إذا أردت عزيزى القارئ أن تعلم معنى الوفاء الصادق الممزوج بالحماس المطلق المعجون بالحب الحقيقى والمغلف بصبر أيوب فعليك أن تتعلمه من المشجع الزملكاوى الذى أخلص فى دعم فريقه وكافح من أجل إعلاء رايته منذ أن كان اسمه المختلط وحتى وقت كتابة هذه السطور. رغم كل الإحباطات التى سببها فريق الزمالك لجمهوره فى السنوات الأخيرة بعدم فوزه ببطولات -باستثناء بطولة وحيدة لكأس مصر- وأيضا بخساراته المتتالية من الغريم التقليدى الأهلى (التى هى عنده أفجع من فقد البطولات) فإن هذا الجمهور استمر فى الدعم ولم يفقد الأمل أبدا فى عودة الانتصارات متسلحا برفع الشعار الرائع الذى يعكس شخصية هذا الجمهور العظيم: الزمالك قادم! هذا الجمهور ذو المشاعر الخاصة جدا هو أول وأشرس من يهاجم وينتقد فريقه عندما يتراجع مستواه، لكنه لا يقبل أبدا أن يمسه مشجع لفريق آخر بكلمة واحدة عملا بالمثل المصرى المعروف (أدعى على ابنى وأكره اللى يقول آمين)!! شاهدت نماذج من مشاهير مشجعى الزمالك وهم يعانون بكل ألم وصدق عند كبوات فريقهم المحبب.. فمن منا ينسى شكل الإعلامى عمرو أديب وهو مكفهر الوجه محمر الأنف والأذنين مستهلا برنامجه التليفزيونى المذاع على الهواء مباشرة بإطلاق اللعنات والألفاظ القاسية التى تتجاوز حدود المهنية (وحتى حدود اللياقة) عقب خسارة ناديه الزمالك من الأهلى فى إحدى المباريات.. ومن منا لا يتذكر حرقة الكاتب الزملكاوى مدحت العدل فى مداخلة هاتفية على الهواء عقب نفس المباراة والتى كاد خلالها أن يصاب بأزمة قلبية!! أما العزيز إبراهيم عيسى فإن كلماته بعد ذات المباراة كادت تقطر دما وكانت قسمات وجهه تعكس مدى الألم الجسدى والنفسى الذى يعانيه وهو يتحدث عن خسارة فريقه ويحكى عن مدى فخره بالإنجاز الشخصى الذى حققه بجعل ابنه أهلاويا حتى لا يعانى فى حياته كما يعانى هو!! ولا أنسى أيضا نبرات صوت المطرب الزملكاوى الأصيل هانى شاكر فى مداخلة تليفونية.. كانت أول مرة أسمع فيها هذه النبرات تبكى بدلا من أن تغنى! كل ما سبق من سرد لمشاعر هؤلاء أو للملايين من أمثالهم لا يمكن لعاقل أو منصف أن يراه مدعاة للسخرية أو فرصة للشماتة بل على العكس تماما فأنا أراه مدعاة للاحترام والتقدير بل ومثلا للإخلاص والعشق النادر يجب أن نقتدى به جميعا فى علاقاتنا الشخصية والمهنية وأيضا فى صلتنا بالوطن الذى نعيش فيه خصوصا وقت الانكسارات. مشاهير مشجعى الزمالك على مر التاريخ كثيرون أذكر منهم الملك فاروق وعبد الحكيم عامر وحسنى مبارك (كما صرح المستشار مرتضى منصور) ونجيب محفوظ وأحمد زويل ومحمد عبد الوهاب وفريد الأطرش وشكرى سرحان وإسماعيل يس ومحمود مرسى ونور الشريف ومحمد هنيدى وعمرو دياب ومحمد منير وكذلك المطرب الكبير محمد رشدى الذى أهدى أغنية رائعة لنادى الزمالك فى الستينيات عندما فاز بالدورى، وكان مطلعها يقول (يا زمالك منصور يا زمالك والدورى يشهد على ذلك).. وقبل كل هؤلاء تَبرز أنت أيها المواطن الزملكاوى العادى المحب لناديك حبًّا خالصا مجردا من مصلحة تجنيها ومنزّها عن منفعة شخصية تفوز بها. جمهور الزمالك يعيش حاليا على أمل ورجاء مرتقب هو الفوز ببطولة كأس مصر التى تأهل فريقه للعب مباراتها النهائية أمام وادى دجلة السبت القادم. يعلم تماما عشاق القلعة البيضاء أن الفوز (المتوقع) بهذه البطولة لن يحمل المذاق المعتاد نظرا لضعف مستوى كل الفرق المشاركة فضلا عن عدم الاهتمام الإعلامى بها نظرا لانشغاله بمباراتى نهائى إفريقيا وبمباراة غانا الفاصلة وقبل كل هذا وذاك بسبب عدم مشاركة الغريم التقليدى الأهلى مما يحرمهم من حلاوة التفوق عليه وانتزاع البطولة من بين أنيابه.. ورغم كل ذلك فإن مشاعر الزملكاوية المشتاقة للفوز ببطولة بعد طول غياب لا تعترف بكل هذه الأمور وتصر على التمسك بحقها فى الفرحة.. فلسفتها فى ذلك تتلخص فى عبارة قالها لى أحد المشجعين المخلصين لهذا النادى العريق (بصراحة هو ابن شقيقتى واسمه محمود): هى الناس مش عاوزانا نفرح ليه؟ اشمعنى جمهور الأهلى فرحان ببطولة إفريقيا؟ مش دى بطولة ودى بطولة!!. فعلا وبكل صدق يستحق محمود وكل محبى الزمالك أن يفرحوا وأن يسعدوا بفريقهم وببطولته.. رغم تحفظى على جملة (مش دى بطولة ودى بطولة).