أربعة أشهر مرت على صورة الطفل السوري عمران دقنيش، التي التقطتها عدسات المصورين وهو يجلس صامتًا داخل عربة الإسعاف من دون بكاء ووجهه مغطى بالتراب والدماء بعد أن قصفت الطائرات الروسية والقنابل السورية منزله في حلب، ومع استمرار المأساة يبدو أنَّ "عدم البكاء" أصبح سمة أطفال المدينة المدمرة. في المستشفى الوحيد المتبقي في مدينة حلب المحاصرة، يجلس أطفال في أعمار مختلفة، يتأملون الدمار والدماء والموتى والجرحى في ذهول وصدمة، جعلتهم يتوقفون عن البكاء رغم هول الفاجعة التي يتعرضون لها منذ ولادتهم تقريبًا. ووفقًا للأمم المتحدة، فهناك على الأقل 2700 طفل ضمن الثمانية آلاف الذين سُمح لهم بمغادرة المدينة التي دمَّرتها الحرب، ولكن مازال عدد كبير من المحاصرين في أماكن سيطرة المعارضة. وفي مقطع مصور، بثَّته القناة الرابعة البريطانية الإخبارية، ظهرت الطفلة آية، عمرها لا يتخطى الثلاث سنوات، جالسة على أحد الأسرّة في المستشفى الأخير المتبقي في حلب، يغطي وجهها التراب ليرسم أعمدة دخان القنابل والصواريخ، بجانب الدماء المتحجرة التي ترسم حدود مدينة مدمرة. وفي ظل الفوضى التي تجتاح الغرفة من حول الطفلة المذعورة، ظلَّت "هي" صامتة من دون بكاء أو صراخ تنظر فقط إلى والدتها التي تحاول أن تفحص الطفة لتتأكد من أنها غير مصابة. "أم فاطمة"، الأم، وهي البالغة الوحيدة التي نجت من ثلاث أسر قصفت الطائرات بيوتهم، قالت إنَّ الأسرة كانت نائمةً عندما قصف منزلهم، وتصرخ قائلة: "ولادي راحوا كلهم". التسجيل المصور يظهر الرعب الذي عانى منه المدنيون المتبقون الذين ينتظرون الممرات الآمنة إلى المدن المجاورة في محافظة إدلب التي تسيطر عليها المعارضة. "محمود"، وهو جار "أم فاطمة"، يحتضن أخيه الرضيع إسماعيل الذي بالكاد أكمل شهره الأول ومات مختنقًا من أثر القصف داخل العقار المنهار، قال: "الله سوف يثأر لنا من الأسد الظالم". يدخل طفلان صغيران بجانب الممرضة التي تسأل الأم: "هل هم أولادك؟"، ثمَّ تستكمل طريقها بعد عن أدركت أنَّ الإجابة هي لا. يتجول الصغيران في أروقة المستشفى التي غطتها الدماء.. اسميهما مجهولان، فالمعروف فقط أنَّهما فقدا والدهما، ومازالا يبحثان بأمل عن أمهم. تظهر مرة أخرى "أم فاطمة"، التي تعثر على جثث أبنائها ملقاة على الأرض، فتصرخ قائلة: "راحت فاطمة"، وينتهي التسجيل بمشهد الطفلين الصغيرين وهما مازالا صامتان.