النسب هو القرابة والالتحاق، يعد النسب رابطة سامية تصل الفروع بالأصول، تحفظ علاقاتهم وتصون حقوقهم، أحاطها الشرع الحكيم بسياج منيع من الأحكام ضمانا لوضوحها واستمرارها.. وتتمثل أسباب النسب الشرعيةفي الزواج الصحيح وذلك بان يولد الطفل على فراش الزوجية الصحيحة القائمة بين الرجل والمرأة عند ابتداء الحمل قال صلى الله عليه وسلم : (الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ ) رواه البخاري، وفي الإقرار بالبنوة، وفي البينة الشرعية عن شهادة الشهود، وفي التحقق من النسب بالبصمة الوراثية : وهي البنية الجينية ( المورثات ) التي تدل على هوية كل إنسان بعينه حيث أنها تتطابق في نصفها مع الأم وفي نصفها الآخر مع الأب ويمكن أخذها من أي خلية بشرية والبصمة الوراثية أقوى من القيافة التي كانت تعتمدها العرب ( إثبات النسب بوجود الشبه الجسماني بين الأصل والفرع ) ملاحظة : تعتمد البصمة الوراثية في حالة الاشتباه في المواليد بالمستشفيات وفي حال ضياع الأطفال أو اختلاطهم بسبب الحوادث والكوارث والحروب مثلا أما التبني فهو اتخاذ ابن أو بنت الآخرين بمثابة الابن أو البنت من النسب الصحيح، وهو حرام شرعاً.. قال تعالى (وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ ادْعُوهُمْ لِآَبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آَبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) سورة الأحزاب 4-5 وقال صلى الله عليه وسلم : (مَنْ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُ فَالْجَنَّةُ عَلَيْهِ حَرَامٌ ).. رواه البخاري. والحكمة من تحريم التبني تتمثل في أن الولد المتبنى غريب عن الأسرة ولا يكون له حكم قرابة الأرحام فإذا كانت أنثى اطلع الرجل على جسدها وربما تورط في الحرام معها وإذا كان الولد ذكرا ربما اعتدى على زوجة الرجل المتبنى أو على ابنته أو أخته وهذه مفاسد ومنكرات لا يريد الإسلام وقوعها.. كما تتمثل في أن التبني يكون ظلما للولد الحقيقي وإهدارا لمعنوياته ومساسا بكرامته وحقوقه خاصة المتعلقة بالإرث.. وأهم أسباب تحريم التبني هو أنه يؤدي إلى «اختلاط الأنساب» يقول «إبن خلدون» عن إختلاط الأنساب في الفصل العاشر من مقدمته: «إعلم أنه من البين أن بعضاً من أهل الأنساب يسقط إلى أهل نسب آخر بقرابة إليهم أو حلف أو ولاء أو لفرار من قومه بجناية أصابها فيدعى بنسب هؤلاء ويعد منهم في ثمراته من النعرة والقود وحمل الديات وسائر الأحوال..وإذا وجدت ثمرات النسب فكأنه وجد لأنه لا معنى لكونه من هؤلاء ومن هؤلاء إلا جريان أحكامهم وأحوالهم عليه وكأنه التحم بهم.. ثم إنه قد يتناسى النسب الأول بطول الزمان ويذهب أهل العلم به فيخفى على الأكثر.. وما زالت الأنساب تسقط من شعب إلى شعب ويلتحم قوم بآخرين في الجاهلية والإسلام والعرب والعجم». إختلاط الأنساب السياسية هي الدرجة القصوى من عدم الفصل بين السلطات والتي يصل إلى أن تتبنى سلطة وجهة نظر السلطة الأخرى وتتولى هي عملية تطبيق وجهة النظر هذه.. وهذا ما يحدث في الفترة الأخيرة بين السلطتين.. القضائية والتنفيذية قانون التظاهر الذي صدر الشهر الماضي والمقدم من السلطة التنفيذية وأصدره رئيس الجمهورية وهو رئيس السلطة التنفيذية والذي يمتلك السلطة التشريعية مؤقتاً هو قانون معيب باعتراف الجميع فبرغم تبرير الحكومة أن هذا القانون صدر من أجل التصدي للإخوان.. لم يطبق على تظاهرات