كتبت- نعمة الله التابعي: قبل أكثر من عامين، طالب الرئيس عبد الفتاح السيسي بتعديل الخطاب الديني وضرورة اتخاذ خطوات حقيقية بأسرع وقت ممكن، حتى يتم توصيل الرسالة الحقيقية لمفاهيم الدين الإسلامي، فالفهم الخاطئ للدين ينتج عنه كوارث تعاني منها الأمم، قائلًا في أحد خطاباته «إن هناك من يقتلنا من حفظة القرآن الكريم»، وعقدت مؤتمرات ومناقشات على إثر ذلك من جانب الأزهر والأوقاف إلا أن الجهود المبذولة لم تكن بالقدر المطلوب لكي تحدث تأثيرًا في المجتمع. بعد استهداف الكنيسة البطرسية الملحقة بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية ومقتل 26 مواطنًا مسيحيًا وإصابة 49 آخرين، ارتفعت الأصوات مرة أخرى لتجديد الخطاب الديني ومكافحة الإرهاب من جانب الأزهر والأوقاف والبرلمان، وسط توقع بأنها لن تقدم جديدًا، في ظل الصراع القائم بين الأزهر والأوقاف والمثقفين وقادة الفكر التنويري في المجتمع، على الكيفية التي يتم بها تجديد الخطاب الديني وتنقيح المناهج بكل ما فيها من شوائب، والاتهامات المتبادلة حول المسئولية بشكل غير مباشرعن التطرف والإرهاب. جزر منعزلة أحمد كريمة، أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر، طالب بإنشاء مجلس أعلى للدعوة وآخر للتعليم الديني وثالث للإعلام حتى تكتمل منظومة الدعوة الحقيقية لتجديد الخطاب الديني ويكون لها نتائج ملموسة على الأرض، مشيرًا إلى أن قضية الخطاب الديني كما هي منذ دعوة الرئيس السيسي لها قبل عامين ولا جديد فيها، وكل ما يصدر بخصوصها عبار عن تصريحات ومؤتمرات للضيافة ومجرد وعود بحديث يحمل صياغات مطاطية غير واضحة المعالم. وأضاف كريمة، أن الخطاب الديني له أدوات منها العملية التعليمية والأعمال الدعوية والإعلامية التخصصية، موضحًا أن العملية التعليمية يتحكم فيها مستشارون لم يستعينوا بخبراء التربية، وأنه في المعاهد الأزهرية لا تمس العلوم الثقافية، والشرعية هي المعرضة للحذف والبتر، مشيرًا إلى أنه تم القضاء على الفقه التراثي. ولفت إلى أنه لا يوجد في جامعة الأزهر إدارة للمناهج والمكلف بوضعها الأقسام الأكاديمية، وتعتمد من مجالس الكليات دون الاستعانة بخبراء التربية ولا تدقيق من جهات مسئولة عن العملية التعليمية. وأشار كريمة إلى أن العمل بين الأزهر والأوقاف كالجزر المنعزلة، فوزارة الأوقاف حينما قررت العمل بالخطبة المكتوبة لم تستعن بكلية الدعوة الإسلامية التابعة للأزهر الشريف. التعليم العلماني مدحت الزاهد، القائم بأعمال رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، قال إن جميع مؤسسات الحكم شريكة في تجديد الخطاب الديني الذي يعني مقاومة الدولة بجميع مؤسساتها لفكرة الثقافة الطائفية المتوارثة، ولا يحتاج هذا الأزهر فقط بل المسئولية تقع على الجميع بما فيهم وزارة الثقافة والتعليم ومدارس الأحد في الكنيسة، مشيرًا إلى أنه من المفترض أن يقوم التعليم على النظام العلماني «الدين لله والوطن للجميع» وتجديد القيم المشتركة بين الأديان. وأضاف الزاهد ل«التحرير» أن هناك فتاوى من الأوقاف والأزهر بأن «مقاطعة الانتخابات حرام»، على الرغم من أنه اختيار سياسي، وتكررت لغة الحلال والحرام في فتاوى عديدة كما لو كانت أذرع لحزب وليس مؤسسات دينية تنشرالتنوير والاستنارة. ولفت إلى أن الأساس في تجديد الخطاب الديني هو تطعيم المناهج التعليمة الأزهرية بتاريخ الثقافة والفن والتفاعل بين الحضارات ودولة المواطنة وليس هويته الأولى، والاعتراف بالثقافات المحلية والحق في التنوع، والتنمية المتكافئة للأقاليم والمناطق الحدودية، لكي نمتص موجة التطرف وإعادة إنتاج الإرهاب. وأوضح أن الدعوة الأخيرة لتجديد الخطاب الديني لن يكون لها تأثير في ظل عمل وزارة التربية والتعليم ك"سكرتاية للطائفية والذكورية وتزوير التاريخ"، وحالة الصراع القائمة بين الأزهر والأوقاف وقادة الرأي والمثقفين على إدارة هذا الملف. لم ينجح أحد قال النائب عمر حمروش، أمين سر اللجنة الدينية بمجلس النواب، إن خطاب الأزهر والأوقاف لتجديد الخطاب الديني «لم ينجح أحد فيه»، مضيفًا أن كل ما يعرض في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة عبارة عن «مكلمة»، دون أي تأثير على أرض الواقع. وأضاف ل«التحرير» أن هذا الأمر يحتاج لمراجعة شاملة، وقال «أنا حزين على الأزهر والأوقاف لأنه كان من المتوقع تقديم دور فعال أكثر من ذلك»، موضحًا أن المسألة لا تقف عند حد ندوة ومؤتمر للأوقاف والأزهر، مشيرًا إلى أن مصر تواجه تحديات داخلية وخارجية في معركة البقاء والبناء مما يستلزم من الجميع الاصطفاف الوطني في مواجهة مثيري الفتن. وأكد حمروش أن لجنة الشئون الدينية عقدت الأسبوع الماضي لقاءً جمع بين غالبية طوائف المجتمع من أزهر وأوقاف ومفكرين ومثقفين، وتوصلوا لعدة توصيات، من أهمها مواصلة الحوار للوصول إلى رؤية مشتركة تجمع بين جميع المؤسسات المعنية وأن تكون قابلة للتطبيق على أرض الواقع. وردًا على اتهام اللجنة بعدم الجمع بين كل طوائف المجتمع المعنية بتجديد الخطاب الديني، قال حمروش، إنه إذا كان هناك بعض الطوائف لم تحضر الاجتماع، سيتم دعوتهم في الاجتماعات المقبلة.