محافظ المنوفية يتابع أعمال تطوير نفق كوبري السمك بحي غرب شبين الكوم.. صور    وزيرة التنمية المحلية تتابع جاهزية المحافظات لموسم الأمطار والسيول    ارتفاع أقساط قطاع التأمين إلى 67.8 مليار جنيه خلال 7 أشهر    إسرائيل تتوعد برد مناسب على أي خطوات أوروبية ضدها    أيمن عبدالعزيز يعلن تمسكه بعدم العمل في الأهلي.. وسيد عبدالحفيظ يرد    «بنها التعليمي» يرد على فيديو «إلحقونا مفيش أطباء»: نبذل قصارى جهدنا دون تقصير    «السياحة» تكشف حقيقة اختفاء وتحطم قطع أثرية بالمتحف اليوناني الروماني    حقيقة اختفاء 5 قطع أثرية من المتحف اليوناني في الإسكندرية    دار الإفتاء توضح حكم التهرب من سداد الضرائب الحكومية بحجة أن تقديراتها غير عادلة    "الصحة" تُكمل المرحلة السادسة من تدريب العاملين على أجهزة إزالة الرجفان القلبي    فوائد السمسم، ملعقة واحدة لأبنائك صباحا تضمن لهم صحة جيدة    إحالة شكاوى مرضى في وحدة طب الأسرة بأسوان للتحقيق    "يضغطون على المجلس".. الكشف عن تفاصيل محاولات إعادة حسام البدري لتدريب الأهلي    قناة السويس تشهد عبور السفينة السياحية العملاقة AROYA وعلى متنها 2300 سائح    عضو مرصد الأزهر تحذر من ظاهرة الفاملي بلوجرز (فيديو)    قرار قضائي جديد بشأن طفل المرور في اتهامه بالاعتداء على طالب أمام مدرسة    تشييع جثمان شاب غرق أثناء الاستحمام في مياه البحر بكفر الشيخ    80%ملكية أمريكية.. ملامح الاتفاق الجديد بين الولايات المتحدة والصين بشأن "تيك توك"    أول يومَين بالمدارس أنشطة فقط.. خطاب رسمي ل"التعليم" لاستقبال الأطفال    قوات الاحتلال تقتحم مدينة نابلس شمال الضفة الغربية    بعد نشر صورة مع جدها الفنان محمد رشدي.. من هي البلوجر فرح رشدي؟    هل ينهي الاجتياح البري لمدينة غزة مسار مفاوضات وقف الحرب؟    حكم ما يسمى بزواج النفحة وهل يصح بشروطه المحددة؟.. الإفتاء توضح    مظاهرات في لندن ضد زيارة ترامب إلى بريطانيا    توجيهات رئاسية.. تساؤل برلماني بشأن حظر ربط المصروفات باستلام الكتب    كريم رمزي يفجر مفاجأة: الخطيب يرأس اجتماع الاهلي الاثنين المقبل    البنك المركزي: القطاع الخاص يستحوذ على 43.3% من قروض البنوك بنهاية النصف الأول من 2025    عاجل- رئيس الوزراء: مصر ثابتة على مواقفها السياسية والإصلاح الاقتصادي مستمر رغم التحديات الإقليمية    بالفيديو.. ميسرة بكور: زيارة ترامب إلى لندن محاولة بريطانية لكسب الاستثمارات وتخفيف الضغوط السياسية    فيلم فيها إيه يعنى بطولة ماجد الكدوانى يشهد الظهور الأخير للفنان سليمان عيد    معاش للمغتربين.. التأمينات تدعو المصريين فى الخارج للاشتراك    مفتى الجمهورية: ما يجرى فى غزة جريمة حرب ووصمة عار على جبين العالم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 17سبتمبر2025 في المنيا    هل يجوز لى التصدق من مال زوجى دون علمه؟.. الأزهر للفتوى يجيب    المستشار الألماني يطالب مواطنيه بالصبر على الإصلاحات وتحملها    بسبب الحرب على غزة.. إسبانيا تلمح لمقاطعة كأس العالم 2026    صفحة وزارة الأوقاف تحيى ذكرى ميلاد رائد التلاوة الشيخ محمود خليل الحصرى    الكشف على 1604 مواطنين فى القافلة الطبية المجانية بمركز بلقاس    وزير الري: الاعتماد على نهر النيل لتوفير الاحتياجات المائية بنسبة 98%    شاب يلقى مصرعه حرقًا بعد مشادة مع صديقه في