ناشرون وأدباء يطالبون الدولة بحماية المعرض من تهديدات الإخوان ساعات قليلة تفصلنا عن بدء فعاليات معرض القاهرة الدولى للكتاب فى دورته الخامس والأربعين، والتى تُقام تحت شعار «الثقافة والهوية»، بمشاركة 755 ناشرا، منهم 27 ناشرا أجنبيا و210 من الدول العربية، إضافة إلى 518 دار نشر مصرية. رغم العنف الإخوانى فى الجامعات والشارع وهو ما قد يُعرقل إقامة المعرض فى موعده، فقد أصرّ الناشرون والكتّاب على الوجود فى المعرض تحت أى ظرف.. بعضهم متفائل والبعض الآخر قلق من تهديدات الإخوان بإفساد الموسم الذى ينتظره الجميع. سيبدأ المعرض، الذى اختيرت دولة الكويت لتكون ضيف شرفه والأديب المصرى الراحل طه حسين ليكون شخصية دورته الجديدة، وسط أوضاع سيئة تمرّ بها صناعة النشر، وتتمثّل أبرز مؤشراتها فى تراجع معدلات إنتاج الكتاب إلى أقل من 40%، مع تدنّى حركة البيع وإحجام كثير من المبدعين عن الكتابة، وهو أمر يعدّ -حسب تقدير الناشر محمد هاشم «دار ميريت»- من بين التداعيات السلبية للثورة، وإن كان ذلك لا يعنى بالضرورة أن الناشرين يرفضون ما حدث. وبقوله، فإنه لا قيمة للمكاسب المادية فى مقابل العدالة الاجتماعية ونهضة الوطن، أما تهديدات جماعة الإخوان بإفساد المعرض فلن تُوقِف -كما ذَكَر هاشم- استعدادات الناشرين «سنجاهد من أجل إقامة المعرض تحت أى ظروف، وسنشارك فى كل الفعاليات والندوات، ولن تمنعنا تهديداتهم». ويضع الناشر هانى عبد الله «دار الرواق» معرض هذا العام فى سياق الأحداث، قائلا: «معرض هذا العام يأتى بعد فترة سياسية سيئة جدا أثّرت فى الشارع المصرى، وألقت بظلالها على صناعة الكتاب»، مضيفا: «نأمل أن نعوّض هذا العام جزءا من الركود الذى عانيناه فى الفترة السابقة». وبتقديره، فإن التهديد الذى يُواجه المعرض هذا العام يتجاوز الأعوام السابقة، نظرا لأنه يتزامن مع ذكرى ثورة 25 يناير التى تأتى فى ظروف صعبة، غير أن هانى عبد الله يعتقد أن هذه الظروف تمثّل فرصة لتأكيد دور الدولة المهم فى دعم النشر. وقال: «يمكن للدولة مثلا أن تدعم مستلزمات الطباعة والورق، من خلال إعفاء الجمارك عن تلك المستلزمات». من جانبه، أبدى الناشر محمد سامى «دار ليلى» أمله فى أن يكون معرض هذا العام ناجحا وملبّيا لتطلّعات الناشرين. وقال إن الناشرين طالبوا -قبل المعرضين السابقين- الحكومة بضرورة التكثيف من حملة الدعاية للمعرض كما كانت قبل الثورة، واقترحنا عودة رسالة معرض الكتاب للتليفزيون مرة أخرى، وضرورة الوجود الأمنى المكثّف كما كان من قبل، فهذا يُعطى إحساسا بالأمان للناشرين والزوّار على حدّ سواء، مع تخصيص حافلات النقل العام كما كان يحدث من قبل. من جانبها، أوضحت نيفين التهامى، المدير التنفيذى لدار «كيان»، أن الاستعداد للمعرض بدأ منذ شهور، مع الأمل فى أن يكون المعرض مختلفا بعد ثلاث سنوات من انحداره. وقالت: «سوق النشر تأثّر بالتغيّرات والصراعات السياسية فى مصر، والأمل فى معرض قوى يعوّض خسائر السنوات الأخيرة، ويمثّل انطلاقة حقيقية للثقافة المصرية وفرصة للتواصل مع الثقافات العربية والأجنبية. والمخاوف تتعدّد وبالأخص مع اقتراب يوم 25 يناير بما يحمل من تصادمات محتملة.. وكذا تزامن محاكمة الرئيس المعزول محمد مرسى مع أيام المعرض». وأضافت أن دور الدولة غير مفعّل وليس واضحا فى نشر الثقافة، ولا يتعدّى كونه دورا شكليا نتمنّى أن يتغير بعد استقرار الوضع السياسى والاقتصادى، معتبرة أن «تزايد أعداد دور النشر الخاصة يفيد فى النشر والثقافة عموما، وبالأخص مع احتدام المنافسة، ومحاولة كل دار نشر جديدة التميّز والتغيير للوصول إلى قاعدة جماهيرية كبيرة».. وفى سياق متصل، قال الناشر محمد البعلى «دار صفصافة» إن الدار تخشى أن تؤثر الاضطرابات والتظاهرات المصاحبة لذكرى ثورة 25 يناير فى الإقبال على المعرض وفعالياته، وبالتالى تقليل حركة المبيعات. على مستوى الكتّاب والأدباء، يعدّ معرض الكتاب فرصة مثالية للتواصل مع الجمهور والنقاد، كما أنه يوفّر لهم مجالا للتعرف على الإصدارات الجديدة، وذلك حسب ما ذَكَره الكاتب الشاب عمرو الجندى ل«التحرير»، فالمعرض يمثّل له حدثا خاصا جدا، لأنه يتيح لقاء القراء بشكل أكبر، كما أنه فرصة للقراء للتعرف على الإصدارات بشكل أشمل وأكبر، خصوصا أن هناك عديدا من الأعمال الأدبية التى لا تصل إلى القارئ خصوصا فى الأقاليم». وأضاف: «بالطبع تأثّر المعرض بالحال السياسى فى الأعوام السابقة، ربما لم يتأثر بشكل جذرى، ولكن لا ننكر أن الأحداث السياسية كان لها أثر سيئ على الحضور.. أتوقّع نجاحا كبيرا لمعرض 2014». أما الكاتبة شيرين هنائى، فقالت: «معرض الكتاب يمثّل لى منذ طفولتى المكان الذى أجمع فيه أحلامى من بين دفات الكتب.. وحتى الآن، رغم كونى واحدة من المشاركين بأحلامهم الشخصية على الورق، لا يزال معرض الكتاب عيدا خياليا لا يضاهى فرحته أى فرحة». نفس الرأى، تجده لدى الكاتب الشاب عصام يوسف، فمعرض القاهرة يمثّل على حد قوله «العرس السنوى لكل الكتّاب والقراء على مستوى مصر بأكملها، كما يعدّ مناسبة رائعة فى توقيت ممتاز لإعادة الثقة مرة أخرى لقلوب كل المصريين وكذلك كل الشعوب العربية وغيرها من دول الغرب». وأضاف: «رغم كل ما تمر به البلاد من زخم ومشكلات على جميع المستويات، فلا تزال مصر تحتل مكانة كبيرة فى قلوب الجميع، وبإذن الله تعالى سيقام المعرض فى موعده رغم كل شىء، وكلى ثقة فى أن الأمن سيحكم قبضته على كل مَن تُسوّل له نفسه المساس بأمن وسلامة وطننا العزيز».