الإخوان التي تخرج ليل نهار قبل وبعد صدوره، لأن التعامل مع الإخوان ليس من خلال قانون التظاهرات بل من خلال قانون الإرهاب. أصدرت محكمة جنح عابدين حكمها بالسجن ثلاث سنوات والغرامة خمسون ألف جنيه لكل من أحمد ماهر وأحمد دومة وأحمد محمد عادل بسبب عدم الحصول على ترخيص في اليوم الأول للعمل بقانون التظاهر ويعتبر هذا أول حكم تم إصداره بسبب تجاوز هذا القانون والذي يتجاوزه الجميع كل يوم سواء كانوا إخوان أو ثوار أو فلول. أعتقد أن القاضي الذي حكم على هؤلاء السلميين حقاً وصدقاً يعلم أن في ربوع مصر خرجت 26 تظاهرة حاشدة ترفع صور عبد الفتاح السيسي ومحمد إبراهيم من دون تصريح مسبق ولم تفضها الشرطة بالقوة ولم تطلب منهم الفض بل أن هناك فيديو على «اليوتيوب» عن إحدى هذه التظاهرات في حي المعادي والتي مرت على قسم الشرطة فما كان من الضباط إلا أمر العساكر باتعظيم للصور المرفوعة. يبدوا أن القضاء أصبح في قبضة السلطة التنفيذية تماماً وأصبح جهازاً من أجهزة السلطة التنفيذية مثله مثل جهاز الشرطة يأتمر بأمر رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء عن طريق وزير العدل الذي لم يعد دورة مقتصراً فقط على العمل الإداري في المحاكم بل أصبح متدخلاً في العفل الفني. تنوية مهم: لا أتفق مطلقاً مع القرار الذي كان قد صدر عن المجلس الأعلى للقضاء والذي وضع من خلاله قيوداً وشروطاً للتعليق على أحكام القضاء.. فهذا ليس موجوداً في اي دولة في العالم وليس له سنداً من القانون لتجريم مجرد التعليق على الاحكام القضائية حتى ولو لم يتضمن أي قذف أو سب او إهانة، وفيه افتئات على الحقوق الدستورية الراسخة التي كفلها الدستور كالحق في إبداء الرأي والتعبير والنقد البناء.. ولا يوجد أي سند لإسباغ حصانة وأو تحريم أو تقديس لأعمال القضاة. فلا الأحكام القضائية تنزيلاً من السماء ولا قضاتنا الاجلاء هم آلهة او رسل معصومون، وإنما هم بشر يصيبون ويخطئون ، فيرد على احكامهم ان تعتورها عيوب ناشئة عن اخطاء البشر، وما كانت تلك البديهية إلا السبب في جري انظمة التقاضي المتحضرة في العالم بأسره على تعدد درجات التقاضي لتصحيح اخطاء احكام الدرجات الادنى ، فهذا أمر بديهي مفترض.. ولئن كانت أحكام القانون والدستور ذاته لا تتأبي على النقد والتعليق ، فلا يعقل ان يكون التعليق على الأحكام او انتقاد القضاة محظور . إن إصدار الاحكام القضائية ليس كهنوتاً يحظر على العامة الإقتراب منه بل هي إحدى الوظائف التي تمارسها إحدى سلطات الدولة ، التي تقرر عبر دساتيرها في المادة الثالثة أن السيادة للشعب وهو مصدر السلطات، ومن ضمن تلك السلطات بالطبع السلطة القضائية، كما ينص في مادته الثانية والسبعين أن الأحكام تصدر باسم الشعب، و ذلك يعني ان الشعب هو الأصيل الذي تصدر الاحكام بإسمه ،وما قضاتنا الأفاضل إلا وكلاء عن الشعب في إصدار تلك الاحكام، مما يستحيل معه طبقاً لأي فهم قانوني ان يحظر على الأصيل الرقابة والتعليق على الاعمال التي تصدر بإسمه.. وما كان مبدأ علانية المحاكمات والاحكام إلا تطبيقا لهذه البديهية التي تقضي برقابة الشعب على أعمال القضاء.. كما تنص المادة 47 في دستور 1971 الذي صدر هذا القرار وقت سريانه على أن حرية الرأى مكفولة , ولكل إنسان التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير فى حدود القانون , والنقد الذاتى والنقد البناء ضمان لسلامة البناء الوطنى.