الشرقية    القومي للمرأة يشارك في ندوة مناقشة التقرير الإقليمي "البحث عن العدالة    خلال تصوير برنامجها.. ندى بسيوني توثق لحظة رفع علم فلسطين في هولندا    جامعة القاهرة تحتفي بالراحلين والمتقاعدين والمتميزين في «يوم الوفاء»    بإطلالة جريئة.. هيفاء وهبي تخطف الأنظار في أحدث ظهور.. شاهد    "جمعية الخبراء" تقدم 6 مقترحات للحزمة الثانية من التسهيلات الضريبية    "البديل الذهبي" فلاهوفيتش يسرق الأضواء وينقذ يوفنتوس    24 سبتمبر.. محاكمة متهم في التشاجر مع جاره وإحداث عاهة مستديمة بالأميرية    «عودة دي يونج».. قائمة برشلونة لمباراة نيوكاسل في دوري أبطال أوروبا    أيمن الشريعي: علاقة عبد الناصر محمد مع إنبي لم تنقطع منذ توليه مدير الكرة بالزمالك    مصر تطلق قافلة "زاد العزة" ال39 محملة ب1700 طن مساعدات غذائية وإغاثية إلى غزة    محافظ قنا يفتتح مدرسة نجع الرماش الابتدائية بعد تطويرها بقرية كرم عمران    «عبداللطيف» يبحث مع وفد مجلس الشيوخ الفرنسي تعزيز التعاون المشترك في مجالي التعليم العام والفني    صحة المرأة والطفل: الفحص قبل الزواج خطوة لبناء أسرة صحية وسليمة (فيديو)    حركة القطارات | 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الأربعاء 17 سبتمبر    منال الصيفي تحيي الذكرى الثانية لوفاة زوجها أشرف مصيلحي بكلمات مؤثرة (صور)    بتر يد شاب صدمه قطار في أسوان    بهدف ذاتي.. توتنام يفتتح مشواره في دوري الأبطال بالفوز على فياريال    توقعات الأبراج حظك اليوم الأربعاء 17 سبتمبر 2025.. الأسد: كلمة منك قد تغير كل شيء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دالة أم إعالة: 3- راسك لفوق يا إنسانة خالد البرى
نشر في التحرير يوم 24 - 12 - 2013

السنة اللي فاتت رحت أمريكا في منحة للكتاب، بيجمعوا كُتاب من أكتر من تلاتين دولة في العالم ويقعدوهم مع بعض لمدة شهرين، علشان تبادل الخبرات والذي منه. المهم، قعدونا في سكن طلابي متواضع، ناحية منه حلوة بتبص على نهر، وناحية منه داخلية بتبص على منور. الشباك الوحيد في الأوضة قدامه حيطة طويلة جدا. تصحي الصبح تلاقي حيطة، تسهري بالليل تتفرجي على حيطة. لو عايزة تشوفي السما لازم تنزلي راسك تحت مستوى الشباك، وتبصي لفوق، دي الطريقة الوحيدة إن زاوية النظر تلمح حتى من السما من فوق الحيطة.
اكتأبت. لدرجة إني قررت بعد أسبوعين إني أقطع المنحة وأرجع على مصر. باقي القصة مش مهم. وملخصه إني مارجعتش والموضوع اتحل.
إنما السؤال اللي سألته لنفسي، واللي يهمني في موضوع المقال دا، ليه؟ شقتي في القاهرة برضه مش بشوف منها السما، بشوف قدامي على طول، على مسافة قريبة جدا، عمارة أسمنت ومافيهاش أي علامة جمالية. لكن في مصر مش واخد بالي إن دا ممكن يكون سبب للاكتئاب لأني «قانع» بيه. ولما رحت أمريكا كنت مستني المنظر دا يتغير، وبالتالي رفضته بشدة. ليه؟
والإجابة اللي وصلت لها إننا في مصر كلنا قانعين نبص لتحت. بمعنى إنك لو اشتكيتي من شقتك هاتلاقي ألف واحد وواحدة يقولوا لك: احمدي ربنا، فيه ناس مش لاقية الشقة اللي انتي عايشة فيها دي. وبالتالي، لو اتخيلنا «سلم المجتمع» مرسوما في لوحة هايكون الناس واقفة على درجات السلم، وكل مجموعة على درجة باصة لتحت، على المجموعة اللي تحتها، راسها متنية على صدرها وباصة لتحت. (ما عدا شوية فهموا الخدعة وبصوا لفوق .. شوية قليلين جدا).
