيلة.
وهكذا يستطرد حمدى فى طرح أبطاله الهامشيين، لكنهم هم الأبطال الحقيقيون لصناعة الحياة، مرة أخرى يعيد حمدى عبد الرحيم لشخصيات الهامش وجودها، فى سرد سلس وناعم، ودون أدنى صراخ أو هتاف فى الكتابة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.