"خلاص كلمتم أصحابكم.. أكلم أنا أصحابي".. بتلك الجملة رد ياسر عرفات على قادة حركة التحرير الفلسطينية، عندما فشلوا في الحصول على أي دعم عربي، وبالتحديد من ليبيا أو سوريا، أثناء حصار الحركة في بيروتالغربية عام 1982، من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، قبل أن يجرى "أبو عمار" اتصالًا ب"مبارك"، بعد قطيعة استمرت لسنوات، منذ بدء محاداثات السلام مع إسرائيل. "التحرير" تستعرض في ذكرى وفاة الزعيم الفلسطيني، علاقته بالنظام في مصر على مدى أكثر من 40 عامًا. "عرفات" الفسطيني الثائر.. كانت له محطات عديدة في علاقاته مع الرؤساء المصريين، بدءًا من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، ووصولًا إلى الرئيس الأسبق حسني مبارك، فكان "عبد الناصر" أول من تبنى "فتح" التي أسسها عرفات عام 1959، وقدم لها كل دعم ممكن. حيث ارتبط عرفات بعلاقات متينة مع "زعيم الأمة" في حينها، وعندما نشبت الحرب بين التنظيمات الفلسطينية، والجيش الأردني قام عبد الناصر بعقد الوساطات، لحل النزاع بين الطرفين، وفي هذه الأثناء، ضيق الملك الحسين الخناق العسكري على عرفات، ومنعه من الخروج من الأردن، لكن عرفات استطاع الخروج بمساعدة مصرية وسودانية، رغم القصف الذي كاد أن يقتل فيه، وظهر فجأة في القاهرة لحضور مؤتمر القمة، الذي عقد عام1970 وسط دهشة واستغراب من الملك حسين، الذي كان حاضرا في تلك القمة، وعندما توفى "عبد الناصر" حزن عليه عرفات بشدة، وكاد يصاب بالاكتئاب. أما علاقته بالرئيس الراحل أنور السادات، فقد مرت بمراحل عدة بدأت قوية ومتينة، بعد أن رأي عرفات في السادات خليفة لعبد الناصر قائد الحلم العربي، وازدادت العلاقة بينهما قوة بعد نصر أكتوبر المجيد عام 1973، حيث اعتبر عرفات نصر أكتوبر دعما للقضية الفلسطينية، وصدمة للإسرائيليين، وفي 1974 اعترفت القمة العربية السادسة في الرباط بمنظمة التحرير الفلسطينية التي يترأسها ياسر عرفات "ممثلا شرعيا وحيدا للشعب الفلسطيني"، ولكن سرعان ما تغيرت توجهات "السادات"، وسعى لتحقيق تسوية سلمية. ووقف عرفات على عداء مع النظام المصري في عهد السادات، بعد أن أعلن الأخير في البرلمان وأمام الأول عن استعداده للذهاب إلى الكنيست الإسرائيلي، للتفاوض مع الإسرائيليين، وكان من ضمن المعارضين لاتفاقيات كامب ديفد التي تمخضت فيما بعد، وخرجت مصر من ساحة المواجهة العسكرية العربية ودخلت المنطقة في اصطفاف إقليمي مؤيد أو مناهض للاتفاقيات، وتشكلت جبهة الصمود والتصدي المناهضة لكامب ديفيد التي كان من أبرز مؤيديها ياسر عرفات. واستمرت القطيعة بين "عرفات" والسلطة في مصر، حتى عام 1982، حينما طلب تدخل "مبارك" من أجل إنهاء حصار "فتح" في بيروتالغربية، وتم الاتفاق على خروج الحركة من لبنان، وعند مرور سفينته من قناة السويس، نزل عرفات إلى الأراضي المصرية واستقبله الرئيس المصري حسني مبارك ليكون قد فتح فصلا جديدا من العلاقات مع مصر. وتميزت علاقة ياسر عرفات مع "مبارك"، بالمتانة والقوة، حيث استلم الأخير ملف التحرير الفلسطيني، ورعى كافة اتفاقيات السلام التي جرت بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي، وكانت القاهرة في عصر مبارك الملجأ الأول للمحادثات الفلسطينية الاسرائيلية، وللرئيس عرفات صورة شهيرة يقبل فيها رأس "مبارك"؛ امتنانا لدوره في حل القضية الفلسطينية.