-البرلمان يخضع ل"أغلبية غير حقيقية" دون برنامج واضح.. وأصبح تسيير أعمال رفض النائب أكمل قرطام، رئيس حزب "المحافظين"، الإعلان عن أسباب الاستقالة من مجلس النواب، قائلًا: "لا أريد أن أضع المجلس في حرج"، مؤكدًا أنه فضَّل تأخير الاستقالة إلى بعد انتهاء دعوات التظاهر 11-11 الماضية حتى لا يتم استغلالها بأي شكل. وانتقد "قرطام" في حواره مع "التحرير"، البرلمان معتبرًا أنه يخضع ل"أغلبية غير حقيقية" دون برنامج واضح، وأصبح مجلس "تسيير أعمال"، متهمًا ائتلاف "دعم مصر" بإجهاض تطوير المجلس. ودافع رئيس حزب المحافظين عن الحكومة والجهد المبذول منها، مؤكدًا أنهم ليسوا ضد الشعب، ولكن "غير راضي" عن المنتج النهائي، لافتًا إلى أنه يؤيد ترشح "السيسي" لفترة ثانية في الحكم، متوقعًا قيامه بثورة إدارية في الفترة المقبلة.
وإلى نص الحوار: ما هي الأسباب وراء استقالتك من مجلس النواب؟ أنا مصمم على الاستقالة، وبالرغم من أن حزب "المحافظين" يرفض استقالتي من البرلمان، لكن أن من حقي التمسك بقراري، ولن أعلن الأسباب حتى لا أضع البرلمان في "حرج"، وأنا أشعر أنني لن أكون منتج داخل المجلس، والبرلمان بتشكيلته الحالية لن يكون معاون. كيف ترى أداء البرلمان؟ البرلمان الحالي لن يؤسس لدولة حديثة ولن يحقق الآمال المرجوة منه، وأصبح "تسيير أعمال"، ودوره سيقتصر على "مراجعة غير متقنة للقوانين الحكومية" والرقابة بشكل محدود، وهي صفات لا تؤسس لديمقراطية، والديمقراطية ليست حرية تعبير فقط، ويجب مقابلتها بحسن الاستماع والتجرد من المصالح الخاصة في الحكم على الأفكار والمقترحات والمفاضلة بنها، وعدم تعصب الأغلبية واعتبار أي مخالفة في الرأي "تحدي" يجب أن تنتصر فيه، بغض النظر عن جودة الفكرة المطروحة، وهنا تتحول حرية التعبير إلى مجرد "هرتلة" لا فائدة تُرجى منها نهائيًا. إذن.. هل تجرد البرلمان من مهامه الأساسية الآن؟ ليس تجرد بشكل عام ولكن لن يقوم البرلمان بدور "نافع" مبني على قواعد، ولايوجد هناك "استقلالية كاملة" لقرار البرلمان ونوابه على مختلف تنويعاتهم، سواء من أحزاب معارضة أو موالاة أو مستقلين، والبرلمان يخضع لنفوذ "أغلبية غير حقيقية" دون برنامج واضح وليس له أهداف أيضًا - ومن الوارد أن يكون وراءها جهات في الدولة، إضافة إلى أن هناك حالة عدم شفافية، والبرلمان مُقسم تمامًا كتركيبة المجتمع المصري، وهناك نواب "خاضعة" لأجهزة بعينها وهم يشكلون أغلبية المجلس وهؤلاء أخطر فئة على البرلمان والشعب، ويأتي خضوعهم بسبب رغبتهم في مصالح خاصة، وينتظروا التعليمات دومًا، وهناك نواب "ساكنين" يفضلوا الانسحاب وعدم المشاركة الفعالة، وآخرين "متمردين" وينقسموا لنوعين: "منهم من يريد مصلحة خاصة أيضًا ويستخدموا المزايدات والتربص للدولة ومؤسساتها، ويتدشقون بالديمقراطية، ومنهم من يسعى وراء تنمية واستقرار حقيقي للدولة، وتحسين وتطوير مؤسساتها من أجل النهوض بها". البعض يرى أن البرلمان لا يدعم إلا السلطة التنفيذية ولا يُعبِّر عن الشعب؟ السلطة التنفيذية تعمل للمصلحة العامة، وهم ليسوا ضد الشعب إطلاقًا، ولكن قد يكون هناك إجراءات أفضل يقومون بها، فهذا هو دور البرلمان الذي عليه أن ينتقد ويراقب ويُوجِّه، وللأسف الحكومة كعبها عالي على المجلس - لأنه عندما تطرح رؤيتها تجاه شئ معين تقدمه مدروسًا وللأسف النائب لا يرد بشئ مدروس للأفضل ولكن يقوم ب"هلفطه" فقط، ويتعمد إثارة الناس والرأي العام فقط، دون تقديم رؤية جادة. فالبرلمان يجب أن يكون "مخ الدولة"، ويقوم هو ب"غربلة" قرارات الحكومة والسعي وراء تحسينها وتجويدها، ولا يوجد وسط الحكومة من يتعمد للإساءة للدولة، ولكن المنتج النهائي للحكومة "غير مرضي" وأتفق على ذلك، وإن كنت أقدر الجهد المبذول، إلا أنني لست راضٍ عن "نتائج" هذا الأداء، وليس مع تغير مجرد أشخاص في الوزراء الآن. تعليقك على أداء الدكتور علي عبدالعال وهيئة المكتب والنواب حتى الآن؟ لا أريد أن أظلم غالبية النواب فهم مُجردين من الأدوات، فلا يوجد معهم "مساعدين فنيين" وأطقم معاونة كما كان يُشاع في بداية المجلس، وهم يؤدون دورهم على قدر المستطاع، أما بالنسبة لهيئة المكتب فأساس نظامها لايتمتع بالديمقراطية، فالأغلبية ليس لديها دور حاسم "لائحيًا"، وإن حدث خلاف يحسمه فقط رئيس المجلس، والدكتور علي عبدالعال يصر على قراراه مهما كان، ولا يتراجع عنه بسهولة حتى لو اتضح خطأه، ونحن نعمل للوطن وليس المهم أن أكون مصيب على طول الخط، والتراجع عن القرارات الخاطئة فضيلة وميزة، وأنصح الدكتور رئيس المجلس أن يلتزم بوظيفة المتحدث الرسمي للبرلمان، ولكن للأسف الخطأ الأول جاء نتيجة لائحة المجلس لأنها "ديكتاتورية" وتكرس لسلطات مطلقة لرئيس المجلس. كيف شاهدت انتخابات اللجان النوعية خلال الفصل التشريعي الثاني؟ انتخابات اللجان النوعية الأخيرة، مخالفة لللائحة وإهدار للأعراف البرلمانية الراسخة، أولًا تم مخالفة قاعدة المساواة العددية، فلجنة حقوق الإنسان جرى فيها "تكدس" للنواب وصلوا إلى 65 عضوًا، في حين أن قوام لجان أخرى لم يتعد ال "9 نواب"، وتم إخفاء أسماء المنضمين الجدد والإعلان قبلها بوقت كافي لكي يتمكن أي مرشح على رئاسة اللجنة من التواصل مع الأعضاء الجدد وإقناعهم بأفكارك وبرنامجك، وهو مالم يحدث، والتزوير لايقتصر على الأشكال المادية، وإنما إخفاء الكشوفات، والتصويت بشكل جماعي، والتأثير عليهم وتوجيههم ودعم مرشح بعينه، كلها إجراءات باطلة، والثوابت البرلمانية كانت تمنع من حدوث انتقالات بين الأعضاء في اللجان إلا ب"التبادل التوافقي"، وكان الهدف منه عدم الإخلال بالمساواة العددية، وعدم لجوء الأغلبية ل"التلاعب" من خلال "تحريك" أعضائها لإحتكار مناصب اللجان ودعم نائب بعينه. وعندما تكون اللجان التي قوامها 9 أعضاء، هناك من بينهم 4 يشكلون هيئة مكتبها، كرئيس وأثنان وكلاء وأمين سر، فلائحيًا يجب اجتماع 5 نواب على الأقل في هذه اللجنة، وبالتالي فإن مسئولي اللجنة يحتاجون ل"عضو وحيد"، وهؤلاء القلة يقومون بالمداولة والمناقشة ثم الموافقة على القوانين المحاله إليها، فأين حسن سير العمل في المؤسسة التشريعية الأولى بالبلاد، إضافة إلى أن هذا ينعكس على القرارات والقوانين المقدمة من الحكومة، وهناك مخالفات وآثار لا يمكن حصرها، وما ذكرته مجرد ملاحظات عابرة عن ما يفعله المجلس، وقرر أن يكون له "السبق" في اتخاذ قرارات سيئة للغاية وغير مسبوقة. رأيك في أداء ائتلاف "دعم مصر" داخل البرلمان؟ بعض نواب ائتلاف "دعم مصر" خاضعين للتعليمات والأوامر من قبل أجهزة معينة في الدولة، ولا أرى له أداء حتى الآن، بل أجهض تطوير البرلمان، وباستحواذه على الأعضاء الخاضعة من الأحزاب فرغَّها من قوتها أيضًا، حيث كان من المفترض أن نقوم بتقوية الأحزاب، فالبرلمان متغير والحكومات متعاقبة، وإنما القوى السياسية هي التي لها صفة الدوام أكثر من المؤسسات سابقة الذكر.. تحدثت في تصريحات سابقة بأن هناك ألاعيب تمت في انتخابات لجنة حقوق الإنسان.. هل انسحب لذلك؟ بالفعل حدثت ألاعيب داخل لجنة حقوق الإنسان، وتم حشد نواب بتوجيهات، وانضم إلى اللجنة ما يقرب من 35 نائبًا جدد لدعم رئيس اللجنة الحالي علاء عابد، وقيل على لسان الناس أن ائتلاف "دعم مصر" وأجهزة أمنية من خارج المجلس، هم من أعطوا تلك التوجهات للأعضاء للتصويت لرئيس اللجنة الحالي، وللأسف هناك جيوب موجودة في الدولة تعمل على دفع الدولة بسلطاتها جميعًا لاتخاذ قرارات غير جيدة، وعلى توصيل كوادر غير ملائمة ولاتتوفر فيها المواصفات المناسبة وهذا ضد مصلحة الدولة. كيف ترى حقوق الإنسان في مصر؟ حقوق الإنسان مفهوم شامل وواسع، والتعذيب مرفوض، ويدينه الشرع والدين والمجتمع، وهناك مبالغات من دول في الخارج في وصف مصر بأنها تنتهك حقوق الإنسان، وليس متأكد ما يدور عن وجود تعذيب، وسوء معاملة للمساجين، لأن لجنة حقوق الإنسان في البرلمان لم تعمل خلال دور الانعقاد الأول في المجلس، وطلبنا أكثر من مره زيارة السجون، وتم حفظ الطلب في هيئة المكتب، والسبب هو الغضب ضد رموز اللجنة في دور الانعقاد الأول. "قانون العدالة الانتقالية".. ماذا عن بند المصالحة فيه مع الإسلاميين؟ لا يمكن أن يتم التصالح مع كيانات كاملة لها ثوابت تختلف مع ثوابت الدولة المصرية، وليس مع جماعات، وإنما الأفضل أن يكون التصالح مع أفراد، فكل فرد سيراجع نفسه أهلًا به، ولابد أن يشمل حضن الوطن الجميع، ولا أعلم مسار قانون العدالة الانتقالية، وكيف سيتم إقراره، فهناك قوانين كثيرة في المجلس مؤجلة ولابد أن يتم إقرارها في أسرع وقت ومن بينها (مفوضية القضاء على التمييز، والهيئة الوطنية للصحافة، وهيئة مكافحة الفساد، وقانون المجلس القومي لحقوق الإنسان، قانون الجمعيات الأهلية، وتجريم التعذيب، والهيئة القومية للانتخابات، قانون المحليات) وهو قانون "مليان إنشاء"، وبدلًا من أن يخلق حالة تنافس بين الأقاليم ناحية النمو والصعود، تحدث عن أمور مكررة وغابت عنه تفاصيل هامة، كل هذا "تعطيل من البرلمان"، ولابد أن يصدر قانون لمنع تضارب المصالح - فهناك تضارب مصالح كثيرة يحدث داخل مؤسسات الدولة ومن بينها البرلمان داخل لجانه النوعية وهيئة المكتب. هل تؤيد ترشح الرئيس السيسي لفترة ثانية في الحكم؟ نعم أؤيد ذلك، ولا زلت أدعمه، وأتوقع أنه سيقوم بثورة إدارية هائلة خلال الفترة المقبلة، وفِهمي لشخصية الرئيس تدفعني لقناعات تؤيد هذا الرجل، الذي وضع رأسه فوق كفه في سبيل الدولة، وتقييمي لفترته الأولى بخصوص ملف الاستقرار، أنه نجح في لم شتات مؤسسات الدولة، فحقق إنجازًا ضخمًا، وإن غابت الثورة في الإجراءات واللوائح التي توقعناها ولكننا نتفهم أن العملية مزعجة ومعقدة، وعلى الأقل تحولنا من لا دولة إلى دولة، وليس مطلوب منه أن يصنع قرارات "لكل حاجة"، ولطلب منه أن ينشئ مجالس خبراء متخصصة، اجتماعي واقتصادي وسياسي، وتعرض بدائل على الرئيس وتزكيتها، إضافة إلى أن هناك مشروعات قومية كبرى في مختلف المجالات، ولكنها تفتقد لجودة التوقيت والتسويق الجيد وهناك غموض حولها، ونحتاج إلى أن نبرز نتائجها، والرئيس يحتاج إلى الكفاءات والأكفاء من ذوي "الشرف"، لأن من يملك الشرف وإن اختلف أوانسحب فلا يتحول ولاينقلب، لأن شرفه يمنعه من هذا.