«نيويورك تايمز»: منصور والسيسى لم يَعِد كيرى بعدم مد حالة الطوارئ القراءة الأمريكية الأولية لزيارة كيرى لمصر تظهر تفهمًا لصعوبة الموقف وكثرة التحديات، كما أنها تبدى حذرًا فى التفاؤل تجاه تطور الأوضاع وبالتأكيد تبدو متحفظة فى القفز إلى الاستنتاجات أو إصدار الأحكام. وقد أكد مسؤولون بالخارجية أن كيرى لم يطرح موضع «محاكمة مرسى» خلال لقاءاته. وأن «الصبر» هو ما طالب به الفريق أول عبد الفتاح السيسى من جون كيرى وزير الخارجية ومن خلاله المجتمع الدولى. وإذا كانت «واشنطن بوست» أبرزت ما أكده كيرى فى القاهرة بأن تعليق المساعدات لمصر «ليس عقابًا»، وأنه «أمر صغير». فإن «نيويورك تايمز» اهتمت بما قاله كيرى بأن المصريين يتبعون الطريق الصحيح، وأن كيرى حثهم على العودة إلى الديمقراطية. وتأتى محاكمة مرسى لتخطف الأضواء والانتباه. ولا شك أن محاكمة الرئيس السابق مرسى بكل ما فيها من تفاصيل ودراما و«مواجهات سياسية» بدأت تشغل اهتمام وسائل الإعلام الأمريكى المكتوبة والمرئية. خصوصًا أن الكثيرين منهم يرون أن المشهد المصرى بشكل عام يزداد حدةً وتوترًا واستقطابًا وتصادمًا وسفكًا للدماء وإزهاقًا للأرواح. كما أن أهل واشنطن من المهتمين والمعنيين بالهم المصرى بدؤوا منذ فترة قراءة جديدة لكشف المشهد المصرى بتمعن وباهتمام فى محاولة منهم لاستقراء الغد واستطلاع الاستقرار أو عدمه فى الأيام المقبلة. وجاءت زيارة كيرى لمصر لتضع بعض النقاط فوق بعض الحروف، وأيضا لتزيد من حيرة وقلق و«تخبط» المراقبين. وحسب ما نقلته «نيويورك تايمز» فإن الفريق أول السيسى والرئيس منصور لم يعدا كيرى بأنهما لن يقوما بمد حالة الطوارئ فى مصر عندما تنتهى مدة العمل بها فى 14 نوفمبر، وهذا كان مطلبًا دفع به كيرى فى زيارته. وذكرت أيضا نقلًا عن مسؤولين بالخارجية بأن كيرى لم يطرح أمر محاكمة مرسى عليهما، وبأنه اكتفى بتأكيده من جديد أن مصر يجب أن تتفادى الاعتقالات ذات الدوافع السياسية، وأن تضمن الإجراءات القانونية للمعتقلين وأن تقيم حكومة لا إقصاء فيها، وتكون مفتوحة لمنافسين سياسيين ممن ينبذون العنف. الصحفى مايكل جوردون من «نيويورك تايمز» ومن ضمن الوفد الصحفى المرافق كيرى تطرق أيضا إلى أمر «تكتيم» واشنطن خبر زيارة القاهرة ذاكرًا أن الخارجية الأمريكية لم تؤكد زيارة كيرى السريعة للقاهرة مسبقًا قبل الوصول إليها. و«أن هذا تم لأسباب أمنية، وربما للحد من احتمال قيام مظاهرات معادية لأمريكا»، حسب تعبيره. وبما أن جولة كيرى فى المنطقة وزيارته للرياض تحديدا تحمل أكثر من هدف ورسالة وتأكيد ل«طمأنة» حلفاء وأصدقاء واشنطن فإن صحيفة «وول ستريت جورنال» وصفت جولة كيرى وزيارته لمصر بأن «أمريكا تسعى لتلطيف الأجواء وتهدئة روع حلفائها بالشرق الأوسط». ونشرت مع تقريرها صورة للقاء كيرى والسيسى. صورة أخرى للقاء نفسه نشرته «نيويورك تايمز» مع تقريرها من القاهرة. وبما أن هذه الصحف الكبرى، التى تتمتع بمصداقية عالية ونفوذ قوى فى أوساط أصحاب القرار وصناع السياسات فى الولاياتالمتحدة فإن صحفييها المرافقين لكيرى بما ينقلونه من أجواء الزيارة لها صدى ورد فعل مسموع ومحسوس و«مفيد» فى أجواء واشنطن. من جهتها حرصت «واشنطن بوست» على إبراز ما قاله كيرى فى القاهرة عن التزام واشنطن بالعمل مع الحكومة المؤقتة فى مصر و«أننا سنواصل تعاوننا معها». وأشارت التقارير الصحفية إلى أن كيرى وهو يظهر بأنه شريك لقيادات مصر قال لهم فى لقاءاته الخاصة إنهم فى حاجة إلى تفعيل الدستور، وذلك من إيجاد دعم من واشنطن لمزيد من المساعدات. وحسب ما قاله مسؤول بالخارجية فإن «كيرى قال أكثر من مرة يجب أن تساعدوننا فى أن نساعدكم». وبينما أظهر كيرى مساندته ل«خارطة الطريق السياسية» فإن الجنرال السيسى (كما تقول «نيويورك تايمز») كانت له رسالته الخاصة، وهى رسالة قد لا تتطابق مع الأمل الأمريكى بأنه سوف يتخذ خطوات سريعة لتخفيف قبضته. وكما قال المسؤول «ما قاله كان أن الصبر مطلوب من جانب المجتمع الدولى» وقال مسؤول كبير بالخارجية الأمريكية يرافق كيرى فى جولته إن القرار فى ما يخص رفع أو إنهاء تعليق إمداد الأسلحة سوف يعتمد على الخطوات التى ستتخذها السلطات المصرية بخصوص حماية حقوق الإنسان والسماح بالتظاهر السلمى وحرية الصحافة وإجراءات أخرى بشأنها. ولا شك أن كيرى كما يبدو وبشكل عام خلال لقاءاته «هوّن من هذا الأمر»، واصفًا التعليق المؤقت لإرسال الأسلحة بأنه «خطوة فرضها الكونجرس أكثر من كونها معاقبة لقيادات مصر العسكرية لإطاحتهم برئيس منتخب ديمقراطيًّا». وحرصت «نيويورك تايمز» على ذكر ما قاله كيرى كرد على سؤال فى المؤتمر الصحفى «إنه ليس عقابًا.. وإنه يعكس سياسة فى الولاياتالمتحدة حسب قانوننا». ولا شك أن الدعوة إلى ما يسمى «الحوار الاستراتيجى» بين أمريكا ومصر هى بداية إعادة نظر وتقييم وتقويم للعلاقة بين البلدين.. وأيضا لطرح القضايا الحيوية والمصالح المشتركة للنقاش من أجل الاتفاق حول مسار سياسى واقتصادى واستراتيجى يتفق الطرفان عليه وعلى أهميته لخدمة مصلحة كل طرف. زيارة كيرى للقاهرة تبنت «الحوار الاستراتيجى» ونحن فى انتظاره.