" أيها الثوار لا تتركوا الكتاب وحيدا " هذه هي الصيحة التي يطلقها ناشرون مصريون في اليوم العالمي للكتاب، مؤكدين أن أوضاع الكتاب المصري تثير الكثير من الأحزان، إذ تغيب الإحصائيات الدقيقة عن معدلات القراءة واتجاهاتها، فضلا غن غياب حضور الكتاب في الحياة اليومية، بسبب ارتفاع أسعاره نتيجة للأعباء الرقابية والضريبية المفروضة على مستلزمات الصناعة من أوراق وأحبار. كما يشير إلى ذلك عدد من الناشرين والكتاب المصريين الذين يطالبون بدعم الدولة لصناعة الكتاب ، فبعد ثورة 25 يناير بات من الضروري الالتفات إلى الكتاب كسلعة إستراتيجية لمصر وكأحد أهم أدوات دورها السياسي كما كانت الحال في الستينيات. الناشرون أكدوا ل "بوابة الأهرام " أن الاهتمام بالقراءة في ظل النظام السابق كان اهتماما استعراضيا ولم يؤد إلى زيادة حقيقية في حجم النشر تلائم زيادة عدد السكان في مصر ، فالناشر رضا عوض مدير دار رؤية يؤكد أن الاحتفالات باليوم العالمي بالكتاب كانت تجري بشكل خاطئ في الماضي، لأن المسئولين عن النشر كانوا يحتفلون بحضور سوزان مبارك في مصالحهم وليس باليوم العالمي للكتاب وأدي ذلك لانعدام إحساس الناس بالكتاب ". ويتابع عوض " أنه كان من المفترض أن تمنح دور النشر خصومات خاصة للقراء في هذا اليوم وأن تعقد الندوات للكشف عن زخم المشهد الثقافي وليس خلق ضجة إعلامية ". معروف أن دول العالم، ومن بينها مصر اليوم السبت بدأت اليوم احتفالات ب (اليوم العالمى للكتاب). وقد وقع الاختيار على يوم 23 أبريل من المنظمة العالمية للتربية والثقافية والعلوم (اليونسكو) للاحتفال فيه كل عام بيوم الكتاب (وهى ذكرى وفاة الأديب العالمى وليم شكسبير والأديب الإسبانى سرفانتس)، وذلك وعيا بأهمية القراءة ودورها فى نشر المعرفة واعترافا بقيمة الكتاب الذى ظل على مدى التاريخ أحد أقوى الوسائل التى ساعدت على نشر المعرفة والتراث الفكرى والحضارى وأحد أقوى وسائل حمايتها. وعن تصوره لأوضاع الكتاب في المستقبل يشير عوض إلى أن هناك بارقة أمل بدأت تلوح في الأفق مع ثورة يناير فهناك وعي جديد يتشكل عند الناس وبداية لنهضة. ودعا عوض المحافظين لتوفير الدعم للناشرين المحليين والسماح بإقامة معارض خاصة بهم في الميادين العامة لتكون الكتب قريبة من الناس. يري الكاتب الصحفي سعد هجرس مدير تحرير العالم اليوم أن السبب الأساسي في عدم إحساس الناس بهذا اليوم هو أن الكتاب ليست له قيمة حقيقية في حياتهم ، فخلال السنوات الماضية أصبح ضيفا غير مرغوب فيه بالبيوت المصرية إما لارتفاع ثمنه أو لضيق الوقت وعدم قدرة الناس علي توفير وقت للقراءة. وحسب هجرس لابد من وجود محاولات للدفاع عن الكتاب ولكن الاتجاه الغالب هو أن الكتاب لا قيمة له.. مؤكدا أن على الثورة خدمة الثقافة وتحرير الكتاب من الأعباء الضريبية والقيود علي حرية التعبير فالكتاب المصري يجب أن يعود كأهم منتج تصدره مصر في المرحلة القادمة. ويعتقد الكاتب صلاح عيسي أن قراءة الكتب في مصر بشكل عام لا تلقي اهتماماً كبيراً مع انتشار ثقافة الصورة ووسائل الاتصال الحديثة كالإنترنت وغيرها، ويقول " إن معدلات القراءة في مصر منخفضة بشكل كبير حتي إنها أقل من دول أخري في المنطقة وجزء كبير من المشكلة هو ارتفاع أثمان الكتب فالناس تريد القراءة ولكن الكتب لا تتوافر والدليل أنه حين كانت توزع جريدة القاهرة كتاباً مع أحد أعدادها تختفي الجريدة من السوق في وقت قصير وأيضا الإقبال علي كتب مكتبة الأسرة كان كبيراً " ويعتقد عيسي على أنه لا خروج من هذه الأزمة إلا بوجود خطط مرسومة لحفز الناس علي القراءة بأن تتدخل الدولة لدعم أسعار الكتب والاهتمام بالثقافة الحرة. ويشدد صاحب " مثقفون وعسكر " علي أهمية المكتبات المدرسية التي تلعب دوراً هاماً في تقريب الكتب من الشباب فمعظم تلك المكتبات الآن لا تحتوي علي كتب تشكل ثقافة عامة نظراً لأن الإدارة المركزية بوزارة التربية والتعليم التي كانت تشرف عليها تركتها لإدارات اللإقاليم أو للمدارس وهو ما أدي لسوء حالة تلك المكتبات، وقال عيسي إن الاهتمام بكتاب الطفل سيلعب دوراً كبيراً في تشجيع الطفل علي القراءة في المراحل اللاحقة ومن شأن وضع تلك البرامج وغيرها النهوض بالكتاب المصري في المرحلة القادمة أما الناشر الأكاديمي الدكتور قاسم عبده قاسم أن سبب إهمال الاحتفال باليوم العالمي للكتاب، راجع إلى موقف الدولة من الثقافة بشكل عام وصناعة الكتاب بشكل خاص، منذ عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات، فقد انتهجت الدولة من ذلك العهد سياسة تحط من قدر الثقافة- فالسادات بحسب قاسم كان يشبه كلام المثقفين بتقشير الذرة- وتستبعد صناعة الكتاب من مصادر دخلها، وتفرض على صناعته ضرائب باهظة، في الوقت الذي ترفعها عن السيراميك، على الرغم من أن مصر قد مرت بوقت قارب دخل صناعة الكتاب من عائد قناة السويس. وأوضح قاسم أن:" هناك قيودًا مادية كبيرة تفرض على صناعة الكتاب، فمثلا هناك جماركًا باهظة تفرض على استيراد الورق، في حين أنه لا يوجود هناك جمارك على الكتاب المطبوع، الأمر الذي يدفع بعض الناشرين لطباعة كتبهم في الخارج، في بلاد مثل تايلاند وسنغافورة، مما يعود بالسلب على العاملين في مجال الطباعة". ووصف قاسم الحقبة الثقافية المنصرمة بأنها اهتمت فقط بال"منظرة" وأكد إن مشروعًا مثل مكتبة الأسرة رغم مايبدو مشروعًا في ظاهره الرحمة، إلا أنه لا يعدو غير كونه منظرة، فمعظم سلاسله تقوم على إعادة نشر الكتب القديمة، ولا تقدم جديدًا، وأكد أنه لابد من وجود اهتمامًا حقيقية من الدولة لوضع سياسية حقيقية للكتاب كما كان في السابق، ولابد أن يكون لاتحاد الناشرين دورًا حقيقيًا في ذلك المجال بمعزل عن الدولة، فلماذا لاينظم معرضه الخاص للكتاب، وينظم مسابقات للناشرين والمؤلفين في اليوم العالمي للكتاب ؟.