مع شروق شمس يوم الجمعة، راح رب البيت يعد نفسه وأبنائه استعدادا للذهاب إلى المسجد القريب من منزله بشارع الوحدة العربية المتفرع من شارع الهرم؛ لأداء الصلاة كما اعتاد أسبوعيا منذ بلوغه سن المعاش عام 2014، لكن سيناريو مغاير تماما كان في انتظاره، كتبت أحداثه الفصل الختامي في حياة زوجته الخمسينية قصيرة القامة. مكبرات الصوت الخاصة بمساجد منطقة العمرانية تشدو بآيات من الذكر الحكيم، تقترب الساعة من 11 و30 دقيقة ظهرا، بدأت الشوارع تمتلئ بالمصلين ما بين رجال وشيوخ وأطفال، لكن أصوات مشادة كلامية حامية الوطيس تعقبها صرخات متتالية من شقة بالطابق الثالث تضم 3 غرف في العقار الواقع بمدخل الشارع من جهة اليسار، يقطع الأجواء الإيمانية. هرول أهالي شارع الوحدة العربية إلى العقار مصدر تلك الأصوات، يقطع تساؤلات البعض قول أحد قاطني العقار" الصوت ده من شقة اللواء إيهاب"، ومع دخولهم الشقة كانت المفاجئة بالعثور على جثة زوجة نائب مدير أمن القاهرة الأسبق مسجاة على ظهرها مرتدية كامل ملابسها وبها آثار طلق ناري بالرأس، بينما تسمر أبناء الزوجين الثلاثة "عبد الله ونور وهاجر" في موضعهم دون القدرة على التحرك قيد أنملة من هول الفاجعة بعد مقتل والدتهما، وإصابة الأب ب3 طعنات بالصدر من الناحية اليسرى. خلال دقائق معدودة، تم نقل لواء الشرطة بالمعاش إلى مستشفى أم المصريين، فيما أبلغ أهالي المنطقة شرطة النجدة لتتحرك قوة من قسم شرطة العمرانية صوب موقع الجريمة بقيادة العقيد علاء فتحي، مفتش مباحث العمرانية والطالبية، والرائد أحمد حمدي، نائب مأمور القسم. عقب تقديم الإسعافات الأولية لصاحب ال61 عاما، طالب الطبيب المعالج مرافقي اللواء إيهاب بسرعة نقله إلى مستشفى مجهز، ليتم نقله إلى مستشفى الشرطة بالعجوزة، حيث خضع لتدخل جراحي عاجل، وإيداعه غرفة العناية المركزة، وفور الاطمئنان على حالته الصحية قامت مأمورية من أمن الجيزة بترحيله إلى مقر نيابة حوادث جنوبالجيزة لمباشرة التحقيق معه بتهمة قتل زوجته. سيارات الشرطة وأعضاء نيابة العمرانية يتوافدون على مسرح الجريمة، فيما تم فرض كردون أمني بمحيط العقار، ومطالبات الأمن للأهالي بضرورة الانصراف. حوائط ملطخة بالدماء، بعثرة في محتويات المنزل، فارغ طلقة من سلاح اللواء إيهاب آخر ما تبقى من تلك الجريمة، بينما يقوم رجال المعمل الجنائي برفع البصمات، وأخذ عينة من الدماء لمطابقتها بالضحية. "إيهاب باشا كان راجل محترم، وكان بيخدم الناس مشوفناش منه إلا كل خير".. يقول الحاج زكريا الرجل الخمسيني قصير القامة ببشرة خمرية، إنهم فوجئوا قبل صلاة الجمعة بأصوات الصراخ، مؤكدا "نقلنا اللواء إيهاب للمستشفى لأنه كان بينزف"، بينما يشير مصطفى حسني، الطالب بالفرقة الثانية بكلية الحقوق جامعة القاهرة، أنه "مش مستوعب اللي حصل، عمرهم ما سمعنا عنهم إلا كل خير". وفي مقر نيابة حوادث جنوبالجيزة بشارع المحطة، جلس الزوج المكلوم شاخصا ببصره نحو سقف غرفة التحقيق متمنيا محو تفاصيل هذا اليوم المشؤوم من ذاكرته، يصمت لحظات يروي بعدها ما حدث أمام النيابة بنبرة تكسوها مشاعر الحسرة والألم على فقدان زوجته وتحوله إلى متهم بقتلها "أنا كنت بستعد للصلاة، وبعد ما خلصت الوضوء، طلبت من زوجتي تشغيل إحدى قنوات القرأن الكريم مع اقتراب موعد الصلاة، لكنها أصرت على متابعة مسلسل". وأضاف: "هي مريضة بالصرع، وشدينا مع بعض في الكلام، لكن هي شتمتني قدام الولاد، وفجأة لقيتها ماسكة سكينة وضربتني في كتفي، فمسكت الطبنجة علشان أهددها، فخرجت طلقة جات في رأسها، وبعد كده الجيران نقلوني للمستشفى"، موضحا "نقلوني إلى مستشفى الشرطة بالعهجوزة، وعملوا الأشعة والفحوصات اللازمة، والحمد لله الإصابة مش خطيرة". بدورها، أمرت النيابة بتشريح ودفن جثة المجني عليها، وكلفت الطب الشرعي بكتابة تقرير وافٍ عن الجثة؛ للوقوف على ملابسات الوفاة، واستدعاء أبناء المتهم الثلاثة لسماع أقوالهم.