درينى خشبة حول النص الشعبى إلى عمل روائى فى ترجمة جديدة صادرة عن «التنوير» هى ملحمة شعرية للشاعر اليونانى هوميروس، تتكون من نحو اثنى عشر ألف بيت، كتبها هوميروس، بينما تروى مغامرات أوديسيوس البحرية، وهو يجوب أصقاعا وشواطئ مجهولة حتى وصل إلى العالم السفلى، ومنه عاد إلى وطنه إيثاكا. ورغم أن «الأوديسة» ملحمة شعرية فإن درينى خشبة قام بترجمتها وتحويلها إلى نص روائى، جاءت فى 240 صفحة، وصدرت مؤخرًا عن دار التنوير للطباعة والنشر، بالتزامن مع معرض القاهرة الدولى للكتاب. قصة الأوديسة وبطلها أوديسيوس أو أوليسيس، هى ملحمة متفرعة من قصة حرب طروادة، تلك المدينة القديمة الواقعة على بوغاز الدردنيل فى آسيا الصغرى، والتى شهدت حروبا طويلة نشبت بين جيوش دول المدن اليونانية وجيوش طروادة وحلفائها من آسيا الصغرى، وذكرت ملحمة «الإلياذة» الشقيقة البكر ل«الأوديسة»، والتى نظمها هوميروس، سبب الحرب وهو قيام باريس ابن الملك بريام بسرقة زوجة منلوس ملك أسبارطة وكنوزه والعودة بهم لطروادة، فنشبت الحرب واستمرت لمدة 10 سنوات، واستطاعت الجيوس اليونانية اقتحام المدينة بفضل حيلة «الحصان الخشبى»، التى ذكرها أوديسيوس بطل ملحمة الأوديسة. والأوديسة تروى ما حدث بعد انتهاء الحرب ل«أوديسيوس» فى أثناء عودته بحرًا إلى مملكته إيثاكا والمتاعب التى لاقاها والمغامرات التى خاضها، إضافة إلى ما لاقته بنلوب الجميلة والنبيلة ملكة إيثاكا وزوجة أوديسيوس وابنها تليماك أو «تليماخوس»، على يد ملوك اليونان الأقوياء الظالمين الذين لما رأوا أوديسيوس قد تأخر عن العودة إلى بلاده، وظنوا أنه قد مات أو غرق، وطمع كل منهم فى الزواج من بنلوب التى ظلت وفيةً لأوديسيس فكانت تردهم ردًّا جميلا وتعدهم بأنها حينما تفرغ من نسج ثوب تظاهرت بالعمل فيه على منسجها سوف تنظر إلى خطبتهم لتختار من بينهم زوجًا لها بدلا من أوديسيوس، ولكنها كانت تحتال لعل زوجها يكون حيًّا وعسى أن يعود ليحارب هؤلاء الملوك السمجاء، الذين قدموا من بلادهم وحاصروا قصرها ولم يشاؤوا الانصراف عنه حتى تختار زوجًا منهم. كما تحكى الأوديسة عن منيرفا ربة الحكمة والعدالة التى كانت تؤيد أوديسيوس وقامت بمساعدة ابنه تليماك الذى كان يناجيها فى البحث عن والده قائلا «أيتها الربة المباركة! يا إلهة الحكمة منيرفا! يا من كنت أمس ضيفة مكرمة تحت سقف هذا البيت، أصلّى لك، أنا تليماخوس التعس، وأبتهل أن تباركينى وتسددى خطواتى، وأن تكونى رائدى الأمين فى عباب هذا البحر، وأن تشدى أزرى وتكونى معى إلبًا على هؤلاء الفساق العرابيد، وأن تشرقى فى ظلماتى البعيدة، وأن تحلى أمنًا وسلامًا علىّ.. يا منيرفا، يا منيرفا، استجيبى يا ربة العدالة». فما كان منها إلا أن استجابت وأتت فى صورة الأمين منطور وكلمته كلمات أرْوَح من أنفاس الفجر، وأدنى من نسمات الورد، وأعذب من قطرات الندى.. درينى خشبة ترجم أيضا «أساطير الحب والجمال عند الإغريق»، و«قصة طروادة متضمنة إلياذة هوميروس»، إضافة إلى «الأوديسة»، التى يعتبرها الحلقة الثالثة من روائع الأدب اليونانى الذى ترجمه ونقله إلى العربية، لم يشأ ترجمة الأوديسة ترجمة تطابق أصلها اليونانى، بل فضل روايتها رواية تيسر فهمها وتعطى خلاصتها لكثرة ما ورد فيها من أسماء الآلهة وأنصاف الآلهة.