العدالة هي مفهوم يعيين عدم الانحياز في محاكمة أي إنسان لأي أمر، وهي رؤية إنسانية للمحيط الذي يعيش فيه کل فرد شرط أن ينظم هذه الرؤية قانون وضعي يشارك في صياغته الکل بعيدا عن التحکم.. وأهداف العدالة الانصاف والمساواة والتوازن وعدم التعدي وحماية المصالح الفردية والعامة وهي مفهوم أخلاقي يقوم على الحق والأخلاق، والعقلانية، والقانون، والإنصاف.. ونظريات العدالة لا تختلف اختلافا كبيرا من مجتمع إلى آخر ولكن تطبيق مفاهيمها يختلف وعند اختلاف المفاهيم لا يمكن ان تتواجد العدالة.. فالعدالة هي القوانين الطبيعية التي وجدت مع وجود الكون وتحقيقها فيما يتعلق بالبشر يرتبط بمدى ادراكهم وفهم للرسالات السماوية التي توضح ما أراد منهم خالقهم.. فالعدالة سبب تعايش الفقير والثري في مجتمع واحد وهي حق يتمتع به الفقير والثري وليس بالضرورة لتحقيقها في المجتمع أن يطبق القوانين الموجودة في المحاكم لأنها من صنع البشر وتخدم مصالح الأقوى ومصلحة من يضعها.. فالقانون الوضعي يختلف عن العدالة، فالعدالة هي القانون الالهي، اما القانون الوضعي فهو من صنع البشر وقد ينسجم مع العدالة وقد لاينسجم معها. حكمت محكمة جنح الإسكندرية أمس حكمها النافذ على أربعة عشر فتاة بالسجن لمدة إحدى عشر عاماً، وإسكان سبع طفلاوات إحدى دور الرعاية الإجتماعية.. لإرتكابهم أربعة جنح في ساعة واحدة وهي التجمهر وتعطيل المواصلات وتكدير السلم العام والكتابة على الحوائط. هؤلاء الفتيات يتراوحن أعمارهن من بين عشرة أعوام و إثنين وعشرين عاما.. هؤلاء الفتيات والصبية وهن طالبات في عمر الزهور والبهجة والفرح والحب.. إذا كان من المفترض أن يحكم عليهم قاضياً فيكون «قاضي البلاج» فليس من المعقول أبداً أن تستيقظ فتيات في بداية حياتهن على حكم ينهي على مستقبلهن تماماً قبل أن يبدأ. الجرائم التي تدعي النيابة إرتكابهن لها وصدق عليها قاضي إنعدمت من قلبه الرحمة يرتكبها المصريون منذ ثلاثة أعوام يومياً وفي يوليو الماضي طلب حامي الحمى من المصريون التجمهر في الشارع من أجل تفويض .. يبدو أنه لن تنتهي عند سجن الفتيات.. بل سيستمر ربما لما هو أكثر من ذلك. هل حكم قاضياً كائناً من كان على مجرم واحد ممن قتل وسحل وعذب وفقأ أعين المصريين منذ ثورة الخامس والعشرون من يناير حتى الأن.. كي يحكم على فتيات في مقتبل عمرهن بهذه السرعة وتلك القسوة ؟! هل حكم قاضياً واحداً على قياداتهن المحبوسين منذ ستة أشهر على ذمة جرائم قتل وتحريض على العنف وارتكاب أعمال إرهابية والإنتماء لجماعة محظورة.. كي يحكم عليهن بانتهاء مستقبلهن بجرة قلم ؟! إذا رفض إستاناف الحكم وأصبح خروج تلك الفتيات إلى الشارع مرة أخرى بعد أن يصبح أعمارهن قد تجاوز الثلاثين.. ماذا تنتظر الدولة والمجتمع منهن بعد أن أصبحن «سوابق ورد سجون».. هل المجتمع يعاني من قلة هؤلاء فيه كي نصنع أربعة عشر جدد من أجل ما تسمى ب«هيبة الدولة» التي تصر أن تنتزعها من النساء ؟! أعلم أن البعض سيلقي علي الإتهامات والسبابات والإهانات بأبشع الألفاظ.. بعد أن يبرر لنفسه هذا باتهامه لي بأني من الإخوان أو على أقل تقدير من الطابور الخامس.. لكني ليس عندي سوى رداً واحداً لهذا.. « هو ده تمامك »