لكن السياسة الاقتصادية الرأسمالية- سيبك من الدعاية- غرضها الناس كلها تبص لفوق. الناس من كل الطبقات تبص لفوق. علشان كده بتعزز قيم الصعود الاجتماعي وبتمدحها. الأغنياء يبصوا لفوق علشان يزدادوا غنى، والفقرا يبصوا لفوق علشان يدخلوا دايرة الغنى. الإدارة الحديثة للاقتصاد لا تسمح لذوي الأموال «بتكديس الأموال» زي زمان، لأن المال قيمته هاتقل بفعل التضخم. الرأسمالية بتغريهم، وبتقرصهم، علشان يطلعوا فلوسهم ويستثمروها، ولما يستثمروها بيحتاجوا عاملين، وبيحتاجوا من يظهرون مواهب وقدرات، مش لأن الرأسماليين ناس طيبين وحلوين، إنما لأنهم ناس، من مصلحتهم ومصلحة شغلهم واستثماراتهم إنهم «يصطادوا» ذوات المواهب وذويها. وبالتالي، الاقتصاد المدار رأسماليا بيأدي تلقائيا إلى إتاحة الفرص، مضاعفة الفرص، وبيستغل رغبة أصحاب الأموال في زيادة أموالهم ويقول لهم طيب اكسبوا وكسِّبوا. وبيستغل رغبة الصعود الاجتماعي لدى من ليس لهم أموال علشان يقول لهم اجتهدوا، نافسوا، اتعلموا مهارات أكتر علشان يبقى عندكم ميزة تنافسية، وعلشان لما الفرصة تتوفر تكونوا مستعدين.
الكلام دا محتاج سياسة أيوه، إنما كمان محتاج منظومة قيمية جديدة. القناعة فيها مش أول حاجة من فوق. مش بقول إنها سيئة، بقول إنها عادية. محمودة في حاجة صغيرة، حفظ التوازن النفسي أمام الرغبة الطبيعية في الصعود والتحسن. لغاية ما يحصل الصعود والتحسن. بمعنى أنها تفكير منطقي يخبرك أن الصعود يحتاج إلى وقت ومجهود، صبر لغاية ما المجهود يؤتي ثماره، ابتعاد عن الانشغال بالنقمة. لكنها أبدا مش محمودة إن كان معناها التكاسل عن بذل الوقت والمجهود في مقابل الرضا بالحالة. دا اسمه كسل. أما نقعد ننفخ فيها ونقول إنها كنز لا يفنى وأبصر إيه، فدا كلام مش حقيقي. الحقيقة إن الغنى مش سبب وحده للسعادة، إنما الغنى مرتبط
ب«وسائل» السعادة أكتر من الفقر. إحنا محتاجين الناس تبص لفوق وتشوف العالم. عايزين الرغبة في الصعود الاجتماعي ماتبقاش كلمة خبيثة زي ما إحنا ضمنيا بنوحي. الصعود الاجتماعي محاولة من الإنسانة أو الإنسان لتحسين وسائل حياتهم، وتوفير فرص أفضل لأبنائهم، وزيادة مستوى استمتاعهم بالحياة. الرغبة في الصعود الاجتماعي هي اللي بتخليهم يفكروا ويشتغلوا علشان يكسبوا أكتر، ويكتسبوا مهارات أكتر، ويضيقوا على نفسهم علشان يتعلموا أكتر ويعلموا أولادهم أكتر. دي قيمة إيجابية جدا، لا سبيل لتقدم مجتمع إلا بيها. الفقراء باصين لفوق والأغنياء باصين لفوق، ومصلحتهم المشتركة إنهم يتعاونوا.
نفس المنظومة الأخلاقية دي بتخلينا نبطل نحسس الفقيرة بأنها مولودة عظيمة وإنها ملح الأرض لمجرد أنها مولودة فقيرة، وإن إرضاءها- مش توفير الفرص ليها أو غيرها- هو الغرض الاجتماعي الذي تقاس عليه السياسات. بمعنى تاني. لازم نفرق بين «مدح الكفاح» و«مدح المعاناة». خليكي معانا، هانروح الحارة الضلمة دي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.